بدلاً من جعل الطلاب يحفظون التعاريف والحقائق حول موضوع علمي مثل الضوء، فإن مدرس الصف الأول الناجح اليوم قد يجعل الطلاب يفحصون أنواعاً مختلفة من الكائنات تحت ضوء الشمس وضوء الكشاف. سيقوم الطلاب بجمع الأدلة لفهم كيف يساعدهم الضوء في الرؤية، ويجرون تجارب باستخدام مواد مختلفة لفهم كيفية تشكّل الظلال وسبب تشكّلها.
هذا التغيّر في النهج هو نتيجة لمعايير الجيل القادم للعلوم، والتي تهدف إلى تحديد رؤية موحدة لتعليم العلوم في مراحل التعليم من رياض الأطفال وحتى التعليم الثانوي في جميع أنحاء الولايات المتحدة. أُصدرت هذه المعايير في عام 2013، وهي تفيد بضرورة الابتعاد عن التركيز على توسيع المفردات العلمية والحقائق المسجلة في الكتب المدرسية وتركّز على أهمية استخدام الظواهر الواقعية لاستكشاف وشرح العالم الطبيعي. تُشرك دراسة هذه الظواهر الطلاب في مجموعة من الممارسات العلمية والهندسية. اعتمدت أكثر من 40 ولاية في الولايات المتحدة هذه المعايير أو نسخاً معدّلة منها.
على الرغم من الاعتماد واسع النطاق لهذه المعايير، إلا أن الوضع الحالي لتعليم العلوم في المدارس الابتدائية مثير للقلق. تُظهر بطاقة التقرير الوطني أن العديد من الطلاب في الصفوف من رياض الأطفال وحتى الصف الخامس لا يتلقون تعليماً علمياً جيداً، والوضع أسوأ في المناطق الفقيرة. غالباً ما يتم تخصيص معظم الوقت التعليمي في صفوف المدارس الابتدائية لتعليم الرياضيات وفنون اللغة، ولا يحظى تدريس العلوم بالاهتمام الذي يستحقّه.
بصفتي باحثة في تعليم العلوم ومعلمة، فإن هدفي هو المساعدة في إعداد الجيل القادم من معلمي العلوم. فيما يلي 5 ميّزات لمعلم العلوم الناجح في المدرسة الابتدائية، والتي تتوافق مع المعايير الجديدة.
على معلم العلوم الناجح العمل على تعزيز فضول الطلاب
الأطفال فضوليون بطبيعتهم. يجب على معلمي العلوم استخدام الظواهر اليومية كأساس لتعليم العلوم يعزز الاهتمام والفضول. يشجع هذا النهج الطلاب على لعب دور أكثر فعالية في اكتشاف الحقائق وراء الظواهر الطبيعية بدلاً من أن تُتلى عليهم الدروس من قبل المعلمين.
مثلاً، يطرح المعلم في هذا الفيديو استفساراً مثيراً للاهتمام للطلاب: كيف اختفت بركة ماء بمرور الوقت؟ خلال تجربة لاحقة، استخدم الطلاب موازين الحرارة لقياس درجة حرارة بركة ماء في الخارج في أوقات مختلفة من اليوم. استخدموا هذه البيانات للربط بين التغيرات في درجات الحرارة وتقلّص حجم البركة، والتعمق في الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة.
في هذه الحالة، جعل المدرس الطلاب ينخرطون في عملية الاستكشاف العلمي، واستخدم ظاهرة اعتيادية ليعلّمهم عن مفاهيم أساسية مثل ضوء الشمس، والطاقة، وانتقال الطاقة.
اقرأ أيضاً: لماذا يمكن أن تضر المحاضرات التعليمية المُسجلّة بتعلّم الرياضيات؟
تعزيز التفكير العلمي لدى الطلاب
يُشرك مدرسو العلوم الناجحون الطلاب في فهم الظواهر الطبيعية والأفكار العلمية الكامنة وراءها. بمعنى آخر، فإنهم يشركون الطلاب في التساؤل واكتشاف الظواهر العلمية من حولهم وكيف تحدث. إنهم يساعدون الطلاب على صياغة أسئلة وفرضيات استكشافية لشرح مثل هذه الأحداث، ويشجّعونهم على اختبار وصقل تفسيراتهم بناءً على الأدلة العلمية.
على سبيل المثال، عندما كانت مجموعة من طلاب الصف الأول يتعلمون عن الليل والنهار، أوضح الطلاب فهمهم للظواهر باستخدام آلية علمية تسمى النمذجة. مع تعلمهم المزيد والمزيد، استمروا في مراجعة رسوماتهم. كما قاموا بجمع بيانات طويلة المدى لفهم الأنماط المتكررة لليل والنهار. يجب أن يضمن المدرّسون أيضاً أن كل الطلاب يشاركون في فهم الظاهرة.
يعتمد الطلاب غالباً في مشاركة أفكارهم حول ظاهرة علمية ما على خبراتهم الشخصية ولغاتهم الأصلية من منازلهم ومجتمعاتهم. على سبيل المثال، قد يكون لدى طالب من مجتمع زراعي معرفة خاصة بنمو النبات ولغة محلية فريدة لوصفه. يوفر مدرّس العلوم الناجح فرصاً للاعتماد على مثل هذه التجارب والمعارف المحلية في الصفوف الدراسية.
تنمية الإلمام بالعلوم
يهدف المدرّسون الذين يخططون دروسهم بناءً على المعايير الحديثة إلى تنمية طلاب ملمّين علمياً قادرين على تحديد وتقييم وفهم المحاججات العلمية المتعلّقة بالمسائل المحلية والعالمية.
يستخدم هؤلاء المدرسون أيضاً قضايا العلوم الاجتماعية في العملية التدريسية. هذه القضايا هي ظواهر محلية أو عالمية يمكن تفسيرها بالعلم، وهي تتعلّق بمسائل اجتماعية وسياسية. على سبيل المثال، قد يفهم الطلاب المعلومات العلمية الكامنة وراء جائحة كوفيد-19 الحالية، ويقدمون الحجج حول كيف ولماذا يعتبر توزيع اللقاحات مهماً لمجتمعاتهم. ومن الأمثلة الأخرى على القضايا الاجتماعية العلمية تغير المناخ والهندسة الوراثية والتلوث الناجم عن تسرب النفط.
مكاملة العلوم مع المواد الأخرى
يمكن أن يؤدي تدريس العلوم باتباع نهج متعدد التخصصات، أي باستخدام الرياضيات والتكنولوجيا وفنون اللغة والدراسات الاجتماعية بهدف فهم الظواهر العلمية، إلى تجارب تعليمية غنية ورصينة.
على سبيل المثال، يمكن للمدرسين تضمين الرياضيات من خلال جعل الطلاب ينشئون مخططات ورسوماً بيانية مرئية لشرح بياناتهم التجريبية أو بيانات أرصادهم. يمكن أن يساعد استخدام التكنولوجيا عن طريق الألعاب وعمليات المحاكاة في الصفوف الطلاب على تصور أفكار علمية معقدة. بينما يمكن أن يؤدي استخدام آليات القراءة والفهم في العلوم إلى تعزيز قدرة الطلاب على القراءة النقدية للأفكار والأدلة العلمية.
استخدام الاختبارات لدعم عملية التعلّم
يصمم ويستخدم معلم العلوم الناجح المهتم بأفكار الطلاب الاختبارات المستندة إلى الأداء في الصف، والتي تكشف عن طرق تفكير الطلاب العلمية. لا يستخدم هؤلاء المدرسون الاختبارات المغلقة (أي التي لا يسمح للطلاب فيها فتح المراجع) التي تتطلب إجابات بنعم أو لا، أو تتطلب حفظ تعاريف تقليدية أو قوائم بالحقائق العلمية. بدلاً من ذلك، إنهم يستخدمون الاختبارات المفتوحة المبنية على الظواهر العلمية، والتي تمنح الطلاب فرصة لإظهار فهمهم.
على سبيل المثال، يقدم اختبار لطلاب الصف الخامس قصة عن نظام بيئي أسترالي ويحثهم على استخدام النمذجة لشرح العلاقات بين المكونات المختلفة لهذا النظام. تشجع مثل هذه الاختبارات الطلاب على شرح كيفية حدوث العملية بدلاً من استدعاء المعلومات من ذاكرتهم.
لا يقوم معلمو العلوم الناجحون بتقييم أداء الطلاب بالنسبة لصحة أو خطأ أجوبتهم، بل يقومون بتفسير وتقييم الفرضيات العلمية التي قدّمها الطلاب لفهم نقاط القوة والفجوات في العملية التعليمية، واستخدام هذه المعلومات لتعديل النهج في المستقبل.
يمكن للمعلمين المستعدين لتنفيذ هذه الممارسات الخمسة القائمة على الأدلة العلمية إشراك جميع الطلاب في فصولهم الدراسية في عملية التعلم العلمي الهادف.