بعد جائحة كورونا وحالة الإغلاق العام التي رافقتها؛ بدأت بعض العبارات الجديدة تدخل إلى مفرداتنا اليومية. ومن هذه العبارات الجديدة «إرهاق زووم» الذي يشير إلى الإرهاق الذهني المرتبط بمؤتمرات الفيديو عبر الإنترنت.
يمكننا تغيير تفاعلنا مع مكالمات الفيديو بسلوك اجتماعي تكيّفي مثل عقد اجتماعاتٍ لفترات زمنية أقصر. لكن الأبحاث في مجال الصوتيات تخبرنا أن ما نستمع إليه يحدد بشكلٍ كبير مستوى الإرهاق الذي يصيبنا أثناء مكالمات الفيديو.
في الواقع، لا تخضع الأصوات المنقولة مباشرة عبر الإنترنت للتعديل، لذلك يكون وقعها مختلفاً في آذاننا. لذلك قد نستمتع بالمقابلات الصوتية حتى ولو استمرت لمدة ساعة، بينما نشعر بالإرهاق بعد مؤتمر الفيديو، حتّى ولو لم نشارك به.
الخبر السار هو أن كل واحد منا يمكنه لعب دور في تقليل «إرهاق زووم» من خلال تغيير بعض الأشياء البسيطة لتحسين تجربة اجتماع الفيديو للجميع.
1. لا تصدر الكثير من الأصوات
تثير الأصوات غير الطبيعية وغير المتوقعة والمزعجة استجابة في أدمغتنا، وتجبرنا على التركيز عليها. تُنقل أصواتنا إلى الأطراف الأخرى خلال المكالمات الجماعية أو مؤتمرات الفيديو عبر الميكروفون. بالتالي، فإن أي صوت ينتقل سيخضع للتضخيم، ويصبح ذو تردداتٍ عالية، مما يسبب ما يُدعى بتأثير «ميكي ماوس».
تلتقط الميكروفونات الأصوات الدقيقة مثل أصوات البلع والنقر وتضخمها. يمكن للطرف الآخر أن يسمع أصوات صرير الكرسي وارتشاف القهوة، وحتّى مضغ الطعام كما لو أنّك كنت تمضغه في أذنه.
هناك مشكلة أخرى إذا كنا نرغب بالفعل في الحد من تأثير أصواتنا السلبي على الطرف الآخر، وهي أننا لا نعلم كيف تبدو أصواتنا بالفعل عندما تصل إليهم. فنحن عندما نكون في لقاءٍ وجهاً لوجه، يمكننا سماع أنفسنا في نفس البيئة، وبالتالي يمكننا أن نتكيّف وفقاً لذلك. ولكن ذلك غير ممكن عبر الإنترنت.
ضع نفسك مكان المستمع. سجّل اجتماعاً لنفسك، واستمع مجدداً إلى صوتك كيف يبدو حتى تدرك تماماً كيف يسمعك الآخرون. يمكن أن تحدث التعديلات البسيطة فرقاً كبيراً، مثل تعديل موضع أو اتجاه الميكروفون. مثلاً؛ قد يخفي استخدام ميكروفون سمّاعة الرأس بدلاً من الميكروفون المدمج في الحاسب الكثير من الضوضاء في البيئة المحيطة؛ مثل أصوات النقر على لوحة المفاتيح، أو صدى الغرفة.
2. شكّل مساحتك الاجتماعية الجديدة
في حين أن محتوى ومواضيع محادثات الفيديو لدينا قد تظل كما هي، سنبقى مقيدون بالتكنولوجيا. في الواقع، يمكن أن يكون الاستماع إلى الدردشات الجماعية مرهقاً لأننا فقدنا الطريقة التي نستخدم بها أصوات «القناة الخلفية»، والتي تتيح لنا تقديم تعليقاتٍ مُتبادلة.
