6 نصائح لتعلم مهارات جديدة بعد سن الأربعين

5 دقيقة
6 نصائح لتعلم مهارات جديدة بعد سن الأربعين
حقوق الصورة: shutterstock.com/ eamesBot

أردت تعلم قيادة الدراجة الهوائية والعزف على آلة الغيتار منذ الصغر، لكن ولسبب من الأسباب أو لكثير منها لم أستطع القيام بذلك. والآن، وأنا في منتصف الثلاثينيات، أقف حائرة؛ هل ما زلت أستطيع تعلم تلك المهارات أمْ فات الأوان؟ حسناً، تغير ذلك عندما قرأت عن الجدة الكينية بريسيلا سيتييني (Priscilla Sitienei) التي تعلمت القراءة والكتابة في التسعين من عمرها مع 6 من أحفادها، وقرأت عن بوب وجين اللذين أصبحا خبيرين في تربية النحل في أواخر الخمسين من عمرهما، على الرغم من أنهما لم يكونا يعلمان شيئاً عن تربية النحل قبل سنتين من ذلك، وغيرها من القصص.

ظننت حينها أن هؤلاء الأشخاص قد يتمتعون بمواهب خاصة لا توجد عند عامة الناس، لكن وبعد الاطلاع على العديد من الدراسات العلمية، تبين أن الإنسان مهما كان عمره قادر فعلاً على أن يتعلم أي مهارة معقدة جديدة إن كان يريد ذلك بحق. هل ما زلت متشككاً؟ حسناً، إليك ما يقوله العلم حول تعلم المهارات الجديدة بعد سن الأربعين، وبعض النصائح التي من شأنها أن تساعد على التعلم بعد هذا العمر.

اقرأ أيضاً: استثمار الوقت: عن كيفية التعامل مع أهم الأصول لديك

هل يستطيع الإنسان أن يتعلم مهارة معقدة بعد سن الأربعين؟

يفترض معظمنا أن دماغ الإنسان البالغ الأشيب لا يستطيع استيعاب الكثير من المعلومات، ولا يستطيع بالتالي اكتساب مهارة معقدة ما لم يبدأ تعلمها منذ الصغر. تعود هذه النظرة المتشائمة إلى عهد الإغريق، منذ أن قارن أرسطو ذاكرة الإنسان بلوحٍ من الشمع والذي يكون ساخناً ومرناً عند الولادة يسهل تشكيله، ثم يبرد مع التقدم في السن ويصبح قاسياً وهشاً يصعب تكوين الانطباعات المميزة عليه، فيصعب التعلم وتتضرر الذاكرة.

وبعد مئات السنين، ما زال علماء الأعصاب يستخدمون مصطلح المرونة العصبية لوصف قدرة الدماغ على التكيُّف، وكان يفترض أننا نفقد الكثير من تلك المرونة مع التقدم في العمر.

في الواقع وحتى وقت قريب، كان يُعتقد أن الطفولة على وجه الخصوص هي الفترة الحرجة لتكوين الانطباعات على "لوح الشمع"، ثم وبحلول نهاية الفترة الحرجة، تبدأ دوائر الدماغ في الاستقرار ما يجعل تعلم العديد من المهارات الجديدة المعقدة أكثر صعوبة. على ما يبدو، يأتي الدليل على هذه النظرية من الأشخاص الذين يتعلمون لغة ثانية؛ إذ يبدو أن الأطفال الصغار أكثر قدرة على التحدث بطلاقة بلغةٍ ثانية مقارنة بأشقائهم الأكبر سناً أو آبائهم.

قد يرجع هذا جزئياً إلى حقيقة أن الأطفال لديهم ببساطة المزيد من الفرص لإتقان اللغة، مثل كثرة الدعم من المدارس والزملاء وقد يكونون أيضاً أكثر جرأة ولا يهتمون بارتكاب الأخطاء عند التحدث. لكن وعلى الرغم من أنه قد يكون من المُسلّم به أن الأطفال لا يزالون يجدون سهولة في إتقان مهارات معينة، وخاصة تلك التي تتمحور حول ضبط الإدراك، فإن كبار السن يمكنهم تعويض بعض أوجه القصور بقدرتهم الأكبر على التحليل والتأمل الذاتي والانضباط. في الواقع، إن دماغ البالغين أكثر خصوبة مما كان متوقعاً، وأكثر قدرة على إنبات الروابط الضرورية للتعلم العميق.

