ما الذي يجمع بين موزارت، آندي وارهول ولويس كارول؟ بالتأكيد لم يبدع أولئك الأعلام بمجال واحد، فالأول موسيقي والثاني من مشاهير الفن التشكيلي أما الأخير فهو صاحب قصة "أليس في بلاد العجائب"، قد نبسط الأمور ونقول أن الفن هو ما جمعهم، لكن في الواقع هناك قاسم مشترك آخر، فثلاثتهم كانوا يعانون من أحد أمراض طيف التوحد، وهو المرض الهاجس الذي يقلق جميع الأهالي، سواءً أولئك الذين يخشون ظهوره عند أطفالهم، أو أولئك الذين يربون طفلاً مصاباً بهذا المرض ويبحثون عن أدوات تساعدهم على تطوير مهارات معينة عند الطفل.
من المعروف أن أهم مشاكل التوحد هي فقدان القدرة على التواصل البصري مع العالم المحيط، وقد تناولت الباحثة الإماراتية شيخة عبيد الدوسري هذا الأمر كموضوع لأطروحتها لنيل درجة الماجستير بكلية التربية بجامعة الخليج العربي بالمنامة، حيث عملت الباحثة على تطوير برنامج إثرائي يهدف لتحسين الانتباه لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 سنوات إلى 12 سنة.
اقرأ أيضا:
يتألف البرنامج من ثلاثة مستويات:
في المستوى الأول الذي يتضمن 11 نشاطاً، يظهر أحد الأشكال على الشاشة ثم يختفي ليعاود الظهور بعد 12 ثانية بمكان آخر من الشاشة، وعند ظهوره مرة أخرى يطلب من الطفل وضع يده عليه. يهدف هذا المستوى لتوجيه الإنتباه.
أما المستوى الثاني الذي يعمل على إطالة الانتباه فيتضمن 7 أنشطة، حيث يظهر على الشاشة شكلين متطابقين، الأول ثابت والآخر متحرك، والمطلوب من الطفل وضع يده على الشكل المتحرك ثم سحبه باتجاه الشكل الثابت.
بينما يظهر في المستوى الثالث الذي يضم 7 أنشطة، شكلان متعاقبان يطلب من الطفل وضع يده على أحدهما كلما ظهر، وهذا المستوى هو مستوى نقل الإنتباه بين مثيرين مختلفين.
تم تطبيق البرنامج على عينة من 11 طفل من مركز أبوظبي للتوحد التابع لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الإعاقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
مع استمرار تسليط الضوء على أمراض طيف التوحد، والدعم الذي تتلقاه الجامعات ومراكز الأبحاث التي تعمل بهذا المجال، سيزداد أمل الأطفال المصابين بالتوحد باكتساب مهارات جديدة وتحسين مستمر لكل ما فقدوه نتيجة إصابتهم بهذا المرض. لذلك تعتبر الخطوة التي خطتها الباحثة الإماراتية خطوة مهمة لأنها تناولت صميم مشكلة التوحد، أي مشاكل الانتباه والتواصل البصري، عسى أن يكون هذا البرنامج فاتحة لبرامج اخرى تؤهل أطفال التوحد للاندماج بالمجتمع بشكل فعال.