يتضمن هذا النوع من التواصل استخدام الأصوات اللفظية وغير اللفظية التي تشتت سير المحادثات الجماعية، مثل الكلمات التي تتكرر دائماً لإظهار أننا منتبهين ومدركين لما يقوله الطرف الآخر، مثل «نعم» و«آه» و«حقاً»... إلخ. وقد يحدث بعض الارتباك عند تأخر وصول صوت المتكلم نتيجة بطء شبكة الإنترنت، وقد يعيق ذلك سير المحادثة برمتها.
يمكن أن تؤثر مشكلات الشبكة أيضاً على وضوح الكلام. حيث قد يؤدي فقد بيانات الصوت إلى إصدار أصواتٍ غير طبيعية مربكة. وهنا يحتاج دماغنا إلى القيام بجهد إضافي محاولاً فهم ما يقوله الطرف الآخر. أي نستهلك طاقتنا في التركيز على التغييرات الصوتية غير الطبيعية بدلاً من التركيز على فهم الرسالة نفسها.
يجب أن نعترف بالحدود التقنية للمحادثات المرئية، وأن نتكيف من خلال إنشاء آداب وبروتوكولات محادثة جديدة. يمكننا مثلاً كتم صوت الميكروفون بعد قول كلمات الترحيب، واستخدام الدردشة النصية للاستفسار أو طرح الأسئلة في المحادثات الجماعية. حاول أن تقول ما تريد بوضوح دون أن تتلعثم كثيراً، وقم بتشغيل التعليقات التوضيحية للمساعدة على فهمك. تأكد أيضاً من عدم استخدام أحد أفراد عائلتك للإنترنت أثناء وجودك في مؤتمر فيديو حتى لا يحدث أي تحميل على الإنترنت؛ بالتالي حدوث عطل أو تقطيع متكرر.
3. رتب مكان تواجدك
يمكن أن تُحدث المحادثات والضجيج في المنزل ضوضاء في الخلفية، بالإضافة إلى حدوث صدى في الغرفة نتيجة البيئة المكانية الضيقة. لكن يمكن لأدمغتنا بسهولة تمييز الأصوات في الخلفية عن أصوات المحادثة دون وعي منا بسبب قدرتها على فصل الأصوات حسب موقعها والجهة التي تأتي منها.
تسمح لنا هذه القدرة «المكانية» في تمييز مصدر الصوت لأدمغتنا بالتركيز على مصدر صوتٍ واحد دون غيره في غرفة مزدحمة. ولذلك لا يمكن سماع أصوات المحادثات الجانبية بوضوح في محادثات الفيديو، ودون معرفة اتجاه الصوت، ستصبح تلك الأصوات مشوشة إلى حدٍ كبير. وذلك أحد الأسباب التي تجعل المحادثات الجانبية التي تتم بالتوازي مع المحادثة الرئيسية تشتت انتباهنا، وتقلل من قدرتنا على فهم الكلام من الطرف الآخر.
لتوفير بيئةٍ منزلية أكثر ملائمة لمؤتمرات الفيديو؛ قم بإغلاق باب الغرفة التي تتواجد فيها لمنع دخول الأطفال، وإبعاد الحيوانات الأليفة أيضاً التي قد تقاطع مؤتمر الفيديو وتشتت انتباهك. قد لا ترغب في تحويل غرفتك إلى استديو للتسجيل عن طريق تغطية الحائط بوسائد الصوت الكرتونية الخاصة، ولكن يمكنك جعل بيئة الغرفة الصوتية أفضل وأقل إثارة للصدى باستخدام بعض المفروشات الناعمة التي لا تعكس الصوت؛ مثل البطانيات أو الوسائد. حتّى خزانة الكتب -بالإضافة لقيمتها الجمالية- يمكن أن تكون حاجزاً صوتياً في الخلفية وتقلل الصدى.
ومثلما هو الحال في ممارسة التباعد الإجتماعي، يعتمد تحسين تجربة مؤتمرات الفيديو على جهود الجميع. ونظراً لأن الكثير منا لن يعود قريباً إلى المكتب لفترةٍ طويلة، يجب علينا جميعاً العمل على تقليل ظاهرة «إرهاق زووم»، وجعل المكالمات أقل إرهاقاً للجميع.