نرمين دشوش هي أم لطفلين وأستاذة مساعدة إكلينيكية في الطفولة المبكرة في جامعة بوسطن. كانت معلمة مدرسة لأكثر من 10 سنوات في مدينة نيويورك. نُشرت هذه المقالة التي تتحدث عن شعور الملل عند الأطفال وفائدته في موقع «وركنج موذر».
لقد قدمت الكثير من النصائح للآباء والأمهات خلال مسيرتي المهنية كمدرّسة في مدينة نيويورك وكأستاذةٍ جامعية مختصة بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. بعد حوالي 5 أيامٍ على بدء الإغلاق العام، وجدت نفسي مُضطرة للإجابة على رسائل البريد الإلكتروني بإحدى يدي، في الوقت الذي أحمل فيها طفلاً باليد الأخرى، وأشير إلى خريطةٍ بإصبع قدمي محاولة تعليم الجغرافيا لطفلي الآخر.
أدركت للحظةٍ كم أن الأشياء أصبحت مرهقة وغير مستدامة وغير صحية بالنسبة للكثيرين ممن يواجه ظروفاً مشابهة، وأدركت حينها كم من الآباء يحتاجون إلى النصيحة القائمة على الدلائل العلمية والعملية بشأن العناية بأطفالهم في ظل هذه الظروف. كانت نصيحتي هي: «أحياناً،عدم القيام بأي شيء لا بأس به».
ولكن ماذا قصدت بـ «عدم فعل أي شيء» بالضبط؟ عدم القيام بأي شيء هو الابتعاد عن فكرة أنك بحاجة إلى جدولة كل ثانية من يوم طفلك، إذ أنه من الجيد أن يكون لديه أوقات فراغٍ ملائمةٍ نسبياً في اليوم، بدلاً من الانتقال من درسٍ إلى آخر ومن أداء واجبٍ لآخر. علينا التركيز أكثر على إنشاء بيئة آمنة تعزز فرص الاستكشاف (بدون مشاركتك) لدى الطفل، وعلى فكرة أن الحفاظ على حب التعلم طويل المدى سوف تفوق أهميته قيام الطفل بملء جميع أوراق الوظائف والعمل هذه في أي يوم.
دعهم يشعرون بالملل
نعم، سوف يشعرون بالملل، ولكن ذلك جيد أيضاً. قد يكون ذلك من أولى العلامات على تحجيم دورنا تدريجياً في تزويد أطفالنا باستمرار بما يجب عليهم فعله. الملل شيء صحي ومرحلة انتقالية طبيعية يحتاج الجميع إلى تجربتها. إنها واقع يجعل الطفل يدرك حقيقة أن الحياة لن تكون مليئة بمواعيد اللعب، وأن أحداثها ليست مجدولة الواحد تلو الآخر. ولكن علينا نحن الآباء إدراك أننا إذا سمحنا لأطفالنا بالشعور بالملل، فإنهم سيبحثون في النهاية عن أشياء للقيام واللهو بها، وبالتالي ستنطلق مخيلتهم، حيث يتفق خبراء الطفولة المبكرة على أن السماح بهذه الفترات الزمنية غير المجدولة، وغير المنظمة يعزز الإبداع والخيال والاستقلالية لدى الطفل.
تبني الخيارات ذات الإمكانيات المتعددة
«لقد انتهيت من واجباتي! ماذا بعد؟». لقد سمعنا جميعاً هذه الكلمات بلا شك. قم بتقييم الألعاب (سواء الملموسة أو الرقمية) التي تقدمها لأطفالك واسأل نفسك بعض الأسئلة البسيطة:
- هل يمكنهم استخدام هذه الألعاب لوحدهم دون مساعدة؟
- هل يحتاجون إلى إشراف الكبار من أجل سلامتهم؟
- هل هي في متناول الطفل؟
- هل هناك طرق متعددة لاستخدام هذه الألعاب؟
في الواقع، يمكن اللعب بألعابٍ معينة بطرقٍ مختلفة، كما وتسمح للأطفال بالتعبير عن أنفسهم بطرق مختلفة. على سبيل المثال، أوراق التلوين الجاهزة جيدة، لكنها لا تنطوي على امكانياتٍ عديدة تحفّز الطفل مثل أن تعطيه ورقةٍ بيضاء وأقلام تلوين. وأيضاً، ألعاب الحيوانات المحشوة جيدة عند احتضانها، ولكنها لا توفر للطفل خياراتٍ عديدة كما تفعل ألعاب المكعبات.
ضع في اعتبارك إنشاء مساحة خاصةٍ لطفلك في المنزل يقوم فيها باللعب بأشياء تثير مخيلته وفضوله؛ مثل حاويات الطعام المُعاد تدويرها، والصحف ولفائف المناديل الورقية الفارغة، وأية أغراضٍ منزلية لا حاجة لها في المنزل وفي متناول اليد. يمكن أن تساعد منصات التعلّم الرقمي، مثل منصّة «ماركوبولو وورلد سكول»، في تعزيز استقلالية الطفل، وتسمح له بإنشاء تجربةٍ تعليمية غنيةٍ بالإمكانيات والاهتمامات.
فكّر على المدى الطويل
على الأرجح، أنت لست مدرساً، ولكن حتى لو كنت كذلك، فإن تعليم طفلك في المنزل يختلف تماماً عن تعليمه في بيئة المدرسة. من وجهة نظرٍ أكاديمية، يتمثّل الفرق في ترك أطفالك يشعرون بالملل في تحفيزهم على حبّ التعلّم أكثر على المدى الطويل، إذ أنّ القلق والضغط الذي يشعر به الطفل نتيجة خوفه من عدم التزامه بالجدول الزمني لإنهاء المهمات الموكلة إليه؛ يجعله يربط هذه المشاعر السلبية بالمدرسة والتعليم. بدلاً من ذلك، امنحهم فسحة للتعرف واكتشاف ما يحبون القيام به أكثر، سيؤدي بذلك في النهاية إلى تنمية شغفهم بالتعلّم الذي يكون أكثر فائدة من أداء أي ظيفةٍ أو واجبٍ في هذا الوقت.
ضع في اعتبارك هذه الأدوات لتحفيز اللعب المستقل والتعلم القائم على الاهتمامات
بالنسبة للنشاط الرقمي؛ يمكن الاستعانة بمنصات تعليمية مختلفة على الإنترنت، مثل منصة «ماركوبولو وورلد سكول»، وهي جزء من منصة «ماركوبولو» التعليمية التي تُعتبر منصة تعليمية رقمية في مختلف المجالات مع أكثر من 500 درس فيديو متميز، و3000 نشاط تعليمي تفاعلي مصمم لتحفيز الفضول حول عالم الطبيعة. توفر المنصة اشتراكاً لفترة تجريبية مجانية لمدة 30 يوماً.
بالنسبة للكتب؛ أوصي بكتاب «ليس صندوقاً - Not a Box» للمؤلفة أنطوانيت بورتيس، وهو مخصصٌ لعمر ما دون 6 سنوات، حيث يطلب من الطفل بطريقةٍ مرحة تخيل كل الاحتمالات التي يمكن أن نرى فيها شكل الصندوق في حياتنا اليومية.
الألعاب؛ أوصي بلعبة قطع التركيب المغناطيسية الغنية بطرق التركيب، حيث تتحدى طفلك للتفكير في إنشاء أشكالٍ مختلفة وهياكل ثلاثية الأبعاد وغير ذلك. من السهل التعامل مع هذه اللعبة، وهي آمنة للأطفال الصغار، كما أن الإمكانيات التي توفرها لا حصر لها.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً