بالنسبة لمعظم الناس؛ السيارة هي مجرد شيء يملؤونه بالوقود وينقلهم من النقطة أ إلى النقطة ب؛ لكن هل توقفت يوماً وفكرت كيف تفعل ذلك تماماً؟ ما الذي يجعلها تتحرك؟ حتى أن البعض يشعر بمتعةٍ خاصة عند سماع تلك الضوضاء القادمة من تحت غطاء المحرك. كيف يعمل محرك السيارة بالضبط؟
لمحة سريعة عن محرك السيارة
محرك الاحتراق الداخلي هو محرك حراري؛ حيث أنه يحول الطاقة المولّدة من حرارة احتراق البنزين -أو الديزل في بعض الطرازات- إلى عمل ميكانيكي، أو عزم الدوران. يتم تطبيق هذا العزم على العجلات لجعل السيارة تتحرك، وما لم تكن تقود سيارةً بالغة القِدم، فإن محرك سيارتك يعمل على نفس المبادئ الأساسية، سواء كنت تقود سيارة كيا أو فيراري.
تحتوي المحركات على مكابس تتحرك لأعلى ولأسفل داخل أنابيب معدنية تسمى «الأسطوانات». تخيل الأمر كأنك تركب دراجة؛ إذ تتحرك ساقيك لأعلى ولأسفل لتحريك الدواسات. يتم توصيل المكابس عبر قضبان -تشبه قصبتك- إلى العمود المرفقي، وتتحرك لأعلى ولأسفل لتدوير العمود المرفقي للمحرك الذي يشغّل بدوره عجلات قيادة السيارة. اعتماداً على طراز السيارة؛ يوجد عادةً ما بين أسطوانتين واثني عشر أسطوانة في محركها، مع مكبس يتحرك لأعلى ولأسفل في كل منهما.
من أين تأتي قوة المحرك؟
ما يدفع هذه المكابس لأعلى ولأسفل هو آلاف الانفجارات الصغيرة المُتحكّم بها التي تحدث كل دقيقة؛ والتي يتم إنشاؤها عن طريق خلط الوقود بالأكسجين وإشعال الخليط. في كل مرة يشتعل فيها الوقود؛ يسمى ذلك «شوط الاحتراق»؛ إذ تدفع الحرارة والغازات المتوسعة من هذا الانفجار الصغير المكبس للأسفل في الأسطوانة.
جميع محركات الاحتراق الداخلي الحالية تقريباً هي من مجموعة متنوعة رباعية الأشواط، وبعد حدوث شوط الاحتراق؛ الذي يدفع المكبس للأسفل من أعلى الأسطوانة، هناك ثلاثة أشواطٍ أخرى: السحب، والانضغاط، والنفث عبر العادم.
تحتاج المحركات إلى الهواء الأكسجين الذي فيه تحديداً- لحرق الوقود. أثناء شوط السحب؛ تُفتح الصمامات للسماح للمكبس بالعمل مثل المِحقنة أثناء تحركه للأسفل؛ مما يسحب الهواء المحيط من خلال نظام سحب المحرك، وعندما يصل المكبس إلى أسفل شوطه، تغلَق صمامات السحب؛ مما يؤدي إلى إحكام إغلاق الأسطوانة بشكل فعال لضربة الانضغاط؛ والتي تكون في الاتجاه المعاكس لضربة السحب، فتعمل الحركة الصعودية للمكبس على ضغط شحنة السحب.
كيف يعمل محرك السيارة بأشواطه الأربعة؟
في أحدث محركات اليوم؛ يتم حقن البنزين مباشرةً في الأسطوانات الموجودة بالقرب من الجزء العلوي من شوط الانضغاط، بينما تقوم المحركات الأخرى بخلط الهواء والوقود مسبقاً أثناء شوط السحب. في كلتا الحالتين؛ قبل أن يصل المكبس إلى الجزء العُلوي من مساره؛ والمعروف باسم «المركز الميت العُلوي»، تعمل شمعات الإشعال على إشعال خليط الهواء والوقود.
يدفع التمدد الناتج للغازات المحترقة الساخنة المكبس في الاتجاه المعاكس -أي للأسفل- أثناء شوط الاحتراق الذي يجعل العجلات على سيارتك تتدحرج؛ تماماً كما تفعل عندما تضغط على دواسات الدراجة.
عندما يصل شوط الاحتراق إلى الجزء السفلي من مساره؛ أي «المركز الميت السفلي»، تُفتح صمامات العادم للسماح بضخ غازات الاحتراق خارج المحرك مع صعود المكبس مرةً أخرى. عندما يتم طرد الهواء عبر العادم، تُغلق صمامات العادم عند «المركز الميت العُلوي»، وتبدأ العملية برمّتها مرةً أخرى.
في محرك السيارة متعدد الأسطوانات، تتم مباعدة دورات الأسطوانات الفردية عن بعضها البعض بقدرٍ متساوٍ بحيث لا تحدث أشواط الاحتراق في وقتٍ واحد؛ وبالتالي يكون المحرك متوازناً وسلساً قدر الإمكان.
لكن لم يتم إنشاء جميع المحركات على قدم المساواة؛ بل تأتي في كثير من الأشكال والأحجام. تترتب الأسطوانات في معظم محركات السيارات في خط مستقيم؛ مثل المحرك ذو الأربع أسطوانات المتسقيمة، أو تجمع بين صفّين من الأسطوانات المتوضّعة في شكل حرف «V»؛ كما هو الحال في محركات «V-6» أو «V-8» المكبسية. تُصنف المحركات أيضاً حسب حجمها، أو سعتها؛ أي الحجم المشترك لأسطوانات المحرك.
أتكينسون.. كيف يعمل محرك السيارة بأعلى كفاءة؟
هناك بالطبع استثناءات وفروق دقيقة بين محركات الاحتراق الداخلي في السوق. على سبيل المثال؛ تقوم محركات «أتكينسون» الدوّارة بتغيير توقيت عمل الصمامات لجعل المحرك أكثر كفاءةً ولكن أقل قوةً؛ إذ يعمل الشحن التوربيني والشحن الفائق، مجتمعين معاً في إطار خيارات الحث القسري، على ضخ هواء إضافي في المحرك؛ مما يزيد من الأكسجين المتاح؛ وبالتالي كمية الوقود التي يمكن حرقها.
يؤدي ذلك إلى مزيدٍ من الطاقة عندما تريدها، والمزيد من الكفاءة عندما لا تفعل ذلك، بينما تقوم محركات الديزل بكل هذا بدون شمعات إشعال؛ ولكن بغض النظر عن المحرك، طالما أنه من محرك من محركات الاحتراق الداخلي، فإنك أصبحت تعرف كيف يعمل محرك السيارة وفقاً للأساسيات.
كيف يعمل محرك السيارة الكهربائية؟
يعمل محرك السيارة الكهربائية باستخدام عملية فيزيائية تم تطويرها في نهاية القرن التاسع عشر؛ وهي استخدام تيار لإنشاء مجال مغناطيسي في الجزء الثابت من الجهاز الذي تؤدي إزاحته إلى تحريك الجزء المتحرك منه؛ ويسمى «الدوار».
ما الفرق بين المحرك الكهربائي ومحرك الاحتراق الداخلي؟ المحرك الكهربائي ببساطة هو آلة تحول الطاقة إلى الكهربائية طاقة ميكانيكية؛ وبالتالي حركة، بينما يقوم محرك الاحتراق الداخلي بنفس الشيء؛ ولكن باستخدام الطاقة الحرارية، وعندما نتحدث عن تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية، فإننا نعني الاحتراق، ولا وجود حينها الكهرباء
يمكن العثور على المحركات الكهربائية هذه الأيام في العديد من الأجهزة اليومية؛ مثل تلك التي تستخدم محركات التيار المباشر؛ حيث يتصل المحرك مباشرةً بمصدر للطاقة، وتعتمد سرعة دورانه بشكل مباشر على شدة التيار، وعلى الرغم من سهولة إنتاج هذه المحركات الكهربائية؛ إلا أنها لا تلبي متطلبات الطاقة أو الموثوقية أو الحجم للسيارة الكهربائية،مع أنك قد تجدها تشغل مساحات الزجاج الأمامي والنوافذ وغيرها من الآليات الأصغر داخل السيارة.
لذا، إذا كنت تريد أن تفهم كيف يعمل السيارة الكهربائية، فعليك أن تكون على دراية بالعناصر المادية لمحركها الكهربائي، ويبدأ بفهم مبادئ جزأيه الرئيسيين؛ الجزأين الثابت والدوار. في المحرك، يستخدَم الجزء الثابت الكهرباء لإنشاء مجالٍ مغناطيسي يقوم بعد بتدوير الجزء المتحرك.
إذاً كيف يعمل المحرك داخل السيارة الكهربائية؟ لهذا يجب أن ننتقل إلى محركات التيار المتردد؛ والتي تتطلب استخدام دائرة تحويل لتحويل التيار المباشر الذي توفره البطارية.
وإذا كنت تريد فهم كيف يعمل محرك السيارة الكهربائية، فأنت بحاجة إلى معرفة الفرق بين التيار المتردد والتيار المستمر. تتحرك الكهرباء عبر موصل بطريقتين: التيار المتردد؛ وهو تيارٌ كهربائيٌ تغير فيه الإلكترونات اتجاهها بشكلٍ دوري، والتيار المباشر؛ وهو كما يوحي اسمه؛ تتدفق فيه الإلكترونات باتجاهٍ واحد.
تعمل البطارية في السيارة الكهربائية باستخدام التيار المباشر؛ ولكن عندما يتعلق الأمر بالمحرك الرئيسي الذي يوفر قوة دفع للمركبة، يجب تحويل طاقة التيار المستمر هذه إلى تيار متردد عبر العاكس. إذاً ماذا يحدث بمجرد وصول هذه الطاقة إلى المحرك؟ يعتمد ذلك على ما إذا كانت السيارة تستخدم محركاً متزامناً أو غير متزامن.
أنواع المحركات الكهربائية
يعتمد المحرك غير المتزامن -أو المحرك الحثّي- على الجزء الثابت الذي يعمل بالطاقة الكهربائية لتوليد مجال مغناطيسي دوار، يؤدي هذا بعد ذلك إلى جذب الجزء المتحرك إلى مطاردةٍ لا نهاية لها؛ كما لو كان يحاول اللحاق بالمجال المغناطيسي دون أن ينجح أبداً، وغالباً ما يُستخدم المحرك غير المتزامن في السيارات الكهربائية التي تُستخدم بشكل كبير للقيادة بسرعات عالية لفترات طويلة من الزمن.
أما في المحرك المتزامن، يعمل الجزء المتحرك الدوار كمغناطيسٍ كهربائي بحد ذاته، ويشارك بنشاط في إنشاء المجال المغناطيسي. بالتالي، فإن سرعة دورانه تتناسب طرداً مع تردد التيار الذي يمد المحرك بالطاقة؛ هذا يجعل المحرك المتزامن مثالياً للقيادة الحضرية؛ والتي تتطلب عادةً التوقف والبدء بشكل منتظم بسرعاتٍ منخفضة.
تعمل كل من المحركات المتزامنة وغير المتزامنة بطريقةٍ عكسية؛ مما يعني أنه يمكنها تحويل الطاقة الميكانيكية إلى كهرباء أثناء التباطؤ، وهذا هو مبدأ «الكبح الاسترجاعي» المشتق من المولّد.
أجزاء المحركات الكهربائية
مغناطيس دائم
تستخدم بعض المحركات المتزامنة محركاً مغناطيسياً دائماً للدوار. يتم تضمين هذه المغناطيسات الدائمة في الدوار الصلب؛ مما يخلق مجالاً مغناطيسياً ثابتاً. يتميز المغناطيس الدائم للمحرك الكهربائي بميزة التشغيل بدون مصدر طاقة؛ ولكنه يتطلب استخدام معادن أو سبائك مواد مثل «النيوديميوم» أو «الديسبروسيوم». هذه «العناصر الأرضية النادرة» قابلة للتمغنط؛ أي يمكن مغنطتها لتصبح مغناطيساً دائماً.
يتم استخدام هذه المواد لأغراض صناعية متعددة؛ من مولدات توربينات الرياح، والأدوات اللاسلكية وسماعات الرأس، إلى دينامو الدراجات وبالطبع، محركات الجر لبعض السيارات الكهربائية.
المشكلة هي أن أسعار العناصر الأرضية النادرة متقلبة للغاية، وعلى الرغم من اسمها، فهي ليست بالضرورة نادرة؛ ولكنها توجد بشكل حصري تقريباً في الصين؛ والتي تتحكم بإنتاجها وبيعها وتوزيعها؛ مما يفسر سبب عمل الشركات المصنعة بجد لإيجاد حلول بديلة لمحركات السيارات الكهربائية.
تتضمن إحدى هذه الحلول التي استخدمتها شركة رينو الفرنسية في طراز«نيو زو»، بناء مغناطيس المحرك الكهربائي من مِلف نحاسي. يتطلب هذا عمليةً صناعيةً أكثر تعقيداً؛ ولكنه يجعل من الممكن تجنب مشاكل الإمداد، مع الحفاظ على نسبة ممتازة بين وزن المحرك وعزم الدوران الناتج.
مجموعة نقل الحركة الكهربائية
في السيارة الكهربائية، يكون المحرك المكون من الدوار والجزء الثابت جزءاً من وحدة أكبر؛ وهي مجموعة نقل الحركة الكهربائية، وهي المجموعة التي تجعل المحرك الكهربائي يعمل.
ضمن هذه الوحدة أيضاً، تجمع «وحدة التحكم الإلكترونية» بين جميع إلكترونيات الطاقة المسؤولة عن إدارة مصدر طاقة المحرك وشحن البطارية. وأخيراً؛ تتضمن محرك الغيار؛ الجزء المسؤول عن ضبط عزم الدوران وسرعة الدوران التي ينتقلها المحرك إلى العجلات.
تعمل هذه العناصر معاً على جعل المحرك الكهربائي يعمل بسلاسة وكفاءة. وما هي النتيجة؟ سيارة كهربائية صامتة وصديقة للبيئة ممتعةً في القيادة.