هل حيوانات الدّعم العاطفي تدعمنا عاطفياً حقاً؟

3 دقائق
حيوانات الدعم العاطفي
shutterstock.com/ oes

لطالما ادّعى البشر وجود فوائد لرفقة الحيوانات؛ ولكن حتى وقت قريب؛ كانت الأبحاث في هذا الموضوع غير متوفرة، فما هي الفوائد التي يمكن أن نجنيها من حيوانات الدعم العاطفي؟

نُشرت في الشهر الماضي أول دراسة علمية خضعت لمراجعة الأقران حول فوائد حيوانات الدعم العاطفي لأولئك الذين يعانون من أمراض عقلية خطيرة؛ مثل القلق المزمن أو الاكتئاب. وجدت الدراسة؛ والتي أجراها باحثون في جامعة «توليدو»، أنه بعد عام واحد من تبني الحيوانات، شهد المشاركون انخفاضاً كبيراً في الاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة.

حيوانات الدعم العاطفي

على عكس حيوانات تقديم الخدمة للمعاقين جسدياً؛ لا تحتاج حيوانات الدعم العاطفي إلى تدريب رسمي أو شهادة. مع ذلك؛ لا يزال المتخصصون في الرعاية الصحية يقرون رسمياً بضرورة وجود هذه الحيوانات رسمياً من الناحية العلاجية للأشخاص الذين يعانون من ظروف معينة؛ مثل القلق أو الاكتئاب أو الإدمان؛ والتي تعتبر إعاقات عقليةً بموجب قانون الإسكان العادل.

تقول «جانيت هوي-غيرلاخ»؛ الحاصلة على درجة الدكتوراه والعاملة الاجتماعية المستقلة والمرخصة، وأستاذة العمل الاجتماعي في جامعة توليدو، و الباحثة الرئيسية في الدراسة الجديدة: «تُظهر هذه الدراسة أن حيوانات الدعم العاطفي يمكن أن تعلب دوراً مهمّاً يتمثّل في أن تكون شريكةً في صحتنا ورفاهنا».

ضمّت الدراسة المشاركين من خلال برنامج «ذا هوب آند ريكوفيري بت»؛ وهي مبادرة تسعى لوضع الحيوانات الشاردة في منازل البشر كحيوانات دعم عاطفي. تم تطوير البرنامج في عام 2010 من قبل هوي-غيرلاخ؛ وهو عبارة عن شراكة بين منظمة «ذا هيومين سوسايتي» و شركة «بروميديكا»؛ وهو نظام رعاية صحية كبير ينشط الآن في 28 ولاية.

تقول هوي-غيرلاخ: «أفضل جزء في البرنامج هو أنه ذو شقين، فهو يفيد صحة الناس، ويؤوي الحيوانات في منازل جيدة ومُحبّة».

جميع المشاركين في الدراسة كانوا من ذوي الدخل المنخفض، وكانوا يعانون من أمراض عقلية مزمنة، كما كانوا يعيشون بمفردهم. فحصت منظّمة ذا هيومين سوسايتي المرشحين وأجرت زيارةً منزليةً قبل تخصيص حيوانات لهم لضمان سلامة الحيوانات.

قبل أن يتبنى المشاركون قطة أو كلباً، خضعوا لاختبار تقييم للقلق والاكتئاب والوحدة. جمع الباحثون أيضاً عينات من لعاب المشاركين لقياس ثلاث مؤشرات حيوية للتوتر والقدرة على الارتباط العاطفي:

  • الأوكسيتوسين؛ والمعروف أيضاً باسم «هرمون الحب». يفرزه الدماغ أثناء الارتباط العاطفي مع الآخرين، وهو السبب الذي يجعلنا نشعر بمشاعر الدفء الجميلة عندما نكون مع الأشخاص الذين نحبّهم.
  • الكورتيزول؛ هرمون التوتر الأساسي. يزيد التعرض المفرط المستمر للكورتيزول من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق وأمراض القلب، وغيرها من الأمراض.
  • ألفا أميليز؛ إنزيم موجود في اللعاب يمكن أن يشير أيضاً إلى مستويات التوتر.