اقرأ أيضاً: 10 مواقع لتقييم مستواك باللغات الأجنبية وبعضها يقدم شهادة

فقد توصلت دراسة منشورة في دورية علم الشيخوخة (Journal of Gerontology Science) عام 2019، نفذتها مجموعة من الباحثين بقيادة "راشيل وو" (Rachel Wu) في جامعة كاليفورنيا، إلى أن تعلم كبار السن لمهارات جديدة ومتعددة في بيئة مشجعة سيؤدي إلى نموهم المعرفي، تماماً مثلما يحدث في مرحلة الطفولة. حيث طُلب من كبار السن المشاركين في التجربة والذين تتراوح أعمارهم ما بين 58 و86 عاماً أن يحضروا من 3-5 فصول جديدة، نحو 15 ساعة في الأسبوع بشكلٍ متوسط، على غرار يشبه الدورة الجامعية لمدة 3 أشهر. تضمنت الفصول تعلم اللغة الإسبانية والتصوير الفوتوغرافي والرسم واستخدام جهاز الآيباد والتأليف الموسيقي. 

توصل الباحثون إلى أن القدرة المعرفية للمشاركين في التجربة قد ازدادت إلى مستويات مماثلة لتلك الخاصة بالبالغين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وذلك بعد شهر ونصف فقط من بدء التجربة، في حين لم يحدث تغيير في القدرات المعرفية عند المجموعة الضابطة في التجربة. يمكن القول إن كبار السن لا يمكنهم فقط تعلم مهارات جديدة ومتعددة في الوقت نفسه، بل سيساعد هذا على تحسين وظائفهم المعرفية إلى حدٍ كبير.

إذاً، على كبار السن الذين تزيد أعمارهم على الأربعين أو الخمسين أو الستين إن أرادوا أن يتعلموا مهارة جديدة أن يخرجوا فقط من منطقة راحتهم، ويتخلوا عن الخوف من التحديات الجديدة، فأوان التعلم لا يفوت أبداً. وإليك بعض النصائح التي من شأنها أن تساعد على تعلم مهارة جديدة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على الأربعين عاماً.

نصائح تساعد على تعلم مهارات جديد فوق سن الأربعين

تبنَّ عقلية النمو

قد تتمنى فعلاً أن تتعلم مهارة جديدة، لكنك لا تفتأ تقول لنفسك إن لا موهبة لديك أو لا تملك الوقت الكافي أو قد فات الأوان وعمرك لا يسمح بذلك، لكن ومتى بدأت بالتفكير على هذا النحو فأنت لن تتعلم شيئاً. في الواقع، إن افتقار كبار السن إلى الثقة بالنفس والقلق حيال الذاكرة والقدرة على التعلم هو العائق الأكبر أمام تعلمهم مهارات جديدة. لذلك، تحدَّ هذه الحواجز النفسية للتعلم وسوف ترى الفوائد العميقة على نطاقٍ واسع في وقت قصير.

تحدَّ افتراضاتك أيضاً؛ فالأفراد الذين يؤمنون بإمكانية تطوير مواهبهم من خلال العمل الجاد والاستراتيجيات الجيدة يمتلكون عقلية نمو، وهم يميلون إلى تحقيق نجاح أكبر من أولئك الذين لديهم عقلية أكثر ثباتاً الذين يعتقدون أن المواهب هي هدايا فطرية.

على سبيل المثال، إذا افترضت أن الأشخاص المشاركين في الأولمبياد هم أشخاص ولدوا بموهبة القوة والمرونة واللياقة والقفز في الهواء، فمن المحتمل أنك لن تسعى لتطوير هكذا مهارة، في حين إذا كنت تفترض أن ثمة مجالاً لك لتطوير المهارات اللازمة مهما كان عمرك، فسوف تبذل جهداً للتعلم، والذي بدوره سيساعدك على بناء المهارات المطلوبة.

اقرأ أيضاً: 4 قواعد أساسية لتطوير مهارات القيادة الناجحة

ضع أهدافاً واضحة

بداية حدد الهدف لما ستتعلمه خلال فترة زمنية محددة، إذ لا يكفي القول إن هدفك هو تعلم العزف على البيانو؛ بل حدِّد هدفاً ذكياً؛ وهذا يعني أن يكون واضحاً، وقابلاً للقياس، وقابلاً للتحقيق، وواقعياً، وملتزماً بوقتٍ محدد. على سبيل المثال، ضع هدفاً أنك وبعد شهر واحد من بدء التعلم على البيانو، ستكون قادراً على عزف العلامات الأساسية مع عزف عدة مقطوعات بسيطة مثلاً.

قد يكون من الأفضل أن تدوِّن هدفك كتابةً، وأن تفكّر في تعلم المهارات التي ستُضيف قيمة مضافة إلى عملك أو حياتك اليومية، واجعل هدف التعلم إيجابياً يمكن تحقيقه وليس بناءً على ما تريد تحقيقه. وبمجرد تحديد هدفك، ضع خطة قابلة للتنفيذ وقابلة للتتبع من أجل مساعدتك على تحقيق الهدف.

حدد مصادر التعلم اللازمة

مهما كانت المهارة التي تريد أن تتعلمها، فلا تعتمد على مصدر واحد للتعلم وتحصر نفسك فيه؛ بل استخدم العديد من الأدوات والمصادر. على سبيل المثال، إذا كنت تتعلم لغة جديدة، فينبغي ألّا تكتفي بدروس الدورة التدريبية، بل ابحث عن مصادر أخرى مثل الكتب ومقاطع الفيديو والدردشة مع متحدث أصلي وغيرها من الأساليب التي ينبغي مزجها مع بعضها بعضاً. في هذا العصر، ثمة الكثير من المعلومات في متناول يدك، فلا تحصر نفسك بطريقة واحدة فقط.

بالإضافة إلى ذلك، استخدِم استراتيجيات التعلم النشط؛ أي انخرط في أنشطة عملية مختلفة مثل أن تناقش بشكل جماعي، وأن تبادل الأدوار وذلك من أجل أن تعزز فهماً أكبر للمعلومات.

اطلب مساعدة شخص أكثر خبرة منك 

قد يساعدك العثور على خبير أو شخص يمتلك خبرة أكبر منك على توجيه تقدمك وتقييمه. لذلك، تواصل مع خبير في هذه المهارة التي تريد تعلمها وتحدث معه حول فرص التوجيه المحتملة. قد يكون هذا الشخص هو أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، أو قد يكون مدرباً محترفاً يتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال، وهذا يتوقف على المهارة التي تريد تعلمها.

اقرأ أيضاً: ما هو الغرض من الدراسة في الجامعة؟

خصص وقتاً للتدريب بشكلٍ يومي

يستغرق بناء أي مهارة جديدة الكثير من الوقت. لذلك، من المهم أن تخصص وقتاً يومياً لممارسة ما تعلمته، بحيث يكون هذا الوقت منفصلاً عن الوقت الذي تستغرقه لتعلم جزء جديد من مهارتك. على سبيل المثال، إذا كنت تتعلم العزف على البيانو، فخصص ساعة يومياً للتدريب، بحيث تكون 30 دقيقة لمراجعة العلامات التي تعلمتها بالفعل، و30 دقيقة لتعلم العلامات الجديدة. 

يتعلق مقدار الوقت الذي تحتاج إليه للتدريب كل يوم بالمهارة التي تتعلمها وعلى أسلوب التعلم الشخصي الخاص بك.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي حساب مقدار الوقت الذي يمكنك تخصيصه للتعلم، وهذا يعني أن تختار وقتاً كافياً لمهارة لديك بالفعل، لأن اختيار مهارة صعبة تأمل في تعلمها عندما لا يكون لديك الوقت الكافي لممارستها سيؤدي إلى التخلي عنها.

حافظ على نمط حياة صحي

يمكن القول إنه على الذين تزيد أعمارهم على أربعين عاماً والذين يريدون تعلم مهارة جديدة أن يراعوا صحتهم العامة أيضاً، وأن يتبعوا نظاماً غذائياً صحياً، وأن يحافظوا على لياقتهم البدنية، والتي من شأنها أن تحافظ على تلك المرونة الدماغية؛ حيث تساعد التمارين الرياضية على إطلاق الكثير من الناقلات العصبية والهرمونات المعروف أنها تعزز نمو خلايا الدماغ الجديدة والمشابك العصبية.

المحتوى محمي