إذاً، فقد حددت صفات الشجرة التي تريد زرعها وكيف ترغب أن تساهم هذه الشجرة في تغيير حديقة منزلك. لقد تعرفت على طبيعة منطقتك المتنامية وقمت بتقييم الشروط المحددة للموقع الذي تريد زراعة الأشجار فيه. لقد فكرت في جميع الطرق التي يمكن للشجرة من خلالها أن تخلق بيئة أكثر راحة، وتوفر فوائد بيئية واقتصادية ملموسة. لقد تعرفت على الأجزاء المختلفة من الشجرة ووظيفة كل منها. والأفضل من ذلك كله أنك تعرّفت على العديد من أنواع الأشجار الجميلة التي يمكنها تحسين المناظر الطبيعية وتحويلها إلى ملاذ يثري حياة جميع أفراد أسرتك وحتى مجتمعك. حان الآن وقت الجزء المثير، اختيار شجرة صحية وزرعها!
تبدأ عملية العناية السليمة بالأشجار باختيار شجرة صحية. تذكّر أن شجرتك قد تعيش لسنوات، وربما لأجيال قادمة. إليك ما يجب مراعاته عند شراء شجرة للتأكد من أنها ستبدأ حياتها بشكل صحي في حديقتك، وتوفّر لك فوائد تدوم مدى الحياة.
شراء الأشجار
عند التسوق لشراء الأشجار في المشتل، يعد اختيار شجرة ذات ساق مركزي (الجزء الرأسي من ساق الشجرة فوق الجذع مباشرة) قوي مهماً بشكل خاص في حالة الأشجار المُظلِّلة. تجنب الأشجار ذات السيقان المتعددة. تساعد الفروع المنخفضة، على الرغم من كونها مؤقتة، على تعزيز النمو وحماية النبات من حروق الشمس، لذا تأكد من أن تكون هذه الفروع صحية أيضاً. ستلاحظ في المشتل أنه تم تصنيف النباتات بناءً على كيفية زراعتها وحصادها وتجهيزها للبيع بالتجزئة. تتطلب الخيارات المتاحة، والتي تشمل الأشجار المزروعة في حاويات، وعينات من الأشجار مُخيَّشة الجذور (وهي أشجار مزروعة مسبقاً في الحقول حتى تتجاوز أطوالها متراً واحداً، وتكون جذورها محاطة بالتراب ومغلّفة بالخيش، وتدعى هذه الكتلة من التراب المحيط «كرة الجذر»)، ونباتات الجذور العارية، معاملة وتقنيات زراعة مختلفة.
تقضي الأشجار المزروعة في الحاويات كل حياتها في المشتل تنمو في حاويات. تُراقب الأشجار المزروعة في الحاويات بعناية ويتم نقلها إلى حاويات أكبر تدريجياً مع نموها. إذا أصبحت الحاوية أصغر من اللازم ولم يتم نقل الشجرة لحاوية أكبر، فستبدأ جذور الشجرة في النمو بشكل دائري أو بالالتواء داخل الحاوية، ما قد يؤدي إلى صعود الجذور تجاه سطح التربة أو انسداد نظام الأوعية للشجرة، وموت الجذور.
يُسمح عادة بإزالة الشجرة برفق من حاويتها في المشتل لفحص الجذور. ستستمر الجذور في النمو في الاتجاه الذي تشير إليه. يمكن حل الجذور الدائرية الدقيقة المتشابكة أو قصّها عند الزراعة، كما يمكن تقويم الجذور الخشبية الأكبر حجماً إذا كانت لا تزال مرنة.
يمكن زراعة الأشجار المزروعة في الحاويات في أي وقت من السنة بشرط أن تكون التربة صالحة للحراثة وليست متجمدة (أي أن المياه فيها متجمدة). يجدر الذكر أنك ستحتاج لسقاية الشجرة بشكل متكرر في الأيام الحارة.
تُزرع الأشجار مخيّشة الجذور في الأرض حتى تصل إلى طول معين. وعندما تصبح الشجرة جاهزة للنقل، يتم حفر التربة المحيطة بالجذور، ثم تُنزع الشجرة وتُلف الجذور والتربة المحيطة بالخيش استعداداً للنقل وإعادة البيع. يمكن أن يتم دعم كرات الجذر الأكبر حجماً بواسطة سلال سلكية توضع فوق الخيش.
