قراءة القصص والكتب للأطفال الصغار تُعزز مهاراتهم اللغوية والتعليمية طيلة سنوات حياتهم

2 دقائق
طفلان لأبوين رائعين يستمتعان بقراءة بعض القصص (ويبدو أنهما من المعجبين بروايات هاري بوتر!)

يعتقد الكثيرون بأن الحديث إلى الأطفال الرُّضع هو سلوك عبثي، فنحن لا ندري ما إذا كانوا يفهمون علينا أم لا، وعند محاولة قراءة قصة لهم لا نرى أي تفاعل حقيقي منهم، وإنما مجرد عبث بصفحات الكتاب ولعاب من أفواههم يسيل فوقها! ولكن الأمر لا يبدو بتلك البساطة، فقراءة القصص للأطفال تساعدهم على تطوير مفرداتهم اللغوية وتُعزز مهارات التعلم لديهم.

تقع العديد من العوامل المؤثرة في الأداء المدرسي للأطفال خارج نطاق سيطرة الوالدين، وخاصة ما يتعلق بالحالة بالاقتصادية الاجتماعية للأسرة. ولكن قراءة الكتب للأطفال تؤدي إلى تعزيز مهاراتهم اللغوية بمعزلٍ عن أية عوامل أخرى. وذهب بعض الباحثين إلى أن مجرد امتلاك الكتب في المنزل هو أمرٌ مفيدٌ للأطفال. فقد وجدوا بأن العائلة التي تحتوي مكتبة منزلها على 100 كتاب يتمتع أطفالها بمهارات قراءة تفوق أقرانهم بمعدل 1.5 درجة، وأن احتواء المكتبة على 500 كتاب سوف يرفع ذلك إلى الفارق إلى 2.2 درجة. بالطبع فإن مجرد امتلاك الكتب لن يُعزز أيّة مهارة لدى الطفل، وإنما المسؤول عن ذلك هو مناخ المنزل الذي يتيح للطفل العديد من المواد الصالحة للقراءة، وتكون القراءة فيه سلوكاً أصيلاً. ويبقى العامل الأهم في تعزيز مهارات التعلم لدى الطفل هو تشجيعه على القراءة.

وقد أظهرت دراسةٌ حديثةٌ جرى عرضها الأسبوع الفائت في ملتقى الجمعيات الأمريكية لطب الأطفال بأن الأطفال الصغار جداً يستفيدون أيضاً عندما تتم القراءة لهم، وأن التأثيرات الإيجابية لذلك تظهر عندما يصل الطفل إلى سن المدرسة. فقد قام باحثون بإجراء معاينةٍ كميةٍ ونوعيةٍ لما تقرأه الأمهات لأطفالهن ابتداءً من عمر 6 أشهر وحتى بلوغهم عمر 4.5 سنة، لمعرفة ما إذا كان ذلك يُحسن من مهاراتهم اللغوية لاحقاً. وقد وجدوا بأن ذلك ما يحدث بالفعل. حيث عززت القراءة للأطفال من فهمهم المبكر للمفردات وكيفية استخدامها، ومكّنتهم من تفسير الأصوات المختلفة على أنها كلمات، وشجعتهم على البدء بالقراءة بمفردهم في وقت أبكر من أقرانهم. وانعكس كل ذلك إيجاباً على أداء الطفل عند دخوله المدرسة وبروز الحاجة لفهم الوظائف المدرسية المختلفة.

ولكن مما يؤخذ على الدراسة أن الباحثين لم يذكروا سوى العلاقة بين الأم والطفل في هذا المجال، ولم يأتوا على تفصيل ما إذا كان الأب أو الأم من يقرأ القصة للطفل. وعلى الرغم من أن هذا القصور قد يكون عائداً إلى أن الأمهات هنّ من أخبرن الباحثين عن سلوك القراءة في المنزل، ولم يتحدثن عن دور الأم أو الأب الفعلي فيه، إلا أن هذه النقطة أخلّت قليلاً بتوازن الدراسة وينبغي عدم إغفالها.

بأية حال، فإن تشجيع الأطفال على القراءة باكراً سيساعدهم على أن يكونوا تلاميذ مُجدّين، وخاصةً إن أظهروا رغبةً طوعيةً للقراءة في أوقات فراغهم. حيث أن الأطفال النهمين للقراءة من تلقاء أنفسهم يحصلون على درجاتٍ أعلى في الاختبارات المدرسية، ويمتلكون معارف راسخة أكثر من أقرانهم الذين يجافون الكتب والقراءة.

وحتى في المراحل العمرية اللاحقة، فإن أرباب العمل يتوقعون من موظفيهم امتلاك مهارات عالية في القراءة والكتابة. ولكن للأسف، فإن العديد من أساتذة المرحلة الثانوية يشتكون من أن طلابهم لا يمتلكون قدراً كافياً من تلك المهارات التي تلعب دوراً بارزاً في الحصول على وظيفةٍ مرموقة في شتى القطاعات المهنية. ففي دراسة أجراها صندوق المنح الوطنية للفنون، خلص الباحثون إلى أن ما نسبته 70% من الأشخاص الذين يعانون ضعفاً في القراءة يواجهون مصاعب في الارتقاء المهني.

وأخيراً، فإن تشجيع الطفل على القراءة ليس وصفةً سحريةً لنجاحه في حياته المستقبلية.. ولكنه أمرٌ متاحٌ للجميع ويعكس مدى إخلاص الأبوين في تربية طفلهم. وكما هو الحال في عادات الغذاء الصحي وممارسة التمارين الرياضية، فإن تربية الطفل على حب القراءة سيُسهّل عليه تبني عادات قراءة منتظمة في مراحل حياته اللاحقة. لذا ننصحكم بأن تبدأوا فوراً بقراءة القصص لأطفالكم وأن تنشّئوهم على حب الكتب، فهم سيشكرونكم على ذلك عندما يكبرون.

المحتوى محمي