لنكن صريحين ونقول إن من الرائع رؤية طفل صغير في مشَّاية لها شكل الصحن، لكن الكثير من الناس لا يدركون مدى خطورة هذه المشايات.
فقد نشر أطباء الأطفال مؤخراً دراسة في مجلة طب الأطفال (Pediatrics) تُظهر أن 230,676 طفلاً دون سن 15 شهراً نُقلوا إلى غرفة الطوارئ من عام 1990 إلى عام 2014 بسبب إصابات متعلقة بمشاية الأطفال، وكان أكثر من 90% منها في الرأس، بينما كانت ثلاثة أرباعها بسبب السقوط من على الدرج، وهو حادث كان من المفترض أن تمنعه الشركات المصنعة بتحديث تصاميمها.
وكانت مشكلة إصابات مشاية الأطفال سيئة للغاية، لدرجة أن لجنة سلامة منتجات المستهلك الأميركية قدَّمت أنظمة جديدة لمعالجة 21,000 إصابة وقعت في عام 1990 وحده، أما مشايات الأطفال الثابتة -من النوع الذي يحتوي على الألعاب والدمى لتسليتهم- فقد ظهرت في عام 1994، وفي عام 1997 وضعت اللجنة سياسةً تتطلب من مشاية الأطفال أن تشتمل على إطارات أوسع وآليات للإيقاف؛ وكان الهدف من كلا النظامين هو منع السقوط من على الدرج، وقد حدث انخفاض بنسبة 88% في الإصابات بعد التغييرات التي طرأت عام 1994 حتى عام 2008، وأجرت اللجنة تحديثاً إضافياً في عام 2010 لضمان قيام الشركات المصنِّعة بإجراء اختبار السلامة بشكل مناسب.
ولكن عدد الإصابات ظل ثابتاً تقريباً منذ عام 2002 (بما يزيد قليلاً عن 2000 إصابة في السنة)، وهناك سببان لهذا الأمر تشير إليهما تلك الدراسة الحديثة.
لا يزال هناك مشايات أطفال مختلَّة
حتى إذا لم تكن الشركات المصنِّعة تحاول أن تتحايل على القواعد عمداً، فإن المشايات الجديدة لا تزال تخفق أحياناً؛ حيث يشير مؤلفو الدراسة إلى أن الطريقة الأكثر شيوعاً لتثبيت آلية الإيقاف هي إضافة شرائط للاحتكاك، والتي من المفترض أن تُمسك بالأرض إذا ما تجاوز أكثر من عجلة واحدة إحدى الحواف (كما لو اتَّجه الطفل لأسفل الدرج)، لكن من الممكن أن تصبح شرائط الاحتكاك أقل فاعلية عندما تتآكل وتتراكم عليها الأوساخ مع مرور الوقت، بالإضافة إلى أن نوع الأرضية يمكن أن يؤثر على مدى إمساك الشرائط في المقام الأول، كما أن الأطفال الأقوياء خصوصاً يقدرون على دفع الأرض والتغلب على المكابح على أي حال.
ومن المفترض أيضاً أن تمنع قواعد السلامة عمليات الانقلاب؛ فهي تؤدي إلى إصابة الطفل في رأسه غير المحمي، ولكن 14.77% من الإصابات في هذه الدراسة كانت من السقوط خارج المشاية، بما فيها عمليات الانقلاب.
وهناك أيضاً الكثير من عمليات السحب من الأسواق؛ فقد سحبت الشركات المصنَّعة 10 مشايات في الفترة بين عامَي 2001 و2010؛ وذلك لأنها فشلت في تلبية معايير الوقاية من السقوط من على الدرج، ومن سوء الحظ أن من الممكن أنه لم يتم استبدال الغالبية العظمى من هذه المشايات لأن أحد التقديرات يشير إلى أنه يتم إرجاع أو استبدال 10% فقط من منتجات الأطفال التي يتم سحبها، وقد يرجع ذلك جزئياً إلى أن العديد من العائلات لا تحتاج إلى هذه المشايات إلا لفترة قصيرة؛ لذا فمن الممكن أنهم تخلصوا منها بالفعل في الوقت الذي تتم فيه عملية السحب، ومع ذلك فإن الكثير من العائلات تتناقل منتجات الأطفال، وبالتالي فإن العديد من هذه المشايات القديمة المختلة قد تكون ما تزال موجودة.