عند شراء شجرة مخيّشة الجذور، تأكد من أن تكون كرة الجذر صلبة ومربوطة بإحكام. من الضروري للغاية أن تكون كرة الجذر كبيرة بما يكفي لدعم نضج الشجرة، إذ يجب أن يكون عرضها نحو 25-30 سنتيمتراً لكل 2.5 سنتيمتر من قطر الجذع كما يُقاس عند نقطة فوق طوق الجذر (المنطقة التي تتحول فيها الجذور إلى الجذع) وتبعد عنه 15 سنتيمتراً. تجنب شراء الأشجار ذات كرات الجذر التالفة أو المضغوطة. قد تشير كرات الجذر المستديرة أو المشوهة إلى تموّت الجذور الخشبية.
عندما تريد حمل الشجرة مخيّشة الجذور، يجب عليك أن تحملها مع توفير الدعم لكرة الجذر، إذ أن تحريك أو رفع الشجرة من خلال الإمساك بالجذع فقط قد يؤدي إلى انفصال كرة الجذر عن الجذع.
نظراً لأن الأشجار مخيشة الجذور تتم إزالتها من حقول المشاتل، فإن معظم جذورها تكون منزوعة. لا تقلق، فإن الجذور السلمية ستنمو من جديد بسرعة. لكن هذا يعني أنه يجب زراعة الأشجار مخيشة الجذور خلال الطقس البارد، وتجنب الأوقات الأكثر حراً وإجهاداً للنبات خلال العام.
التحضير هو الأهم
بعد التأكد من اختيار شجرة صحية لها شكل سليم، فإن تحضير موقع زرع الشجرة هو أفضل ما يمكنك فعله لتضمن نجاح المرحلة الأولى من حياتها في حديقتك.
قبل زراعة الشجرة، تأكد من أنها مرطبة بشكل جيد عن طريق صب المياه في الحاوية (إذا كانت الشجرة مزروعة في حاوية) أو كرة الجذر (إذا كانت مخيشة الجذور) قبل المتابعة في عملية الزراعة بعدة ساعات. من الصعب للغاية إعادة ترطيب كرة جذر كبيرة جافّة بعد غرس الشجرة.
عند زرع الشجرة في حديقة منزلك، قم بإزالة العشب حول النقطة التي تريد زرع الشجرة فيها عن طريق حفر حفرة بقطر متر واحد على الأقل، وذلك لتقليل المنافسة بين العشب وجذور الأشجار الدقيقة على الماء. في المناطق التي يكون فيها العشب هو الميزة الجمالية الأساسية في حديقتك، قم بزرع الأشجار الصغيرة ذات الستائر (وهي طبقة الأوراق والأغصان وسيقان الأشجار التي تغطي الأرض عند النظر إليها من الأعلى) المفتوحة التي تسمح لأشعة الشمس بالتغلغل إلى الأرض. قم بإزالة العشب تماماً من النقاط حيث قد تتضرر جذور الأشجار السطحية (والتي تتشكّل غالباً عندما تكون التربة السطحية مضغوطة) في المستقبل بسبب جز العشب.
غرس الأشجار المزروعة في الحاويات والأشجار مخيّشة الجذور
اجمع أدواتك. ستحتاج إلى شريط قياس أو مسطرة لحفر حفرة الشجرة ووضع كرة الجذر في التربة على عمق مناسب. تنمو غالبية جذور الأشجار الصغيرة في منطقة من التربة لا يتجاوز عمقها 30 سنتيمتراً، حيث يمكنها التقاط الأوكسجين وامتصاص الماء بسهولة أكبر. إذا زرعت الشجرة على عمق أكبر من اللازم، لن تنمو الجذور الجديدة بشكل جيد بسبب نقص الأكسجين. في التربة التي لا يتم تصريف المياه فيها بشكل جيد، أو التربة الغنية بجزيئات الطين، يمكن زراعة الأشجار بجعل قاعدة طوق الجذر أعلى من التربة بـ 2.5 سنتيمتر لكل 2.5 سنتيمتر من قطر الجذع.
- قم بقياس قطر كرة الجذر، سواء كانت الشجرة التي تريد زرعها مخيّشة الجذور أو مزروعة في حاوية، وذلك لتحديد عمق الحفرة التي ستحفرها.
- قم بحفر حفرة واسعة وضحلة لها جوانب تنحني بشكل تدريجي ويبلغ قطرها 3 أو 4 أضعاف قطر كتلة الجذور، ولها نفس العمق. يجعل وضع التراب على قطعة من البلاستيك المشمّع إعادة ردم الحفرة والتنظيف أكثر سهولة. يساعد تليين التربة في جوانب الحفرة الجذور على التمدد والنمو بشكل أسهل، ولكن انتبه ألا تليّن التراب أسفل الحفرة.
- إذا كنت تغرس شجرة مزروعة في حاوية، يجب أن تحضّر كرة الجذر للزراعة. انقر برفق على الجزء الخارجي من الحاوية لفصل كرة الجذر عنها وإزالتها، واحرص على الحفاظ على التربة حول الجذور سليمة. قد تحتاج إلى قص الوعاء البلاستيكي من حافته العليا إلى أسفله لتسهيل فصل كرة الجذر عنه. لعلاج الجذور الدائرية أو المتشابكة، استخدم سكيناً حاداً لحفر علامة «X» بحذر في الجزء السفلي من كرة الجذر، ثم إنشاء 4 شقوق رأسية على طول جوانب كتلة التربة. سيحفّز ذلك الجذور على التفرع من النقطة التي تم قطعها فيها، والتمدد في التربة المحيطة.
- ضع الشجرة في منتصف الحفرة، وتذكر أن تسند كرة الجذر أثناء حمل الشجرة. لا تسحب الجذع وإلا فقد تنفصل الجذور عن الشجرة. تحقق مرة أخرى من أن عمق الحفرة مناسب وليس أعمق من اللازم بعد وضع الشجرة. يجب أن يكون طوق الجذر فوق مستوى التربة مباشرة، وإذا كان أخفض من اللازم، فقم بضغط التربة أسفل كرة الجذر لرفعه إلى المستوى المناسب.
- بالنسبة للأشجار مخيّشة الجذور، فبمجرد أن تضع كرة الجذر في مكانها الصحيح، استخدم قاطعة الأسلاك لقطع السلة السلكية من الأسفل للأعلى وإزالتها. تخلّص من أية حبال أو خيوط من كرة الجذر، وتأكد من إزالة المسامير التي قد تكون موجودة لتثبيت الخيش على الكرة. قم بإزالة الخيش من الجزء العلوي والجانبي لكرة الجذر، وقم بقطع الخيطان العالقة. لا تقلق بشأن الخيش الطبيعي الموجود تحت كرة الجذر، لأنه سيتحلل بمرور الوقت، ولكن يجب إزالة الخيش المطلي أو الذي يحتوي على جذور الفينيل بالكامل.
- تأكد من أن الشجرة مستقيمة في الحفرة. وقبل البدء بردم الحفرة، اطلب من شخص آخر أن ينظر إلى الشجرة من عدة اتجاهات لتتأكد من أنها مستقيمة. وذلك لأنه، كما قد تتوقع، فإن تعديل موضع الشجرة بعد الردم صعب للغاية.
- ابدأ بوضع التراب في الحفرة، بينما ترصّ التراب الموجود داخلها حول قاعدة كرة الجذر بقوة ولكن برفق. لا تقم بإضافة أية مواد محسّنة للتراب، ولا تستخدم السماد عند الزراعة. استمر في الردم حتى يصبح مستوى التراب أخفض قليلاً من طوق الجذر.
- اصنع حوضاً مائياً حول الشجرة عن طريق بناء حلقة من التراب، أو اقلب العشب الذي أزلته لتوفير مساحة للشجرة واستخدمه لصنع هذا الحوض. بعد ذلك، قم بسقاية الشجرة جيداً لتثبيت الجذور في مكانها وإزالة الجيوب الهوائية التي قد تتسبب بجفافها.
- قم بوضع طبقة واقية من الفرش (مزيج من المواد العضوية مثل لحاء الأشجار ورقائق الخشب والعشب والأوراق) بعمق 5-10 سنتيمترات في دائرة قطرها نحو متر واحد حول قاعدة الشجرة دون جعلها تلمس الجذع.
- بخلاف إزالة الأغصان الميتة والمكسورة، تجنّب تقليم الشجرة عند زراعتها.
الاهتمام بشجرتك المزروعة حديثاً
ستؤثر الطريقة التي تعتني بها بشجرتك في سنواتها الأولى والمبكّرة من حياتها على شكلها وقوتها وحتى على مدة حياتها. من الصعب أن تصل الشجرة إلى عامها الثاني إذا ماتت في عامها الأول. أفضل ما يمكنك القيام به للشجرة المزروعة حديثاً هو سقيها بشكل جيد خلال السنة الأولى بعد زراعتها. يجب أن تقوم بسقي شجرتك أسبوعياً حتى تظل التربة حولها رطبة، ولكن ليست مشبعة تماماً بالماء. إحدى الحيل البسيطة التي تساعدك في معرفة ما إذا كانت التربة رطبة هي أن تغرز إبهامك في التربة. إذا كان إبهامك جافاً أو مغبراً، فالشجرة تحتاج إلى الماء. أما إذا كان موحلاً، فشجرتك لا تحتاج للسقاية. في فترات الجفاف، قم بري منطقة حول الشجرة يكون قطرها أكبر بقليل من قطر منطقة محيط النمو الخضري للشجرة (المنطقة الواقعة مباشرة تحت المحيط الخارجي لأغصان الشجرة) للحفاظ على رطوبة التربة والفرش، ولكن دون إشباعهما بالماء تماماً. بشكل عام، تجنّب إشباع التربة المحيطة بالشجرة بالماء، وقم بسقاية الشجرة مرة واحدة كل أسبوع تقريباً، ما يكفي للحفاظ على رطوبة التربة على عمق 0.3-1 متراً، وذلك اعتماداً على حجم الشجرة. يساعد استخدام الفرش الذي يتألف من رقائق الخشب أو لحاء الأشجار أو أية مادة عضوية أخرى التربة على الاحتفاظ برطوبتها، ويقلل منافسة الحشائش الضارة والعشب على الماء.
أظهرت الدراسات أن الأشجار تدخل في مرحلة الاستقرار (المرحلة التي يكون فيها معدّل نمو الشجرة متّسقاً من سنة لأخرى) بسرعة أكبر وتطور جذوعاً وجذوراً أقوى إذا لم يتم إسنادها عند زراعتها. مع ذلك، قد تكون عملية الإسناد ضرورية لأشجار الجذور العارية وأشجار الصنوبريات المزروعة في حاويات، أو عند الزراعة في المناطق العاصفة. يمكن أن تمنع الأوتاد المستخدمة في الإسناد أيضاً التلف الناتج من جز العشب. إذا قررت أن تسند شجرتك الجديدة، فاستخدم رباطين مرنين يثبّتا بجذع الشجرة في أخفض نقطة ممكنة. يجب أن تكون الشجرة قادرة على التأرجح مع الريح دون تحرّك كرة الجذر، ما يساعد على نمو الجذع والجذور. تحقق بشكل دوري من أن الأوتاد والرباطات لا تتسبب بأي ضرر للجذع، وقم بإزالتها بعد السنة الأولى من زراعة الشجرة.
من الضروري أن تتمدد وتنمو جذور الأشجار في التربة. من الصعب للغاية تغيير خصائص التربة باستخدام أية إضافات مُحسنِّة. لا تقم بإضافة تربة الأُصص أو السماد العضوي أو الكيماوي لتربة الأشجار المزروعة حديثاً، إذ أن ذلك قد يتسبب في تشبّع التربة بالمياه أو احتراق الجذور (ظاهرة تتسبب بها بعض المواد الكاوية التي توجد في الأسمدة، مثل الكرباميد).
أبقِ النباتات المعترشة بعيدة عن الأشجار المزروعة حديثاً، وقم بإزالة جميع الوسوم والملصقات الخاصة بالمشتل الذي اشتريت الشجرة منه. الملصقات ليست مزعجة للنظر فحسب، بل يمكن أن يؤدي تركها في مكانها إلى خنق الأغصان مع نمو الشجرة. بعد إزالتها، احتفظ بها في مكان آمن للرجوع إليها في المستقبل.
هذا المقال مقتبس من كتاب «حان زمن الأشجار» من تأليف دان لام.