ما فوائد القراءة بصوت عالٍ للذاكرة وتعلم اللغات؟

3 دقائق
ما فوائد القراءة بصوت عالٍ للذاكرة وتعلم اللغات؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Cagkan Sayin

يميل معظم الناس اليوم إلى قراءة الكتب قراءةً صامتةً، إذ ينزوون على أنفسهم، ويقرؤون بصمت باستخدام تلك الأصوات في رؤوسهم، على نحو سريع وهادئ ومريح. لكن هل يدرك القرّاء ما يخسرونه عندما لا يقرؤون بصوت عالٍ؟ في الواقع، ثمة ما هو أكثر مما تراه العين، إذ وعلى الرغم من أن القراءة بصوت عالٍ أبطأ وأكثر ضجيجاً، لكنها مفيدة جداً في تذكّر الكلمات وفهم النصوص المعقدة وتعلم اللغات، وإليك كيف.

القراءة الجهرية ممارسة أعرق وأقدم مما نظن، فما فوائدها؟

يمكن القول إن تاريخ البشرية قد انعطف انعطافاً جذرياً أو بدأ أساساً عندما اخترع السومريون الكتابة المسمارية منذ أكثر من 5 آلاف عام، والسومريون هم الحضارة التي نشأت في الجزء الجنوبي من أرض العراق حالياً. حيث استخدم الملوك والأرستقراطيون والعبيد تلك اللغة بشكلٍ مكثّف لتوثيق كل شيء؛ من الأرشيفات الملكية إلى المراسلات والسجلات العائلية طوال 3 آلاف سنة تالية.

وعلى ما يبدو، فإن النصوص المسمارية كُتبت أساساً لتُقرأ جهراً، ففي أغلب الحالات، كان يشار إلى النصوص لأن "تُقرأ" أو "تُسمع" وهذا يعني حرفياً أن تقرأ جهراً بصوت مرتفع. في حين أنه وفي بعض الأحيان فقط، كان يشار إلى النص لأن "يُنظَر إليه" أي أن يُقرأ بصمت.

أما اليوم، فهذا الطقس القديم الخاص بالقراءة قد نُحي جانباً إلى حد ما، وباتت القراءة الصامتة هي القاعدة، اللهم إلا في قراءة قصص ما قبل النوم وبعض الحالات القليلة. على كل الأحوال، ثمة العديد من الأبحاث التي تشير إلى الفوائد الحيوية للقراءة الجهرية، وأهمها:

اقرأ أيضاً: تحد من التوتر والاكتئاب: إليك فوائد القراءة للدماغ والجسم

تحسين الذاكرة

من فوائد القراءة بصوت عالٍ أنها تساعد الناس في تذكّر الكلمات والنصوص بشكل أفضل مقارنةً في حال قراءتها بصمت. هذا ما أظهره كولين ماكليود، عالم النفس في جامعة واترلو (University of Waterloo)، مع بعض الباحثين الآخرين في دراسة منشورة في المجلة الكندية لعلم النفس التجريبي (Canadian Journal of Experimental Psychology)، وأطلقوا على هذا التأثير، أي تذكُر الكلمات التي تُقرأ بصوت عالٍ، اسم "تأثير الإنتاج" (Production effect).

وعلى الرغم من أن تأثير الإنتاج يكون أقوى عند الأطفال، لكنه يفيد كبار السن أيضاً. حيث أظهر ماكليود في دراسة أخرى، أن البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 67-88 عاماً، كانوا قادرين على تذكّر 27% من الكلمات التي رددوها بصوت عالٍ، مقارنة بـ 10% فقط من الكلمات التي رُددت بصمت. 

لماذا يساعد نطق الكلمات في تذكرها؟ 

لأن الكلمات وعندما تُنطق بصوت عالٍ فإنها تصبح حدثاً مميزاً وتبرز أكثر مقارنة بالكلمات غير المنطوقة، وهذا ما يمنحها ميزة إضافية لأن تُحفظ في الذاكرة، فالناس بشكلٍ عام يتذكرون الأنشطة المتميزة وغير العادية على نحو أفضل، وخصوصاً تلك التي تتطلب مشاركة فعّالة بين الحواس.

اقرأ أيضاً: 10 مواقع لتقييم مستواك باللغات الأجنبية وبعضها يقدم شهادة

تحسين تعلم اللغات

بالإضافة إلى تحسين الذاكرة، تساعد القراءة بصوت عالٍ في تحسين تعلم اللغات، للأسباب التالية:

  • تحسين نطق الكلمات ونغماتها: إذ تساعد القراءة بصوت عالٍ في تدريب عضلات النطق بحيث تصبح أصوات الكلمات مألوفة أكثر، وتزيد الإحساس بطريقة لفظها وتحسين مخارج حروفها، كما تساعد في التدريب على نغمة وإيقاع اللغة المدروسة.
  • تعزيز الذاكرة البصرية: تساعد القراءة بصوت عالٍ على تكوين روابط سمعية بين الصور التي ينشئها المتعلم في رأسه وبين ما هو مكتوب، وهو ما يساعد في تذكر الكلمات بشكل أفضل واستيعاب المفردات الجديدة.

اقرأ أيضاً: حطّم حاجز اللغة: هذه أفضل مواقع الترجمة على الإنترنت

  • تحسين الطلاقة في اللغة: الطلاقة في اللغة تعني القراءة دون عناء، بدقة وإيقاع وتعبير صحيح، وهي لا تتعلق بترتيب الكلمات بشكل صحيح فقط، بل تتعلق بطريقة إلقائها، لذلك وكلما زاد التدريب على نطق اللغة، زادت السلاسة في تحدثها.
  • زيادة الثقة بالنفس: قد تكون إحدى أهم العقبات التي تواجه متعلمي اللغات هي امتلاك الثقة في التحدث أمام الناس باستخدام هذه اللغة، لذلك ومن خلال التدريب المستمر على القراءة بصوت عالٍ، يستطيع المتعلمون الاعتياد على طريقة نطق الكلمات ونغماتها، ما يزيد بالتالي من الثقة بالنفس أثناء التحدث.
  • تحسين الفهم والاستماع الفعّال: لأن الدماغ سيركز على كل الأصوات التي تصنعها الكلمات ومعانيها، ما يساعد في تطوير فهم أعمق للكلمات ومعانيها سواء النحوية أو الحرفية أو استخداماتها الممكنة وغيرها.

اقرأ أيضاً: 5 أدوات عبر الإنترنت تحسن كتابتك باللغة الإنجليزية

وختاماً، لا بأس إذا كنت تفضّل القراءة الصامتة، لكن بين الحين والآخر اقرأ بصوتٍ عالٍ حتى تحصل على بعض الفوائد الإضافية التي لا تُقدّر بثمن.

المحتوى محمي