يعد اختيار الفرع الجامعي من أهم القرارات المصيرية في حياة الشباب المهنية والاجتماعية، لكن بالوقت ذاته قد يواجه الشاب أو الفتاة صعوبات في اختيار الطريق المناسب، هنا يلعب الأهل دوراً محورياً في مساعدة أولادهم لتمييز المجال الملائم لهم ودعمهم في اتخاذ القرار الصائب.
هناك أمور كثيرة ينبغي أن تؤخذ بالحسبان عند اختيار الفرع الجامعي مثل تكلفة الأقساط ومعدل القبول وتحديد درجات القبول لإمكانية التسجيل في الجامعة، وسنحاول في هذه المقالة مناقشة كل هذه الأمور من منطلق شامل سعياً لتسهيل اتخاذ الخيار الأفضل .
الأمور الرئيسية التي يجب أخذها بالحسبان قبل اختيار الفرع الجامعي
في البداية يجب أن ننطلق من رغبة ابننا أو ابنتنا ونوفق بين مصلحتهم وطموحهم وما نراه الأفضل لهم، ولكي نحقق ذلك نستطيع أن نسأل أنفسنا الأسئلة التالية:
- ما هي رغبة وميول أولادي؟ أي تحديد الطموح الذي يسعون لتحقيقه، فمن الممكن سؤالهم عن رغبتهم في الدراسة الجامعية، والمهنة التي يرغبون في مزاولتها في المستقبل، والمواد التي يحبون دراستها، هل هي هندسية مثل الرياضيات والفيزياء أم علوم طبية أو أدبية أو علوم كيميائية حيوية وغيرها؟
- ما هي إمكانيات أولادي؟ تحديد قدرتهم على المتابعة في هذا المجال بشكل يتناسب مع مواهبهم وشغفهم.
- ما هي إيجابيات وسلبيات هذا المجال أو ذاك؟ ومن خلالها يمكن أخذ حكم غير منحاز في النصح بهذا المجال أو التخلي عنه، حيث نستطيع العمل مع أبنائنا وبناتنا على تحديد إيجابيات وسلبيات كل فرع جامعي بالاعتماد على عدة مصادر مختلفة.
أهم الأفكار التي تنبغي مشاركتها مع الأبناء
هناك بعض الجوانب التي قد يكون بعضها بديهياً، والآخر بحاجة لتذكير، لكن من الضروري أن نشاركها مع أولادنا قبل اختيار الفرع الجامعي، وهي:
- أن يكون اختيارهم نابعاً عن قناعة شخصية: وليس تحت ضغط أو تأثير منا أو من الآخرين، فهذا الاختيار سوف يرافقهم طيلة حياتهم وسيتحملون مسؤوليته.
- الحياة المهنية أولاً: فالجامعة تستمر بضع سنوات، لكن الحياة المهنية تدوم لعقود من الزمن، لذلك يكون الاختيار متعلقاً بالمهنة التي يرغب فيها الشاب أو الفتاة.
- اختيار ما يستمتعون به: إذ سيكون تأثير ما يقارب 5 سنوات من دراسة يحبونها ويستمتعون بها إيجابياً على حياتهم في المستقبل، بينما العكس سيكون مؤسفاً.
- تحديد هدف مميز ومستدام: يميل البعض لتبني أهداف الأهل أو الدخول بموجب درجاتهم دون أن يكون لديهم طموح أو هدف، لكن الهدف ضروري، فهناك من وضع هدفاً بأن يدرس ويبحث لإيجاد علاجات السرطان الجينية، وآخرون يريدون أن يصبحوا رواد فضاء، وغيرهم أن يصلحوا الضرر البيئي الناجم عن الاحتباس الحراري، وغيرها من الأهداف التي توجه الدراسة وتجعلها غاية سامية وتحقيقاً للذات وليست مجرد قضاء للوقت واكتساب للمعلومات.
اقرأ أيضاً: القصة الملهمة لرائدة الفضاء العربية الأولى والوحيدة نورا المطروشي
ما هي المعلومات التي يجب أن نبحث عنها لمعرفة الفرع الجامعي بشكل أفضل؟
للحصول على معرفة أفضل حول الفروع الجامعية والكليات، من المفيد البحث عن الأمور التالية:
- الجودة الأكاديمية: من حيث تمكّن الكادر التدريسي وتطور المناهج والمنشآت الجامعية مثل المخابر والقاعات، ووجود أبحاث تطبيقية ومنشورة من قبل الباحثين والأساتذة ضمن الجامعة.
- كلفة الأقساط ووجود منح تعليمية: فهناك اختيارات تكون خارج المقدرة المادية للعائلة.
