هل سبق وشاهدت صورة لطفل لا يبلغ من العمر بضعة أشهر يحبس أنفاسه تحت الماء ويسبح؟ أو شاهدت مقطعاً لأب يلقي طفله الرضيع في حوض سباحة ثم يسبح الطفل ويطفو؟ في الواقع، ينشر المدرب محمد فودة أو "كابتن العيال" كما يُقال له، وهو مدرب شاب يدرِّب الأطفال حديثي الولادة على السباحة، العديد من مقاطع الفيديو لأطفال رضع يسبحون تحت الماء أو يطفون فوقه. فهل يستطيع الأطفال حديثو الولادة تعلُّم السباحة؟ وما التوصيات التي يجب أخذها بالحسبان؟
اقرأ أيضاً: ما الأنشطة التي تساعد على تنمية الذكاء البصري عند الأطفال؟
هل يستطيع حديثو الولادة السباحة؟
يمتلك الأطفال حديثو الولادة منعكسات طبيعية تجعلهم يبدون قادرين على السباحة، أحدها هو منعكس السباحة (Swimming reflex) الذي يجعل الطفل يحرّك ذراعيه وساقيه وفق حركات أشبه ما تكون بحركات السباحة إذا ما وضع في الماء وبطنه نحو الأسفل.
والآخر هو منعكس الغوص (Dive reflex)، الذي يتضمن انقطاع التنفس وتضيق الأوعية المحيطية وبطء ضربات القلب عند الغوص الطبيعي للرضع الأصحاء، يُسمَّى أيضاً بمنعكس بطء نبضات القلب (Bradycardic reflex). وعلى الرغم من أن هذا المنعكس هو ردة فعل بدائية طبيعية موجودة عند معظم الرضع يجعلهم يحبسون أنفاسهم ويفتحون أعينهم عند غمرهم بالماء، فهو يتضاءل مع تقدم العمر وقد يختفي عند بلوغ الشهر السادس، في حين قد يستمر في بعض الأحيان حتى عمر العام، وهو المنعكس ذاته الذي يُبديه الطفل إذا نفخت في وجهه.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أن حديثي الولادة قد يبدون أنهم يسبحون بسبب هذه المنعكسات، لكن لا يعني ذلك أنهم قادرون على السباحة فعلاً على نحو مستقل، فهم لا يتمتعون بالقدرة الكافية على حبس أنفاسهم عمداً أو بالقوة بالكافية لإبقاء رؤوسهم فوق الماء، بالإضافة إلى أن القدرة على حبس الأنفاس الناتجة عن المنعكس الطبيعي لا تدوم أكثر من بضع ثوانٍ.
اقرأ أيضاً: نصائح احترافية لتعليم الأطفال ركوب الدراجة الهوائية
متى يمكن البدء بدروس السباحة للأطفال؟
يتطور الأطفال بمعدلات مختلفة، وليسوا جميعاً على استعدادٍ لبدء دروس السباحة في العمر نفسه تماماً. لذلك، وعند اتخاذ هذا القرار، ينبغي وضع النضج العاطفي للطفل وقدراته البدنية والتنموية ومستوى الراحة في الماء في الاعتبار. عموماً، لا توصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بدروس السباحة للأطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة؛ إذ لا يوجد دليل على أن برامج السباحة لهؤلاء الأطفال تقلل من خطر الغرق، خصوصاً أنهم لا يستطيعون رفع رؤوسهم خارج الماء جيداً بما يكفي للتنفس. ومع ذلك، تقرّ الأكاديمية أن دروس اللعب المائي بين الوالدين وحديث الولادة تساعد الطفل في التعود على التواجد في الماء، وتُعد نشاطاً ممتعاً له.
في المقابل، توصي المواقع الحكومية الأسترالية المعنية بالصحة والرعاية بالانتظار حتى يبلغ الطفل نحو 6 أشهر قبل البدء بدروس السباحة، إذ تكون دروس السباحة في هذا العمر مصممة لتعويد الطفل على الوجود في الماء والاستمتاع به، وتعليمه مهارات السلامة المائية الأساسية مثل الطفو والتمسك بحافة المسبح.
في حين أن العديد من مدارس سباحة تبدأ بتعليم الحركات والسلامة في الماء لحديثي الولادة من عمر الشهرين، كما تعلمهم أيضاً كيفية الطفو العكسي، وهو أمر لا يمتلكونه على نحو فطري. وعلى الرغم من أن الأطفال الرضع قد لا يتعلمون في الأعمار الصغيرة السباحة على الصدر أو السباحة الحرة، لكنهم قد يستمتعون بالعديد من الألعاب المائية التعليمية التي تناسب مرحلة نموهم.
في المقابل، فإن التدريب على مهارات البقاء على قيد الحياة في الماء ودروس السباحة يمكن أن يساعد على تقليل مخاطر الغرق عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1-4 سنوات. وبحلول العام الرابع، يكون معظم الأطفال جاهزين لدروس السباحة؛ إذ يمكنهم في هذا العمر تعلم المهارات الأساسية للنجاة في المياه، مثل الطفو والقفز في الماء والوصول إلى نقطة الخروج. خلاصة الكلام، يمكن إحضار الطفل إلى السباحة في أي عمر كان وذلك في حال أُوليَ الاهتمام الكافي والحذر بالظروف المحيطة، وإليك ما ينبغي الحذر بشأنه.
اقرأ أيضاً: في أي عمر يمكن البدء بتعليم الطفل لغة ثانية؟
التوصيات التي يجب أخذها بالاعتبار عند تعليم الأطفال السباحة
ينبغي النظر ملياً في النقاط التالية عندما يُراد تعليم الأطفال السباحة:
درجة حرارة المياه
لا بُدّ من التحقق من درجة حرارة مياه الحوض قبل السماح للطفل بالدخول إلى المسبح، لأن الأطفال الرضع يواجهون صعوبة في تنظيم درجة حرارة أجسامهم، فإذا شعرت بأن الماء بارد بالنسبة لك، فمن المؤكد أنه بارد جداً بالنسبة لطفلك. عموماً، يجب أن تكون درجة حرارة المياه بالنسبة للأطفال الأقل عمراً من ثلاث سنوات نحو 30-34 درجة مئوية.
اقرأ أيضاً: 10 نصائح للوالدين تساعد أطفالهم على التأقلم في الحضانة
نظافة المياه
هل تعلم أن أنظف حمامات السباحة قد تحتوي على أنواع الملوثات جميعها غير المرئية، مثل البكتيريا التي قد تسبب الإسهال والتهابات العين والتهابات الأذن والجلد ومشكلات الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي. والأطفال الذين تقل أعمارهم عن شهرين لديهم أجهزة مناعية ضعيفة جداً، وهي العامل الرئيسي الذي يُطلب من الأهل بسببه إبقاء الطفل بعيداً عن الحشود خلال الأسابيع الستة الأولى من أعمارهم.
وعلى الرغم من أن حفاضات السباحة تبدو أنها تحتجز البراز وتمنع تسربه إلى المياه، فإنها ليست فعّالة بما يكفي لاحتجاز البراز في حالات الإسهال. لذلك، وفي حال وقوع أي حادث، ينبغي على الجميع الخروج من حمام السباحة على الفور ريثما يُنظف بالمواد الكيميائية المناسبة ويصبح آمناً للدخول مرة أخرى.
إذاً، فإن تطهير المياه والحفاظ على مستويات مناسبة من الكلور أمران مهمان جداً، لأن عدم إدارة مستويات الكلور على نحو صحيح قد يسهم في نمو البكتيريا والطحالب في حوض السباحة، في المقابل، فإن تعرض الأطفال الزائد للكلور المستخدم في الأحواض في أثناء الطفولة المبكرة قد يفاقم خطر الإصابة بالتهاب القصبات وحساسية الجهاز التنفسي والربو في وقتٍ لاحق من الطفولة.
اقرأ أيضاً: إلى جانب اللياقة البدنية: إليك 6 فوائد لرياضة كرة القدم للأطفال
الإشراف باللمس
يتطلب الأمر 5 سنتيمترات من المياه وبضع ثوانٍ فقط حتى يغرق الطفل وهو صامت. لذلك، ينبغي عدم ترك الطفل بمفرده أبداً أو تحت رعاية طفل آخر في حوض السباحة أو بالقرب منه، وخصوصاً الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1-3 عاماً. من المهم جداً البقاء على مسافة ذراع واحدة (46 سنتيمتراً) من الطفل عندما يكون في الماء أو بالقرب حوض السباحة. تقترح الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال فكرة الإشراف باللمس؛ وهذا يعني أن الطفل يجب أن يكون دائماً في متناول يدك حتى تتمكن من الوصول إليه ولمسه على الفور. لذلك، ينبغي على الأهل عند النزول مع الطفل إلى المسبح الانتباه الجيد والمستمر وعدم تشتيت الانتباه بالأنشطة الأخرى، مثل ممارسة الألعاب أو استخدام الهاتف المحمول، وذلك حتى في حال وجود رجل إنقاذ. في حال لم تتمكن من البقاء في الماء مع طفلك، فابحث عن فصول خاصة تقدّم تعليماً فردياً.
سلامة الأطفال من أشعة الشمس
ينبغي إبعاد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر عن أشعة الشمس المباشرة، ومن الأفضل البقاء في الظل قدر الإمكان والحد من التعرض لأشعة الشمس خلال الساعات الأشد حرّاً في اليوم (بين الساعة 10:00 صباحاً و4:00 مساءً)، وحتى في الأيام الغائمة تكون أشعة الشمس قوية بما يكفي لتسبب حروقاً. وينبغي التنويه بضرورة لف الطفل ببطانية أو منشفة دافئة عند إخراجه من المسبح على الفور. في الواقع، يجب ألّا يبقى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 شهراً في حمام السباحة لمدة تزيد على 30 دقيقة في المرة الواحدة.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن للأطفال أن يستفيدوا من الإنترنت بشكلٍ معقول؟
بالإضافة إلى النقاط السابقة، ابحث عن برامج التدريب التي تقدّم الشروط التالية:
- مدربون مؤهّلون: ينبغي أن يكون المدرب ذا خبرة كافية وحاصلاً على شهادة معتمدة في التدريب. يُشار هنا إلى ضرورة اختيار المدربين والفصول الذين لا يركّزون فقط على تعليم تقنيات السباحة؛ وإنما تعليم مهارات البقاء على قيادة الحياة أيضاً على نحوٍ واسعٍ وشامل. وهذا يشمل كيفية العودة إلى السطح من الماء، ودفع أنفسهم مسافة مترين على الأقل، والخروج من الماء. كما يجب على المدربين تقييم مستوى مهارات الأطفال وتقدمهم باستمرار.
- برامج تعلم الأطفال عادات السلامة في المياه وفي المنطقة القريبة منها: ينبغي على المدربين تعليم الأطفال طلب الإذن من الوالدين أو رجال الإنقاذ أو مدربي السباحة قبل دخولهم إلى المياه؛ إذ من الضروري أن يتعلم الأطفال عدم السباحة بمفردهم أو دون إشراف الكبار.
- تعليم الأطفال مهارات الإنقاذ الذاتي: يجب تعليم الأطفال مهارات الكفاءة المائية مثل الإنقاذ الذاتي في حال وقعوا في الماء على نحوٍ غير متوقع، وتعليم الأطفال الأكبر سناً ما ينبغي فعله إذا رؤوا شخصاً آخر يسقط في المياه وكيفية الحصول على المساعدة.
- السماح للأهالي بمشاهدة جلسات التدريب: ينبغي أن تتمتع الفصول والمدربون بالمرونة الكافية لأن يسمحوا للأهالي بمراقبة الدروس والتحقق من أن الخيارات المتاحة مناسبة لهم ولأطفالهم. ينبغي أن يعلم الأهالي إذا كانوا أطفالهم يسبحون طوال الوقت، أو ينتظرون أدوارهم، أو هل يحظى الأطفال باهتمام فردي أو ما إذا كان المدربون أكفاء واسعي المعرفة. من المهم أيضاً أن يشعر الطفل بالأمان في أثناء الدروس من خلال الأنشطة التي تدعم نموه الاجتماعي والفكري والجسدي والعاطفي.