قد يكون من المستحيل بالنسبة إلينا أن نبتعد عن صوت المروحة المزعج في أيام الصيف الرطبة والخانقة، ناهيك عن اتسّاخ ملابسنا بالعرق بسرعة؛ ولكن بالنظر إلى أننا لا نستطيع تجنّب حرارة الصيف الملتهبة دائماً، فإن ارتداء ملابس مناسبة يُعد من أفضل الطرق لدرء حرارة شمس الصيف الحارقة.
كيف تتعامل أجسامنا مع الحرارة؟
يحارب جسمنا -مثل جسم أي حيوان- الحرارة بطريقتين رئيسيتين؛ الأولى هي عبر تنظيم السلوك؛ مثل البحث عن بقعةٍ باردة في الظل في اليوم الحار، أو -وهو الحال مع أغلب البشر- البقاء تحت مكيّف الهواء وهو يعمل بكامل طاقته.
الطريقة الثانية هي قيام الجسم بتكييف نفسه عبر آلية تنظيم حرارية فيزيولوجية عصبية. عندما يستشعر جسمنا درجة الحرارة المحيطة، ترسل النهايات العصبية في كل جزء من أجزاء الجسم (الجهاز العصبي المحيطي) هذه المعلومات إلى منطقةٍ ما تحت المهاد الأمامي؛ وهو الجزء من الدماغ الذي يستشعر درجة حرارة الجسم الأساسية وينظمها، ليقوم بإصدار الأوامر إلى بقية أنحاء الجسم بشأن كيفية رد الفعل.
فتعمل الغدد العرقية على تبخير السوائل من الجسم وخفض درجة حرارتنا، بينما يؤدي توسّع الأوعية الدموية إلى خفض حرارة الدم؛ مما يساعد في تخليص الجسم من الحرارة، ويرتفع بالتزامن مع ذلك معدل الأيض والتنفس. تعمل هذه الإجراءات التي تستجيب أعضاء الجسم للقيام بها معاً -مثل استجابة الغدد العرقية- على الحفاظ على حرارة أجسامنا عند درجة حرارةٍ ثابتة تبلغ حوالي 37 درجة مئوية.
مع وضع هذه المعرفة في الاعتبار، يمكننا اختيار الملابس التي تحافظ على برودتنا في الصيف دون إعاقة عمليات جسمنا الطبيعية؛ حيث يمكننا تحقيق أقصى استفادةٍ من التبخّر وتبديد الحرارة من خلال تركيزنا على ارتداء الملابس الفضفاضة التي تسمح بمرور الهواء؛ والتي تحقق الحد الأدنى من تغطية الجسم في الوقت نفسه.
ما هي الملابس المناسبة وكيف ترتديها؟
يقول «جورج هافينيث»؛ مدير مركز أبحاث بيئة العمل البيئية بجامعة لوبورو في المملكة المتحدة: «إن ذلك يعني عادةً ارتداء ملابس فضفاضة مصنوعةٍ من أقمشة تسمح للهواء بالمرور خلاله بسهولة. ما تحتاج إليه تحديداً هو السماح بتجدد طبقة الهواء الموجودة أسفل الملابس والمماسة للبشرة قدر الإمكان».
بالرغم من عدم وجود معيارٍ أساسي مطلق لهذه الملابس، إلا أنه بإمكان مصممي الملابس تعديل العديد من نواحي خامات الملابس، لذلك ابحث عن الملابس المحبوكة أو المنسوجة. بشكلٍ عام؛ عليك انتقاء ملابس تحتوي على خيوطٍ أكثر نفاذيةً للهواء؛ ولكن الأمر ليس بهذه البساطة دائماً؛ حيث تميل الملابس المحبوكة لأن تكون أكثر نفاذيةً للهواء من الملابس المنسوجة؛ ولكنها قد تكون أكثر سماكةً قليلاً.
يقول هافينيث: «عندما أتفحّص الملابس في المختبر، فإن أول شيء أميل للقيام به هو تقريبها من فمي ونفخ الهواء عبرها؛ حيث يمكن اعتبار مدى سهولة مرور الهواء خلالها مؤشراً جيداً على نفاذيتها للهواء؛ وبالتالي كمية الرطوبة والحرارة التي يمكنها النفاذ خلالها بسهولة». إذاً؛ كل ما عليك فعله هو النفخ عبر ملابسك لاختبار نفاذيتها، لا تفعل ذلك مع الملابس التي لم تشتريها بعد، فذلك فعلٌ غير مرغوب ومقزز.
يُعتبر القطن والكتان من الأقمشة المناسبة لفصل الصيف؛ ولكن تطوّر تقنيات تصنيع الملابس سمح بإمكانية تصنيع ملابس مريحة ورقيقة من الصوف الخشن التقليدي.
كما تم تسخير تطور تكنولوجيا الملابس لخدمة نخبة الرياضيين ورواد الصالات الرياضية الترفيهية؛ والذين عادة ما يرتدون الملابس المصنوعة من البوليستر أو مزيجٍ من البوليستر والقطن. غالباً ما يركز مطورو الملابس الرياضة على إدخال تعديلاتٍ صغيرة يمكن أن تزيد من الراحة التي توفرها الملابس؛ مثل تقليل مساحة التصاق الملابس بالجسم، أو إضافة أليافٍ معدنية دقيقة تنقل الحرارة بعيداً عن الجسم.
تجنّب شراء ملابس متعددة الطبقات إذا أمكنك ذلك، واختر الألوان الأفتح التي تعكس الضوء وتقلل من كمية الحرارة التي تمتصها الملابس. إذا كان عليك ارتداء ألوان داكنة، فاختر الملابس المطلية بمواد خاصة تعكس ضوء الشمس بحيث لا يصل إلا القليل منها إلى جسمك، وبالرغم من أن وضع القميص داخل البنطال قد يكون موضةً رائجة؛ إلا أن إرخاءه فوق البنطال يسمح للهواء بالدخول حول الخصر، ويمكن أن يصنع ذلك فرقاً كبيراً في تبريد جسمك.
قد تكون هذه النصائح مفيدًة لمعظمنا؛ لكن بعض الأشخاص الذين يعيشون في ظروف الصحراء القاسية قد يحتاجون إلى إجراء بعض التعديلات. على سبيل المثال؛ قد يرغبون في ارتداء عدة طبقات من الملابس للمساعدة في زيادة التعرق الذي يبرد الجسم عن طريق تبديد الحرارة بسرعةٍ أكبر؛ حيث تقوم هذه الفكرة على نفس مبدأ شرب الشاي الساخن أو المشروبات الدافئة الأخرى في الجو الحار لتبريد الجسم.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً