أدت عمليات الإغلاق الواسعة بسبب جائحة فيروس كورونا إلى زيادة اعتمادنا على الإنترنت في الكثير من جوانب حياتنا، وقد شجع ذلك الآباء والأطفال على التعامل مع التطبيقات والأشكال الأخرى للوسائط الرقمية بشكلٍ متكرر، أكثر مما كان عليه الحال قبل كورونا، وفي هذا السياق؛ ربما وجد الكثير من آباء الأطفال أن تطبيقات الأطفال في الهواتف الذكية تعد مصادرَ قيّمةً للأغراض التعليمية؛ خاصةً في المنزل.
يعج سوق التطبيقات بمئات الآلاف من التطبيقات التي تندرج تحت تصنيف «تعليمية»؛ مما يضع الآباء في حيرةٍ من أمرهم لاختيار تطبيقٍ مناسب لأطفالهم الصغار؛ لأن سوق التطبيقات غير منظّم، ونتيجةً لذلك؛ فإن معظم التطبيقات التي تُصنّف على أنها تعليمية، تفتقر إلى القيمة التعليمية، ولا تستند إلى العلم في تصنيفها.
يمكن أن تدعم بعض التطبيقات عملية التعلّم؛ لكن اختيار المناسب منها من بين العدد الهائل المتاح منها هو أمرٌ في غاية الصعوبة؛ لذلك قمنا بإجراء بحثٍ استطعنا من خلاله تحديد بعض الميزات المهمة؛ التي يجب أن يتصف بها التطبيق عند اختيار التطبيقات المناسبة للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة.
تطبيقات تعليم الأطفال: إبرةٌ في كومة قش
وجدت إحدى المراجعات للبحوث التي شملت 36 دراسة -ضمّت ما مجموعه أكثر من 4000 طفل تصل أعمارهم حتى 5 سنوات- أن بإمكان الأطفال في هذا العمر التعلّم من خلال الأجهزة التي تعمل باللمس، والأهم من ذلك؛ وجدت المراجعة أن الأطفال الأكبر سناً، تعلّموا أكثر من خلال التطبيقات القائمة على اللمس؛ مقارنةً بالأطفال الأصغر سناً.
يمكن الاستفادة من تطبيقات اللمس في تعلّم اللغة؛ إذ يُظهر البحث أن الأطفال في سنّ الرابعة تعلموا كلمات جديدةً من تطبيق لعبةٍ تعليمية عند لعبه مرةً واحدةً لمدة 10-12 دقيقة فقط. في الواقع؛ غالباً ما تنطوي تطبيقات الأطفال على كلماتٍ جديدة، بغضّ النظر عن محتوى التطبيق؛ كما هو الحال مع تطبيقات بطاقات التعليم الكرتونية (الفلاش كارد). لقد سمحنا للأطفال في هذه الدراسة بتعلّم معاني الكلمات الجديدة كجزءٍ من طريقة اللعبة؛ حيث استخدمت اللعبة صوراً جذابةً دون مؤثراتٍ بصرية أو صوتية لا علاقة لها بالمفردات؛ للحد من تشتت ذهن الطفل.
أظهر الأطفال في سن الرابعة والخامسة، زيادةً في مهارات القراءة والكتابة، بعد استخدام تطبيق يركّز على تعلّم أشياء أساسية لمدة 20 دقيقة يومياً على مدار 10 أسابيع في المنزل. يحتوي هذا التطبيق المجاني على شخصيةٍ كرتونية على شكل دبٍّ يقوم بتوجيه الأطفال؛ عبر سلسلةٍ من دروس التعلّم المبسطة التفاعلية المخصصة لصغار السن؛ مثل تتبّع شكل الحرف، والجمع بين الأصوات لتكوين كلمات. يقدم التطبيق ملاحظاتٍ على أداء الطفل بطريقةٍ جذابة؛ لتشجيعه على التعلّم.
في حين أن مثل هذه التطبيقات توفر للأطفال فرصة حقيقية للتعلّم؛ فقد وجدت الأبحاث السابقة أن معظم التطبيقات المصنّفة على أنها تعليمية في متجر «جوجل بلاي» من غير المرجّح أن تساعد الأطفال على التعلّم بشكلٍ عام. فقد صنّف الباحثون قيمة هذه التطبيقات التعليمية بدرجةٍ أقل مما صنّفه مستخدموها.
في سياق بحثنا؛ قمنا بتطوير معاييرَ جديدةً لتحديد القيمة التعليمية للتطبيقات التي تستهدف الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وقد وجدنا، وبعد دراسة 44 تطبيقاً من تطبيقات الأطفال الشائعة المصنّفة ضمن فئة 5 سنوات، ومن مختلف المتاجر؛ مثل أمازون وجوجل وآبل؛ أن معظم التطبيقات سجّلت درجاتٍ منخفضةً وفقاً لمعاييرنا المتعلقة بالقيمة التعليمية، وقد وجدنا أنه حتى تطبيقات الأطفال التعليمية الأكثر شيوعاً؛ قد لا تضمن تجربةً تعليميةً عالية الجودة.
اتخاذ القرار الصحيح
إذاً كيف تختار تطبيقاً تعليمياً ملائماً لطفلك؟ فيما يلي 4 جوانب يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار تطبيق لطفل في سن ما قبل المدرسة؛ وذلك استناداً إلى نتائج بحثنا.
1. هدف التعلم
لكي يكتسب التطبيق تقييم «تعليمي»؛ يجب أن ينطوي على هدفٍ تعليمي واضح يدعم تطوير مهارات السن المبكرة؛ مثل تعلّم الأصوات أو الأحرف أو الأرقام، أو تعلّم المشاعر.
2. حل المشكلات:
يجب أن يوفّر التطبيق تعليم مشكلاتٍ مدروسة وموجّهة للأطفال؛ لتشجيعهم على التفكير والإبداع لحلّها؛ مثل العثور على عنصرٍ مفقود في صورة أو نمط، أو حمل الحروف ووضعها في المكان المناسب لتكوين كلمةٍ منها.
التغذية الراجعة:
يتعلّم الأطفال عندما يتلقّون ملاحظاتٍ مفيدةً ومحددةً وبنّاءةً حول أدائهم بشكلٍ أفضل؛ يجب أن تكون هذه الملاحظات صوتية، أو من خلال شخصيةٍ محبوبة متحركة تظهر على الشاشة وتنظر مباشرةً إلى الطفل.
الحبكة المناسبة:
يمكن أن يتعلّم الأطفال أكثر من المحتوى المُقدم إذا ما كان على شكل سردٍ ترفيهي؛ على سبيل المثال، قد تذهب الشخصية الكرتونية في التطبيق في مغامرةٍ للبحث عن الكنز، ويقوم التطبيق بنفس الوقت بتحديد مهام معينة للطفل كجزءٍ من هذه المغامرة.
لقد طورنا استبياناً يمكن للآباء والمعلمين تحميله والاستعانة به؛ لتقييم ما إذا كانت التطبيقات التي تستهدف الأطفال بين عمر عامين إلى 5 أعوام، تنطوي على قيمةٍ تعليمية حقيقة، وتمكّن الطفل من اكتساب مهاراتٍ جديدة. [المترجم: الاستبيان باللغة الإنجليزية].
إذا حصل أحد التطبيقات على درجةٍ عالية وفقاً لاستبياننا؛ فمن المرجّح أن يقدم تجربةً تعليميةً مفيدةً للأطفال. يجب على الآباء أن يشاركوا أطفالهم في عملية استخدام التطبيق؛ نظراً لما ذلك من فائدةٍ تعود إلى دعم عملية تعلّم الطفل بشكلٍ أكبر.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً