إذا كنت تعمل أو تعيش مع أطفال، فأنت تعلم أن معظمهم يعانون من الاكتئاب والتعاسة. يمكنك إلقاء اللوم على جائحة كوفيد-19، أو الحرمان من النوم، أو هواتفهم اللعينة. لكن شيئاً آخر يكمن وراء الخوف، وحتى اليأس، الذي يشعر به غالبية الأطفال والشباب اليوم. إنه شيء بدأ في عام 1760، مع فجر الثورة الصناعية، وازداد سوءاً منذ ذلك الحين: تغير المناخ.
أفاد ما يقرب من نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاماً أن القلق المرتبط بتغير المناخ يؤثر على حياتهم اليومية. في دراسة أجريت عام 2021 على 10000 شاب حول العالم، وجد باحثون أميركيون وأوروبيون أن معظم الحكومات كانت «تخونني و/أو تخون الأجيال القادمة» نتيجة لتقاعسها عن التعامل مع تغير المناخ. عندما طُلب من هؤلاء المشاركين وصف المستقبل، وصفه 75% منهم بأنه «مخيف».
شعرت «بيلا كلوسترمان» بهذه المشاعر أيضاً. ولدت كلوسترمان في يوم الأرض في عام 2001 لأبوين يهتمّان بالقضايا البيئية في بورتلاند، أوريغون، واعتادت على الاستحمام بسرعة، وتخفيض شدة التدفئة في المنزل، وتجنب استخدام المواد البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة. عندما كانت في المدرسة الابتدائية، كانت تغمرها رؤى جعلتها تشعر بأن إهدارها للطاقة يؤذي الدببة القطبية. تقول كلوسترمان إنها «انهارت نوعاً ما»، بعد تعرّضها للتثقيف البيئي في مدرستها الإعدادية.
بينما تمكنت الفتاة البالغة من العمر 16 عاماً من التفوق في العديد من المناحي في المدرسة الثانوية (في جمعية الشرف الوطنية، في فريق الكرة الطائرة)، جعلها التعلّم عن دورة الكربون في فصل العلوم «تشعر بالضياع واليأس». بحلول الوقت الذي سجلت فيه في صف العدالة البيئية في نهاية الصف العاشر في مدرسة لينكولن الثانوية، شعرت «بالتوتر الشديد والقلق بشأن أزمة المناخ».
لكن ذلك بدأ يتغير في اليوم الذي دخلت فيه صف «تيم سواينهارت» في بداية الصف الحادي عشر. تتجنب معظم المدارس أي ذكر لتأثير تغير المناخ على حياة الطلاب. وجد سواينهارت، ضمن فصله عن العدالة البيئية، طريقة لمنح الطلاب القلقين بشأن مستقبلهم ما يحتاجون إليه حقاً.
فات الأوان
بدأ سواينهارت التدريس في مدرسة لينكولن الثانوية في بورتلاند في عام 2008. بصفته معلماً للدراسات الاجتماعية، قام بنقل الإجماع العلمي حول علوم المناخ لطلابه، وشارك قصصاً حول تأثيرات تغير المناخ التي تلوح في الأفق على الطبيعة والبشر، عادةً في الدول البعيدة عن الولايات المتحدة. في ذلك الوقت، كان يعتقد سواينهارت أن مسؤوليته الرئيسية كانت تتمثّل في مساعدة الطلاب على إدراك وجود أزمة تستحق الاهتمام.
لقد تغير ذلك عندما شهد سواينهارت تدهور الصحة العقلية لطلابه. خلال قمة المناخ السابقة للأمم المتحدة، عندما عرض سواينهارت تقارير إخبارية عن المتظاهرين الشباب الناشطين في قضايا تغير المناخ، والذين يطالبون قادة العالم باتخاذ إجراءات جريئة للتعامل مع تغير المناخ، عبّر الطلاب عن حماسهم وشعورهم بأنهم متمكّنون. مع ذلك، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وخلال مفاوضات المناخ الدولية المعروفة باسم «سي أو بي 26»، شعر سواينهارت بدلاً من ذلك بأن طلابه قد خُذلوا وهم يشاهدون. يقول سواينهارت: «أوقفت الطلاب عن المشاهدة وسألت "كيف تشعرون؟"، فأجابوا بأن ما يحدث "أشد من قدرتهم على التحمّل"».
يكرر طلابه رواية مخيبة للآمال: الكبار لا يهتمون، فهم لا يفعلون شيئاً، وسيطرة الشركات على الحكومة تقضي على أي تقدم. يقول سواينهارت: «أعتقد أننا انتقلنا من عدم إدراك الأزمة، إلى استنتاج أن الأوان قد فات». بعد ذلك، غيّر سواينهارت مجال تركيزه، إذ أنه يركز الآن على إظهار أنه «لا يزال هناك عالم يستحق الكفاح من أجله»، حسب تعبيره.
الثقافة السائدة والعلم لم يجعلا المهمة أسهل على الإطلاق. الأفلام الديستوبيّة ذات الميزانيات العالية مثل «مخترق الثلج» و«بين النجوم»، ومؤخراً، الفيلم الذكي ولكن التشاؤمي، «لا تتأمّل»، تعزز الهواجس. تتأثر حياة الطلاب اليومية بسبب المناخ المتدهور: يتّجه «نهر يوم القيامة الجليدي» في غرب القارة القطبية الجنوبية نحو الانهيار الكارثي، ما قد يرفع مستويات سطح البحر عشرات الأمتار خلال القرن الحالي. الحرائق المستعرة في جميع أنحاء الغرب تعني أن الأطفال يتنفسون دخان حرائق الغابات كل صيف. في العام الماضي، عانى سكان ولاية أوريغون من موجة حر شديدة أدت إلى مقتل 116 شخصاًً في ولايتهم وحدها. في الوقت نفسه، واصلت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية ارتفاعها الذي لا يرحم، بعد انخفاضها أثناء الجائحة.
قبل التعرف على الحلول، هل أدركت المشكلة؟
لكن وسط هذا التراجع، اكتشف سواينهارت طرقاً لتمكين طلابه. يتجاوز نهجه محو الأمية المناخية التقلدية، إذ أنه يخبر الطلاب في صف العدالة البيئية عن أسباب الخطر المناخي، ثم يعطي الأولوية لدعمهم عاطفياً، ومناقشة الحلول على حد سواء. يقول «بيل بيغلو»، المؤلف المشارك لسواينهارت، في كتابهما، «منهج البشر للأرض: تدريس تغير المناخ والأزمة البيئية»: «إذا عرّفنا الطلاب على حجم أزمة المناخ، فعلينا أيضاً أن نشجعهم على رؤية أنفسهم كعوامل تغيير».
تساعد قصص الأشخاص العاديين الذين يعملون من أجل العدالة المناخية الطلاب في العثور على مكانهم بينهم. بالنسبة إلى كلوسترمان، والتي قالت إنها كانت «خجولة جداً وهادئة» عند بدء الفصل، بدأ الأمر بتحدّثها علناً عن قانون الهواء النظيف. وجدت كلوسترمان أن تقديم أبحاث التلوث في مجتمعها المحلي هو أمر مبهج. حثّها زملاء الدراسة، الذين شهدوا شغفها المتزايد بالنشاط البيئي، على إحياء نادي العدالة البيئية بالمدرسة، وهذا ما فعلته.
في النهاية، جعلها فصل سواينهارت تشعر بوحدة أقل. تقول كلوسترمان: «لقد رأينا آخرين يستوعبون أزمة المناخ، وليس فقط طلاب صفي الـ 15 أو الـ 20، ولكن الكثير من الناس الآخرين». بحلول عام 2018، كانت كلوسترمان تقود العديد من الإضرابات المناخية للمطالبة، محو الأمية المتعلقة بالعدالة المناخية على مستوى المقاطعة لطلاب مرحلة ما قبل الجامعة، والحصول في النهاية على التمويل اللازم.
بالنسبة إلى سواينهارت، يبدأ التثقيف المناخي بما يسميه «الخيال الراديكالي». في كل عام، يطلب سواينهارت من الطلاب تخيل العالم الذي يريدون العيش فيه في عام 2040، وليس العالم الذي يقال لهم أنهم سيعيشون فيه. يفيد سواينهارت بأن هذا التخيّل يعبر عن رؤيتهم الخاصة، حتى لو بدت ساذجة وطوباوية بشكل يبعث على السخرية، إذ يقول: «هناك عدد قليل جداً من الفرص للبالغين أو الشباب لاستخدام قدرتهم المذهلة حقاً في التفكير في كل الطرق التي يستطيعون فيها تغيير المستقبل».
لماذا تعليم الحقائق حول التغير المناخي ليس كافياً؟
النهج التعليمي النموذجي لأزمة المناخ، إذا تم تدريسه أصلاً، هو عرض الحقائق العلمية. بينما يعتقد غالبية الآباء والمعلمين الأميركيين أن الطلاب بحاجة إلى أن يتثقّفوا مناخياً، إلا أن 55% من المعلمين لا يعلّمون، أو حتى يناقشوا، تغير المناخ. المعلمون الذين يفعلون ذلك غالباً ما يقدّمون دروساً قليلة فقط في فصول العلوم الفيزيائية، ومعايير علوم الجيل التالي، التي تم تطويرها للمساعدة في تقديم علوم مناخية دقيقة، يتم تنفيذها بشكل غير متساوٍ في الولايات المختلفة.
لكن مقاربة تقديم الحقائق العلمية قد لا تكون أكثر ما يحتاجه الطلاب. يعد تدريس العلوم أمراً ضرورياً، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التثقيف المناخي إلى تعميق ضائقة الطلاب إذا لم يتمكنوا من التعبير عن مشاعرهم جنباً إلى جنب مع معارفهم الجديدة.
في دراسة ضيقة أجريت عام 2021 في أستراليا، قال معظم الطلاب الذين شملهم الاستطلاع إن التثقيف المناخي الذي تعرّضوا له في المدرسة جعلهم يشعرون بأنهم «غير متمكّنين»، وأن «الكبار تخلّوا عنهم»، وبأنهم «خائفون من المستقبل». يشير المعلمون للطلاب إلى أن التعبير عن الغضب والضيق ليس مناسباً في الفصول الدراسية، إذ قال أحد الطلاب في الدراسة: «يشبه الأمر وكأن المعلمين يقولون لنا "اذهبوا إلى المنزل وابكوا بسبب ذلك"». ذكر طالب آخر: «كنت أذهب إلى المنزل وأبكي كثيراً بسبب ذلك، لكن هذا ليس مناسباً في المدرسة».
شعر ابني البالغ من العمر 22 عاماً بهذه المشاعر، إذ أخبرني أن التثقيف المناخي في المدرسة الثانوية كان مُشلّاً وعازلاً، وفي بعض الأحيان، يبعث على الغضب. قال ابني: «لم يناقشوا حقاً أية إمكانية للتعامل مع ما يحدث»، وأضاف: «يتم تدريس التغير المناخي بطريقة محبطة».
الآن، يدعو المزيد من علماء النفس إلى تثقيف مناخي أكثر شمولية ومتعدد التخصصات يتضمن دعماً عاطفياً هادفاً للطلاب.
الأطفال لا يحبّون الظلم
تقول المعلمة المخضرمة «كاري آن نوموف» إنها تخصص وقتاً كافياً من دروسها لمشاعر الطلاب. بدأ تدريسها للعدالة المناخية قبل 20 عاماً في مدرسة «إديسون» الابتدائية في يوجين، أوريغون. كان طلابها في الصف الخامس يعبرون عن قلقهم وغضبهم المتزايد خلال دروس العلوم البحرية. تساءل هؤلاء عن سبب توسع المناطق الميتة مع انخفاض أعداد شقائق النعمان وسرطان البحر والحيتان. قالت لي نوموف خلال مقابلة على تطبيق «زوم»: «قادني الأطفال لأقول "نعم، دعونا نكتشف ما يحدث!"، بعد ذلك، تحمّسوا كثيراً»، وأضافت: «هذا لأن الأطفال لا يحبون الظلم».
بعد ذلك، كما تقول نوموف، بدأ الطلاب في فهم السياسات وراء القضايا البيئية. عندما بدأت عالمة الدستور «سوزان دوسكين» التدريس في مدرسة نوموف في عام 2013، تعاونتا لتأليف منهج للعدالة البيئية لصف تدريسي يشمل 60 طالباً في الصفين الرابع والخامس. حتى وفاة دوسكين في عام 2019، كان المنهج المخصص لسنة تدريسية واحدة يمزج بين العدالة البيئية، والجماليات، والتربية المدنية. علّمت نوموف ودوسكين الأطفال أن يحبوا عالمهم، والبشر والحيوانات والجمال والحرية والعدالة، وينظروا لأنفسهم على أنهم قادرون على التأثير في مجرى الأحداث.
كانت «كيلسي جوليانا» إحدى المتحدثين الضيوف المفضلين لدى طلاب نوموف، والتي كانت مدعية تبلغ من العمر 17 عاماً في قضية «جوليانا ضد الولايات المتحدة» (21 طفلاً قاضوا الحكومة الأميركية لتأكيد حقهم الدستوري في التمتع بمناخ صحي). خلال زيارتها عام 2015، دعت جوليانا الطلاب لحضور جلسة الاستماع القادمة. تتذكر نوموف ضاحكة: «التفت الأطفال إلينا يسألون "هل يمكننا الذهاب، رجاءً؟"»، وتضيف: «قال كل طفل من أطفالنا الستين تقريباً إن جلسة الاستماع كانت أهم حدث في ذلك العام الدراسي».
تقول نوموف إن إنشاء ثقافة تدريسية يشعر ضمنها كل طالب بالأمان عند مشاركة مشاعره هو أمر بالغ الأهمية. يجب أن يشجّع المعلمون على مناقشة الأحداث الجارية، وتجارب الطلاب في عصر التدهور المناخي، وآرائهم حول قضايا العدالة الاجتماعية، وذلك من خلال محادثات آمنة وصادقة. تقول نوموف: «لقد كنا نعلّم الطلاب على التفكير النقدي، ولم نلقّنهم ما عليهم الاقتناع به، كما علمناهم البحث عن مصادر موثوقة للأخبار والأبحاث».
ربطت نوموف الطلاب بروعة العالم من خلال سؤالهم عما يهتمون به، سواءً كان حيواناً أو نهراً أو قضية مثل قطع الأشجار المستدام، وعمّا قد يرغبون في البحث وإعداد التقارير للفصل أو أحياناً للجمهور. تقول نوموف: «بدأنا نتحدث كل يوم عن الأحداث الجارية»، وتضيف: «إذا كان هناك حريق هائل أو اجتماع دولي للمناخ، كنا نتحدّث عنه. كنا نطرح أسئلة مثل "لماذا يحدث ذلك الآن؟" و"كيف تشعر حيال ذلك؟"». تفيد نوموف بأن الطلاب كانوا يتحمسون عندما يُسمح لهم باختيار الموضوعات بحرّية، والعثور على طلاب آخرين للتعاون معهم في المشروعات التي يصممونها.
إذا أردنا أن يعمل التثقيف المناخي على تمكين الطلاب الشباب، فنحن بحاجة إلى نقل أكثر من الحقائق. حتى أن المتنبئين بالطقس في الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية دعوا مؤخراً إلى «"تعليم شامل عن تغير المناخ" لا يشمل المعارف فحسب، بل يشمل أيضاً القيم، والنظرة العالمية، والمشاركة، والأمل، والعواطف الأخرى». يجادل تقرير فنلندي بأن التحدي التعليمي الجديد سيحتاج إلى مساعدة التلاميذ على مواجهة مخاوفهم وعواطفهم تجاه المناخ، وذلك ليس فقط للمساعدة في تنمية أعضاء مسؤولين في المجتمع، بل وكلاء للمستقبل أيضاً. كتب الباحثون في هذا التقرير أن «الهدف العام للتعليم هو خلق إنسان متحضر يعتني بنفسه وثقافته والأرض، ويساعد في ضمان حقوق الأجيال القادمة».
لا تقلل من تقدير دور الأطفال في الأزمات
على الرغم من ذلك، واجهت دوسكين ونوموف مخاوف دائمة من الآباء: ألن تُرعب أزمة يعجز العديد من البالغين عن التعامل معها الأطفال؟ في النهاية، يؤدي أي احترار كوكبي إلى انقراض الأنواع المختلفة، وزيادة معدلات العواصف الشديدة، والجفاف، وغيرها.
لكن في تجربة نوموف، لم يحدث ذلك. تعتقد نوموف بنظرية عالم النفس السويسري الراحل «جان بياجيه» حول التطور المعرفي للطفل، والتي تنص على أنه بحلول سن الثانية عشرة، يصبح الأطفال قادرين على التفكير في المفاهيم الأخلاقية والفلسفية والاجتماعية والسياسية. مع انتقالهم إلى هذه المرحلة في سن العاشرة تقريباً، يسعى الأطفال إلى مزيد من التجريد. تقول نوموف: «إنهم يحبون الأفكار الكبيرة والناضجة، ويكونون متعطشين للحقيقة». يمنع التدريس وفقاً للمعايير فقط الطلاب من الحصول على الوقت الذي يحتاجون إليه للاستجابة لعمق ما يتعلمونه. لذا قامت نوموف بتجاهل هذه المعايير، إذ تقول: «دعنا من هذه المعايير. لدي أطفال خائفون. يجب أن أتحدّث معهم».
يتضمن ذلك حقيقة أن البشر الملوثين والسياسيين غالباً ما يعرقلون الحلول لتحقيق مكاسب شخصية. في الواقع، لا تزال المعلومات المضللة عن الصناعة تغذي إنكار تغيّر المناخ على أعلى مستويات الحكومة، وفي الفصول الدراسية. في كتابها «التعليم الخاطئ: كيف يتم تدريس تغير المناخ في أميركا»، توثق «كاتي وورث» كيف أثر إنكار تغيّر المناخ على الملايين من أطفال المدارس.
وجدت وورث أن أكثر من ثلث الشباب يعتقدون أن الاحتباس الحراري ليس ناتجاً عن ممارسات الإنسان، ويرفض ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً فكرة أزمة المناخ، في حين أن معظم المعلمين يخصصون 0-2 ساعة للتثقيف المناخي سنوياً. في إحدى المدارس الإعدادية في ولاية أركنساس، التقت وورث بعضو في لوبي صناعة النفط والغاز وظيفته الوحيدة هي إقناع تلاميذ المدارس بأن الوقود الأحفوري يتفوق على مصادر الطاقة المتجددة. قال عضو اللوبي لوورث: «إذا أردنا حقاً تغيير طريقة نظر الناس لقطاع صناعة النفط، فعلينا أن نؤثّر عليهم وهم صغار. علينا أن نؤثر على الأطفال».
مع ذلك، فإننا نقوم بإيذاء الأطفال إذا حجبنا الحقيقة عنهم. تقول الدكتورة «باتريشيا هاسباخ»، عالمة النفس المقيمة في يوجين، أوريغون، والرائدة في مجال العلاج البيئي، إنه حتى طلاب المدارس الابتدائية يمكنهم التعامل مع المناقشات المناسبة لأعمارهم حول شركات الوقود الأحفوري والسياسيين الذين يعترضون الحلول. تقول هاسباخ: «للأطفال الحق في معرفة أن هناك سياسيين أنانيين وقاصري النظر لديهم مكاسب من خلال عرقلة التشريعات أو الحركات التي تحدث التغيير من أجل الصالح العام».
ما العمل عندما يشعر الطلاب بالإرهاق من كل هذا؟ تحتفظ نوموف بدفاتر الصور للأطفال الأصغر سناً، وتقول: «عندما أرى أن الأطفال قد أُجهدوا، أقول "استراحة قندس!"، ثم أرفع صورة لقندس، وهو أمر يسعدهم للغاية. القنادس جميلة ومرحة، لكن الأمر يتعلّق أيضاً بالجماليات، أي تذكير الطلاب بحبهم للطبيعة والجمال».
اقرا أيضاً: التغير المناخي: 3 طرق لتسويق العلم للوصول إلى المشككين
الفشل هو أقسى معلّم
يعلّم تفاعل الطلاب مع العالم الخارجي هؤلاء الطلاب دروسهم الخاصة، وغالباً ما تكون دروساً صعبة. جميع الحركات الشعبية النضالية التي نجحت احتاجت وقتاً طويلاً لتنجح، عادة عقود. ليس من الواقعي أن يقول العلماء إن الانبعاثات العالمية يجب أن تنخفض بنسبة 45% على الأقل في غضون 8 سنوات فقط.
ليس لدينا الوقت الكافي لإنجاز ذلك على الأرجح، والطلاب يعرفون ذلك. قد تساهم التوقعات غير الواقعية حول تغيير التشريعات، عندما يكون لدى الأطفال بالفعل قدرة محدودة لإحداث هذه التغييرات، في القلق والاكتئاب واليأس. تقول هاسباخ: «هذه مشكلة حقيقية». يحذر باحثون آخرون من أن النشاط السياسي المتعلّق بالقضايا المناخية، والمرتبط بالمرونة والتطور الإيجابي، قد يكون أيضاً «مصدراً لزيادة التوتر، خاصة للشباب المهمشين».