تابع الباحثون حالة المشاركين بعد شهر و 3 أشهر، و 6 أشهر، و 9 أشهر، و 12 شهراً. في كل متابعة، قام الباحثون بجمع عينات من اللعاب، ثم جعلوا المشاركين وحيوانات الدعم العاطفي الخاص يتفاعلون لمدة 10 دقائق؛ سواء كان ذلك في التربيت أو اللعب أو التحدث. بعد التفاعل القصير، جمّع الباحثون مجموعةً أخرى من عينات اللعاب.

بعد مرور 12 شهراً، خضع الجميع لنفس الاختبار النفسي مرة أخرى لتقييم صحتهم العقلية. لم تجد الدراسة فقط أن المشاركين لديهم مستويات أقل بشكل ملحوظ من القلق والاكتئاب بعد عام واحد من التبني؛ ولكن المشاركين كانوا أيضاً يعانون من مستويات أقل من الوحدة.

مع ذلك؛ لم تكن هناك تغييرات مقابلة في المؤشرات الحيوية الثلاثة للعاب. على الرغم من أن هوي-غيرلاخ تقول إن هناك نمطاً ثابتاً في زيادة الأوكسيتوسين وانخفاض الكورتيزول بعد تفاعل المشاركين مع حيواناتهم الأليفة لمدة 10 دقائق؛ إلا أن هذه التغيّرات لم تكن مهمّة إحصائياً.

خطرت فكرة الدراسة على بال هوي-غيرلاخ في وقت مبكر من حياتها المهنية في العمل الاجتماعي عندما أجرت تقييمات المخاطر للأشخاص الذين يفكرون في الانتحار. كان إحدى الأسئلة العديدة التي طرحتها: «ما الذي منعك من التصرف بناءً على هذه الأفكار؟»

تقول هوي-غيرلاخ: «كانت أغلب الإجابات مثل 'لم أستطع فعل ذلك لأولادي'، أو 'هذا الأمر يتناقض مع معتقداتي'»، وتضيف: «لكنني أيضاً تلقيت ردوداً بانتظام على غرار 'لا أريد أن أترك حيواني الأليف وحده'».

بصفة هوي-غيرلاخ محبة للحيوانات؛ كانت تلك الإجابات منطقية؛ لكن بصفتها محترفة في مجال الصحة العقلية، أدركت أن أياً من تدريباتها أو تعليمها لم يذكر الحيوانات كوسيلة لحماية صحة الإنسان والحفاظ عليها على الإطلاق.

تقول هوي-غيرلاخ: «ومع ذلك، فإن الأشخاص الذين كنت أتحدث معهم كانوا يشيرون إلى حيواناتهم الأليفة باعتبارها السبب وراء بقائهم على قيد الحياة»، وتضيف: «هذا شيء رائع حقاً؛ أن تُبقي شخصاً ما على قيد الحياة».

افتقرت الدراسة الحالية إلى مجموعة مرجعية، كما كان حجم العينة صغيراً، لذلك لا يمكن للباحثين إجراء تعميمات واسعة وحاسمة بناءً عليها؛ لكن هوي-غيرلاخ تفيد بأن هذه الدراسة يمكن أن تمهّد الطريق للعديد من الدراسات؛ إذ تقول: «آمل أن تحفز [هذه الدراسة] المزيد من الأبحاث التي تتسم بأساليب أكثر صرامةً حتى نتمكن من فهم واستغلال الفوائد التي يمكن الحصول عليها من خلال حيوانات الدعم العاطفي بشكل أفضل».

يمكنكم الاطلاع على النسخة الإنجليزية من المقال من «بوبيولار ساينس» من هنا، علماً أن المقال المنشور باللغتين محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي