تُعرَف نزلة البرد بالـ "البرد الشائع"، وهي إنتان فيروسي يصيب الطرق التنفسية العلوية كمخاطية الأنف وأنسجة الحلق عند البالغين والأطفال، إلا أن الأطفال أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد نظراً لأنهم لم يطوروا المناعة الكافية ضد العديد من الإنتانات بعد، وهذا ما يُفسر تناقص عدد مرات الإصابة عند الطفل بعد تجاوزه سن السادسة. كما تلعب الأوساط المزدحمة كالمدارس ورياض الأطفال دوراً مساعداً في انتقال العدوى، وبالتالي من الطبيعي أن يعاني أي طفل من 6 إلى 8 نزلات برد سنوياً خلال السنوات الأولى من الحياة، وخاصةً في الفترة ما بين فصل الخريف وأواخر فصل الربيع، علماً أن إصابة الطفل قد تحدث بأي وقت من العام.
الفيروسات المُسببة لنزلة البرد عند الأطفال
يُمكن لـ 200 نوعاً فيروسياً أن يكون المُسبب في حدوث نزلة البرد عند الأطفال، إلا أن أشهرها الفيروسات الأنفية (الرينوفيروس)، كما يشمل الطيف الواسع من الفيروسات الأخرى كلاً من فيروس كورونا والفيروس نظير الإنفلونزا والفيروسات الغدية والفيروسات المعوية وأخيراً الفيروسات المخلوية التنفسية.
تنتقل العدوى إلى الأطفال عبر الهواء عند الاختلاط مع أحد المرضى، كما تنتقل بملامسة أي من عيني الطفل أو أنفه أو فمه لأحد الأسطح الملوثة أو لمفرزات أحد المرضى، عندئذ يتنبه الجهاز المناعي للطفل بمجرد دخول الفيروس إلى الجسم، ويبدأ بتشكيل جملة دفاعية للاستجابة للجسم الغريب والتصدي له.
أعراض نزلة البرد عند الأطفال والرُضع
لنزلة البرد عند الأطفال أعراض أولية تنذر ببداية حدوثها، ومن هذه الأعراض نذكر احتقان المخاطية الأنفية وسيلان الأنف، حيث تكون مفرزات الأنف رائقة في البداية ولكنها تتكثف ويميل لونها للاصفرار لاحقاً.
تتوالى بعد ذلك بقية الأعراض وهي:
- الحمى.
- السعال والعطاس نتيجة لتخريش الطرق التنفسية العلوية بالسيلان الأنفي.
- تهيج الطفل.
- تراجع في شهية الطفل للطعام وصعوبة في الرضاعة نتيجة للانسداد والاحتقان الأنفي.
- صعوبة في النوم نتيجةً لانسداد الأنف بالمفرزات.
اقرأ أيضاً: طفلك يسعل ويزعجه البلغم: خلّصه منه بهذه الطرق
علاج نزلة البرد عند الأطفال
يقتصر علاج نزلة البرد عند الأطفال على تخفيف الأعراض، ويشمل العلاج كلاً من التغذية الجيدة والدعم بالسوائل والمحافظة على رطوبة الهواء، ومن المفيد تقطير الماء الملحي في فتحتي أنف الطفل لجعل المفرزات أكثر ميوعة، ما يساعد الطفل في تخفيف الأعراض الانسدادية المزعجة.
يصف الأطباء خافضات الحرارة عند ارتفاع درجة الحرارة المديد تجنباً لحدوث أي أذية عصبية لدى الطفل. من المهم تجنب استخدام المضادات الحيوية إلّا في حال أبدى الفحص السريري للطفل وجود اختلاط جرثومي حاد كالالتهاب الرئوي مثلاً.
يحتاج الطفل وسطياً مدة 10 إلى 14 يوماً لكي يُشفى من نزلة البرد عديمة المضاعفات، بالمقابل، قد تستمر النزلة لفترة أطول عند حدوث الاختلاطات.
مضاعفات نزلة البرد عند الأطفال
قد تكون نزلة البرد حالة شائعة لا تحمل درجة عالية من الخطورة عند التعامل معها بالشكل الصحيح، إلا أن لتجاهلها عواقب وخيمة ومضاعفات يمكن تلافيها ومن هذه المضاعفات نذكر:
- التهابات الأذن الوسطى الحادة والتي تعتبر أشيع المضاعفات، حيث تدخل الفيروسات والجراثيم للحيز خلف طبلة الأذن.
- الأزيز المستمر، نظراً للتخريش المديد للطرق التنفسية السفلية كالقصبات والقصيبات.
- التهاب الجيوب الأنفية الحاد.
- قد تختلط نزلة البرد الفيروسية بإصابات جرثومية أخرى كالالتهابات الرئوية والخناق والتهاب القصيبات الجرثومي، والتي يتوجب معالجتها من قبل الطبيب المختص بالمضادات الحيوية المناسبة.
من الضروري تسليط الضوء على الحالات التالية التي تحتم علينا التواصل الفوري مع الطبيب، لكونها تتطلب برتوكولاً علاجيّاً يختلف عن البروتوكول المعتمد عادة، وهي:
- عمر الطفل 3 أشهر أو أقل، لكون الأطفال الرضع وحديثي الولادة أكثر عرضة لحدوث أذيات عصبية دائمة ناجمة عن الحمى المديدة، لأن طبقة السحايا لديهم ليست ناضجة بشكل كافٍ لحماية أدمغتهم من ارتفاع الحرارة.
- ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من يومين، وأي ارتفاع يتجاوز 38 درجة مئوية.
- آلام أذنية توقظ الطفل من النوم.
- رفض الإرضاع أو قبول السوائل.
- حدوث الإقياءات بعد نوبات السعال.
- تغير لون الجلد.
- صعوبة في التنفس وحدوث نقص في الأكسجة، والذي يظهر على شكل زرقة الشفاه.
- حالة من النعاس واللامبالاة غير المبررة عند الطفل.
اقرأ أيضاً: ما هو تطعيم السنة ونصف؟ وما آثاره الجانبية؟
هل نستطيع أن نقي أطفالنا من الإصابة بنزلة البرد بشكل تام؟
تساعد التدابير الوقائية في التخفيف من فرص الإصابة بنزلة البرد عند الأطفال، كالابتعاد عن الأوساط الموبوءة وغسل اليدين بشكل جيد قبل لمس الطفل وإطعامه، والحرص على غسيل كل ألعاب الطفل وحاجياته عند سقوطها على الأرض وعند لمسها من قبل شخص مشتبه أنه حامل للفيروس.
من الضروري التقيد بقواعد السلامة هذه، على الرغم من أنها تقي بشكل جزئي ولا تمنع الإصابة بشكل مطلق، إلّا أن عدم وجود لقاح فعال ضد نزلة البرد يُحتّم علينا أخذ الحيطة دوماً عند التعامل مع الأطفال والرضع.