يحب الكثير منّا التسوّق عبر الإنترنت، لما توفره لنا من راحةٍ واطلاعٍ على طيف واسع من المنتجات، ولكن علينا أن نكون حذرين، فقد نقع ضحية المنتجات المقلّدة أو الاحتيال، خصوصاً عند شرائنا المنتجات الإلكترونية. فمن السهل على التجار الذين يطمحون لتحقيق مكاسب كبيرة بيع المنتجات المقلّدة للمستهلكين، الذين لا تساورهم الشكوك في المنتج، وهي مشكلة واسعة الانتشار، فقد تكون عُرضةً لشراء منتجاتٍ مقلدة من غير قصد من مواقع التسوّق الإلكتروني المشهورة مثل؛ أمازون، أو وولمارت، وإي باي، وغيرها.
المنتجات المزيفة، السوداء، وغير الموجودة
الكثير من المنتجات التقنية سهلة الصنع بسبب طبيعتها، وتطور تقنية صناعتها. فبالتأكيد ستكشف هاتف الآيفون المزيف بسهولة، لكّن قد يكون صعباً جداً التمييز بين بطاقات الذاكرة الأصلية التي تنتجها شركة «سانديسك» الشهيرة؛ عن المزيفة منها. ويعدّ هذا الأمر مشكلةً كبيرةً للمصورين الذين يعتمدون عليها، نظراً لجودتها العالية وشعبيتها الكبيرة. وقد أشار أحد المهندسين في الشركة أن حوالي 30% من تلك البطاقات الموجودة في الأسواق؛ مُزيفة.
في الواقع، تزييف بطاقات الذاكرة ليس إلا جُزءاً من مشهدٍ أكبر بكثير. فعلى سبيل المثال، رفعت شركة آبل دعوىً قضائية ضد شركة «موبايل ستار»؛ وهي شركة -حسب زعمها- تبيع شواحن وكابلات منتجات آبل الأصلية عبر موقع أمازون. إلا أنّ آبل، وبعد أن قامت بشراء 100 منتج من أمازون لقطعها، ادعت في قضيتها أن 90% من منتجات الشركة مُقلّدة. وقد وافقت موبايل ستار على عدم بيع منتجات آبل المقلّدة في النهاية، رغم أنها نفت ارتكابها أية مخالفات. لذلك إن كنت تعتقد أنك قد اشتريت شاحن آبل المُقلّد، فاحذر، قم بالتخلص منها لأنها تحوي عيوباً قد تتسبب باشتعال الحرائق حسب بعض التقارير.
تُعد منتجات السوق السوداء أيضاً (سوق غير قانونية لبيع وشراء المنتجات الأصلية من خلال تجار التجزئة غير المُصرّح لهم بتداولها) مشكلةً كبيرةً أيضاً. غالباً ما تُشترى المنتجات الأصلية من أي مكانٍ في العالم، ثم تُورّد إلى الولايات المتحدة لتباع هناك بربحٍ مجزي. وهو أسلوبٌ شائع عندما نتكلّم عن معدّات الكاميرات الرقمية، حيث تُباع بسعرٍ أرخص بكثير في آسيا مقارنةً بالسعر في الولايات المتحدة.
لا تكمن المشكلة في أنّ منتجات السوق السوداء لن تعمل، فهي أصلية بطبيعة الحال. ولكن، إن حدثت مشكلةٌ ما في المنتج، فلن يكون لديك كفالةٌ أو ضمانٌ من المصنعين لتبديل المنتج أو إصلاحه. خذ مثلاً؛ إذا اشتريت عدسة من ماركة «ستيجما» عبر السوق السوداء، وترغب في الحصول على دعم خدمة ما بعد البيع (إصلاح مثلاً) في الولايات المتحدة، فسوف يتعين عليك دفع رسومٍ إضافية تصل إلى 250 دولار. ربما يكون هذا الحال أفضل مع هذا النوع من العدسات، فشركة «نيكون» ترفض إطلاقاً مساعدتك فيما لو اشتريت منتجاتها من السوق السوداء.
وهناك مواقف قد لا يصل المنتج فيها إليك بعد أن تطلبها من مواقع التسويق الإلكتروني. أحد الحيل التي يتبعها البائعون من الطلبيات لكسب الملايين؛ هي تجميع طلبياتٍ كبيرة للمنتجات الأعلى تصنيفاً في أمازون -مثل أجهزة نيتندو-، من خلال ادعائهم ببيعها بسعرٍ أقل بكثير من سعر بيع التجزئة. فإذا قمت بشراء إحداها، ستتلقى رسالةً بالبريد الإلكتروني تفيد بأنه سيتم شحنه خلال وقتٍ قصير، لكن لا شيء يصل إليك أبداً. في الوقت الذي تدرك فيه ذلك، سيكون البائع تلقّى أموالك وأموال الآخرين وهرب بها. ولكن عموماً ستقوم شركة أمازون بإعادة الأموال إليك حسب الشروط التي تتبعها في حال أبلغت عن عدم وصول طلبيتك، سيخيب ظنّك وتنزعج وسيكون عليك إعادة الطلب مجدداً. ربما كان الأمر حساساً لك، فربما احتجت لهديةٍ لابنك في عيد ميلاده ولم تصل في الوقت المناسب، أو شيئاً للتزيين في عيد الميلاد.
حسناً، لا تقلق. يمكنك اكتشاف بائعي البضائع المقلّدة والمنتجات المشبوهة والصفقات السيئة. إليك بضع النصائح المفيدة.
1. اشتر من المتاجر ذات السمعة الحسنة
إن أبسط طريقة لتجنب المنتجات المزيفة هي الشراء من المتاجر ذات السمعة الجيدة. إذا كنت تشتري منتجات آبل، فقم بشرائها من موقع آبل نفسه. هل تريد هاتف «جالاكسي إس 10» الجديد؟ قم بشرائه مباشرة من موقع سامسونج أو من شركة وكيلةٍ تختارها. بالنسبة لمعدات التصوير، يبقى موقع «بي آند إتش فوتوجرافي» الإلكتروني المكان الأفضل لشرائها. من أجل المعدات الأخرى، فإن ننصحك بموقع «بست باي». فهم وكلاءٌ رسميون لجميع البضائع التي يبيعونها، قد تضطر لدفع القليل أكثر مما لو اشتريته من مكانٍ آخر، لكنك ستحصل على راحة البال وتجربةٍ خاليةٍ من المخاطر.
بالنسبة لموقع أمازون؛ يحتاج هنا المزيد من الشرح. في الواقع، يُعدّ أمازون مكاناً جيداً لشراء البضائع التقنية إذا كنت تشتري من أمازون بحدّ ذاته. المشكلة أن موقع أمازون هو متجرٌ وسوقٌ عبر الإنترنت، يستخدمه تجارٌ خارج أمازون لبيع المنتجات أيضاً، حيث يمكن أن يكون بعض هؤلاء التجار -الذين يبيعون نصف البضائع المُباعة على أمازون- مشبوهين.
إذا كنت تريد التأكد أنك تشتري من الموقع نفسه فابحث عن عبارة «يتم البيع والشحن بواسطة أمازون» الموجودة تحت زرّ «إضافة إلى السلّة»، وهي نصيحةٌ من «جون دريكيتز»، رئيس أمازون السابق لسوق منتجات الأجهزة الإلكترونية في كندا، والتي يبيعها تّجارٌ خارج أمازون. وهوّ يحذر -في حال كنّا نتسوّق عرضاً لمنتجٍ من علامةٍ تجارية مشهورة-، من أن يكون البائع من خارج أمازون. في الحقيقة، الخوارزمية التي تقف وراء ظهور هذا العرض لنا معقّدة بعض الشيء، لكن أمازون في الأساس تختار من يبيع لك المنتج استناداً إلى معايير السعر والبائع، فمن المفترض أن تقدّم لك أفضل صفقة، ولكن قد تكون النتائج عكسيةً على غير المتوقع أحياناً.
2. ابحث عن بعض الإشارات التي قد تدعونا إلى أخذ الحيطة
حسب «أندرو تيرنولد»، وهو تاجرٌ خارج أمازون يقوم ببيع المنتجات على أمازون، تقوم شركة أمازون حالياً باتخاذ إجراءاتٍ صارمة ضد المنتجات المقلدة من خلال إتاحة عرض تقييم البائعين بدلاً من عرض تقييم المنتج الفردي، يقول: «إنّ الشركة التي تبيع ما قيمته 10 ملايين دولار من المنتجات المشروعة، لن تخاطر أبداً ببيع المنتجات المقلّدة، وتهدد بإغلاق حسابها على أمازون».
ومع ذلك، إذا كنت ستشتري من بائعٍ خارج أمازون، أو من أسواقٍ أخرى مثل «إي باي»؛ فسيتعين عليك أن تكون أكثر حذراً. معظم البائعين على هذه المنصات تجارتهم مشروعة، ويقومون باستخدام هذه المنصات كمنفذٍ لبيع منتجاتهم، ولكن ما يزال هناك بعض المستغلين والتجار السيئين. لكي تعرف المزيد عن البائع، انقر فوق اسم البائع الموجود تحت زرّ «سولد باي» في مربّع الشراء، سيظهر لك ملخصٌ للتقييمات والتعليقات التي يتلقائها البائع من المشترين. إذا كان تقييم البائع عالياً سيكون ذلك أفضل عموماً.
من ناحيةٍ أخرى، إذا كان لدى البائع الجديد عددٌ أقل من التقييمات والمراجعات، فلديك سبب وجيه للحذر. قد يكون بائعاً صاعداً لمنتجاتٍ مشروعة، ولكن ربما قد يكون محتالاً كبيراً. إذا لم تكن مضطراً للشراء، انتظر بضعة أسابيع لمعرفة إذا ما كان البائع قد حصل على المزيد من المراجعات والتقييمات، قد تغير قرارك حينها بطريقةٍ أو بأخرى. إذا كنت مضطراً للشراء حينها، ولم تجد على صفحة البائع المزيد من التقييمات والمراجعات، ففكر في ما إذا كان الأمر يستحق المخاطرة أم تفضل أن تشتري من مكانٍ آخر.
يجب عليك أيضاً التحقق من التعليقات على المنتج الذي تبحث عن شرائه. حيث يشتري العديد من الباعة المخادعين تعليقاتٍ مُزيفة لجعل منتجاتهم تبدو مطلوبةً بشدة؛ بالرغم من أن هذه الممارسة تترصدها أمازون بصرامة. يمكنك التدقيق في الأمر إن انتابك شعورٌ سيء تجاه التعليقات التي تقرؤها. الكثير من التعليقات التي تقيم المنتج عالياً تكون ضبابية وفيها أخطاءٌ املائية، وهي مدعاةٌ للشك.
إذا كنت بحاجةٍ للقليل من المساعدة، يمكنك استخدام خدمة «ريفيو ميتا» التي تقوم بتحليل المنتج للتحقق من التقييمات المُزيفة. في الواقع، ليست التقييمات والمراجعات المزيفة هي الشيء الوحيد الذي يمكنك التحقق منه لتفحّص موثوقية البائع. ينبغي عليك أيضاً التدقيق في وصف المنتج والصور. عادةً ما تضم صفحات المنتجات ذات التقييم العالي على صورٍ دقيقةٍ ومناسبة للمنتج، ووصف دقيق ومتكوبٍ بعناية. إذا وجدت هناك أخطاء املائية أو صور هواة، وأوقات شحنٍ طويلة جداً، فثمة سبب يدعوك للريبة. الأفضل أن تشتريها من مكانٍ آخر.
هناك شيءٌ أخير ينبغي التحقق منه، وهو وجود عبارة «النسخة العالمية»، والتي تُعدّ في الأساس إشارةً إلى بضائع السوق السوداء التي لا يكون معها كفالةٌ للمنتج من قبل الشركة المُصنعة.
3. ثق بحدسك
على الرغم من كل هذه النصائح، إلا أننا لا يمكننا تجنب حدسنا في بعض الأحيان. إذا كان هناك منتجٌ جيد والكلّ يمدح فيه، فربما قد لا يكون المنتج كذلك، وهو أمرٌ يدعوك للشك ربما. فمثلاً، سمّاعات آبل «إيربودز» يستحيل أن يكون سعرها 30 دولاراً، مهما حاول البائع أن يقنعك أنها أصلية. إذا شعرت بشعورٍ سيء تجاه ما تود شرائه عبر الإنترنت، فثق في حدسك واشتره من مكانٍ آخر كي يرتاح بالك.