الانتكاسات المحبطة لا مفر منها. تمت المماطلة بقضية جوليانا ضد الولايات المتحدة التي دعمها طلاب نوموف منذ إلغاء المحاكمة المرتقبة بعد حكم المحكمة العليا الأميركية لعام 2018 لصالح إدارة الرئيس الأسبق «دونالد ترامب». قضت محكمة الاستئناف بالدائرة التاسعة في عام 2020 بأن طلب الشباب بتوفير مناخ صالح للسكن ينبغي معالجته من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وليس المحاكم. تستمر المناشدات، وكذلك الدعاوى القضائية الجديدة للشباب، لكن العديد من الأطفال، بمن فيهم ابني، شعروا بالإحباط بسبب تلك الهزيمة.
ماذا بشأن الحملة التي قادها الطلاب في عام 2016 للتثقيف المناخي على مستوى المقاطعة في بورتلاند؟ وافق مجلس المدرسة بالإجماع على هذا القرار. لكن ما تبع ذلك كان نضال الطلاب لسنوات ضد المقاطعة لتمويل القرار. عندما فاز طلاب بورتلاند أخيراً بتلك الجولة، تم تعيين منسق لتعليم العدالة المناخية، ثم تمت ترقيته من هذا المنصب. حتى وقت كتابة هذا المقال، وبعد 3 سنوات من الموافقة على مطالب الطلاب، لا تزال مدارس بورتلاند العامة لا تملك تعليماً رسمياً للعدالة المناخية على مستوى المقاطعة.
العدالة المناخية أصبحت حقيقة واقعة
إن تعليم العدالة المناخية قادم، حتى ولو كان بسبب أن الطلاب يبحثون عن الحقيقة بأنفسهم فقط. المعلمون يشاركون في الحركة أيضاً. صادق أكبر اتحاد للمعلمين في الولايات المتحدة على قرار العدالة المناخية الذي أقره مجلس مدرسة بورتلاند في عام 2016، والذي دعا إلى تعليم شامل للعدالة المناخية. في فبراير/شباط 2022، خرج 500 من طلاب المدارس الثانوية من المدرسة وعبر بلدتي يوجين بولاية أوريغون وهم يهتفون «العدالة المناخية الآن!». طالب الطلاب بتغييرات جذرية في كيفية تعليمهم ومعاملتهم من قبل البالغين الذين، كما قالت «ساهارا فالنتاين»، المتحدثة البالغة من العمر 17 عاماً والمدعية في قضية جوليانا، يتركون الأطفال «ليعانوا من عواقب تؤثر بشكل غير متناسب علينا» وعلى الأجيال القادمة.
ولكن للانتقال إلى المستوى الوطني، لا يمكن للمعلمين الأفراد إنشاء هياكل مدرسية بمفردهم. أخبر مسؤولو المنطقة سواينهارت في عام 2018 أن تعليم العدالة المناخية «هامشي». تقول نوموف إنه لتغيير المناهج، «يتعين على مجالس المدارس أن تدرّس التربية المناخية».
تحقق بعض الولايات تقدّماً. تعتبر ولاية نيوجيرسي رائدة في كيفية نشر التثقيف المناخي على مستوى الولاية. طبق مسؤولو الولاية معايير جديدة لمحو الأمية المناخية في المستويات التعليمية من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر لمنح الأطفال «فرصة دراسة وفهم أزمة المناخ من خلال عدسة شاملة ومتعددة التخصصات». في ولاية مينيسوتا، قدّم طلاب المدارس الثانوية مشروع قانون يطلب تعليماً شاملاً للصفوف من الأول للثاني عشر في مجال العدالة المناخية.
يبحث المزيد والمزيد من المعلمين عن طرق لتلبية احتياجات الطلاب بأنفسهم دون مساعدة مجالس إدارة المدارس أو الدعم الإداري. إنهم يساعدون بعضهم بعضاً بشكل غير رسمي ومن خلال حملة «علّم العدالة المناخية» ضمن مشروع «زين» التعليمي الذي يقدم دروساً تم اختبارها في الفصول الدراسية، وورش عمل للمعلمين.
تقول نوموف إن أقوى أدوات التغيير هي الآباء. تقترح أن أولئك الذين يريدون تعليماً شاملاً حول العدالة المناخية لأطفالهم، يمكنهم التجمع والدعوة إلى التثقيف المناخي على مستوى المدينة أو الولاية، ومراقبة، أو حتى التأثير على من تم انتخابه لمجلس إدارة المدرسة الذي يختار منهج الأطفال، والتعبير عن آرائهم.
تقول نوموف: «أحد الوالدين أقوى في مجلس إدارة المدرسة من 100 معلم».