نصائح للمذاكرة الفعالة وفق الدراسات العلمية والنفسية 

5 دقائق
نصائح للمذاكرة
shutterstock.com/Antonio Guillem

مع نهاية كل فصلٍ من فصول السنة الدراسية، يزداد القلق بشأن كيفية القدرة على تذكر كل شيء قبل يوم الامتحان. لكن هل سبق لك أن قضيت وقتاً في التفكير في الطرق الأكثر فعالية للدراسة؟ معظم الناس لا يأخذون الوقت الكافي للتفكير في تقنيات التعلّم الخاصة بهم. وفي كثير من الأحيان، نقوم بمعالجة المعلومات تلقائياً، نقرأ المعلومات دون تركيز، أو نذهب إلى المحاضرات عندما نكون مرهقين، ولا ننغمس تماماً في تجربة التعلّم، والعديد من طرق التعلم التي نفضلها عادةً مثل تمييز النص وإعادة قراءته، تكون غير فعالة للغاية. ولا تساعد هذه الأساليب في تحسين الفهم أو تسمح لنا برسم الروابط بين المفاهيم. لكن لحسن الحظ، كشفت الأبحاث النفسية عن أفضل الاستراتيجيات للدراسة. إليك أفضل نصائح للمذاكرة:

المباعدة بين فترات الدراسة

لا تحاول مذاكرة كل المعلومات وتعلم كل شيء في الليلة السابقة للامتحان. إذ أنه ولهذا السبب تحديداً نلاحظ في أغلب الأوقات أن معظم المحتوى الذي درسناه يختفي من أدمغتنا بعد أسبوعٍ من الاختبار.

تعلم أشياء جديدة يغير بنية الدماغ عن طريق إنشاء روابط عصبية جديدة وتقوية الروابط القديمة. ويُعرف هذا بـ«المرونة العصبية». ومن أجل تعلم المفاهيم بشكل فعال وتضمينها في ذاكرتنا، من الأفضل أن تدرس في أجزاء صغيرة على مدى فترات زمنية أطول. تشرح عالمة النفس المعرفي «يانا واينستاين» ذلك قائلة: «في كل مرة تترك فيها وقتاً صغيراً، تنسى القليل من المعلومات، ثم تعيد تعلمها نوعاً ما. وهذا النسيان يساعدك في الواقع على تقوية الذاكرة».

يحدث هذا لأن دماغنا أفضل بكثير في ترميز المعلومات في نقاط الاشتباك العصبي لدينا في فترات متكررة صغيرة مقارنةً بجلسة واحدة مطوّلة. إذ أن «المشابك العصبية» هي الآلية البيولوجية التي تساعدنا على تذكر الأشياء من خلال ربط وتقوية المسارات في دماغنا. وإذا باعدنا فترات دراستنا بمرور الوقت بدلاً من حشرها جميعها في جلسة واحدة، فإننا نُشرك مجموعات متعددة من نقاط الاشتباك العصبي في عملية التخزين، بدلاً من مجموعة واحدة فقط.

على الرغم من أن الحشو يمكن أن يساعدك في اجتياز اختبارٍ معيّن، إلا أن المادة ستختفي سريعاً من ذاكرتك عند خروجك من قاعة الاختبار. فإذا كنت تريد تذكر المحتوى لفترات زمنية أطول؛ عليك بالدراسة في فترات قصيرة منتظمة متباعدة على مدى بضعة أيام أو أسابيع أو حتى أشهر.

الاسترجاع عبر اختبار الذات وليس الملاحظات

نصائح للمذاكرة
shutterstock.com/Pheelings media

كم مرة قضيت وقتاً ضائعاً في جلسة دراسة مدتها ساعتان لإعادة قراءة الملاحظات فقط؟ لقد أثبت الباحثون أن هذه التقنية في الواقع من أقل طرق التعلم فعالية. إذ أن امتلاك المعلومات التي نحاول إتقانها في متناول أيدينا لا يجبرنا في الواقع على استعادتها من الذاكرة. نحن نخدع أنفسنا في التفكير بأننا نعرفها، بينما في الحقيقة تكون مخزنةً في ذاكرتنا قصيرة المدى. لذا، من أجل إعمال عقولنا بشكل أفضل، يجب أن نجلب المعلومات إلى الذهن بوعيٍ تام وبدون مواد داعمة.

تتمثل إحدى طرق التدرب على ذلك في إخراج ورقة بيضاء ورسم أو كتابة أكبر قدرٍ ممكن من المعلومات من الذاكرة دون الاستعانة بالمراجع. من خلال القيام بذلك، نقوم أيضاً بتغيير طريقة تخزين المعلومات في أدمغتنا مما يجعل استرجاعها لاحقاً أسهل. كما تعد البطاقات التعليمية أيضاً أداة رائعة لهذه التقنية. مجرد التفكير في المعلومات سيعزّز تلك المعرفة. وكلما فعلت هذا، كلما كان التخزين أفضل في ذاكرتك.

لذلك في المرة القادمة، لا تضيع وقتك الثمين في المذاكرة من خلال إعادة قراءة الملاحظات من أجل حفظها، بل اختبر نفسك باستمرار واجلب المعلومات بشكلٍ صحيح إلى ذهنك لتقوية ذاكرتك.