- الموقع الجغرافي للجامعة: من المفضل اختيار الجامعات القريبة والتي يسهل الوصول إليها بوسائل المواصلات اليومية.
- وجود إمكانية لإكمال الدراسات العليا: إذ توجد نسبة لا بأس بها من الطلاب الذين يريدون إكمال دراساتهم الجامعية والاستمرار في العمل البحثي أو الأكاديمي.
- النشاطات الجامعية: لكي يعيش الشاب أو الفتاة خبرة جامعية متكاملة من المحبذ أن يوجد لدى الجامعة برامج نشاطات وفعاليات تدعم لطلاب، وتوسع آفاق معارفهم.
- إمكانية العمل مع الدراسة: ما يمكن الطالب من تأمين مصاريف دراسته والدراسة في الوقت نفسه.
- وجود الأصدقاء: الذي يجعل من الخبرة الجامعية جميلة، ويخلق فرصة للعمل الجماعي وخلق شبكة معارف تفيده في المستقبل.
- معدل التوظيف بعد التخرج: وتعد هذه النقطة جوهرية لأن التطور التكنولوجي قد غير العديد من الأمور، فأصبحت الاختصاصات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والهندسة الطبية مرغوبة في الآونة الأخيرة، مع العلم أنها لم تكن موجودة بشكل كبير سابقاً.
اقرأ أيضاً: ما هو الغرض من الدراسة في الجامعة؟
ما هي المصادر التي نستقي منها معلوماتنا في اختيار الفرع الجامعي؟
من الممكن جمع المعلومات الكافية عن الكليات والفروع الجامعية من خلال تصفح موقع الجامعة الإلكتروني، أو قراءة تقييم الجامعة في المنتديات الإلكترونية الطلابية ومعرفة مدى نجاح المتخرجين منها، ومن المفضل زيارة الكليات للتعرف على أجوائها والتعرف عليها بشكل فعلي ومباشر، وسماع رأي شخص متخرج حديثاً ومتفوق في الكلية وشخص في مرحلة الدراسة وآخر لا يحب الكلية وأحد المدرسين لأخذ وجهة نظر شاملة عن الكلية والتخصص والاطلاع على دليل للتخصصات الجامعية، ثم تدوين لائحة بالفروع المحتملة وإيجابياتها وسلبياتها.
المحاذير عند اختيار الفرع الجامعي
هناك بعض الأمور التي يُفضّل الابتعاد عنها عند مساعدة أولادنا على اختيار الفرع الجامعي، ومنها:
- المقارنة مع الآخرين مثل الأقارب أو الإخوة، فكل شخص هو حالة فريدة ومميزة ولا يمكن مقارنته مع غيره.
- اتخاذ قرار متسرع دون التفكير والبحث، بالاستناد إلى صور وهمية عن الجامعة من الأفلام أو التصورات المسبقة.
- الاستماع لوجهة نظر وخبرة شخص واحد وأخذ الحكم من خلالها.
- التقييم بناءً على المردود المادي للاختصاص فقط.
- الضغط عليهم لاختيار ما نريده لهم بغض النظر عن رغباتهم.
- المبالغة في التفكير والتأخر في اتخاذ القرار.
ماذا لو لم تسمح الظروف المادية أو درجات امتحانات القبول الجامعي بالدخول في المجال المرغوب؟
في حال لم تتوفر الظروف المادية أو المحصلة الكافية لكي يدخل ابنك أو ابنتك الفرع الذي يرغبه، هناك دائماً طرق أخرى واحتمالات من الممكن التفكير بها مثل:
- الدراسة أونلاين في الجامعات الافتراضية مثل هارفارد وغيرها.
- السفر عن طريق منحة لجامعات أخرى في غير بلد أو في نفس البلد لكن بمدينة أخرى.
- دخول المعاهد العليا واكتساب الخبرة بالدراسة عن طريق الدورات المهنية المختلفة وتطوير مهارات العمل المباشرة.
- هناك من يتخذون قرار إعادة دراسة امتحانات القبول الجامعي لدخول الفرع الذي يرغبون به، وهم بحاجة لتشجيع الأهل في حال اتخذوا قراراً كهذا.
اقرأ أيضاً: أفضل 9 تطبيقات لمساعدة الطلاب على الدراسة
تبقى عملية اختيار الفرع الجامعي من أكثر الأمور التي هي بحاجة للتفكير والتمييز، فالعلوم تتطور وستختفي مجالات وتظهر أخرى خلال السنوات القادمة، لكن القرار المأخوذ بعد الاستشارة والبحث والحوار المنطقي غالباً ما يساهم في تكوين جامعيين وخريجين قادرين على النهوض بواقع حياتهم ومجتمعهم ليصلوا إلى أرقى مراتب السمو.