ابتكار طبي يساعد على مراقبة مستويات السكر في الدم لدى الحيوانات الأليفة

لماذا يحتاج حيوانك الأليف إلى جهاز لمراقبة مستوى السكر في الدم؟
تُشخص إصابة 1 من كل 300 كلب وقطة بمرض السكري. ديبوزيت فوتوز

طُورت أجهزة الاستشعار الطبية الصغيرة، التي تسمى "أجهزة المراقبة المستمرة لمستوى الغلوكوز في الدم" (CGMs)، في البداية لتتبع مستويات السكر في الدم لدى الأشخاص المصابين بمرض السكري. لكنها توسعت مؤخراً لتشمل عدة استخدامات أخرى؛ إذ إنها لم تعد مخصصة للبشر فقط. يعيد الأطباء البيطريون توظيف هذه الأجهزة لمراقبة الحيوانات الأليفة والمساعدة في ضبط مستوى السكر في الدم باستخدام الأدوية.

انتشار مرض السكري بين الحيوانات

ينتشر مرض السكري بصورة شائعة بين الكلاب والقطط، ويصيب 1 من كل 300 حيوان تقريباً. يقول الطبيب البيطري المتخصص في مرض السكري في جامعة فلوريدا، كين غيلور (Chen Gilor): "لا تقتصر التحديات التي تواجه علاج مرض السكري لدى الحيوانات الأليفة على قدرة هذا المرض على الانتشار، لكنها تشمل العبء الذي يترتب على العناية بهذه الحالات". تحتاج الحيوانات المصابة بداء السكري إلى أدوية يومية مثل الإنسولين، ما يتطلب مراقبة منتظمة لضبط الجرعات على نحو صحيح.

يمكن أن يكون ذلك صعباً بالنسبة للأطباء البيطريين وأصحاب هذه الحيوانات. يقول غيلور الذي يدرس مرض السكري لدى الحيوانات، ويعمل مع العديد من شركات الأدوية التي تصنع منتجات لعلاج مرض السكري: "كيف يمكن تسهيل أساليب المراقبة والرعاية؟". ويضيف إن أجهزة المراقبة المستمرة لمستوى الغلوكوز في الدم يمكن أن تقدم بديلاً فعالاً.

المراقبة المستمرة لنسبة السكر في الدم لدى الحيوانات الأليفة ضرورية

يستخدم الأطباء البيطريون تقنية تقليدية لقياس مستويات السكر في الدم لدى الحيوانات الأليفة، تسمى هذه التقنية "منحنيات الغلوكوز" (glucose curves)؛ إذ يأخذ الأطباء البيطريون عينات من الدم بصورة دورية على مدار 12 ساعة تقريباً ويرسمون البيانات يدوياً. ربما لا تعطي هذه الأداة، التي تتطلب جهداً كبيراً، صورة دقيقة لمستويات الغلوكوز الطبيعية؛ لأن المواقف التي تسبب القلق لدى الحيوانات الأليفة، مثل ذهابها إلى الطبيب البيطري، تؤثر على نسبة السكر في الدم.

تقول الطبيبة البيطرية في جامعة بوردو، والمتخصصة في أمراض الغدد الصماء لدى الحيوانات الصغيرة، كاثرين سكوت مونكريف (Catharine Scott-Moncrieff): "إنه أمر مرهق ومكلف، بالإضافة إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في وجود الكثير من التغيرات". يختلف مستوى السكر في الدم يومياً، لذلك يصعب على الأطباء البيطريين اتخاذ قرارات بشأن العلاج بناءً على البيانات التي تُجمع خلال فترة زمنية قصيرة. نظراً لأن أجهزة المراقبة المستمرة تقيس مستويات الغلوكوز كل بضع دقائق، فإنها يمكن أن تمنح الأطباء البيطريين فهماً أفضل لتقلبات مستوى الغلوكوز والقيم المتوسطة اليومية.

اقرأ أيضاً: ما الأطعمة التي يجب ألّا تتناولها حيواناتك الأليفة؟

أجهزة مراقبة سكر الدم لدى الحيوانات

تتكون أجهزة المراقبة من جزأين أساسيين: قطب كهربائي مغطى بالإنزيمات، يمكن إدخاله تحت الجلد بواسطة إبرة توجيهية، وجهاز استشعار يبلغ طوله 2.5 سنتيمتر، يُثبّت على منطقة حليقة من الجلد على ظهر الحيوان الأليف. بدلاً من قراءة نسبة السكر في الدم مباشرة، يقيس القطب نسبة الغلوكوز في السائل الخلالي، وهو السائل المحيط بخلايا الجسم، والذي يتأخر قليلاً في الاستجابة للتغيرات التي تحدث في مستوى السكر في الدم.

يثبّت الأطباء البيطريون عادة الأجهزة في مكاتبهم، ثم يرسلون الحيوانات الأليفة إلى المنزل، حيث تجمع أجهزة مراقبة الغلوكوز البيانات، وتنقلها إلى هاتف ذكي أو جهاز المراقبة عبر تقنية البلوتوث.

تستمر أجهزة الاستشعار بالعمل عادة مدة تصل إلى أسبوعين، شريطة ألا تتعرض للخدش قبل ذلك الوقت. (حتى لو نزع الحيوان الأليف الجهاز، فإن الأقطاب الكهربائية تكون رقيقة جداً ولا تسبب أي ضرر). يقول غيلور: "لا تنزعج الكلاب من وجود هذه الأجهزة على أجسامها، بينما تكون القطط أقل تحملاً وراحة لوجودها". ربما تضطر الحيوانات الأكثر عصبية وانفعالية إلى ارتداء سترات خاصة لمنع إزالة هذه الأجهزة.

تسهّل أجهزة المراقبة المستمرة لمستوى الغلوكوز عمل الأطباء البيطريين وأصحاب الحيوانات في رعاية هذه الحيوانات الأليفة المصابة بالسكري.
تسهّل أجهزة المراقبة المستمرة لمستوى الغلوكوز عمل الأطباء البيطريين وأصحاب الحيوانات في رعاية هذه الحيوانات الأليفة المصابة بالسكري. ليندا فليمان/ مرض السكري الحيواني في أستراليا

تقول مونكريف: "تكون أجهزة المراقبة المستمرة للغلوكوز مفيدة للغاية في المرحلة الأولية لتحديد جرعات الإنسولين، لا سيما لدى الحيوانات التي شُخصت إصابتها حديثاً". بعد ذلك، يمكن للأطباء البيطريين تركيب جهاز استشعار جديد كل بضعة أشهر للتحقق من حالة الحيوان الأليف ومعرفة إذا ما كانت توجد حاجة إلى إجراء أي تعديلات.

يسلط غيلور الضوء أيضاً على مدى كفاءة تنظيم مستوى السكر في الدم لدى الحيوانات الأليفة باستخدام أجهزة المراقبة. يقول: "ربما يستغرق ضبط مستوى السكر في الدم لدى الكلاب والقطط باستخدام منحنيات الغلوكوز عدة أشهر، لكن يمكن للأطباء البيطريين ضبط جرعات الإنسولين إلى المستويات المناسبة في غضون أسابيع عند استخدام أجهزة المراقبة المستمرة لمستويات الغلوكوز".

اقرأ أيضاً: متى تفطم القطط صغارها وكيف؟

على الرغم من أن هذه الأجهزة أصبحت شائعة في مجال الطب البيطري، لكنّ الأجهزة المخصصة للحيوانات غير متوفرة حالياً في الأسواق. بدلاً من ذلك، يستخدم الأطباء البيطريون أجهزة المراقبة المستمرة للغلوكوز المخصصة للاستخدام البشري على الرغم من عدم وجود موافقة رسمية. تقول مونكريف إن أجهزة فري ستايل ليبري (Freestyle Libre) من شركة أبوت (Abbott) هي الأكثر شهرة وانتشاراً.

تُباع أحدث نسخة من الجهاز بسعر 75 دولاراً للجهاز الواحد، وذلك في حال عدم توفر تأمين صحي. (على سبيل المقارنة، ربما يكلف تحليل منحنى الغلوكوز أكثر من 100 دولار).

وجد العديد من الدراسات التي أُجريت على أجهزة فري ستايل ليبري على الكلاب والقطط أن الجهاز يقيس مستويات السكر الطبيعية والمرتفعة في الدم بطريقة موثوقة، على الرغم من أنه أظهر تبايناً أكبر بالنسبة للحيوانات التي تعاني انخفاض نسبة السكر في الدم. تعمل دراسات إضافية على تقييم الإصدارات الأحدث من أجهزة المراقبة، وذلك بعد إصدار الجيل الثالث من الجهاز. تقول مونكريف: "يجب أن نبقى على اتصال دائم بالتكنولوجيا، لأنها تتغير باستمرار".

التحديات التي تواجه استخدام اجهزة المراقبة المخصصة للبشر

على الرغم من كونها تقنية واعدة، فإن استخدام هذه التكنولوجيا المخصصة للبشر يواجه بعض الصعوبات. على سبيل المثال، إن المادة اللاصقة المستخدمة ليست مخصصة لتطبيقها على جلد الحيوانات، لذلك يستخدم الأطباء البيطريون كمية إضافية من اللاصق، ما يؤدي أحياناً إلى حدوث تهيج في جلد الحيوانات.

تعمل شركة أيه إل آر تكنولوجيز (ALR Technologies) المتخصصة في علاج مرض السكري على تطوير جهاز مخصص للقطط والكلاب لمراقبة مستوى الغلوكوز في الدم. قررت الشركة التوسع في مجال الصحة الحيوانية بعد ملاحظة نقص الأدوات اللازمة للأطباء البيطريين. يقول رئيس قسم الصحة الحيوانية في الشركة، جو ستيرن (Joe Stern): "يحتاج هؤلاء الأطباء بشدة إلى طريقة أفضل لفحص نسبة السكر في الدم".

اقرأ أيضاً: هل يمكن إطعام الكلاب طعاماً خُضرياً؟

يستخدم الجهاز، الذي يسمى "غلو كيرف" (GluCurve)، مادة لاصقة وأداة تثبيت تناسبان الحيوانات الأليفة. صُمم برنامج الجهاز، الذي يتضمن آلة حاسبة مخصصة لحساب جرعات علاج الإنسولين، لمشاركة البيانات في إطار الممارسة البيطرية. أطلقت الشركة الإصدار التجريبي من جهاز غلو كيرف في شهر يناير/كانون الثاني، لكنه غير متوفر في الأسواق حالياً؛ إذ تعمل الشركة على تعديل تصميم الأجهزة. وفقاً لستيرن، تخطط الشركة لبدء بيع المنتج مرة أخرى في الأشهر القليلة المقبلة.

تتطلب مراقبة نسبة السكر في الدم باستخدام أي نوع من أجهزة المراقبة المستمرة للغلوكوز مشاركة أصحاب الحيوانات الأليفة والطبيب البيطري، وغالباً يقع على عاتق الأطباء البيطريين تعلُّم كيفية استخدام هذه التقنية وتعليمها لعملائهم. تقول مونكريف: "ربما يكون من الصعب جداً على الأطباء البيطريين التعامل مع هذا الكم من المعلومات الإضافية؛ إذ يتمثل الجانب السلبي لهذه التكنولوجيا في الحاجة إلى الوقت والتعليم".

تُعد تغيرات نسبة السكر في الدم أمراً طبيعياً، لكن ربما يشعر مالكو الحيوانات الأليفة بالقلق حيال هذه التغيرات، وبالتالي، تجب على الأطباء البيطريين طمأنتهم. تؤكد مونكريف أيضاً أهمية تشاور أصحاب الحيوانات الأليفة مع الأطباء البيطريين قبل اتخاذ أي قرار بشأن العلاج، وتشير إلى فعالية هذه التكنولوجيا في حال تطبيقها بطريقة صحيحة مع مراعاة الملاحظات السابقة.

المحتوى محمي