هل تحزن الكلاب على فقدان شركائها من الكلاب الأخرى؟

2 دقائق
حداد الكلاب: هل تحزن الكلاب على فقدان شركائها من الكلاب الأخرى؟
حقوق الصورة: شترستوك.

يشهد النصب التذكاري للكلب "جريفريير بوبي" في وسط إحدى ساحات إدنبرة، على وفاء الكلب وتعلقه بصاحبه؛ فعلى مدار 14 عاماً تلت وفاة صاحبه، بقي الكلب جليساً لقبر مالكه حتى مات هو.

تطورت المشاعر لدى الكلاب بالتزامن مع تطور الأنماط السلوكية الأخرى لديها. كما البشر، تبدي الكلاب تغيراتٍ سلوكيةً واستجابةً هرمونيةً لفقدان مالكيها، وهو ما قد يكون دليلاً على وجود ارتباطٍ بيولوجيّ في العلاقة ما بين الإنسان والحيوان، كما في العلاقة بين الإنسان والإنسان. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما مدى تشابه أنماط الترابط فيما بين الكلاب بعلاقات البشر فيما بينهم؟ وإذا كان حزن الكلب على الإنسان بهذا الحجم، فكيف له أن يشعر بفقدان رفيقه الكلب؟ هذا ما حاول فريقٌ من العلماء إيجاد جوابٍ عنه  في دراسةٍ نُشرت في دورية نيتشر.

قام فريق العلماء بدراسة 426 حالة في إيطاليا لأفرادٍ يملكون كلبين أو أكثر، ومات أحدهما بينما بقي الآخر على قيد الحياة. راقب الباحثون ردود فعل الكلاب المتبقية على فقدان شركائها، لتحديد التغييرات السلوكية لديها، ومستويات شعورها بالفقدان، وطرق تعبيرها عنه.

لاحظ الباحثون تغييرات سلوكيةٍ في 86% من الكلاب التي فقدت أقرانها. تضمّنت هذه السلوكيات طلب الكلب للمزيد من الاهتمام (67%)، وانخفاض اللعب (57%)، وتراجع النشاط الكلي (46%). تراوحت مدة ظهور الأعراض بين أشهرٍ وحتى سنوات، بعد موت الكلب الشريك.

وفقاً لتحليل أخصائيي سلوكيات الحيوانات، كانت هذه تعبيرات الكلاب عن الحزن لفقدان شركائها الآخرين من الكلاب.

ما تأثير نوعية العلاقة بين الكلاب على حدادها؟

وضّحت "ستيفانا أوتشيدو" الطبيبة البيطرية في عيادة سان ماركو البيطرية في فيجيانو في إيطاليا، والمؤلفة الرئيسية للدراسة، أن شدة التغييرات السلوكية لم تعتمد على طول فترة العلاقة بين الكلبين، وإنما على نوعية العلاقة بينهما كما في العلاقة الأبوية بين الوالدين والجراء، أو علاقة الصداقة الوثيقة بينهما.

أحد التفسيرات للتغييرات السلوكية لدى الكلاب بعد فقدانها للكلاب الأخرى، هو التشارك السابق في روتين الحياة اليومية بين الكلبين اللذين تجمعهما علاقة قوية. على سبيل المثال، لوحظ على كلاب الدراسة التي تشاركت الطعام خلال حياة الكلبين معاً، انخفاض النشاط العام والميل للنوم بعد موت الكلب الآخر.

على الرّغم من أنّ الدراسة اقتصرت على حيوانات المنزل الأليفة، إلا أنه، ومن وجهة نظرٍ بيئيّة، تعدّ الكلاب حيواناتٍ اجتماعية بطبعها، لذا يزداد التنسيق وقوّة الروابط التبعية والأبوية في التنظيمات الاجتماعية الطبيعية للكلاب البرية، والمكوّنة غالباً من الأقارب، للحصول على فوائد الحياة الجماعية، وهو ما سيختلّ توازنه في حال وفاة أحد كلاب المجموعة. كذلك الأمر بالنسبة للحيوانات المنزلية الأليفة.

اقرأ أيضاً: كيف ترى الكلاب العالم من حولها؟ وهل هي مصابة بعمى الألوان؟

التعاطف مع مالك الكلب وتأثيره على نتائج الدراسة

تجنباً لحدوث التباس بين حزن الكلب الناجي على الكلب الميت، ومشاعر تعاطفه مع حزن المالك على فقدان الكلب الآخر، اعتمدت الدراسة على علماء نفس مختصين لفصل مشاعر المالك عن التغيير السلوكي للكلاب، بحيث لم يؤثر الترابط القوي بين مالك الكلاب والكلب الناجي، وانعكاس تعبير الإنسان عن مشاعره قبل موت الكلب وبعده، على التغييرات السلوكية في الكلب المتبقي. قالت أوتشيدو: "لقد تمكنا من فصل الاستجابة العاطفية عن الاستجابة السلوكية"، ووضّحت فيدريكا بيرون، دكتورة محاضرة في علم السلوك البيطري ورفاهية الحيوان بقسم الطب البيطري في جامعة ميلانو الإيطالية، وأحد المشاركين في البحث: "هذا مهمٌّ لأنه يشير إلى أن وصف المالك للتغييرات، لم يكن انعكاساً لمعاناته على الكلب المتبقي، وبالتالي فمن الأرجح أن التغييرات السلوكية المبلّغ عنها حقيقية".

 إلا أنه قد تم الإبلاغ عن بعض حالات خوف لدى الكلاب الناجية، عندما أظهر أصحابها علامات حزن أو غضب على فقدان الكلب الآخر، وهو ما شبهه الباحثون بالعدوى العاطفية أو أحد أنواع التعاطف البدائي بين الأنواع المختلفة.

 ربما لا تستطيع الكلاب التواصل والتعبير بالكلمات عن مشاعرها، كما أنها قد لا تدرك معنى الموت ومفارقة الحياة، ولكنها حتماً تختبر شعور الحزن والألم. ووفقاً لهذه الدراسة ستستجيب الكلاب سلوكيّاً لمشاعر فقدها لأصدقائها الآخرين من الكلاب، فيما يسمى بالحداد. 

المحتوى محمي