لا يمكنك حلّها! هذه العبارة التي قد تسمعها إن كنت تحاول لعب لغز سودوكو في المواصلات العامة أو أمام أحد أصدقائك، والسبب ليس صعوبة اللعبة فحسب بل حاجتها للتركيز وخبرة متراكمة في حل المشكلات. ولكن هذه اللعبة هي كنز من الفوائد التي تساعدك في تطوير المهارات الذهنية إن تدربت عليها تدريجياً دون الاستسلام من المحاولة، ويمكنك الاستفادة من بعض التقنيات الموجودة في هذه المقالة لمساعدتك في تحقيق ذلك.
تاريخ لعبة سودوكو
يعود تاريخ لعبة سودوكو إلى لعبة رياضيات سويسرية من القرن الثامن عشر، لكن اللعبة التي نعرفها اليوم اخترعها الأميركي هوارد غارنز (Howard Garns) عام 1979، ونشرها في مجلات ألغاز وتسالٍ محلية، حتى ظهرت اللعبة لأول مرة في اليابان عام 1984 حيث أُطلق عليها اسم سودوكو وزادت شهرتها في اليابان.
بدأت لاحقاً مجلة تايمز أوف لندن بنشر ألغاز سودوكو عام 2004، وتلتها الصحف الأميركية لاحقاً في العام نفسه، ومن بعدها تحولت اللعبة إلى ظاهرة عالمية، إذ استُضيفت أول بطولة عالمية للعبة سودوكو في إيطاليا عام 2006، وما زالت البطولات العالمية للسودوكو مستمرة.
اقرأ أيضاً: 6 استراتيجيات فعالة لتعلم سريع وإنتاجية مرتفعة
فوائد لعبة سودوكو
يمكن تلخيص أهم فوائد لعبة سودوكو بالنقاط التالية:
-
تحسين التركيز
إذ تتطلب هذه اللعبة تفكيراً منطقياً، وأي انقطاع عن التركيز أثناء حلها يمكنه أن يكسر سلسلة الأفكار ويجبر اللاعب على إعادة تحليله، لذا ستؤدي الممارسة المستمرة إلى تمرين الدماغ على التركيز وعدم الالتفات لمصادر الإلهاء.
-
تقليل القلق والتوتر
يمكن للعبة سودوكو أن تساعد الشخص في نسيان مصادر القلق والتوتر، وتسهم في استعادته الإحساس بالتوازن والهدوء.
-
مساعدة الأطفال والبالغين على تطوير مهاراتهم في حل المشكلات
وبشكلٍ خاص من خلال عملية التجربة والخطأ التي يجب أن يتم تطبيقها عملياً لتطوير مهارات حل المشكلات، وينعكس الأمر بشكلٍ إيجابي على المستوى الدراسي، فقد وجدت الباحثة رمية أبراهيم أن لعب السودوكو والشطرنج يزيد من القدرة الإدراكية لدى الطلاب في دراسة نشرتها بدورية إشوز أند أيدياز إن إديوكيشن (Issues and Ideas in Education) عام 2019.
-
تطوير الأداء وتحدي الذات
حيث يمكنك تحدي نفسك عن طريق رفع مستوى التحدي والصعوبة، ومقارنة أدائك وتقييم نقاط ضعفك وتطويرها.
-
صقل مهارات التفكير الموجَّه والتفكير المنطقي
حيث يتحول تفكيرك من الفوضى وعدم معرفة أين يجب وضع الأرقام، إلى التفكير والهدوء في سبيل تنسيق الفراغات بشكل مناسب ومنطقي.
اقرأ أيضاً: 5 أسباب قد تجعل ألعاب الفيديو مفيدةً في المدارس
-
تحسين الذاكرة وعلاج بعض الحالات الصحية
إذ تبقى الذاكرة نشطة بحيث لا ينسى الشخص أين يجب وضع الرقم المناسب، وأن رقماً معيناً لا ينتمي لهذا المكان، وسيتذكر أيضاً الأنماط التي تعلمها في الألعاب السابقة ما يزيد من الخبرة التراكمية في الذاكرة. وتبعاً لبحث الدكتور باتيل أشليش المنشور عام 2020 في دورية ترانزليشونال نيوروساينس (Translational Neuroscience)، تبين أن ممارسة لعبة سودوكو تسهم في علاج الأمراض العصبية المرتبطة بقشرة الفص الجبهي مثل الاكتئاب والخرف وألزهايمر وغيرها.
-
زيادة كفاءة تحليل العلاقة بين الكل والجزء وأداء المهام
قد تلاحظ بعد فترة من ممارسة لعبة سودوكو تحسناً ملحوظاً في أداء مهامك وتنظيمها، إذ يمكنك رسم خريطة ذهنية لمهامك الفردية والجماعية وتنسيقها بشكل أعمدة أو صفوف بحيث لا تتقاطع وتحدد أيها أهم وأقل أهمية بشكل يشابه تنسيق اللعبة.
-
هواية غير مكلفة وتعطي شعوراً بالإنجاز
يمكنك أن تلعب السودوكو على هاتفك الذكي أو اللابتوب بكل بساطة ودون تكاليف باستخدام تطبيقات الويب الخاصة بها متى شعرت بأنك بحاجة إلى الشعور بالإنجاز، وعندما تربح قد تتشجع لأداء مهامك المتبقية خلال اليوم.
اقرأ أيضاً: كيف تعلم أطفالك لعب الشطرنج حتى لو لم تكن من هواة هذه اللعبة؟
تقنيات حل ألغاز سودوكو
يعتمد لاعبو سودوكو على الكثير من تقنيات الحل المختلفة، ويمكن تلخيص أكثرها شيوعاً وبساطة كما يلي:
-
تقنية التقاطعات
وهي التقنية الأساسية في الحل، وتعني أن الرقم الموجود مسبقاً في خلية سيرسم تصالباً لكل الخلايا العمودية والأفقية في خانته، ما يمنع تكراره بكل الحجرات العمودية فوق الخانة وتحتها وكذلك الحجرات الأفقية عن يمينها ويسارها.
-
تقنية العد
وهي تقنية بسيطة تستخدم بطريقتين؛ الأولى هي عد الأرقام من 1 حتى 9 في مربع الكتلة الصغير الذي يحتوي على الأرقام، وعندها لا يجب أن يتكرر الرقم فيتم إكمال النقص، والثانية بالمبدأ ذاته لكن في الصفوف والأعمدة، حيث يمكن معرفة وجود رقم معين في فراغ بعمود مثلاً عن طريق تحديد الرقم الناقص من السلسلة.
-
تقنية آخر خلية فارغة
وتنطبق على الأعمدة والصفوف ومربعات الكتلة الصغيرة، وتعني ببساطة أن الخانة الوحيدة الفارغة يمكن معرفتها من خلال معرفة سلسلة الأرقام الموجودة والمكتوبة فعلياً في المربعات المجاورة.
-
تقنية آخر خلية محتملة (المرشح الفردي)
وهي تدمج بين التقاطعات الشاملة لكل مربعات الكتل وفي العمود والصف الواحد، فعندما نقوم بعمل تقاطع لأرقام موجودة خارج مربع الكتلة التي نريد مَلأها أي مربعات اليسار واليمين مثلاً وتقاطع الاحتمالات الممكنة، نجد أن هناك خلية واحدة يمكن كتابة الرقم بها أي الخلية الوسطى.
-
تقنية التجريب
وهي تقنية بدائية، تعتمد على تجريب وضع رقم معين محتمل في خانتين، وإكمال الحل، وإذا ظهر أثناء متابعة الحل أن الرقم تم وضعه في المكان الخطأ، يقوم اللاعب بإعادة الخطوات كافة ووضع الرقم في خانة الاحتمال الثانية التي لم يستخدمها. تعد هذه الطريقة مستهلكة للوقت، ففي بعض الأحيان قد تتابع الحل وتصل إلى آخر خانتين ويظهر الخطأ، عندئذ يجب أن تعيد اللعبة من البداية تقريباً.
اقرأ أيضاً: من الأطعمة إلى الألعاب: إليك أبرز الطرق لتقوية الذاكرة
-
تقنية المسودات
وهو أسلوب يعتمد على استخدام الاحتمالات للأرقام، إذ تتم كتابة الاحتمالات بالقلم الرصاص في الخانات واستبعاد التقاطعات لتكرار رقم أساسي موجود في إحدى الحجرات مع الاحتمالات المدونة في الحجرات الفارغة، ويتم استخدام الاحتمال الأكثر ترجيحاً.
-
تقنيات الاستقصاء
وتعتمد على كتابة الاحتمالات بالقلم الرصاص بشكلٍ ممنهج، وتدمج بعض التراكيب المميزة المتقدمة المختبرة سابقاً في حل سودوكو مثل تركيبة (X) أو تركيبة سمك أبو سيف وغيرها لحل اللعبة.
حقائق متنوعة عن لعبة سودوكو
فيما يلي بعض الحقائق المتنوعة عن لعبة سودوكو:
- يأتي اسم سودوكو (Sudoku) من الكلمتين اليابانيتين "سو" (su) وتعني رقم و"دوكو" (doku) ومعناها مفرد أو وحيد، أي لا يمكن وضع أي رقم آخر في المربع الواحد.
- تم إنشاء عدة برامج ذكاء صناعي لحل أي لغز سودوكو في أقل من ثانية.
- حاز الأميركي توماس سنايدر عام 2006 رقماً قياسياً مميزاً، إذ قام بإكمال لغز سودوكو صعب في دقيقة واحدة و23.93 ثانية فقط.
- يوجد أكثر من مليار لغز محتمل للسودوكو العادية، لذا فمن المستحيل أن يقوم شخص بحل كامل الألغاز الممكنة.
- يمكن لعب سودوكو باستخدام الرموز والصور والأشكال والألوان والحروف، وليس فقط بالأرقام، فهي لعبة منطقية في أساسها.
- توجد أنواع سودوكو أكثر تعقيداً، مثل سودوكو الساموراي التي تتألف من 5 مربعات سودوكو متداخلة، وغيرها من النسخ المطورة.
اقرأ أيضاً: لماذا يتعلم بعض الطلاب بشكلٍ أفضل وهم يتحرّكون بدلاً من الجلوس؟
لا يمكن إنجاز المهام المعقدة بسرعة ومن أول محاولة، وهذا الدرس الأهم الذي يمكن تعلمه من لعبة سودوكو، لذا يمكنك المحاولة مراراً والتمرن إلى أن تساعدك هذه اللعبة في حل المشكلات وتنظيمها منطقياً، فتنظر للمشكلة الواحدة من نحو 80 منظوراً مختلفاً، أي بعدد الخانات التي تفحصها كل مرة في اللعبة.