حول ميزة آيفون لرصد الاكتئاب، فوفقاً لمقالٍ نُشر مؤخراً في صحيفة «وول ستريت جورنال»؛ تعمل آبل مع جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس لتطوير تقنية جديدة تستخدم التعرّف على الوجه وأدوات مراقبة سلوكية أخرى لاكتشاف الاكتئاب لدى مستخدمي هواتف الآيفون، فمن خلال تحليل المعلومات والبيانات التي يمكن لمعظم الهواتف الذكية الوصول إليها بالفعل؛ مثل طريقة الكتابة وأنماط سلوك المستخدم، تتنبأ آبل بأنه من الممكن لهاتفك في المستقبل أن يحذرك عندما يكون مزاجك سيئاً جداً.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور ميتش برينشتاين؛ المدير العلمي لجمعية علم النفس الأميركية: «لا أرى أن المستشعرات الموجودة في الهاتف الذكي قادرة على تشخيص أية حالة صحية عقلية؛ لكنني أعتقد أنه يمكننا تمكين الناس ليصبحوا أكثر وعياً بعوامل الخطر المهمة وزيادة الوعي بالظروف التي قد لا يعرفون حتى أنهم يعانون منها». إليك ما يجب معرفته حول ميزة آيفون لرصد الاكتئاب، أو اقتحام آبل المحتمل لعالم قياس المشاعر.
كيف سيبدو المستقبل باستخدام ميزة آيفون لرصد الاكتئاب؟
وفقاً لوول ستريت جورنال؛ ستستخدم هذه التقنية البيانات من كاميرا الهاتف وأجهزة استشعار الفيديو والصوت لتحديد الحالة المزاجية. إذا كان لديك ساعة آبل، فسيكون النظام قادراً أيضاً على استخدام بياناتٍ حول عادات نومك وروتين تمارينك وعلاماتك الحيوية. يمكن لتعابير الوجه والطريقة التي تتحدث أو تكتب بها، وتكرار الأخطاء الإملائية في رسائلك، أن تساعد الهاتف على تحليل حالتك المزاجية أيضاً.
تُضمّن آبل حالياً عدداً من ميزات تتبع الحالة الصحية المعروفة في أجهزتها بالفعل، كما تقدم تطبيق «ريسيرش» (Research) لإجراء مسوحاتٍ طوعية لصالح دراسات تجريها آبل مثل دراسة «آبل هيرينج» (Apple Hearing Study) التي تركز على صحة السمع. على سبيل المثال؛ تحسب أدوات تتبع الصحة الحالية من آبل عدد الخطوات تلقائياً، ويمكن للمستخدمين أيضاً تتبع الدورة الشهرية وتتبع لقاحاتهم وتحليل العلامات الصحية الأخرى التي يمكن إرسالها في تقرير إلى طبيبك. وبالطبع؛ الصحة هي محور التركيز الأساسي في ساعة آبل (Apple Watch).
لكن محاولة اكتشاف المرض العقلي تأخذ هذا النوع من التحليل خطوة إلى الأمام، وهذا أمر جيد حقاً حسب برينشتاين؛ حيث يقول: «يخضع الكثير من أطفال المدارس الابتدائية لفحوصات للسمع والبصر، ويتعلمون في المدرسة كيفية تنظيف أسنانهم بشكلٍ صحيح. أعتقد أن الوقت قد حان لأن نفكّر في كيفية دمج التدابير الوقائية للصحة العاطفية والسلوكية بنفس الطريقة تماماً».
ويضيف برينشتاين: «بالرغم من أن هواتفنا لن تكون قادرة على تشخيص أمراض مثل الاكتئاب؛ لكن يمكنها أن تنبهنا نظرياً إذا كنا نرسل رسائل نصية أقل، أو أصبح نشاطنا أقل، وذلك اعتماداً على بيانات تنقّلنا وتواتر رسائلنا النصية». يمكن أن توفر التقنية أيضاً بيانات قيّمة يمكننا مشاركتها مع الطبيب. ويشبّه برينشتاين ذلك بالطريقة التي قد يتمكن بها صديقك من ملاحظة التغييرات في سلوكك؛ لكنه يشير إلى أن «الهاتف سيكون قادراً على القيام بذلك في كل مكان وربما بشكل موثوقٍ أكثر».
ما هي الأخطار المحتملة لميزة آيفون لرصد الاكتئاب؟
يقول برينشتاين: «نظراً لمدى خطورة تلقي إشعار على هاتفك يحذرك من احتمال كونك مكتئباً، سيكون على علماء النفس المشاركة والتفكير ملياً في كيفية إنشاء الموارد والتحذيرات والمعلومات التي ستكون داعمة دون إثارة ضغوط لا مبرر لها».
لا يزال الوصول إلى الرعاية الصحية العقلية محدوداً بالنسبة للعديد من الأميركيين، لذا فإن تحذير الهاتف لك من عوامل الخطر لن يكون ذو فائدةٍ عندما لا يمكنك الوصول إلى العلاج. يقول برينشتاين: «آمل أن يدرك صانعو السياسة أن هناك فرصة سانحة هنا مع هذه التغييرات في التكنولوجيا. لقد أمضينا وقتاً طويلاً في توفير التمويل والموارد فقط لمن يعانون بالفعل من مشاكل الصحة العقلية. ويمكننا مع هذه التكنولوجيا تعزيز الصحة النفسية للناس أكثر».
ورغم الإيجابية التي تحدث بها برينشتاين بشأن التقنية الجديدة، إلا أن المدافعين عن الخصوصية الرقمية يعبرون عن مخاوفهم منها. من المفترض أن تستخدم هذه التكنولوجيا الجديدة الخوارزميات لتحليل العواطف، لكن الدراسات الحديثة أظهرت أن برامج الكشف عن المشاعر عرضة للتحيز العنصري وغالباً ما تكون غير دقيقة. وقد توصلت دراسة أُجريت عام 2019 قامت بتحليل جميع الأبحاث بهذا الشأن إلى استنتاجٍ مفاده أن الأسس التي تعتمد عليها هذه التكنولوجيا لتقييم المشاعر بالكاد تنجح.
ومع ذلك، من المتوقع أن تصل قيمة برامج الكشف عن المشاعر، والمُستخدمة في فحص المرشحين للوظائف ومراقبة الطلاب في الفصول الدراسية، إلى 37 مليار دولار بحلول عام 2026.
ما هي التأثيرات المحتملة؟
يأمل برينشتاين أن يدفع ذلك الوكالات الحكومية إلى العمل. يقول برينشتاين: «أعتقد أن الشركات الخاصة مثل آبل قد أدركت الحاجة الملحة لنا للتعامل مع الصحة العقلية بطريقة مختلفة عما نفعله الآن. آمل أن يحذو القطاع العام حذو القطاع الخاص بسرعة».
يقول منتقدو هذه التكنولوجيا؛ مثل مؤسسة الحدود الإلكترونية (Electronic Frontier Foundation) غير الربحية التي تُعنى بالحقوق الرقمية، إن ذلك سيزيد من انتشار منتجات شركة آبل، وسيُسمح لها بمراقبة عملائها بطرق لم يوافقوا عليها.
الرئيس التنفيذي لشركة آبل؛ تيم كوك، متحمس لعمل الشركة في المجال الصحي ولميزة آيفون لرصد الاكتئاب، وكان قد قال في عام 2019: «إذا نظرت إلى المستقبل ونظرت إلى الماضي، وسألت ما هي أكبر مساهمةٍ من آبل لصالح البشرية؟ ستكون مساهمتها في مجال الصحة بالطبع».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً