ينظر العديد من الناس إلى الشتاء على أنه موسم المرض والوفيات، فبحسب منظمة الحماية البيئية الأميركية كانت معدلات الوفيات في الولايات المتحدة في أشهر الشتاء أعلى بنسبة 8 إلى 12% مقارنة بأشهر الفصول الأخرى، ويتعلق هذا الأمر بشكل أساسي بانخفاض درجة الحرارة وتغيّرات سلوك الإنسان في هذا الفصل، وكذلك ضعف جهاز المناعة في البرودة الشديدة والحاجة للحفاظ على الدفء، كما يؤدي التواجد في الأماكن المغلقة مع عدد كبير من الأشخاص إلى زيادة احتمال العدوى بفيروسات الأمراض التنفسية، لذا يجب الوقاية من البرد. ونقترح في هذا المقال عدة طرق تساعد في ذلك.
كيف يمكن الحفاظ على الدفء في الشتاء؟
بديهياً عندما تشعر بالبرد لن تكون دراستك أو إنتاجيتك في العمل بذات الكفاءة عندما تكون دافئاً، لذا من الضروري صحياً وإنتاجياً القيام بعدة تدابير لتدفئة المنزل لأكثر من 18 درجة مئوية كحد أدنى، ولكن بسبب الأزمات العالمية في الطاقة، يجب اللجوء لطرق أخرى تستبدل أو تدعم الوسائل التقليدية للتدفئة التي تعتمد على الوقود الأحفوري، ومنها تقنيات استخدمتها شعوب الحضارات المختلفة عبر العصور، ونذكر منها ما يلي:
-
ارتداء ملابس تحفظ الحرارة
وتعد هذه الطريقة الأبسط لمقاومة البرودة في الشتاء، حيث تعمل الملابس كعازل حراري يحفظ حرارة الجسم التي تتولد بفضل العديد من العمليات الاستقلابية المختلفة من حرق الدهون وغيرها، ويعتبر الصوف والفرو أفضل الأقمشة العازلة، وكذلك القطن الذي يحتوي على نسبة من البوليستر يمنع ضياع الحرارة لخارج الجسم.
-
إغلاق منافذ الهواء جيداً
يمكن الحفاظ على كمية كبيرة من الطاقة عن طريق إغلاق منافذ التسريب الهوائي التي تضيع منها الحرارة، فتشغيل الموقد لفترة قليلة من النهار والتأكد من عدم ضياع الحرارة قد يحدث فرقاً كبيراً في استهلاك وقود التدفئة الأحفوري، حيث يمكننا وضع كواتم بلاستيكية لتغطية حواف النوافذ، ووضع منشفة لتغطية فتحة الباب السفلية وغيرها من الأماكن، ويساعد إغلاق الباب عند الدخول والخروج بسرعة دون التأخر في حفظ حرارة المنزل بشكل كبير.
-
تركيز التدفئة على غرفة واحدة
من الممكن الحفاظ على التدفئة بمكان مركزي واحد في المنزل مثل غرفة المعيشة، ومن الممكن تغيير ذلك إلى غرفة النوم في الليل، وهذه العملية تساهم في توفير الطاقة وعدم توزيعها بشكل منتشر، بل تركيزها في أهم مكان للنشاط اليومي قدر الإمكان.
-
عزل البلاط البارد
ينتشر لدينا في البلدان العربية بشكل خاص السجاد والبسط، إذ نضعها على الأرض للجلوس وفي الوقت نفسه لعزل البرودة القادمة من البلاط، وهناك عادة أقل شيوعاً تستحق التجربة وهي تعليق البسط على الحائط لزيادة كفاءة الغرفة في حفظ الحرارة.
-
إبعاد الأثاث عن الجدران
يفضل ترك مسافة تقدر ببضعة سنتيمترات بين الأريكة أو الكرسي والحائط، وذلك لدرء البرودة وتشكيل عازل بسيط للحرارة من الهواء بين الجدار والأثاث يمنع تعرضنا للبرودة المباشرة من الجدران الباردة التي تحتك مع الهواء الخارجي البارد.
-
تشغيل المروحة لتوزيع الحرارة
معظم المراوح السقفية تمتلك زراً لتعكس اتجاه دفع الهواء منها، وبالشتاء يمكن تشغيل المروحة السقفية بحركة بطيئة لتدفع الهواء نحو الأعلى عوضاً عن الأسفل، ما يساهم في انتشار الحرارة بشكل أكبر في المنزل، إذ سيتم الاحتفاظ بالحرارة المنبعثة عن مصدر التدفئة لزمن أطول، كما سترتفع كفاءة استهلاك الطاقة لو قامت المروحة بتوزيع الهواء الساخن وإعادة تدويره في أرجاء الغرفة بشكل أسرع.
-
توزيع كمادات أو زجاجات الماء الساخن
يمكن أن تساهم كمادات الماء الساخن أو عبوات الماء الزجاجية والبلاستيكية المملوءة بالماء الساخن في التخفيف من البرودة عند توزيعها في أرجاء المنزل، إذ تصدر عنها كمية جيدة من الحرارة فتجعل من جو المنزل معتدلاً، ومن الممكن وضع إحدى هذه العبوات أو الكمادات في السرير قبل النوم لكي يستطيع الشخص الاستلقاء في سرير دافئ، ولتوفير الطاقة يمكن تسخين هذه المياه في الميكرويف عوضاً عن مواقد الغاز.
-
استخدام مصادر الطاقة الحيوية
هناك عدة شركات ومنتجات تستخدم مدافئ صغيرة تعتمد على الغاز الحيوي الناجم عن التحلل الحيوي لفضلات المنزل العضوية، أو من الكتلة الحيوية التي يتم إحراقها لتصدر ناراً صديقة للبيئة، وبهذه الطريقة يمكن التخلص من الفضلات الحيوية وإعادة تدويرها واستخدامها لتوليد الحرارة.
-
استغلال الطاقة الحرارة المؤقتة من مصادر التسخين
وذلك بالاستفادة من مصادر التسخين المؤقتة التي نستخدمها في الطهو أو إعداد المشروبات الساخنة، أي عندما نغلي المياه للقهوة أو عند طهو الحساء أو الغداء والأمور الأخرى يتم وضع إبريق المياه المغلية أو القدر بعد الانتهاء في غرفة المعيشة المغلقة لبعث الحرارة، أو يمكن فتح باب الحمام بعد الاستحمام بمياه ساخنة لتزويد الجو بالرطوبة وتدفئة جو المنزل، ويمكن ترك باب الفرن مفتوحاً بعد استخدامه.
-
تحويل الغرفة لما يشبه بيت الدفيئة
ويعتمد مبدأ هذه الطريقة على ظاهرة البيت الزجاجي، حيث يتم السماح لأشعة الشمس بدخول المنزل عن طريق النوافذ المكشوفة، فيمتص داخل المنزل الحرارة ويشعها خلال الليل، لكن يحدث ضياع كبير في هذه العملية عندما تخرج الأشعة تحت الحمراء من المنزل من خلال النوافذ نحو الخارج، لذا من المفضل إغلاق الستائر قبل الغروب لحفظ هذه الأشعة الحرارية في المنزل لوقت أطول، ومن المحبذ أن تكون الستائر المستخدمة سميكة لتحقيق الاستفادة القصوى.
-
تركيب طاقة شمسية لتسخين المياه
يمكن استغلال الطاقة الشمسية لتسخين مياه المراجل وتحويل التدفئة المركزية في المنزل المعتمدة على الوقود الأحفوري إلى أخرى تعتمد على الطاقة المتجددة والمتوفرة بشكل مجاني من الشمس، لكن يعيب هذه الطريقة أن مدة التعرض لأشعة الشمس تكون قليلة في الشتاء، وتتأثر بشكل كبير من الغيوم التي تحجبها، علماً أن هذه الطريقة يتم تطويرها بشكل دوري لتخطي عيوب ساعات الشمس القليلة.
-
تشغيل سخانات هوائية
توجد سخانات صغيرة تعتمد على الكهرباء، تقوم بتوليد الهواء الساخن منها لكل البيت، وفي حال تم توزيعها بشكل مناسب وتشغيلها لساعات قليلة مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على الحرارة من الضياع، يمكنها أن توفر الكثير من تكاليف الكهرباء والوقود مقارنة بالسخانات الكهربائية أو المعتمدة على الغاز، لكن هناك بعض السلبيات الخاصة بها كإطلاق الغبار أو استهلاك كمية كبيرة نسبياً من الطاقة الكهربائية عند تشغيلها لساعات طويلة.
-
صناعة موقد خزفي منزلي
توجد طريقة بسيطة جداً لصناعة موقد لا يكلف الكثير ويصدر كمية مقبولة من الحرارة منه، وهو يدعى الموقد الخزفي (terracotta heater) وهو بحاجة لأصيص زرع خزفي يوضع بشكل مقلوب، ويتم رفعه عن الأرض أو الطاولة بحجرتين أو عمود معدني في الوسط، وتوضع بضع شموع مشتعلة أسفله، سيعمل الخزف على امتصاص حرارة اشتعال الشموع وإشعاعها للتدفئة كحرارة أقل حدة، ولا داعي للقلق بشأن تلويثي هباب دخان الشمع سقف المنزل، لأن الدخان الأسود سيعلق بالجهة الداخلية للخزف، لكن يجب الحذر عند تحريكها بعد التشغيل لأنها تصبح ساخنة.
-
وضع رف فوق المشعاع أو الشوفاج
عند وضع رف رخامي فوق المشعاع الحراري المنزلي، يقوم بتوزيع الحرارة لتبقى في القسم الأسفل من الغرفة، ويقلل خروجها من النوافذ التي قد تكون أعلاه، لذا يعد وجود هذا الرف أثناء أو بعد تركيب أجهزة التدفئة من هذا النوع مهماً.
-
تناول أطعمة ومشروبات تحافظ على حرارة الجسم
هناك العديد من الأغذية التي تزيد من حرارة الجسم، لأنها تستغرق وقتاً أطول للهضم وتساهم في الشعور بالدفء ومنها الموز والشوفان واللحوم الحمراء والبطاطا الحلوة والقرع، ويمكن للمشروبات الساخنة أن تدفئ جوف الجسم ومنها شاي الزنجبيل والقهوة والحليب وغيرها، ويعتبر النشاط البدني كالقيام ببعض التمارين الرياضية مفيداً في تدفئة الجسم.
اقرأ أيضاً: 3 طرق بسيطة تبقي منزلك دافئاً خلال الشتاء
على الرغم من قساوة الشتاء، توجد الكثير من الأمور التي يمكنها تخفيف برودته وخصوصاً بعد تفاقم حالة الاحتباس الحراري واختلال الطقس في السنوات الماضية، لكن قد تساعد بعض النصائح المذكورة في هذه المقالة في درء بعضٍ من تلك الآثار، وما زال هناك المزيد من الطرق التي يجب تطويرها في المستقبل لتوفير الدفء في الوطن العربي والعالم.