هل تخشى إصابة قطتك أو كلبك بإنفلونزا الطيور؟ اتبع النصائح التالية

7 دقيقة
 القطط معرضة على نحو خاص للإصابة بفيروس (H5N1).

يستمر نوع فرعي من إنفلونزا الطيور، وهو نوع معروف باسم آتش 5 إن 1 (H5N1)، في الانتشار بين الحيوانات البرية والأبقار الحلوب والطيور الداجنة وبعض الحيوانات الأليفة في سلسلة من موجات التفشي العالمية التي بدأت عام 2020. اكتُشف هذا الفيروس الشديد العدوى أول مرة في الطيور البرية الأميركية في عام 2022، وأدى منذ ذلك الحين إلى القتل الرحيم لأكثر من 166 مليون طائر من الطيور الداجنة وأصاب 1,000 قطيع من الماشية تقريباً. وقد أصابت هذه السلالة الفيروسية أيضاً المئات من الثدييات الأخرى في أنحاء البلاد كافة، وفقاً لبيانات المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

منذ عام 2022، ثمة 70 حالة إصابة بشرية مؤكدة في الولايات المتحدة، حيث يتركّز معظمها بين عمال المزارع. وقد توفي شخص واحد في ولاية لويزيانا بعد الإصابة بالعدوى إثر التعرض للفيروس عن طريق قطيع دجاج في الفناء الخلفي لمنزله. لا توجد حالات موثقة لانتشار العدوى بين البشر، وتعتبر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها حالياً أن خطر هذا الفيروس على عامة الناس منخفض.

على الرغم من ذلك، أثار الفيروس حالة من الخوف والارتياب، وقد تجسد ذلك في الآونة الأخيرة بين أصحاب الحيوانات الأليفة والأطباء البيطريين مع ظهور القطط المنزلية بين ضحايا التفشي المستمر.

تقول الطبيبة البيطرية ورئيسة الجمعية الأميركية للطب البيطري (AVMA)، ساندرا فايه، لمجلة بوبيولار ساينس: "نحن على علم بمخاوف أطبائنا. فالناس يسألون ويساورهم القلق".

كيفية فهم المخاطر التي تتعرض لها الحيوانات الأليفة

حتى 6 آذار/مارس، أصيب أكثر من 100 من القطط المنزلية بالعدوى منذ عام 2022. كما أصيبت القطط البرية مثل الوشق والنمور الأسيرة بالمرض. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن عدد القطط الأليفة والشاردة في الولايات المتحدة يبلغ العشرات من الملايين، فإن الحالات المؤكدة لا تزال نادرة للغاية. يقول عالم الفيروسات في كلية الطب البيطري بجامعة ويسكونسن-ماديسون، بيتر هافمان: "كما هي الحال مع البشر، فإن خطر إصابة الحيوانات الأليفة بفيروس (H5N1) منخفض نسبياً" خارج المَزارع.

غير أن فيروس (H5N1) يتميز بتأثير شديد، وغالباً ما يكون مميتاً للسنوريات. تقول الباحثة المختصة بالأمراض المعدية في جامعة ميريلاند، كريستن كولمان، لمجلة بوبيولار ساينس: "يبلغ معدل الوفيات لدى القطط المنزلية عند الإصابة بهذه السلالة الفيروسية المنتشرة حالياً 90% تقريباً". ويستند ذلك إلى البحث الذي أجرته كولمان بنفسها عن عدوى إنفلونزا الطيور بين القطط، والذي لم يخضع بعد لمراجعة الأقران.

اقرأ أيضاً: كيفية التعامل مع القطط الجديدة في المنزل

تتباين الأعراض التي تظهر على القطط، ولكنها غالباً ما تشمل فقدان الشهية والحمى والخمول. وقد تظهر أيضاً أعراض شبيهة بالزكام مثل سيلان الأنف وظهور أوساخ حول العينين. علاوة على ما سبق، ثمة علامات عصبية شائعة أيضاً، وقد يبدو القط المصاب بإنفلونزا الطيور مشوشاً أو يعاني الارتعاش، أو يدور حول نفسه بصورة متكررة. تحث فايه على "الاتصال بطبيبك البيطري إذا لاحظت أي شيء غريب".

يمكن للكلاب وغيرها من الحيوانات الأليفة أن تصاب بإنفلونزا الطيور (H5N1) أيضاً. وعلى حين لم تُسجل أي حالات إصابة بين الكلاب الأليفة في الولايات المتحدة خلال موجة التفشي هذه، فإن أحد الكلاب الأليفة أصيب بمرض قاتل في كندا عام 2023 بعد أن أكل من جيفة إوزة مصابة. من الناحية النظرية، تُعد الطيور الأليفة معرضة للإصابة بالفيروس، كما هي الحال مع الطيور البرية. وقد أثبتت الاختبارات إصابة القوارض مثل الفئران والجرذان بهذا الفيروس. يمكن أن تصاب الأرانب البرية بالعدوى أيضاً، ولهذا، من المرجح أن يكون العديد من الحيوانات الأليفة الصغيرة معرضاً للخطر من الناحية العملية.

ومع ذلك، وبصرف النظر عن الطيور الداجنة والماشية، فقد ثبت أن القطط الأليفة هي الحيوانات الأليفة الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس. ومن المرجح أن السبب يُعزى إلى كل من السلوك وعلم الأحياء.

ما الذي يجعل القطط عرضة للإصابة بالفيروس إلى هذه الدرجة؟

أولاً، قد يكون فيروس (H5N1) أكثر مهارة في التسلل والتناسخ داخل خلايا السنوريات مقارنةً بخلايا الثدييات الأخرى، كما توضح كولمان قائلة: "قد يكون هناك شيء مختلف وفريد من نوعه في بنيتها التشريحية والفيزيولوجية، ونحن لا نعرف طبيعة هذا الشيء بالضبط".

لقد تطورت إنفلونزا الطيور بصورة رئيسية لتتكيف مع أجسام الطيور، وهي سريعة الانتشار وشديدة الضراوة على وجه الخصوص بين الطيور الداجنة والمائية. أما قدرتها على إصابة الثدييات فتعتمد، جزئياً، على وجود نوع معين من مستقبلات الخلايا التي تمتلكها الطيور أو غيابه. ويمكن أن تختلف أعراض المرض وشدته تبعاً للأنسجة التي تحتوي على هذا المستقبل. فالأبقار، على سبيل المثال، تحتوي على تراكيز عالية من مستقبلات الخلايا الشبيهة بما يوجد لدى الطيور في ضروعها، لكن ليس في رئتيها. ولعل هذا هو سبب قدرة الفيروس على الانتشار من خلال معدات الحلب، وسبب عدم ظهور الأعراض التنفسية المعتادة على الأبقار المصابة بالمرض، وسبب طرح الأبقار كميات كبيرة من الفيروس في حليبها.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف أسباب الخدش لدى القطط 

تشير كولمان إلى أن القطط تحمل مستقبلات لكل من فيروسات إنفلونزا الطيور والإنفلونزا البشرية في مجاريها التنفسية. وهذا يعني أن القطط يمكن أن تصاب بكل من إنفلونزا الطيور والإنفلونزا البشرية في الوقت نفسه، ما يجعل أجسامها بيئة مثالية لمزيج فيروسي خطير. إن قابلية الإصابة بعدة أنواع من الفيروسات هي السبب نفسه الذي يجعل علماء الأوبئة يهتمون في كثير من الأحيان بموجات تفشي الفيروسات بين الخنازير على وجه التحديد، حيث تشترك الخنازير مع القطط في السمة ذاتها. تمتلك الكلاب أيضاً مستقبلات لفيروس (H5N1) في مجاريها التنفسية. ومع ذلك، فإن المستقبلات ليست العامل المؤثر الوحيد، وثمة عوامل جزيئية أخرى مؤثرة، مثل معدلات التناسخ داخل الخلايا. يقول هافمان إن الاختلافات في الجينات أو الاستجابة المناعية قد تؤدي دوراً في قابلية الإصابة على وجه الخصوص لدى القطط.

من المحتمل أيضاً أن تكون القطط أكثر عرضة لخطر الإصابة بسبب نمط حياتها. حيث يُسمَح للقطط الأليفة بالتجول خارج المنزل دون إشراف يُذكر أكثر مما يُسمح للكلاب بكثير، فضلاً عن أن القطط أكثر ميلاً إلى الصيد والبحث عن الطعام.

كيف تتعرض القطط الأليفة للعدوى؟ 

تقول كولمان إنه في موجات تفشي إنفلونزا الطيور السابقة، كان هناك العديد من الحالات الموثقة لانتقال المرض بين السنوريات، لكن يبدو أن الابتلاع عبر الفم هو المسار الرئيسي لتعرض الحيوانات الأليفة للفيروس في موجة التفشي الحالية. فإذا اصطاد قط شارد طائراً مصاباً أو قارضاً مصاباً، فقد يؤدي ذلك إلى إصابته بالمرض.

أيضاً، يُعد التعرض للحليب النيئ أو اللحوم غير المطبوخة والمصابة بالعدوى أحد عوامل الخطر الرئيسية. ففي المزارع، قد تتمكن القطط من الوصول عن غير قصد إلى الحليب غير المبستر، ما يؤدي إلى إصابتها بالمرض. أما خارج المزارع، فيختار بعض مالكي الحيوانات الأليفة إطعام حيواناتهم منتجات الألبان واللحوم النيئة. إن الجمعية الأميركية للحيوانات الأليفة (AVMA) توصي بتجنب إطعام الكلاب والقطط وجبات نيئة نظراً لخطر الإصابة بمسببات الأمراض المتعددة. وتقول فايه إن انتشار فيروس (H5N1) يزيد المخاطر المرتبطة بهذه الممارسة.

منذ فترة وجيزة، عمدت شركة أغذية الحيوانات الأليفة وايلد كوست المحدودة المسؤولية (Wild Coast LLC) إلى توسيع نطاق عملية سابقة لسحب منتج يتضمن طعاماً نيئاً مخصصاً للقطط. صدر قرار سحب المنتج من الأسواق في بادئ الأمر في شباط/فبراير، بعد أن أصيبت عدة قطط أليفة في ولاية أوريغون بمرض شديد وانتهى بها المطاف إلى القتل الرحيم. حيث أكدت الاختبارات وجود إنفلونزا الطيور في عبوة لطعام القطط من إنتاج الشركة تتضمن وصفة دجاج نيئ منزوع العظام (Wild Coast Raw Boneless Free Range Chicken Formula) في المنزل. ومنذ ذلك الحين، وسعت الشركة نطاق عملية السحب لتشمل المزيد من المنتجات. وقد ثبت ارتباط منتجين آخرين على الأقل من أطعمة الحيوانات الأليفة النيئة من شركتين مختلفتين، وهما "مونارك رو بيت فود" (Monarch Raw Pet Food) ونورث ويست ناتشورالز (Northwest Naturals)، بوفيات القطط في الأشهر الخمسة عشر الماضية.

تقول فايه إن مصادر العدوى قد تشمل أيضاً ملامسة الحيوانات النافقة حتى وإن لم يأكل منها الحيوان الأليف، وبراز الحيوانات المصابة، والأسطح والأشياء الملوثة (تُسمى أداة العدوى [fomite]). وقد وثق تقرير حديث لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها حالتي إصابة بالمرض عند قطط مقيمة بالكامل في منازل عمال الألبان، حيث لم يبلغ البشر أنفسهم عن إصابتهم بأي أعراض مرضية. من المحتمل أن تكون القطط قد تعرضت للعدوى عن طريق الأحذية أو الملابس. لكن لحسن الحظ، فإن العوامل المذكورة أعلاه كلها تقع ضمن سيطرة مالكي الحيوانات الأليفة. تقول فايه: "ثمة أشياء يمكننا فعلها للمساعدة على تخفيف المخاطر".

كيف تحافظ على سلامة حيواناتك الأليفة؟

أولاً وقبل كل شيء، توصي كولمان بإعادة النظر في إطعام الحليب النيئ أو اللحم النيئ للقطط أو الكلاب، وتقول: "أقترح إيقافها عن تناول الطعام النيئ في الوقت الحالي". وتضيف قائلة إنه إذا فُرضت شروط تتعلق بإجراء اختبارات على أطعمة الحيوانات الأليفة، فقد تصبح الأطعمة النيئة أكثر أماناً في المستقبل.

ثانياً، قلّل الوقت الذي تقضيه قطتك في الهواء الطلق. فإذا كانت هناك موجات تفشٍّ معروفة في منطقتك منتشرة عبر البراري أو المزارع، فإن إبقاء قطتك في الداخل (أو الإشراف عليها في أثناء وجودها في الخارج على الأقل) هو أفضل وسيلة لتقليل خطر العدوى، على حد قول فايه، وتقترح قائلة: "إذا كانت لديك قطة معتادة على الخروج، فسيكون الأمر صعباً بعض الشيء. حاول أن تصطحبها في نزهات وهي مقيدة برسن، فبعض القطط تتقبل الرسن على نحو جيد للغاية. أما إذا لم تتمكن من فعل ذلك، فاجعل البيئة المحيطة بها في الداخل غنية بالعوامل المحفزة والجذابة".

أيضاً، وبعد كشف إصابة الفئران والجرذان بإنفلونزا الطيور، آن الأوان للعمل على مكافحة القوارض ومنعها من الدخول إلى منزلك.

إذا كانت لديك طيور داجنة في الفناء الخلفي لمنزلك، فإن تطبيق تدابير الأمن الحيوي يمكن أن يساعد على الوقاية من إصابة طيورك وحيواناتك الأخرى بالمرض. يجب على مالكي أسراب الطيور الداجنة أن يحاولوا إبقاء المنطقة المخصصة لها مغطاة لتقليل الخطر الناجم عن توقف الطيور البرية العابرة في المنطقة أو طرح فضلاتها فيها. وتقول فايه إنه يجب على مربي الطيور الداجنة أيضاً أن يقللوا إلى أدنى حد ممكن من تعرض طيورهم لأي احتكاك إضافي مع البشر والحيوانات.

يجب على من يربّون الدجاج أو الطيور المائية في الفناء الخلفي أن يغيروا ملابسهم وأحذيتهم بعد العمل في القن أو حظيرة الطيور المفتوحة لتجنب النقل المحتمل لمسببات الأمراض إلى المنزل، على حد قول هافمان. ويقول: "احتفظ بزوج منفصل من الملابس التي يمكنك التبديل بينها". كما يوصي بارتداء كمامة عند تنفيذ مهام أكثر اتساخاً مثل جرف مواد قديمة تغطي وجه الأرض. ويضيف قائلاً إن غسل اليدين جيداً أو استخدام معقم لليدين يحتوي على كحول بنسبة 70% بعد التعامل مع أي حيوان فكرة جيدة دائماً.

إذا رأيت طائراً مريضاً أو نافقاً -سواء كان برياً أم داجناً- فاتصل بالإدارة المحلية للموارد الطبيعية أو وكيل وزارة الزراعة المحلي، واتبع الإرشادات الرسمية بشأن الإبلاغ عن هذه الحيوانات والتخلص منها بصورة صحيحة. وفي نهاية المطاف، فإن حماية حيواناتك الأليفة من إنفلونزا الطيور تعني حمايتك أيضاً من هذا المرض. ففي موجة تفشٍّ سابقة لفيروس إنفلونزا الطيور من نوع قريب للغاية من النوع الذي يتحدث عنه المقال، جرى تتبع إصابة بشرية واحدة على الأقل وهي مرتبطة بقطة مريضة. وفي موجة التفشي الحالية، من المحتمل أن تكون قطة قد نقلت الفيروس إلى مراهق في المنزل نفسه. وكلما قلت الفرص المتاحة للفيروس حتى يصيب كائنات مضيفة جديدة ويتنقّل بين الأنواع المختلفة، كان ذلك أفضل لنا جميعاً، سواء كنا بشراً أم حيوانات.

المحتوى محمي