يحدث سوء الممارسة الطبية عندما يرتكب الطبيب خطأً يتسبب للمريض أو لأحد أفراد أسرته بحدوث ضرر جسيم، إذ يُنظر للأمر من الناحية القانونية على أنه فشل الطبيب في الامتثال لمعيار مقبول من الرعاية. يُطلق على الخطأ الذي يُرتكب من قِبل فرد ليس بطبيب بـ "الإهمال"، لكن مصطلح "سوء الممارسة" هو ما ينطبق على المتخصصين في الرعاية الصحية، وذلك لأن عواقبه قد تنطوي على نتائج وخيمة أو حتى مميتة في بعض الأحيان، لهذا لا يمكن أن نقول عن ذلك إهمالاً وحسب.
اقرأ أيضاً: ما الأخطاء الطبية الأكثر شيوعاً التي تقف وراء حدوث الوفاة؟
ما هو الخطأ الطبي؟
قبل معرفة ما يجب أن نفعله عند تعرضنا أو أحد أفراد أسرتنا لسوء الممارسة الطبية، علينا أن نعي الأخطاء الطبية التي تندرج تحت مُسمى سوء الممارسة. وعموماً، لا لبس في بعض أشكال سوء الممارسة الطبية مثل إجراء عملية جراحية على الجزء الخطأ من الجسم، كبتر الساق اليمنى بدلاً من اليسرى أو إجراء عمل جراحي على المريض الخطأ أو إعطاء الدواء الخاطئ.
يكون لدى الفرد الحق بأن يقول إنه تعرض لسوء الممارسة الطبية عندما يفشل الطبيب أو غيره من المهنيين الطبيين في توفير العلاج المناسب له، ليتسبب العلاج غير الصحيح المُقدَّم له في حدوث إصابة جديدة. يتضمن بعض الأمثلة على سوء الممارسة الطبية كلاً مما يلي:
- عدم تشخيص حالة طبية.
- التشخيص الخاطئ لحالة طبية معينة.
- عدم معالجة الحالة الطبية بالشكل الصحيح.
- فشل إعطاء أدوية التخدير بأمان.
- عدم إعطاء الأدوية بالشكل الصحيح.
- فشل إدارة الحمل أو الولادة بطريقة آمنة.
- إهمال طاقم التمريض أو أي موظف موكل إليه مراقبة المريض بإعلام الطبيب حول حدوث أي أمر طارئ.
- عدم حماية المريض من السقوط أو تعرضه للأذى عن طريق إحدى ممتلكات المستشفى.
- إفشاء السر الطبي؛ أي تحدث الطبيب عن الحالة الطبية للمريض مع شخصٍ آخر دون موافقة المريض.
لا يكون معظم أنواع سوء الممارسة واضحاً. على سبيل المثال، يمكن القول إن أحد أشكال سوء الممارسة الطبية هو عدم إعلام المريض بالمخاطر الجسيمة لدواء معين أو عمل جراحي، وحدوث هذه المضاعفات للمريض، إذ يجب إعلام المريض بإيجابيات وسلبيات كل علاج يقدّمه الطاقم الطبي وكل إجراء تشخيصي، وحتى قبل البدء بفحص المريض سريرياً يجب التحدث معه حول ما سيقوم به الطبيب بشكلٍ دقيق وينبغي التأكد من أن المريض يعي تماماً ما يخبره الطبيب به قبل البدء بالفحص.
ماذا تتصرف عند تعرضك لسوء الممارسة الطبية؟
تختلف المعايير والإجراءات الخاصة بسوء الممارسة الطبية بين الدول، إلّا أن جميعها يشترك بمجموعة من النقاط أهمها أنه يحق لكل مريض رفع دعوى سوء الممارسة، حيث يُتوقع من المستشفى أو الطبيب أو غيره من أخصائيي الرعاية الصحية توفير مستوى معين من الرعاية، فالمختص غير مسؤول عن جميع الأضرار التي يتعرض لها المريض، ومع ذلك هو مسؤول قانونياً إذا تعرض المريض لضرر أو إصابة ناجمة عن انحراف جودة الرعاية عن المستوى المتوقع.
اقرأ أيضاً: ما الذي يجب تجنبه قبل إجراء التحاليل الطبية؟
ويمكن تلخيص ما يمكن للمريض أن يقوم به عند تعرضه لسوء الممارسة الطبية بالركائز الأربع التالية لكي يتم النظر في حالته كسوء ممارسة طبية، حيث يتوجب على المريض المصاب إثبات إهمال الطبيب في تقديم الرعاية، وأن هذا الإهمال أدّى إلى إصابته. ويمكن القيام بذلك من خلال:
- تأكيد أن الإهمال مرتبط بواجب مهني تجاه المريض وليس اختيارياً؛ أي كان على الطبيب تقديم علاج معين بشكلٍ مؤكد وواجب.
- الإخلال الصريح بهذا الواجب؛ أي لم تحقق رعاية مقدم الرعاية الصحية المستوى المتوقع.
- حدوث الإصابة الناجمة عن الخرق التي ترتبط بشكلٍ وثيق بالإهمال الحاصل.
- إثبات الأضرار الناتجة عن ذلك، سواء كان ضرراً جسدياً أو عاطفياً أو نفسياً أو مادياً.
ومن المهم التمييز بين عدم الرضا عند المريض وحالة سوء الممارسة، فعدم رضا المريض عن نتيجة العلاج لا يعني سوء الممارسة، ولا يكون سوء الممارسة صريحاً إلّا عند وجود إهمال وإصابة مُثبتين.
كيف يتم البدء بالإجراءات القانونية لسوء الممارسة الطبية؟
يجب على المدعي أو ممثله القانوني رفع دعوى أمام المحكمة، وقبل بدء المحاكمة يتعين على المدعي والمدعَى عليه تبادل المعلومات وطلبات المستندات والإفادات والاستجوابات، ويمكن للأطراف التسوية خارج المحكمة للتوصل إلى اتفاق. وفي هذه الحالة لن تحال القضية إلى المحاكمة، بينما إذا لم توصل الطرفان إلى اتفاق ستنتقل القضية إلى المحاكمة.
يتوجب على المدعي أن يثبت بشكلٍ مقنع أن المدعَى عليه كان مهملاً، ويساعد على ذلك وجود خبراء طبيين في المحكمة لشرح معايير الرعاية المطلوبة. وبعد ذلك ينبغي على القاضي النظر في جميع الأدلة وتحديد الطرف الأكثر مصداقية، ويُترك القرار له في الحكم على، وإذا رأى القاضي أن الحق يميلُ لصالح المُدعي عندئذ تُصرف له التعويضات، وفي النهاية يحق للمدعي وإن خسر المحاكمة أن يُطالب بمحاكمة جديدة.
اقرأ أيضاً: ما هو الطب الشخصي؟ وهل يغيّر وجه الطب التقليدي؟
وعلى الرغم من أنها تبدو إجراءات بسيطة، فإن الدعاوى القانونية تميلُ إلى أن تكون مُكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً ما يجعلها مرهقة نفسياً، وعلى المريض أن يعي وأن يوازن بين الإيجابيات والسلبيات المحتملة قبل اتخاذ أي إجراء. فإذا كانت الإصابة طفيفة عندئذ قد ينفق المريض على الدعوى أكثر من الأموال التي ينفقها في التعافي من الخطأ، أمّا إذا كانت الإصابة قد سببت له العجز والمعاناة فإن الأمر يستحق الوقت والطاقة والجهود المبذولة لتحصيل حقه.