هذه النصائح تخبرك كيف تفيد طفلك من الجلوس أمام الشاشات

3 دقائق
وقت الشاشة

 

للأسف، غالباً ما يرتبط تعبير «وقت الشاشة» بالخجل والذنب. في الواقع، يتحمل الآباء كفايتهم من ضغوط الحياة اليومية، وآخر ما يحتاجونه بالفعل هي الضغوط الناجمة عن الجلوس أمام الشاشات بالنسبة لأطفالهم، والذي قد يؤثر عليهم بشكلٍ سلبي من نواحٍ عدة.

لكن وقت الشاشة أخذ منحى مختلفاً تماماً هذه الأيام. فقد أظهرت جائحة فيروس كورونا بجلاءٍ أن الشاشات جزءٌ حيوي ومهم من حياتنا. لقد سمحت لنا بالعمل من منازلنا، وسمحت لأطفالنا بمواصلة التعلم، ولعائلاتنا بالتواصل مع أحبائهم أينما كانوا، كما يقضي معظمنا جزءاً مهماً من وقت استراحته أمامها.

دعونا نركز على كيفية استخدام وقت الشاشة كأداة تحقق الفائدة بدلاً من التركيز على مساوئها. حسناً، لنسأل أنفسنا، كيف يمكن للتكنولوجيا والإعلام أن تثري عقول الأطفال، وتشجع الإبداع وتعزز الترابط، خصوصاً في المرحلة الحالية؟ في الواقع، هناك عنصرٌ واحد حاسم لا نركز عليه بما فيه الكفاية، وهو مشاركة الآباء لأطفالهم في وقت الشاشة، حيث يتمتع الآباء بقدرةٍ كبيرة على إضفاء قيمة على أي تجربةٍ تنطوي على مشاهدة الشاشة مع أطفالهم، ويدعو مجتمع تنمية الطفل هذه القدرة لدى الآباء «بالمشاهدة المشتركة» أو «اللعب المشترك».

فكر في الوقت الذي تقضيه في قراءة كتابٍ أو قصةٍ مع طفلك، من المرجح أن تتوقفا عن القراءة بشكلٍ طبيعي عندما تبرز بعض الأسئلة لدى طفلك، وتحاول شرح المعلومات الصعبة له. جرب إيقاف مقاطع الفيديو والأنشطة الرقمية التي يقوم بها الطفل لتبادل الآراء حول ما يشاهده أو يلعبه. اطرح عليه أسئلة، وادفعه إلى المقارنة بين ما يشاهده وبين أشياءٍ أخرى في حياته مثلاً. يمكن أن تؤدي مثل هذه المشاركات في استخدام الوسائط إلى قضاء وقتٍ ممتع، وزيادة الترابط بين الآباء والأطفال مهما كان عمرهم.

ولكن الآباء العاملين مشغولون طوال الوقت، وقد لا يكون بمقدورهم التواجد مع أطفالهم أثناء لعبهم أو مشاهدة شيءٍ ما. وفي الواقع، غالباً ما نحتاج إلى شيءٍ ينشغل به أطفالنا في الوقت الذي ننجز فيه أعمالنا، أو حتى في الوقت الذي نسترخي فيه ونحاول استعادة نشاطنا! لا بأس بذلك عموماً.

ولكن حتى لو كنت في غرفةٍ مجاورة تحاول إنجاز أعمالك في الوقت المطلوب، فلا يزال بإمكانك تفعيل هذه القدرة الأبوية العظيمة. يمكنك مثلاً التعليق على الأشياء المثيرة التي تسمعها، أو قد تلاحظها على الشاشة، وطرح أسئلةٍ حولها سريعاً لتثير بذلك ذهن أطفالك. إذا كان طفلك يجرب تطبيقاً أو لعبةً جديدة، فحاول مشاركته اللعب في المرات الأولى ليتعلّم منك ما عليه فعله والاستفادة من التطبيق أو والاستمتاع باللعبة إلى أقصى حد. وإذا كان نشاط طفلك ينطوي على التفاعل (على سبيل المثال، اتباع الإرشادات والإجابة على الأسئلة)، فحاول مساعدته في المرة الأولى لزيادة احتمال قيامه بذلك بمفرده في المرة التالية. يمكنك أيضاً أن تسأل طفلك، بعد أن تنهي عملك مثلاً، حول ما شاهده أو لعبه. اسأله مثلاً عمّ تعلمّه، أو عن الجزء الذي يعتقد أنه ممتع. إظهار اهتمامك بما يشاهده طفلك والأشياء التي يلعب بها مفيدٌ جداً، ويلعب دوراً مهماً في لفت انتباه أطفالك إلى الأشياء المهمة في الواقع.

يمكن أن يحمل الاستخدام المُتعمد للشاشة خلال الأحداث اليومية فرصاً كثيرة لتعلم ونمو الطفل. على سبيل المثال، تخيل أنك في الخارج مع طفلك في الحديقة، وصادفت مجموعة من بيوض الحشرات الصغيرة تنتظم بشكلٍ فريد. لا بد أن يثير ذلك فضول الطفل ويسألك حول ماهيتها حتماً.

  • بدلاً من أن تقول له «لا أعرف»، أخرج هاتفك وابحث سريعاً حول بيوض هذه الحشرات على الإنترنت، دعه يستطلع نتائج بحثك معك ويتعرف إلى أنها هذه البيوض ليست سوى بيوض خنفساء الدعسوقة مثلاً. القيام بمثل هذه الحيل البسيطة يحفّز لدى طفلك فضول وحب التعلم.
  • بعد ذلك، التقط صوراً للبيوض واستعرضها مع طفلك، قم بتكبير الصور وتفحّص البيوض عن قرب بدلاً من استخدام العدسة المكبرة. في الواقع، يبدأ الأطفال في سنّ الثانية بإدراك إن كان ما يرونه في الصور موجودٌ في الحياة الواقعية أم لا. ومن خلال تحفيزهم على إجراء هذه المقارنات بين الصور والحياة الواقعية مثلاً، تحفّز لديهم هذه المهارة المعرفية وتنميتها (والتي يمكن بدورها مساعدتهم في اكتساب المزيد من المعارف خلال وقت الشاشة).
  • أخيراً، يمكنك إجراء محادثة بالفيديو مع شخصٍ ما لتعرض عليه اكتشاف طفلك الجديد حول بيوض الخنفساء. فالأطفال يتعلمون من خلال دردشات الفيديو التفاعلية أكثر من المشاهدة التلفزيونية السلبية، وهذا هو الهدف من ذلك، فضلاً عمّ يكتسبه الأطفال من مهاراتٍ في التواصل مع الأصدقاء والعائلة.

علينا النظر إلى الشاشة كصندوق أدوات، وإلى المحتوى الذي تعرضه (مثل التطبيقات والعروض ومقاطع الفيديو، وغير ذلك) على أنها الأدوات نفسها. بالطبع لكل أداة استخدامٌ معين،  وتختلف في جودتها وفعاليتها عن الأدوات الأخرى، إذ أن قيمة كل أداة تعتمد في النهاية على ما نحتاجه منها في وقت معين، وكيف نسخرّها لمساعدتنا في تعزيز وتحسين مهارات وتعلم وحتى سلوكيات أطفالنا كل يوم.

والأهم من ذلك، لا تدع أي شخص -حتى أنت- يجعلك تشعر بالسوء حيال الوقت الذي تقضيه مع أفراد عائلتك أمام الشاشة. علينا كآباء ومقدمي رعاية ألا نشعر بالقلق عندما نعلم أن التكنولوجيا والوسائط ما هي إلا أدوات يمكن استخدامها للترفيه عن أطفالنا، أو تعليمهم أيضاً، كما أنها تمنحنا استراحة مُستحقة عند الحاجة بالفعل. ولنكن صادقين، نحتاج إليها كثيراً هذه الأيام.

اقرأ عن: الإشراف الأبوي على الانترنت

* نُشرت في «ووركنج ماذر»

المحتوى محمي