اقرأ أيضا:
قد لا يعرف الآباء والأمهات هذه المخاطر، أو يغامرون بها على أي حال
إن الكثير من الآباء والأمهات ما زالوا مستمرين في استخدام المشايات على الرغم من الجهود المبذولة -في تسعينيات القرن الماضي- لتثقيف الناس حول المخاطر المحتملة لها، قد لا يملك بعضهم أي فكرة عن الأمر (نأمل أن يكونوا قد حصلوا عليها الآن!)، ولكن في إحدى الدراسات قال 60% من الآباء والأمهات -الذين أحضروا أطفالهم إلى غرفة الطوارئ بسبب تعرِّضهم لإصابات مرتبطة بالمشايات- إنهم كانوا على علم بالمخاطر سابقاً، وقال الثُّلث منهم إنهم استمروا في استخدام المشاية بعد إصابة طفلهم.
ولم تتناول الدراسة بالضبط سبب استمرار هؤلاء الآباء والأمهات في تعريض أطفالهم للخطر، فربما اعتقدوا أنها كانت حادثة استثنائية، وربما لم يكن لديهم خيار آخر لإلهاء أطفالهم، لكن مثل هذه الأسباب جعلت كندا تحظر جميع أنواع مشايات الأطفال في عام 2004؛ إذ اعتبرت الحكومة أن الاستمرار في استخدامها أمرٌ شديد الخطورة، لا سيما وأنها لا تقدم أي فائدة.
قد تؤدي مشايات الأطفال إلى تأخر البدء في المشي
كان الاتجاه الأصلي لوضع الأطفال في مشايات متحركة صغيرة قد نوَّه إلى حقيقة أن بإمكانها أن تساعد الأطفال على تعلم كيفية التحرك بسرعة أكبر؛ فالأطفال الذين تعلَّموا أن يدفعوا أنفسهم داخل المشاية قد يتعلمون القيام بذلك خارجها أيضاً، ولكن الأبحاث لا ترى إلى ذلك.
كما أن بعض الدراسات تُظهر أن المشايات قد تؤخِّر الوقت الذي يتعلم فيه الأطفال الزحف والمشي؛ إذ وجدت دراسة أجريت في عام 1997 أن الأطفال الذين اعتادوا على استخدامها كانت مهاراتهم الحركية متأخرة لمدة شهر أو شهرين، على الرغم من أن أحد تحليلات التلوي في عام 2017 لم يجد دليلاً كافياً لهذا بطريقة أو بأخرى. ويبدو أن التطور الحركي العام لا يتأثر حتى لو كان هناك تأخير مؤقت، لكن الفكرة القائلة بأن المشاية مفيدة هي بالتأكيد خرافة.
إذا كنت في حاجة إلى مكان لتضع فيه ابنك، فحاول استخدام مشاية ترفيهية ثابتة
ندرك أن الأطفال يتطلبون الكثير من العمل؛ فهم يحتاجون إلى اهتمام لا نهاية له، كما أنهم عرضة للسقوط، وتبدو المشاية طريقة رائعة لإلهائهم والسماح لهم بالحركة، ولكنها ليست الخيار الأفضل. وإذا كنت تريد طريقة لإبعاد طفلك عن التعرُّض للإصابة، فالمشايات الترفيهية الثابتة تعد أكثر أماناً؛ إذ لا توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بالمشايات المتنقلة، كما أن موقفها الرسمي هو حظرها تماماً، وتنظيم برامج مجتمعية "لتشجيع التخلص السليم من المشاية حتى يمكن إتلافها وإعادة تدوير المواد"، وهم يقولون إن مشايات الترفيه الثابتة تعد بديلاً أكثر أماناً، ويجب أن يكون الوالدان على دراية بذلك.
أما إذا كان لديك مشاية للأطفال في الوقت الحالي فيرجى التخلص منها، ويمكنك إعادة تدوير المعدات والألعاب البلاستيكية في العديد من البلديات، ولكن عليك أن تتأكد من تكسيرها أولاً حتى لا تظل قابلة للاستخدام (فأنت لا تريد أن يلتقطها أحدهم من الشارع ويظن خطأً أنها هدية!)، ثم اذهب وأحضِر لطفلك مشاية ثابتة، وكن مرتاح البال.