تنتشر الحشرات في كل مكانٍ حولنا قد يخطر على بالنا، في ساحات منازلنا الخلفية والشرفات وفي الحديقة والشوارع. في الواقع، تهيمن الحشرات من الناحية العددية على الأرض بأكثر من 5.5 مليون نوع، ويُقدّر أن عدد الحشرات يصل إلى 10 كوانتليون حشرة فردية (أي 10،000،000،000،000،000،000) في أي لحظةٍ معينة.
ونظراً لصغر حجم الحشرات وتوفرها الكبير، وإمكانية حفظها بسهولة في الفصل الدراسي أو في المنزل، فنحن نؤمن كباحثين في حقل الحشرات أنها مثالية لتعليم الأطفال عن الطبيعة، والذي بدوره يمكن أن يجعلهم متحمسين أكثر للعلوم عموماً. لذلك أجرينا مسحاً استقصائياً لمعرفة المزيد حول كيفية استغلال المدارس للحشرات في الفصل الدراسي بشكلٍ عام.
اقرأ أيضا:
يفضل المعلمون استعمال الحيوانات الفقارية
في عام 2019، قمنا باستطلاع آراء 262 معلماً من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر في 44 ولاية أميركية بشأن أنواع الحيوانات التي يستخدمونها في فصولهم الدراسية لشرح الدروس للطلاب. توزع المعلمون الذين استجابوا للمسح حسب المرحلة التعليمية كالتالي: 6 في مرحلة ما قبل المدرسة، و62 معلماً في المرحلة الابتدائية، 44 في المرحلة الإعدادية، 147 معلماً في المرحلة الثانوية. بينما توزع الباقون على جميع المراحل التدريسية.
وجدنا أن المعلمين غالباً ما كانوا يميلون لاختيار الحيوانات الفقارية كأداةٍ تعليمية في الفصل الدراسي، حيث بلغ عددها 328 حالة اُستخدمت فيها البرمائيات والطيور والأسماك، والثدييات والزواحف. كما استخدم المدرسون في 144 حالة حيواناتٍ لا فقارية، بما فيها الحشرات والديدان والعناكب والقشريات- مثل سرطان البحر والروبيان.
كانت أكثر الحشرات استخداماً الفراشات تليها الخنافس والصراصير.
كما ذكر 2 من بين 3 معلمين من الذين شملهم الاستطلاع أنهم لا يحتفظون بالحشرات أو العناكب في فصولهم الدراسية، لأنهم يفضلون الحيوانات الأخرى. بينما أفاد معلمٌ واحد من أصل 6 أن السبب في ذلك يرجع إلى أنهم لا يحبون الحشرات. تظهر الإجابات مدى ندرة استخدام المعلمين للحشرات في فصولهم الدراسية، والتنوع القليل من الحشرات التي يستخدمونها لهذا الغرض.
يُظهر المخطط أن الفراشات والخنافس والصراصير هي الحشرات الأكثر شيوعاً من بين الحشرات الأخرى التي استخدمها المعلمون في الفصول الدراسية.
تجربة الطبيعة
بالرغم من أن الكثير من الناس يخافون الحشرات، إلا أنها أداة تعليمية رائعة لأسباب عديدة. على سبيل المثال، يمكن الاستفادة من الحشرات لشرح مدى واسعٍ من الدروس، من التحول إلى التنوع. كما أنها تميل إلى أن تكون رخيصة الثمن، ويسهل تربيتها والعناية بها.
من الأسباب التي تدفعنا لتشجيع المعلمين على استخدام الحشرات في فصولهم الدراسية؛ هو أننا لاحظنا أن التفاعل مع الحشرات يمكن أن يساعد الأطفال على تقدير الطبيعة وإدراك أهميتها. فعلى سبيل المثال، تمنح تربية الفراشات والعث في الفصول الدراسية، أو حتى مجرد مراقبة هذه الحشرات في الخارج، تمنح الطلاب فرصة لتجربة تعليمية عملية. حيث تحفّز مراقبة هذه الحشرات في كثير من الأحيان الطلاب على طرح المزيد من الأسئلة، وتثير فضولهم حول البيئة الطبيعية التي تعيش فيها.
نعتقد أن الاحتفاظ بالحشرات في الفصل الدراسي يمنح الأطفال الصغار فرصةً أكبر لمعرفة المزيد عنها. في الواقع، غالباً ما ينفر الناس من الحشرات بسبب موروث الثقافة الشعبية الذي يجعلنا نشعر بالاشمئزاز، والخوف منها. لكننا نعتقد، بصفتنا علماء حشرات، أن إدخال الحشرات في الفصول الدراسية، إلى جانب تعليم الطلاب حول سلوك الحشرات ودورها في البيئة، سيعطي الطلاب مكاناً آمناً لمراقبة وإدراك أهمية هذه الكائنات.
لقد وجدت العديد من الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة والنرويج والصين واليابان؛ أن الأطفال الذين لديهم تجربةٌ في الطبيعة في سن مبكرة يطورون مواقف إيجابية تجاه الحيوانات والبيئة. فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة استقصائية شملت 1030 من سكان المناطق الحضرية اليابانية أن هواية جمع الحشرات والنباتات في الهواء الطلق في سنّ مبكرة؛ كانت أحد أهم العوامل في تشكيل موقفٍ إيجابي لدى الناس تجاه الحيوانات البرية.
في ظروف جائحة كورونا، قد لا يتمكن العديد من المعلمين من استخدام الحشرات مباشرة في فصولهم الدراسية نظراً لفرض نظام التعليم عن بعد. ولكن يمكن للمعلمين استخدام الكاميرات وتوجيهها نحو الحشرات الكبيرة الحية، واستخدام تطبيقات مكالمات الفيديو لتعليم الأطفال عنها. لقد نجحنا مثلاً في استخدام تطبيق زووم لعرض حشراتٍ كبيرة حية مباشرة، مثل خنافس هرقل الشرقية الكبيرة، وفرس النبي، والنطاطات طويلة القرون، على مجموعةٍ كبيرة من الأطفال يعيشون في أماكن مختلفة من ولاية فلوريدا أثناء فترة الإغلاق.
علاوة على ذلك، هناك العديد من الفرص لاستخدام الحشرات للتعلم في الهواء الطلق، حتى لو لم تكن هناك فرصٌ على مدار العام كما هو الحال في فلوريدا في الأيام الباردة.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً