في نهاية شهر مارس/ آذار 2022، نشرت مجلة «ذا نيويوركر» مقالاً بقلم «كايل تشايكا» بعنوان أثار اهتمامي وغضبي على حد سواء: «هل أصبحت كاميرات آيفون أذكى من اللازم؟».
بصرف النظر عن كون العنوان مثالاً نموذجياً على قاعدة «بيتريدج» لصياغة العناوين، فإنه يعزز الفكرة التي تنص على أن التصوير الفوتوغرافي الحاسوبي يمثل تهديداً للمصورين أو أنه يفسد التصوير بطريقة ما. يعرض العنوان الفرعي الحكم بالطريقة النموذجية التي تعرض بها العناوين الجذابة هذه الأحكام عادة: «تستخدم أحدث طرازات الهواتف الذكية من شركة آبل التعلم الآلي لجعل كل صورة تبدو ملتقطة بشكل احترافي. لكن هذا لا يعني أن الصور ذات جودة عالية».
المعنى المضمن لهذا العنوان، ومضمون المقالة بشكل عام، هو أن التعلم الآلي ينتج صوراً ذات جودة منخفضة. هذا المقال مثال على «عدوى» الحنين إلى الماضي التي تتزايد مع استخدام المزيد من تقنيات التصوير الحاسوبي في إنتاج الصور: «تكتسب الآلات المزيد من التحكم، وأصبحت الخوارزميات تتخذ القرارات التي اعتدنا نحن اتخاذها، وكنت أستطيع التقاط صور أفضل باستخدام أجهزة أقدم»، كلها قناعات تعتمد على فكرة أن المصورين «الحقيقيين»، أي المصورين المحترفين، لن يستخدموا أبداً مثل هذه التكنولوجيا.
(لنتجاهل حقيقة أن عبارة «هذا لا يعني أن الصور جيدة» يمكن تطبيقها على كل تكنولوجيا جديدة تم تطويرها منذ ظهور التصوير الفوتوغرافي. يمكن للكاميرا الأعلى جودة تحسين الميزات التقنية للصور، ولكنها لا تضمن أن تكون «الصور ذات جودة عالية».)
أوصي بشدة بقراءة المقال آنف الذكر، والذي يتضمن بعض الأفكار المنطقية. لكن مشكلتي هي أنه يتجاهل حقيقة مهمة: التصوير الحاسوبي هو أداة، يمكنك اختيار استخدامها من عدمه.
اقرأ أيضاً: تطبيقات بسيطة لصنع أفلام رسوم متحركة باستخدام الهاتف الذكي
تذكّر أنه لديك خيارات مختلفة
للتلخيص، فإن حجة تشايكا هي أن الميزات التي تعتمد على التعلم الآلي في جهاز آيفون تساهم في إنتاج صور «غريبة وغير مألوفة»، وأنه في جهازه «آيفون 12»، فإن «التلاعب الرقمي صارم وغير مجدٍ». إنه يتحدث عن ميزات مثل «الدمج العميق» وغيرها، والتي تلتقط المشاهد بدرجات مختلفة من التعريض (أي كمية الضوء المسموح بإسقاطها على الوسيط الفوتوغرافي، سواء كان الفيلم أو حساس الصور) في أجزاء من الثانية، وتعدّل مناطق معينة بناءً على محتواها مثل السماء أو الوجوه، ثم تدمج الصور معاً لإنشاء صورة نهائية. ما على المصور إلا أن ينقر على زر الغالق ويرى النتيجة النهائية، دون الحاجة إلى معرفة أي من العناصر التقنية مثل سرعة الغالق أو فتحة العدسة أو حساسيتها للضوء (أو مقياس «آي إس أو»).
يمكنك التخلص من هذه الميزات بسهولة باستخدام تطبيقات طرف ثالث مثل «هالايد» أو «كاميرا +»، والتي تسمح لك بالتصوير باستخدام عناصر التحكم اليدوية وحفظ الصور بصيغ «جاي بي إي جي» أو «آر أيه دبليو». يمكن لبعض ميزات هذه التطبيقات الاستفادة من معالجة الصور الخاصة بالجهاز نفسه، ولكنك لست مضطراً لاستخدامها. التحكم اليدوي الوحيد غير المتاح هو التحكم بقطر فتحة العدسة، وذلك لأن كل عدسة صغيرة في هاتف آيفون لها قطر ثابت.
ثبات أقطار الفتحات هو أيضاً سبب احتواء الجهاز على وضع «الصور الشخصية»، والذي يتحسس العناصر في الصورة ويموه الخلفية بشكل مصطنع لمحاكاة تأثير «عمق المجال» السلس الذي ينتج عن التصوير باستخدام عدسة ساطعة لها مقياس فتحة «إف/1.8» (وهو مقياس لقطر فتحة العدسة. كلما ازداد الرقم، ضاقت الفتحة) أو أوسع. لا تستطيع الكاميرات الصغيرة توليد هذا التأثير، لذلك لجأت شركة «آبل» (ومطورو الهواتف الذكية الآخرون) إلى البرمجيات لتوليده. أظهرت التطبيقات الأولى لوضع الصور الشخصية عيوباً ملحوظة في أغلب الحالات، لكن التكنولوجيا تحسنت في نصف العقد الماضي لدرجة أنه لم يعد واضحاً دائماً أنه تم استخدام هذا الوضع.
ولكن، مجدداً، يستطيع المصور ألا يستخدم هذا الوضع. وضع صورة الوجه هو مجرد أداة، إذا لم تعجبك الصور التي ينتجها، فيمكنك استخدام كاميرا «دي إس إل آر») أو كاميرا بدون مرآة بعدسة جيدة.
اقرأ أيضاً: نظّم صورك بسهولة بمساعدة الذكاء الاصطناعي
الخيارات المتعلقة بالخوارزميات
لا شك في أن معالجة الصور الخاصة بهاتف آيفون تنتج مظهراً مميزاً، وهذا المظهر يجعلك تتمكن من تحديد الصور الملتقطة باستخدام هذا الجهاز. يمكن أن تبدو بعض الصور وكأن لها مدى ديناميكي مبالغ به، ولكن يظل هذا أفضل بكثير من طرق المعالجة الخاصة بالمزج التعريضي الضوئي المبكرة، والتي أنتجت صوراً بمدى ديناميكي عالٍ تمت زيادة سطوع كل الظلال فيها.
ينتج كل نظام صوراً لها مظهرها الخاص. من وجهة نظري، تميل طرق معالجة الصور الخاصة بشركة آبل إلى أن تكون أكثر طبيعية، إذ تحافظ على البقع المظلمة مع تجنب البقع شديدة السطوع في المشاهد التي قد يكون التقاطها صعباً بالنسبة لكاميرا دي إس إل آر. بينما تميل طرق معالجة الصور الخاصة بشركة «جوجل» إلى تعريض المشهد بأكمله للكثير من الضوء. هذه خيارات يتخذها مهندسو الشركات عند تطبيق الخوارزميات التي تحدد كيفية معالجة الصور.
ينطبق الشيء نفسه على الشركات المصنعة للكاميرات التقليدية، إذ تمتلك صور كاميرات «فوجي فيلم» و«كانون» و«نيكون» و«سوني» مظهر الـ «جاي بي إي جي» الخاص بها، وهذا السبب الذي يجعل المصورين يختارون استخدام نظام معين. في الواقع، يعترف تشايكا بذلك عندما يستذكر « ... الصور النقية لكاميرا "لايكا" ذات العدسة ثابتة القطر، أو الصور الفورية لكاميرا "بولارويد" ذات التعريض البقعي».
اقرأ أيضاً: 6 نصائح احترافية لالتقاط صورٍ جذابة للطعام
يريد كاتب المقالة تصوير جودة صور هاتف آيفون على أنها نسخ اصطناعية غير طبيعية من الواقع، صور فوتوغرافية « ... واضحة ببرود وغير إنسانية بشكل مبهم، أصبح وجودها ممكناً بسبب المزج الغريب بين التعبير الإبداعي والتعلم الآلي». هذه جملة تعبيرية جميلة، لكنها تعقب الحديث عن ميزة «أنماط التصوير» الخاصة بكاميرا هاتف آيفون، والمصممة لمنح المصور المزيد من التحكم في معالجة الصور. إذا كنت تفضل الألوان الدافئة (أي الألوان الزاهية والبارزة)، فيمكنك زيادة نسبتها باستخدام ميزة أنماط التصوير.
من المضحك أيضاً أن الشخص المذكور في بداية مقال تشايكا لم تعجبه الطريقة التي يُركّب فيها جهاز «آيفون 12 برو» الصور (أي، إنشاء صور واقعية أو غير واقعية من نموذج ثنائي أو ثلاثي الأبعاد عن طريق برنامج حاسوبي)، لذلك، كما يقول تشايكا، «فهو اختار مؤخراً استخدام هاتف "بيكسل" من شركة جوجل لغرض وحيد هو التقاط الصور».
يتضمن جهاز بيكسل نفس أنظمة التصوير الحاسوبي التي تُستخدم في جهاز آيفون. ويًفترض أن هذا الشخص يفضل مظهر صور جهاز بيكسل أكثر من نظيره في آيفون، وهو أمر مشروع تماماً فالخيار يعود له.
اقرأ أيضاً: الحياة أكثر جمالاً بالألوان: أدوات بسيطة لتلوين الصور القديمة
اتباع الخيار الذي يناسب الملايين
أعتقد أن المشكلة الأكبر في جهاز آيفون هي أن معظم المستخدمين لا يعرفون أنه بإمكانهم استخدام أي تطبيق آخر غير تطبيق الكاميرا الخاص بالجهاز. تم تصميم طريقة استخدام هذا التطبيق لتكون سلسلة، إذ أنه بالإضافة إلى تثبيت رمزه على الشاشة الرئيسية، يمكنك تشغيله مباشرة من رمز على شاشة القفل، أو من خلال تمرير إصبعك من يمين الشاشة إلى يسارها عندما يكون الهاتف مقفلاً. يشتمل فعل التقاط الصور في هذا الجهاز على «توجيه الكاميرا والالتقاط» لا أكثر.
والأهم من ذلك، الصور التي يلتقطها الجهاز بالنسبة لملايين الأشخاص، هي بالضبط الصور التي يرغبون في التقاطها. ينتج جهاز آيفون صوراً توثّق لحظات مهمة أو لقطات سخيفة أو أياً من المشاهد غير المحدودة التي يرغب الأشخاص في تصويرها. والتصوير الحسابي يجعل عدداً كبيراً من تلك الصور ذات جودة لا بأس بها.
بالطبع لن تكون كل صورة «عالية الجودة»، لكن هذا ينطبق على أي كاميرا. ما علينا إلا أن نختار الأدوات التي سنستخدمها في التصوير الفوتوغرافي، ويتضمن هذا اختيار استخدام التصوير الحاسوبي، واختيار نوع الكاميرا والعدسات، وضبط إعدادات الالتقاط.