بالتأكيد تمنيّت لو أنك تستطيع معرفة ماذا يدور في رأس القطط والكلاب، خاصة لو كانت حيواناتك الأليفة. سيعطيك ذلك وجهة نظر أفضل بكثير للعالم، أو على الأقل سيجعلك مربٍّ أفضل للحيوانات. نريد هنا أن نكشف عن بعض خبايا الحيوانات، وأن نعطيك بعض النصائح حول تربيتها.
خذ صورة سريعة مع لكلبك أو قطتك، وسترى أن أعينهم تضيء بطريقة رائعة ومخيفة بنفس الوقت. هذا الضوء الغريب يأتي من طبقة في أعين هذه الحيوانات اسمها «البِساط»، وهي تعكس الضوء مما يساعد هذه الحيوانات على رؤية كميات قليلة من الضوء بكفاءة أعلى بكثير من أعيننا البشرية. في الحقيقة، تستشعر حيواناتنا الأليفة العالم بطريقة مختلفة جداً عنّا.
تعلمنا في طفولتنا أن الكلاب والقطط تعاني من «عمى الألوان» أو ترى العالم «بالأسود والأبيض» فقط، ولكن هذا ليس صحيحاً كلياً. تقول «كاثرن هوبت»، أستاذ في كلية كورنيل للطب البيطري: «هذه الحيوانات لا يمكنها رؤية كل الألوان التي نراها نحن. وعلى ما يبدو، فهي ترى العالم في تدرّجات من الأزرق والأصفر».
من وجهة نظر فيزيولوجيّة، تعود الرؤية المميزة إلى وجود أنواع من المستقبلات الضوئية في العين نفسها. تشرح هوبت: «لأن الكلاب والقطط هي حيوانات مفترسة، فلا تضطر لأن تميّز بين التدرجات المتشابهة. وكأوليّات، فنحن نضطر لأن نعرف إذا كانت ثمرة الكاكي تلك ناضجة أم لا. نحن أمهر في تمييز الألوان بسبب حاجتنا لأن نختار الطعام المناسب». بعبارة أخرى، بالنسبة للقطط والكلاب فإن أرنباً رمادي اللون شهي بقدر الأرنب بني اللون.
عندما يتعلق الموضوع بوضوح الرؤية، فيملك البشر أفضلية على الكلاب والقطط. إذا كان الكلب قادراً على تمييز جسم على مسافة 6 أمتار تقريباً؛ فإن الإنسان يستطيع تمييزه على بعد 18 متراً. يزيد الفرق هذا في حالة القطط، إذ ما يمكن أن تراه قطة على بعد 6 أمتار، يستطيع البشر رؤيته على بعد 30 أو 60 متراً. لم تتطور حيواناتنا الأليفة لمعالجة الصور الدقيقة للعالم حولهم.
مع ذلك، تمتلك هذه الحيوانات أفضلية عندما يتعلق الموضوع بإدراك الحركة، وهي مهارة تطورت لتساعدهم على التقاط فرائسهم سريعة الحركة. بينما تعاني معظم الكلاب والقطط في تحديد موقع الأجسام الساكنة القريبة منها، فهي تستطيع تتبّع الحركات على بعد نصف كم تقريباً، حتى لو كانت الحركة خفية نسبياً.
كما تستطيع الكلاب والقطط رؤية العديد من الأشياء في الوقت نفسه بكفاءة أعلى من البشر. بينما يبلغ مجال رؤيتنا حوالي 180 درجة، فإن أعين القطط والكلاب يمكنها أن تبرز قليلاً إلى الخارج، وأن توسّع مجال رؤيتها المحيطية ليتجاوز 200 درجة. وحتى لو لم يكونوا قادرين على تحديد ماهيّة الجسم المتحرك، فسيعرفون أن هناك شيء ما يتحرك مع ذلك.
قد يختلف مجال الرؤية من نوع لآخر من الكلاب. فمثلاً، يمتلك كلب «البلدغ» خطماً صغيراً نسبياً مقارنة بأنواع أخرى، حيث يفيده عند مراقبة الأجسام القريبة، ويعطيه مجالاً أوسع للرؤية.
إحدى الأفكار الشائعة والصحيحة هي أن الكلاب والقطط يرون في العتمة بشكلٍ جيد جداً، ويعود ذلك جزئياً إلى أن طبقة البساط -سابقة الذكر- تعكس الضوء على مستقبلاته في عيونهم. تقول هوبت: «هم لا يستطيعون الرؤية في الظلام التام بطريقة أفضل منا، ولكن في ظروف الإضاءة الخفيفة، فهم يستطيعون الرؤية بشكلٍ أفضل»، ويعود ذلك إلى أن أعينهم تحتوي على عدد أكبر من العصي مقارنة بنا -من 6 - 8 أضعاف بالنسبة للقطط-، ما يعني أنها قادرة على تشكيل صور مفيدة باستخدام كميات أقل من الضوء.
ليس هذا كل شيء. إذ حينما تأخذ بعين الاعتبار كل الأفضليات والعيوب المتعلقة بنظر الكلاب والقطط، فلا يجب تجاهل الطريقة التي تتفاعل فيها هذه الحاسة مع الحواس الأخرى أيضاً.
تستطيع القطط أن تتحسس الترددات فوق الصوتية التي تصدرها فرائسها عادة، مما يسمح لها بالاستمرار بمطاردتها لفترة أطول، حتى ولو خرجت الفريسة من مجال إبصارها. يمكنها أيضاً استخدام حاسة الشم كطريقة أساسية للتعرف على الأشخاص. تقول هوبت: «عندما تأخذ قطة إلى الطبيب البيطري، قد لا تتعرف عليها قطتك الأخرى لأن رائحتها تشبه رائحة أشخاص آخرين. وإذا غبت عنها لفترة، فقد لا تتعرف عليك القطة إلا بعد أن تشمك جيداً. وإذا غيرت الشامبو خاصتك خلال فترة غيابك، فستقع في مشكلة».
تمتلك الكلاب حاسة شم حادة أيضاً. مثل القطط وأنواع أخرى من الحيوانات، فهي تمتلك عضواً اسمه العضو «الميكعي الأنفي» كجزء من أجهزتها الشميّة التي تختص بحاجاتها الشميّة. يساعد هذا العضو الحيوانات في التواصل عبر الروائح، ويقوّي لديهم حاسة الشم. وتبعاً للنوع، يمكن أن تفوق كفاءة حاسة الشم لدى الكلاب نظيرتها عند الإنسان بـ 1000 - 10000 مرة.
باستخدام هذه الأفضليات، لا تحتاج الكلاب والقطط الاعتماد على أبصارها للتجول في العالم. لكن مع ذلك، فإن عيوبها البصرية قد تشكل بعض المشاكل بالنسبة للبشر الذين يريدون تدريب حيواناتهم على خدع جديدة. تقول هوبت: «بسبب الطريقة التي ترى فيها الكلاب الألوان، فالكلاب ليست ماهرة في تمييز إشارات المرور. وهذا يصبح مشكلة عند تدريب كلاب إرشاد المكفوفين. ولهذا يجب تعليمها أن الضوء الأصفر الغامق يعني يجب التوقف». في عالم مثالي، يجب أن تمتلك الإشارات المرورية رائحة من نوعٍ ما لتساعد الكلاب على تحديد الوقت المناسب للمشي.