مع ما أحرزته الزراعة المائية من تقدم ووفرته من مزايا، قد يتساءل البعض عما يمكن زراعته من محاصيل بأسلوب الزراعة المائية. في الواقع يمكن زراعة أي محصول تقريباً في المحاليل المائية، مع استثناءات قليلة، ولكن لن تزدهر جميعها بنفس السرعة، وقد لا يحقق بعضها كامل إمكاناته. إذاً، ما هي المحاصيل الزراعية الممكن زراعتها في الزراعة المائية؟
اعتبارات يجب أخذها بعين الاعتبار لدى اختيار المحصول للزراعة المائية
الزراعة المائية هي أسلوب الزراعة في وسط مائي دون تربة، بحيث تؤمّن لها المحاليل المائية كامل احتياجاتها من العناصر الغذائية. يمكن للنباتات أن تطفو دون الحاجة لركيزة داعمة، وهو ما يُعرف بالأنظمة العائمة، ومنها ما يحتاج إلى ركيزة لتثبيت الجذور، كالصوف الصخري والبيرلايت، بحيث يتم ترطيبها بشكل دوري بمحلول المغذيات. وفقاً لهذه الأنظمة، لا تزدهر جميع النباتات في ظل ظروف الزراعة المائية، لذا لا بُدّ أن تأخذ الاعتبارات التالية بالحسبان لدى اختيارك محصول الزراعة المائية، وهي:
- وزن النبات: ففي النظام العائم تنمو النباتات فوق طوافة تعوم على المحلول المائي، لذا قد تقلب النباتات الثقيلة الطوافة أو تغرقها في المحلول.
- مستويات رطوبة الجذور: بعض المحاصيل قد تنمو مباشرة في المحلول المغذي، مثل الخس، لكن أنواعاً أخرى كإكليل الجبل تجده صعباً، حيث تفضّل أن تجف قبل أن يتم ريّها للمرة الثانية.
- درجة الحرارة: بعض المحاصيل تحتاج لدرجات حرارة دافئة لتنمو وتزدهر كالريحان والطماطم، لكن بعضها الآخر يحتاج لدرجات حرارة منخفضة لينبت كالسبانخ والخس.
- الضوء: يمكن لبعض الأعشاب والخضروات أن تكتفي بما يصلها من النافذة من ضوء، إلا أن معظم نباتات المحاصيل تحتاج لضوء ساطع كالفواكه والطماطم.
محاصيل الزراعة المائية
تختلف المحاصيل في احتياجاتها وشروط نموها في الزراعة المائية، ويمكنك الاختيار من القائمة التالية بما يتناسب مع نظام الزراعة المائية لديك:
1. محاصيل الخضروات الورقية: الخس والسبانخ
هي محاصيل شتوية، أي تفضّل درجات الحرارة الباردة بين (12-18) درجة مئوية، ودرجة حموضة بين (6-7). تتميز بجذور قصيرة وتستغرق وقتاً أقل للنضج، لذلك يمكن باستخدام أحد النظامين التاليين للزراعة المائية، وبتوفير الظروف الملائمة لنموها، الحصول على محصول على مدار العام:
- تقنية الغشاء المغذي (Nutrient Film Technique): هي تقنية تناسب النباتات الصغيرة والسريعة النمو، تتم فيها زراعة النباتات في تيار ضحل من المغذيات، بما يمكّن النباتات من امتصاص الأوكسجين الهوائي، وإعادة تدويره من الخزان.
- نظام الزراعة في المياه العميقة (Deep Water Culture): لزراعة النباتات دون ركيزة في مياه محلول مغذٍ عميق.
اقرأ أيضاً: إليك كيفية إنشاء نظام الزراعة المائية في المنزل
2. الأعشاب
كالريحان والثوم والكزبرة والنعناع والأوريغانو والبقدونس وإكليل الجبل والزعتر وغيرها من محاصيل النباتات العشبية العطرية. بشكل عام للحصول على نكهة قوية تحتاج هذه المحاصيل العشبية للبيئات ذات الرطوبة العالية والإضاءة الساطعة والحرارة الدافئة ودرجة حموضة (5.5-6.5). تناسبها جميع أنظمة الزراعة المائية، وبشكل خاص نظام تقنية الغشاء المغذي لنبات الريحان، بالإضافة إلى نظام الري بالتنقيط.
3. الطماطم
من أكثر المحاصيل كفاءة في الزراعة المائية، إذ كلما كانت ظروف التربية أفضل من حيث الحرارة والإضاءة والعناصر الغذائية التي يتلقاها، تتحسن نكهة الطماطم وقيمتها الغذائية. يمكنك البدء من بذور الطماطم، تجنباً للإصابة بالآفات والأمراض، بوضعها في مكعبات من الصوف الصخري المبللة، وفي وسط حمضي بدرجة (pH= 4.5)، وإبقائها مغطاة ورطبة عند درجة حرارة 20-25 درجة مئوية حتى تبدأ الشتلات الخضراء بالنمو.
تفضّل الطماطم الإضاءة القوية، لذا يجب نقل الشتلات مباشرة إلى مصدر الضوء أو تسليط مصابيح هاليد أو فلورسنت عليها لمدة 12 ساعة يومياً على الأقل، مع الحرص على عدم وصول الضوء إلى الجذور لأنه سيؤدي إلى تلفها وموتها. يمكن استخدام أي من الأنظمة المائية التالية لزراعة الطماطم:
- تقنية الغشاء المغذي.
- تقنية التدفق العميق.
- نظام التنقيط.
- نظام المد والجزر.
اقرأ أيضا: كيفية إنشاء نظام الزراعة المائية في المنزل.
4. المحاصيل البقولية: الفاصولياء
الفاصولياء من أنجح محاصيل الزراعة المائية في الداخل بالنسبة للمبتدئين، لأنها محصول سريع النمو، بالإضافة لإمكانية زرعها على مدار العام عوضاً عن التخزين. يمكن زراعتها بأنظمة الزراعة المائية المختلفة، إلا أن نظام المد والجزر المزود بالركيزة الداعمة للنبات كالحصى الطينية هو الأفضل، كما قد تحتاج بعض أنواع الفاصولياء إلى ما يشبه العريشة لتتمكن من تسلقها والنمو عليها.
تنمو البذور خلال مدة أقصاها أسبوعين، ويبدأ الحصاد بعد نحو 6-8 أسابيع، ويستمر لنحو 3-4 أشهر، وفقاً لملاءمة الظروف لها، حيث تحتاج الفاصولياء كي تزدهر إلى:
- إضاءة متوسطة إلى عالية الشدة.
- درجة حموضة للمحلول المائي بين 6.0-6.5
- درجة حرارة ما بين 15-21 درجة مئوية.
5. محاصيل الفاكهة: الفراولة
في الزراعة المائية يمكن الحصول على فاكهة الفراولة على مدار العام. ليس ذلك فحسب، بل وجدت إحدى الدراسات المُعدَّة لنيل شهادة الدكتوراة في جامعة نيفادا الأميركية، ونُشرت على موقع "سكولار ووركس" (scholarworks)، أن الفراولة المائية أكثر حلاوة من نظيراتها في الزراعة التقليدية.
يمكن زراعة الفراولة المائية في أحد أنظمة الزراعة المائية التالية:
- نظام المد والجزر.
- نظام الزراعة في المياه العميقة.
- نظام التنقيط.
- تقنية الغشاء المغذي.
تُثمر الفراولة المائية خلال 90-120 يوماً، وبشكل عام تحتاج شتلات الفراولة إلى:
- وسيط نمو أو ركيزة بنسبة مسامية لا تقل عن 15%، لتأمين التهوية الجيدة، كالحصى الطينية أو جوز الهند.
- درجة حموضة للمحلول الغذائي تتراوح بين (5.8 - 6.2).
- درجة حرارة ما بين (15-27) درجة مئوية، لأنها تزدهر في الظروف الباردة.
- رطوبة عالية نحو 60-75%، لأن الرطوبة العالية في الليل تساعد في حركة المغذيات في النهار.
- 12-8 ساعة من ضوء الشمس المباشر كل يوم، أو الاستعاضة عنه بمصابيح ليد أو مصابيح "هيد" (HID).
اقرأ أيضاً:
إذاً، مهما كان ما ترغب بزراعته، يمكن لمحاصيل الزراعة المائية أن تزدهر بما يفوق نباتات الزراعة التقليدية، لما توفره من جهد تبذله بحثاً عن المغذيات في التربة، ما عليك سوى أن توفر لها احتياجاتها حتى تعود عليك بالحصاد الوفير.