لا شك في أن تبدلات نوم الرضع وحديثي الولادة محيرة للآباء الجدد، حيث يبقى الآباء قلقين فيما إذا كان رضيعهم يحصل على القسط الكافي من النوم، وبالمقابل تجدهم يخشون أيضاً أن يكون رضيعهم ينام أكثر مما ينبغي.
وكيف لنا أن ألا نفهم تبدلات نوم الرضيع والرضيع نفسه حائر، فالبارحة كان يعيش داخل الرحم وضمن ظروف معينة واليوم يجد نفسه يتنفس الهواء الطلق، لهذا السبب من الطبيعي مواجهة بعض الصعوبات في التكيف مع متطلبات الحياة خارج الرحم.
لمَ ينام الرضع وحديثو الولادة لساعات طويلة؟
يبدو أن لحديثي الولادة وظيفتين: الأكل والنوم، ويكون أحياناً من باب كسر الروتين ولمجرد التسلية.
وكثيراً ما يقف الآباء ليشاهدوا أطفالهم مستغرقين بالنوم لساعات، ومن الطبيعي أن يتساءلوا فيما إذا كان طفلهم ينام كثيراً بمعدل أعلى من الطبيعي.
اقرأ أيضاً: هل يحصل طفلك حديث الولادة على النوم والرضاعة الكافيين لتحقيق نموه الأمثل؟
أوصت مؤسسة النوم الوطنية بأن يحصل الأطفال حديثو الولادة على 14-17 ساعة من النوم يومياً، وأن يحصل الرضّع على 12-15 ساعة يومياً خلال الليل والنهار، أمّا بالنسبة للأطفال الذين بدأوا بالزحف واتخاذ خطواتهم الأولى فتعتبر 11-14 ساعة نوم يومياً كافية.
ساعات النوم الطويلة عند الرضع ليست بالشيء الجديد، فكما كان حديثو الولادة ينامون بشكل متواصل في الرحم ويحصلون على الأوكسجين والغذاء من خلال المشيمة، هم ما زالوا نائمين والفرق هو أنهم يستيقظون فقط للرضاعة.
تعتبر ساعات النوم هذه جوهرية وأساسية لنمو وتطور الطفل، وقد أكدت جمعية النوم الأميركية هذه النقطة، حيث قالت: "النوم الجيد غاية في الأهمية عند حديثي الولادة، فهو عماد النمو والتطور البدني والنفسي السليم". والسبب هو أن هرمون النمو البشري (Human Growth Hormone) يُفرز من الغدة النخامية خلال ساعات النوم.
من جهة أخرى، قد يبدو أن الرضع ينامون أكثر من المعتاد في حال كانوا "ليليين"، بمعنى يفضّلون النوم في الليل على النهار، الأمر الذي يكون محبطاً للآباء، ولكن عدم انتظام ساعات النوم طبيعي جداً خلال هذه المرحلة، والسبب هو عدم انتظام إيقاع إفراز الميلاتونين لديهم بعد.
والميلاتونين هو الهرمون الذي ينظّم إيقاع الساعة البيولوجية ودورات النوم والاستيقاظ، يُفرز من الغدة الصنوبرية في ظروف الإضاءة الضعيفة التي تنبه الجسم بأن الليل قد حان وحان معه وقت النوم. كما يتثبط إفرازه في ظروف الإضاءة الجيدة ما يساعدنا على البقاء متيقظين خلال النهار. عادةً ما ينضج المحور الذي يُطلق هرمون الميلاتونين عند الأطفال بعمر ثلاثة أشهر، وعندئذ تصبح دورات نومهم مشابهة للبالغين أكثر.
يساعد النوم وظائف الدماغ على النضج، وقد يبدو الأمر مبكراً على ذلك، إلا أن النوم الجيد لدى الرضّع يؤثر على القدرات العقلية والوظائف الفكرية مثل اللغة والانتباه والتحكم في الانفعالات، هذا لا يعني أن النوم الجيد يُكسب الرضع هذه الوظائف، بل يوفر البيئة المناسبة لهذه الوظائف بأن تُكتسب بالشكل الأعظمي. حيث يترافق عدم الحصول على القدر الكافي من النوم في الأعمار الصغيرة بحدوث اضطرابات في النمو واضطرابات في المزاج مستقبلاً.
هل من الصحي أن توقظ طفلك نهاراً حتّى يكتسب عادات نوم جيدة؟
اقترحت ديبورا لين- ديكن وهي أخصائية اضطرابات نوم الأطفال، أنه على الآباء الذين يرغبون في تغيير دورة نوم أطفالهم أن يتخذوا خطوات تشمل تحديد وقت الاستيقاظ والالتزام به، حتّى وإن كان ذلك يعني إيقاظ طفلك من النوم.
بالمقابل، لم يوافق على ذلك الطبيب مارك فايسبلوث، وهو أخصائي في طب أطفال ومؤلف كتاب (Healthy Sleep Habits, Happy Child)، وأوضح أنه لا يجب علينا إيقاظ طفل نائم لمجرد أن وقت تناول الطعام قد حان حسب جدول الأهل، فإن كان جائعاً أو بحاجة للطعام لكان استيقظ من تلقاء نفسه، كما أكد أهمية نظام النوم المتناسق للطفل لعملية نمو وتطور الطفل، لكنه حرص على أن تأخذ هذه العملية نسقها الطبيعي بشكل تلقائي وليس عن طريق أي تأثيرات خارجية.
كما أنه من المهم تجنب إبقاء الرضيع مستيقظاً أثناء النهار على أمل أن ينام بشكل أفضل في الليل، فهذه الخطوة تسيء لنسق نوم الرضيع أكثر وذات نتائج عكسية، فهي تجعل الرضيع منهكاً حتّى قد يصل الأمر لأن يتجنب الرضيع وجبات طعامه بسبب تعبه الناجم عن قلة النوم.
اقرأ أيضاً: لمَ يواجه بعض الأطفال صعوبة في النوم؟ وما هي طرق مساعدتهم؟
وبقدر ما يبدو أن الأطفال حديثي الولادة ينامون كثيراً، فأنت تعلم الآن أن هناك الكثير من النمو والتطور يحدث أثناء حصول طفلك على نومه وراحته. لا تقلق فلن يستمر ذلك للأبد، وسرعان ما تجد أن جدول نومهم أصبح أكثر ملاءمة لنمط حياتك. لهذا نوصي بقليل من الصبر خلال الأشهر الأولى ريثما تصبح أجسام الرضّع بوظائفها وآلياتها أكثر تلاؤماً وأقرب لأجسام البالغين.