وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، توفي 3.2 مليون شخص نتيجة تلوث الهواء عام 2020، بما فيهم أكثر من 237,000 ألف طفل، والتلوث المقصود هنا هو تلوث الهواء الداخلي في المنازل. في الواقع، ووفقاً لوكالة حماية البيئة، فإن نسبة الملوثات في الهواء داخل المنزل قد تزيد عنها في الهواء الخارجي 100 مرة، وقد يكون تأثيرها على صحتك أعلى. فما أسباب هذا التلوث، وكيف يمكن تحسين جودة الهواء في المنزل وتنقيته كي تضمن صحتك وصحة عائلتك؟
مسببات تلوث الهواء داخل المنزل
توصلت مجموعة من الباحثين، ومنهم محمد الصادق (Mohammed El-Sadig) الحائز على درجة الدكتوراة في علم الأوبئة واقتصاديات الصحة من جامعة الإمارات العربية المتحدة، في دراسة نشرت في دورية آفاق الصحة البيئية (Environmental Health Perspectives)، إلى أن أكثر ملوثات الهواء الداخلي شيوعاً في البلدان العربية هي ثاني أوكسيد الكبريت، وثاني أوكسيد النيتروجين، وكبريتيد الهيدروجين، والفورمالدهيد، وأول أوكسيد الكربون، وثاني أوكسيد الكربون، والجسيمات العضوية المتطايرة.
اقرأ أيضاً: إليك بعض الأسرار والنصائح لحزم أغراضك والانتقال لمنزلك الجديد بسلاسة
تلوث الهواء الداخلي مشكلة كبيرة في البلدان النامية، وينتج بصورة أساسية عن استخدام أنواع الوقود والتقنيات غير الفعالة والمسببة للتلوث في المنزل وحوله التي تحتوي على مجموعة من الملوثات الضارة بالصحة، مثل الجسيمات الدقيقة التي تدخل إلى الرئتين وتصل إلى مجرى الدم. في الواقع، يحتوي الهواء الداخلي في المنازل السيئة التهوية على مستوى من الجسيمات الدقيقة يزيد 100 مرة على المستوى المقبول. وبالإضافة إلى الوقود المستخدم في الطبخ والتدفئة، ثمة العديد من مصادر التلوث الأخرى مثل:
- دُخان التبغ والتدخين السلبي: يعد التبغ من أكثر مسببات التلوث شيوعاً وأكثرها خطورة؛ إذ يحتوي على أكثر من 7,000 مادة كيميائية ضارة، منها 70 مادة على الأقل يمكن أن تسبب أوراماً سرطانية، بالإضافة إلى عدد كبير من أمراض القلب والجهاز التنفسي.
- مواد التنظيف: يطلق العديد من مواد التنظيف المنزلية أبخرة سامة قد تسبب الضرر عند استنشاقها، ورُبط العديد من هذه المواد بأمراض الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى احتواء بعضها على مركبات عضوية متطايرة تتبخر بسهولة في درجة حرارة الغرفة ولها آثار صحية سلبية قصيرة وطويلة الأمد مثل الصداع والغثيان وتلف الكبد والكلى والجهاز العصبي المركزي.
- العفن: تنمو فطريات العفن وتتكاثر في البيئات الرطبة داخل المنازل، وقد تسبب مشكلات صحية عديدة، مثل التهابات الجهاز التنفسي والربو والحساسية، وهي أخطر بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.
- وبر الحيوانات الأليفة: من المصادر الشائعة لتلوث الهواء داخل المنازل، وقد يسبب استنشاقه العديد من المشكلات التنفسية؛ مثل نوبات الربو وحمى القش وأنواع أخرى من الحساسية.
- غاز الرادون: هو غاز مشع طبيعي يمكن أن يتسرب من خلال شقوق الأرض ويتراكم في المنزل، ما يسبب مشاكل صحية عديدة.
- الفورمالديهايد: هو مركب عضوي متطاير يكثر استخدامه في المواد اللاصقة المستخدمة في الخشب والأثاث.
