هل تجعلنا قراءة كتاب إلكتروني أكثر سعادة من ألعاب الفيديو؟

3 دقائق
استهلاك الوسائط
كان للوسائط التقليدية مثل الموسيقى والكتب الإلكترونية تأثير ضئيل جداً على رفاهيتنا. حقوق الصورة: أنسبلاش.

ارتفع استهلاك الناس لوسائط الإعلام الترفيهية بشكل كبير خلال الجائحة. على سبيل المثال، زادت مبيعات الكتب الإلكترونية المسموعة بنسبة 16% عام 2020 مقارنةً بعام 2019، وزاد بث كلّ من الألعاب والمحتوى على التلفزيون بالإضافة إلى ارتفاع تواجد الناس عموماً على الإنترنت. لقد قدمت التكنولوجيا للبعض حلولاً سحرية مع زيادة اعتمادهم على الإنترنت في الحياة اليومية، حيث سمحت لهم بالتواصل مع الأصدقاء والعائلة أكثر، بينما عانى البعض الآخر من بعض الصعوبات.

كيف تؤثر الوسائط الرقمية على الرفاهية؟

أراد العلماء استكشاف كيف يؤثر هذا التغيير في استخدام الوسائط على الرفاهية. في هذا الصدد، أراد نيكولاس جوهانس، زميل ما بعد الدكتوراه في معهد أكسفورد للإنترنت وزملاؤه معرفة ما إذا كانت الأشكال المختلفة للوسائط التقليدية، بما في ذلك الموسيقى والتلفزيون والأفلام وألعاب الفيديو والكتب الإلكترونية والمجلات الرقمية والكتب الصوتية، تؤثر بشكلٍ كبير على الرفاهية والرضا عن الحياة.

نظرت الدراسة التي نشرتها مجموعته في دورية «ساينتيفيك ريبورتز» الأسبوع الماضي بشكلٍ أكثر تحديداً في شعور الناس بعد استهلاك أشكال مختلفة من الوسائط التقليدية، وخلصت الدراسة إلى أن الآثار الإيجابية لاستهلاك الوسائط التقليدية «صغيرة جداً بحيث لا تُعتبر مهمة عملياً» وأن «التأثير الإجمالي الصافي لوسائل الإعلام التقليدية يشبه تأثير وسائل التواصل الاجتماعي».

على الرغم من أن الدراسة كانت صغيرة نسبياً، إلا أن التأثيرات التي رأوها كانت متسقة إلى حد كبير عبر الأنواع المختلفة من الوسائط التقليدية. يقول يوهانس: «إن تأثير ألعاب الفيديو لا يختلف حقاً عن تأثير قراءة الكتب». (كان الفريق قد قام بقياس متوسطات عدة عوامل، والتي يمكن أن تستبعد الفروق بين الكتب المختلفة وكيف تجعلنا نشعر. جميعنا قرأ كتباً أحببناها كثيراً، وقرأنا كتباً لم نحبها أيضاً).

أُخذت البيانات التي اعتمد عليها الفريق من دراسة استقصائية شملت 2,157 مشاركاً في المملكة المتحدة تبلغ أعمارهم 16 عاماً وأكثر، وأُجريت في إبريل/نيسان ومايو/أيار من عام 2020 أثناء الإغلاق الأول. طرح الاستطلاع أسئلةً على المشاركين من قبيل «ما مدى استخدامك لهذه الأنواع المختلفة من الوسائط خلال الأسبوع الماضي؟» و«كيف تشعر مؤخراً؟».

تم طرح هذه الأسئلة ست مراتٍ خلال ستة أسابيع متتالية. خلال هذه الفترة الزمنية، قام الفريق بمقارنة كيف أثرت أنواع مختلفة من الوسائط التقليدية على مستويات السعادة أو القلق المبلغ عنها ذاتياً على المدى القصير، والتصورات طويلة المدى حول الرضا العام عن الحياة.

بدا على أولئك الذين أبلغوا عن متابعة التلفزيون والموسيقى والأفلام وألعاب الفيديو الشعور بسوءٍ طفيف على المدى القصير مقارنة بأولئك الذين لم يبلغوا عن ذلك. لكن يوهانس يشير إلى أن هذه مجرد ارتباطات، لذا فهي لا تظهر اتجاه التأثير. قد يجعلك الاستماع إلى الموسيقى تشعر بالسوء، أو قد ترغب بالاستماع إلى الموسيقى عندما تشعر بالإحباط للشعور ببعض الراحة.

على المدى القصير، أفاد الأشخاص الذين استخدموا شكلاً من أشكال الوسائط بأنهم يشعرون بمزيد من القلق والحزن بشكل طفيف مقارنةً بأولئك الذين لم يستخدموا أي وسائط في فترة الدراسة. ولكن بالنسبة لتقييم شعورهم تجاه جودة حياتهم بشكل عام، أبلغ مستخدمو الوسائط والذين لم يستخدموها عن مستويات مماثلة من الرضا عن الحياة.

الوسائط التقليدية مقابل وسائل التواصل الاجتماعي

في النتيجة، يقول يوهانس إن الرأي القائل بأن الوسائط التقليدية أفضل لنا من شيء مثل وسائل التواصل الاجتماعي ليس له ما يبرره حقاً: «نتائجنا وقياساتنا عامةٌ وتقريبية نسبياً، ولكن إذا كانت الوسائط التقليدية رائعة حقاً بالنسبة لنا، لكان هناك فرق معنوي مهم معها. لكننا لم نتمكن من ملاحظة سوى فروقٍ متناهية الصغر».

تتمثل خطوة الفريق التالية في النظر إلى ما يفعله الناس ولماذا يفعلون ذلك. في الواقع، تتطلب دراسة عادات استهلاك الوسائط بشكل دقيق (ما كان الناس يقرؤونه بالفعل، ويستمعون إليه ويشاهدونه ويلعبونه، وفي أي وقت) بيانات أفضل وأكثر دقة.

يقول يوهانس: «هناك الكثير من الأخطاء في قياس البيانات المبلغ عنها ذاتياً. إذا قارنت هذه القياسات بسجلٍ من هاتفك يقيس أداء ملفات البودكاست، فستكون مختلفة نوعاً ما».

يتمثل التحدي الآخر في دمج هذه البيانات التفصيلية مع الدوافع التي يمتلكها الأشخاص عندما يقررون قراءة كتاب أو مشاهدة برنامج ما. يقول يوهانس: «قد يكون التأثير مختلفاً كلياً إذا ما كنت تستمتع بمشاهدة فيلم يقول عنه الآخرون إنهم لا يحبونه، ولكنه يجعلهم يشعرون بالرضا. لن تظهر مثل هذه الفروق في تحليل البيانات أبداً».

المحتوى محمي