إن وجود كائنات صغيرة تلتصق بجلدنا مدة طويلة وتمتص دماءنا هي فكرة مخيفة في حدّ ذاتها، فما بالك إن كانت قادرة على نقل أمراض خطيرة جداً لنا؟ تحتاج القراد إلى الدماء للبقاء حية، وقد تصل إلى منازلنا بواسطة العديد من الطرق ومنها الحيوانات الأليفة وخصوصاً الكلاب. ومن المهم التخلص من قراد الكلاب بأسرع وقتٍ ممكن، فهي لا تعضّ الكلاب فقط. لذلك، إليك الخطوات اللازمة للتخلص من قراد الكلاب في المنزل، بالإضافة إلى توضيح بعض الأمراض الخطيرة التي تنقلها. قراءة مفيدة.
ما القراد؟
القراد هي طفيليات صغيرة خارجية تلتصق بجلد المضيف من ذوات الدم الحار وتعضّه وتتغذى على دمه، وغالباً ما تتطفل على الثدييات والطيور، ومنها ما تتطفل أيضاً على الزواحف والبرمائيات. تنتمي القراد إلى شعبة مفصليات الأرجل، طائفة العنكبيات. تمتلك 8 أرجل مفصلية، وجسمها مكوّن من جزأين، ولها هياكل خارجية صلبة. تنتشر القراد في جميع أنحاء العالم، وتُقدَّر أنواعها بنحو ألف نوع تقريباً مع اختلاف الأنواع السائدة باختلاف المنطقة الجغرافية.
تمرّ معظم أنواع القراد عبر 4 مراحل في حياتها، إذ تخرج من بيض القراد يرقات صغيرة تمتلك 6 أرجل، تتغذى على مضيف مناسب، فتتحوّل إلى حورية ذات 8 أرجل، التي تتغذى بدورها على المضيف المناسب لتتحول إلى الطور البالغ. تتغذى الذكور والإناث البالغة أيضاً على المضيف المناسب ثم تتزاوج، تضع الأنثى ما بين 3000 إلى 8000 بيضة حسب نوع القراد ثم تموت، وقد تستغرق القراد نحو ثلاث سنوات لإكمال دورة حياتها الكاملة.
ما أضرار قراد الكلاب على الإنسان؟
يمكن أن تتغذّى القراد على الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات، وقد تفضّل معظم أنواع القراد أن يكون لها مضيف مختلف في كل طور من أطوار حياتها، في حين تفضّل بعض الأنواع الأخرى أن تتغذّى على نفس المضيف خلال جميع أطوار حياتها. على سبيل المثال، تفضّل قراد الكلب البني، وهو نوع منتشر في جميع أنحاء العالم، أن يكون الكلب هو المضيف الأساسي خلال مراحل حياته المختلفة.
لكن وحتى عند ارتباط قراد الكلاب بالتغذّي على دم الكلاب، فهذا لا يعني أنها تتطفل حصرياً على الكلاب فقط، وإنّما تستطيع لدغ البشر أيضاً ونقل الأمراض لهم.
ليس بالضرورة أن تكون لدغة القراد مسببة للمرض في جميع الحالات، فقد تكون غير ضارة ولا مؤلمة، وقد لا تلاحظ أنك تعرّضت للدغ أساساً. ومن جهة أخرى، فقد تسبب اللدغة بعض الأعراض الخفيفة مثل طفح جلدي أو تورّم. لكن، وفي حالات أخرى، قد تسبب لدغة القراد أمراضاً خطيرة. بشكل عام، ينبغي أن تلتصق القراد بجلدك لمدة 36 ساعة على الأقل حتى تستطيع نقل الأمراض إليك، بالتالي، يمكن أحياناً إزالة القراد قبل أن تنقل الجراثيم إلى جسم الإنسان في حالة اكتشافها.
تكمن خطورة القراد في أنها قادرة على نقل مسببات الأمراض بين العوائل المختلفة، فهي وعلى عكس الحشرات الأخرى التي تلدغ وتذهب، تبقى ملتصقة على جلد المضيف مدة طويلة، وتنقل مسببات المرض من فيروسات وبكتيريا وطفيليات أولية من مضيف إلى آخر، ومنهم البشر، مسببةً أمراضاً خطيرة. تختلف أنواع الأمراض التي تنقلها القراد باختلاف أنواعها، وبشكلٍ عام، فإن الأمراض التي تنقلها القراد إلى الإنسان هي:
- مرض لايم: تسببه بكتيريا بوريليا بورجدورفيري (Borrelia burgdorferi)، وتشمل الأعراض النموذجية الصداع والحمى والتعب وطفح جلدي مميز يسمى الحُمامى المهاجرة، وإذا ترك دون علاج فقد تنتشر العدوى إلى المفاصل والقلب والجهاز العصبي.
- التولاريميا: تسببه بكتيريا فرانسيسيلا تولارينسيس (Francisella tularensis)، وتسبب تورّم الغدد الليمفاوية بشكل مؤلم وأعراض أخرى في الرئتين والعينين والحلق والأمعاء.
- داء إيرليخ: تسببه بكتيريا إرليشيا شافينسيس (Ehrlichia chaffeensis) أو بكتيريا إرليشيا إيوينجي "E.ewingii" أو إرليشيا موريس إيوكليرينسيس (E. muris eaulairensis). تبدأ الأعراض بما يشبه الإنفلونزا، لكنها قد تنتهي بالموت في حال لم يعالَج المرض بسرعة.
- أنابلازما: تسببه بكتيريا أنابلازما فاجوسايتوفيليوم (Anaplasma phagocytophilum)، وتشمل أعراضه الحمى والقشعريرة وآلام العضلات.
- داء بابيزيا: ينتج بسبب طفيليات مجهرية تصيب كريات الدم الحمراء، وغالباً ما يكون دون أعراض، لكنها قد تسبب نوعاً خاصاً من فقر الدم يسمى فقر الدم الانحلالي.
- الحمى النزفية في القرم والكونجو: سببها فيروس نيروفيروس (Nairovirus)، تبدأ بأعراض الصداع والحمى وآلام المعدة، ومع تقدم المرض يحدث نزيف حادّ وآثار كدمات شديدة.
- التهاب الدماغ: الناتج عن فيروس TBE المنقول بالقراد، وغالباً لا تظهر الأعراض في البداية أو قد تظهر أعراض شبيهة بالإنفلونزا، لكن قد تظهر لاحقاً أعراض حادّة كالارتباك وفقدان التنسيق وصعوبة الكلام وضعف الذراعين والساقين.
تشمل الأعراض الأكثر شيوعاً المرتبطة بلدغة القراد ما يلي:
- حمى.
- قشعريرة.
- ألم عضلي.
- صداع.
- تعب.
- حكّة أو تهيّج، ولكن عادةً لا تحدث على الفور.
- طفح جلدي: قد يكون الطفح الجلدي الناتج عن لدغة القراد مؤشراً على نوع العدوى، فالبقع الصغيرة الحمراء أو الأرجوانية على الجلد التي تشبه النمش تدل على حمى جبال روكي المبقّعة، في حين أن الطفح الجلدي المتوسِّع الذي يبدو مثل الدائرة أو عين الثور، هو إشارة على مرض لايم، وقد يكون الطفح الجلدي على شكل بقع حمراء صغيرة أو داكنة اللون يصعب رؤيتها.
- بالإضافة إلى ذلك، تستطيع القراد نقل الأمراض الخطيرة إلى الكلاب أيضاً. لذلك، ينبغي استشارة الطبيب البيطري عند ظهور الأعراض التالية على الكلب: طفح جلدي، عرج متقطع، حمى، خمول. لكن وبما أنّ علامات المرض لا تظهر على الكلاب إلّا بعد 7 إلى 21 يوماً من اللدغ، لذلك، ينبغي مراقبة الكلب عن كثب لمعرفة أي تغيّرات قد تحدث في السلوك أو الشهية، واستشارة الطبيب البيطري للحصول على منتجات الوقاية من القراد.
أسباب ظهور القراد في المنزل
لا تمتلك القراد أجنحة ولا تستطيع القفز، وإنّما تتسلق جسم العائل المناسب عند العثور عليه. تكتشف القراد وجود المضيف من خلال رائحة جسده أو نفَسَه، أو عن طريق استشعار حرارة الجسم أو الرطوبة أو اهتزازات الحركة، كما يمكن لبعض أنواع القراد أن تميّز ظلّه.
غالباً ما تكون القراد مستريحة على أطراف الأعشاب والشجيرات منتظرة وصول المضيف المناسب، وما إن يصل هذا المضيف، سواء كان إنساناً أو كلباً أو أي مضيف آخر، فإن القراد تتسلّق جسم المضيف بسرعة بحثاً عن أماكن مناسبة للالتصاق بها، كالأجزاء الرطبة والدافئة من الجسم.
إذاً، قد تصل القراد إلى المنزل مع الحيوانات الأليفة أو الأطفال أو البالغين بعد نزهة في الطبيعة، أو مع المعدّات الموجودة في الخارج كالحقائب والبطانيات وغيرها، أو مع بعض الحيوانات الصغيرة كالفئران التي تدخل إلى المنزل.
لكن، غالباً ما تجد معظم أنواع القراد أن البيئة الداخلية للمنازل جافة جداً للبقاء حية فترة طويلة، باستثناء بعض الأنواع مثل قراد الكلب البني، التي تزدهر في البيئات الداخلية والخارجية. بالإضافة إلى ذلك، قد تضع أنثى القراد بيضاً في بعض الأماكن القريبة من المنزل، ثمّ تجد هذه الكائنات طريقها إلى منزلك.
كيفية التخلص من قراد الكلاب في المنزل
إزالة القراد عن جلد الإنسان والحيوان
إذا رأيت قرادة ملتصقة بجلدك أو جلد حيوانك الأليف، عليك إزالتها بأسرع وقت، وذلك كما يلي:
- استخدم ملقطاً نظيفاً رفيع الرأس لإمساك القراد بالقرب من سطح الجلد قدر الإمكان.
- اسحب لأعلى بضغطٍ ثابت ومتساوٍ، وانتبه ألّا تلوي أو تهزّ القرادة لأن هذا من شأنه أن يتسبب في كسر أجزاء الفم وبقائها في الجلد مسببة العدوى في حال احتوائها على مسببات الأمراض.
- بعد إزالة القرادة، نظِّف يديك ومنطقة العضّ بالكحول المحمر أو بالصابون والماء.
- لا تسحق القرادة بأصابعك أبداً، وإنما تخلّص منها عبر وضعها في الكحول، أو وضعها في كيس وإغلاقه جيداً ثم رميه في القمامة، أو لفِّه بإحكام باستخدام شريط لاصق.
- إذ ظهر طفح جلدي أو حمى خلال عدة أسابيع بعد إزالة القراد، فعليك استشارة الطبيب مباشرة.
التخلص من قراد الكلاب من داخل المنزل
للتخلص من القراد من داخل المنزل قم بما يلي:
- رتِّب الفوضى في المنزل لأن القراد قد تختبئ في أي مكان.
- اغسِل الملابس المتسخة باستخدام الماء الساخن، واغسِل ملاءات السرير والبطانيات بأعلى درجة حرارة تتحملها هذه الأقمشة، ولا تضع الملابس المتسخة في سلة الغسيل وإنّما في الغسالة مباشرة.
- نظِّف المنزل جيداً وامسح الغبار عن الأرفف والأرضية.
- كنس الأرضيات باستخدام المكنسة الكهربائية لتنظيف جميع أجزاء المنزل وفراش الحيوانات والشقوق الموجودة في الأرضيات والجدران والأثاث وما تحته، ثم تأكّد من تنظيف كيس المكنسة جيداً بعد الانتهاء.
- استخدِم المبيدات الحشرية لقتل البيوض والقراد المتبقية. لقتل بيض القراد واليرقات والحوريات، رشّ جميع أجزاء المنزل وأماكن نوم الكلاب بمبيد حشري يحتوي على حمض البوريك وبعض المستخلصات النباتية. أما لقتل الطور البالغ من القراد، استخدِم بخاخ مبيد حشري يحتوي على مادة البيريثرين، فهو مخصص للتخلص من قراد الكلاب، وهو آمن على الإنسان والحيوان وسريع المفعول.
- رشّ المبيد في جميع أنحاء المنزل وعلى الستائر والسجاد والجانب السفلي للطاولات والكراسي وكل شيء.
- تأكّد من قراءة الإرشادات الموجودة على لصاقة المبيد بدقة لمعرفة إذا كان يتعيّن مغادرة المنزل لفترة زمنية بعد استخدام المبيد.
- يمكن استخدام بعض المواد الطبيعية لصنع بخاخات طاردة للقراد، مثل زيت اللافندر أو النعناع أو إبرة الراعي. ملاحظة: قد تكون القطط حساسة للغاية تجاه هذه المواد، لذلك ينبغي سؤال الطبيب البيطري قبل وضعها على القطط أو أماكن نومها.
- اتصِل بشركة متخصصة في إبادة الحشرات وذلك في حال بقيت القراد في المنزل على الرغم من اتباع كل الأساليب الممكنة.
إزالة القراد من الهواء الطلق المحيط بالمنزل
لإزالة القراد من الهواء الطلق المحيط بالمنزل قم باتباع الخطوات التالية:
- استهدف الأماكن المفضّلة لوجود القراد التي غالباً ما تكون مناطق عشبية كثيفة مغطاة بالأشجار.
- تخلّص من الأوراق النباتية المتساقطة والأعشاب الموجودة في الحديقة وجميع النباتات التي تخلق بيئة كثيفة شبيهة بالعشب.
- حاول أن تجعل أكبر مساحة ممكنة من الفناء المحيط بالمنزل معرّضة لأشعة الشمس.
- جزّ العشب حول المنزل بشكل متكرر وقلّل من طوله بشكل يسمح بدخول أشعة الشمس إلى الأرض، ويساعد على تبخر ندى الصباح بسرعة، ما يحرم القراد من الماء والرطوبة التي تحبها.
- استخدِم مبيداً للآفات في أواخر الربيع وأوائل الصيف، إذ تحتوي بعض المبيدات الحشرية الجيدة على مادة البيروثرويد ، ما يمنع القراد من التكاثر في حديقتك.