نصائح لتحسين جودة الهواء الداخلي والتقليل من التلوث في المنزل
فيما يلي بعض أهم النصائح التي يمكنك اتباعها من أجل تحسين جودة الهواء في المنزل:
التحكم بمصادر التلوث
عادة ما تكون الطريقة الأكثر فعالية لتحسين جودة الهواء الداخلي هي التخلص من مصادر التلوث الفردية أو تقليل انبعاثاتها؛ وإليك الطريقة:
- إحكام إغلاق مواقد الغاز أو ضبط استخدامها جيداً لتقليل كمية الانبعاثات، وإحكام إغلاق مواد التنظيف والعبوات التي تحتوي على المواد الكيميائية القابلة للتطاير.
- تجنب التدخين داخل المنزل لتقليل تأثيرات التدخين السلبي، والأفضل من ذلك هو تقليل استهلاك التبغ داخل المنزل وخارجه.
- تقليل تأثير الفورمالدهيد من خلال اختيار أثاث مصنوع من الخشب الصلب الذي لا يعتمد على المواد اللاصقة، أو اختيار الأثاث المستعمل بدلاً من الأثاث الجديد، لأن كميات الفورمالدهيد التي يطلقها الأثاث تتناقص بمرور الوقت.
- البحث عن أنواع منظفات آمنة أكثر وغير سامة ولا تحتوي على الملوثات الزائدة الموجودة في بعض منتجات التنظيف الشائعة.
- استخدام خيارات التدفئة التي تعمل بالطاقة الشمسية أو الكهربائية إذا كان ذلك متاحاً، بدلاً من استخدام أنظمة التدفئة التي تعتمد على الحطب أو الغاز، أو على الأقل استخدام أجهزة تدفئة مصممة على نحو يمنع اختلاط الغاز بالهواء الداخلي.
- تنظيف حيوانك الأليف وأدواته بانتظام.
- غسل الملاءات والشراشف بالماء الساخن مرتين في الشهر للقضاء على عث الغبار.
- التنظيف بالمكنسة الكهربائية منعاً لتراكم الغبار ووبر الحيوانات على السجاد والأرائك.
- غسل العفن عن الأسطح غير النفوذة مثل البلاط والمعادن باستخدام المبيض أو الصابون.
- إزالة السجاد أو الخشب أو أوراق الجدران أو استبدالها حين ينمو العفن عليها.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى الموعد المناسب لاستبدال هذه الأدوات والأغراض المنزلية
تحسين تهوية المنزل
الحفاظ على تدفق الهواء في المنزل عبر فتح الأبواب والنوافذ هو طريقة بسيطة ومعدومة التكلفة لتحسين جودة الهواء. كما يمكن استخدام أجهزة التكييف سواء كانت للتدفئة أو التبريد أو المراوح من أجل زيادة معدل التهوية في المنزل. لكن ومع ذلك، عليك الانتباه إلى تغيير الفلاتر الخاصة بأنظمة التدفئة والتبريد بصورة دورية ومنتظمة، مع التأكد من أن مجاري الهواء في منزلك نظيفة وخالية من الغبار الذي يتراكم مع الزمن، وفحص المرشحات في الأجهزة التي تجلب الهواء الى الداخل وفقاً لتعليمات الشركة المصنعة.
اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر الخل منظفاً جيداً؟
استخدام أجهزة تنقية الهواء
هذه الأجهزة هي الحل الأمثل لمن يعاني من حساسية الغبار أو وبر الحيوانات الأليفة، حيث يوضع الجهاز في الغرف التي تقضي فيها معظم الوقت. في الواقع، أجهزة تنقية الهواء ذات الفلاتر العالية الكفاءة في امتصاص الجسيمات قادرة على إزالة أكثر من 99% من الجسيمات الضارة من الهواء، ومع ذلك فهي لا تزيل جميع أنواع الملوثات، لكن يمكنك استخدامها إذا أردت تقليل مستوى المركبات العضوية المتطايرة والدخان وجراثيم العفن وثاني أوكسيد الكربون الزائد، ومسببات الحساسية مثل وبر الحيوانات الأليفة.
اقرأ أيضاً: دون مبيدات حشرية: تعرف إلى طرق التخلص من الحشرات المنزلية.
التحكم في الرطوبة داخل المنزل
تسهم الرطوبة في زيادة نمو العفن داخل المنزل، وقد تزداد داخل المنازل نتيجة المناخ الرطب أو تسريب الأنابيب أو سوء التهوية في المناطق التي يكثر فيها البخار مثل الحمامات والمطابخ. يمكن تقليل الرطوبة في المنزل باستخدام الأجهزة المزيلة للرطوبة وتشغيل المراوح وفتح النوافذ عند الاستحمام أو الطهي، وتحديد مناطق تجمع المياه أو الرطوبة في المنزل ومعالجتها.
زراعة النباتات الداخلية
النباتات مرشحات هواء طبيعية، إذ تساعد في تقليل ملوثات الهواء الداخلية مثل المركبات العضوية المتطايرة والجسيمات الدقيقة. ومن النباتات عالية الفعالية في الحفاظ على نظافة الهواء الداخلي جنس الدارسينا واللبلاب الشائع والنبات المعروف بزنبق السلام. ومع ذلك، قد تسبب النباتات حدوث مشكلات أكثر مما تحله إذا كانت مصدراً للعفن أو سبباً للحساسية.
اقرأ أيضاً: أفضل 5 نباتات منزلية توصي بها وكالة ناسا لتنقية الهواء.
كيف يمكن اختبار جودة الهواء داخل المنزل؟
إذا كنت قلقاً بشأن جودة الهواء في المنزل لكنك لا تعلم التغييرات التي يجب عليك تنفيذها، فأفضل مكان تبدأ منه هو اختبار جودة الهواء. يمكنك تنفيذ ذلك عبر شراء جهاز لمراقبة جودة الهواء داخل المنزل؛ وهو جهاز إلكتروني له أنواع عديدة، يسمح بعضها بالتحقق من وجود ملوثات متعددة، في حين يختبر بعضها الآخر ملوثاً واحداً فقط، ويختلف سعرها حسب ما تقدمه من ميزات. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك أن تلجأ إلى بعض المحترفين المتخصصين في اختبار جودة الهواء، على الرغم من أن فحص جودة الهواء بنفسك أقل تكلفة، فالعمل مع متخصص سيؤدي على الأرجح إلى نتائج شاملة أكثر ومعلومات أدق.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى 7 أنواع لشقوق الجدران ومدى خطورتها
ما تأثير تلوث الهواء الداخلي على صحة الإنسان؟
لتلوث الهواء الداخلي في المنزل آثار خطيرة على صحة الإنسان تظهر مباشرة أو بعد عدة سنوات، مثل:
- تأثيرات قصيرة الأمد: يمكن أن تظهر هذه الأعراض خلال فترة قصيرة من التعرض للتلوث مرة واحدة فقط أو باستمرار، وتشمل: الصداع والتعب والدوخة بالإضافة إلى تهيج في العين والأنف والحلق، كما قد تؤدي إلى تفاقم الأعراض عند مرضى الربو. يُذكر أن الأعراض غالباً ما تتشابه مع الأعراض الناتجة عن الإصابات الفيروسية ونزلات البرد، لذلك من المهم الانتباه إلى وقت حدوث هذه الأعراض ومكانه.
- تأثيرات طويلة الأمد: التعرض المستمر لتلوث الهواء الداخلي على مدى السنين يمكن أن يسبب أمراضاً خطيرة تشمل أمراض الجهاز التنفسي والسرطانات وأمراض القلب.
يمكن القول إن تحسين جودة الهواء داخل المنزل وتنقيته أمر ضروري وأساسي للحفاظ على صحتك وحمايتك من الأمراض.