التعلّم بهدف الفهم.. وليس المعرفة فقط

نصائح للمذاكرة
shutterstoc.com/wavebreakmedia

كم مرة استخدمت عبارات عند التعلم مثل «أنا أعرف الصيغة التربيعية للعدد المعين» أو «لا أعرف جميع الأحماض الأمينية العشرين». الدراسة لمعرفة الأشياء هي في الواقع تجربة تعليمية صعبة إلى حد ما. نحن نميل إلى عدم الاحتفاظ بالمعلومات في دماغنا لفترة طويلة جداً، مما يقلّص من الهدف الكامل للتعلم. إذا اقتربنا بدلاً من ذلك من الدراسة بنيّة تذكر تلك المعرفة وكيفية الوصول إلى النتائج لسنوات قادمة، فسنعزّز قدرتنا على الاحتفاظ بالمعلومات في المقام الأول.

إحدى الطرق الأكثر فعالية لتحقيق ذلك هي محاولة تعلّم المحتوى بنيّة الاضطرار إلى تدريسه، أو تخيل نفسك تقوم بشرحه للطلاب وإن لم تكن تنوي ذلك بالفعل. ففي دراسةٍ حديثة، وجد الباحث في علم النفس «جون نيستوجكو» أنه بمجرد إبلاغ طلابه أنه سيتعين عليهم لاحقاً تدريس المحتوى، فقد تسبب ذلك في حدوث تحوّل في طريقة تفكيرهم. لاحظ أن هؤلاء الطلاب أصبحوا يتفاعلون مع المادة بطريقة أكثر فاعلية، مقارنة بأقرانهم الذين كانوا يتعاملون مع الأمر على أنه اختبار عليهم اجتيازه.

يساعد القيام بذلك على تنظيم المعلومات في دماغنا بطريقة أكثر منطقية وتماسكاً. كما أنه يساعدنا على فهم النقاط الرئيسية وتجاهل الحقائق غير ذات الصلة.

مداخلة المواضيع ذات الصلة مع بعضها

shutterstock.com/Just dance

هي عملية يقوم فيها الطلاب بالتبديل بين الموضوعات داخل موضوع ما أثناء دراستهم من أجل تحسين تعلمهم. على سبيل المثال، حل مجموعة من المسائل الرياضية لا تتطلب كافة المشاكل فيها نفس استراتيجية الحل. النوع المعاكس من عملية الدراسة هذه يسمى «الممارسة المحجوبة»؛ وهي عندما يدرس الطلاب موضوعاً واحداً بشكل كامل قبل الانتقال إلى موضوع آخر. وغالباً ما يكون التداخل مفيداً فقط إذا كان المحتوى قيد الدراسة مرتبطاً بطريقة ما. كلما زادت أوجه التشابه بين الموضوعين، كان من الأسهل على الطلاب الوصل بين الاثنين.

تشير الأبحاث إلى أن ممارسة المداخلة هذه فعالة في تحسين درجات الاختبار. ففي إحدى الدراسات، أكمل الطلاب المهام المتداخلة أو المستقلة على مدى 4 أشهر، ثم أكملوا جميعاً مهمة مراجعة متداخلة. بعد شهر، أجرى نفس الطلاب اختباراً مفاجئاً، وأظهرت النتائج أن المجموعة التي أكملت المهام المتداخلة تفوقت على مجموعة المهام المستقلة بنسبة الضعف تقريباً؛ 61% مقابل 38%.

لا تقتصر فائدة التداخل على الأكاديميين فحسب، بل يمكن أيضاً رؤية آثاره الإيجابية في مجالات مختلفة، مثل الرياضة. تظهر الأبحاث أن الاحتفاظ بالمعلومات ونقلها يكون بعد الممارسة المتداخلة؛ إذ تعلم 30 رياضياً 3 ضربات مختلفة لكرة الريشة على مدى 3 أسابيع، إما في تمرين مستقل أو متداخل. بعد الانتهاء من جميع الجلسات، تم اختبار مهارات المشاركين. أولئك في المجموعة المتداخلة، الذين مارسوا الإرسال بترتيب عشوائي، كان أداؤهم أفضل من المجموعة المستقلة.

ما وراء المعرفة

نصائح للمذاكرة
shutterstock.com/Olena Yakobchuk

من الجيد تجربة الاستراتيجيات المختلفة في الدراسة، ولكن الاختلاف الرئيسي بين الطلاب العاديين والمتميزين هو قدرتهم على ممارسة ما وراء المعرفة. وبغض النظر عن المصطلحات اللغوية المتخصصة، فإن «ما وراء المعرفة» هو مجرد التفكير في آلية تفكيرنا بحد ذاتها. بتعبيرٍ أدق، فإن ممارسة ما وراء المعرفة هي عندما نخطط ونلاحظ ونقيّم عملياتنا وأدائنا عن عمد.

تظهر الأبحاث أن القدرة على التحليل النقدي لطريقة تفكيرنا تؤثر على كيفية تعاملنا مع المهام والاستراتيجيات التي نستخدمها لحل المشكلة. إنها تساعدنا على تحديد نقاط القوة والضعف لدينا، وإجراء تعديلات على نهجنا وفقاً لذلك. يؤثر ما وراء المعرفة أيضاً على قدرتنا على تطبيق المعرفة خارج السياق المباشر الذي يتم تعلمها فيه، وهو الهدف النهائي للتعلم.

يمكننا تحسين ما وراء المعرفة من خلال التأمل والوعي الذاتي خلال جميع مراحل التعلم والدراسة. حاول أن تسأل نفسك أسئلة مثل «ما الذي أحاول تحقيقه؟»، «هل أنا على الطريق الصحيح؟»، «كيف يمكنني تحسين منهجي؟»، «ما الذي يناسبني؟»، عوضاً عن أن تسلك طريقاً فقط لأنه ينبغي عليك أن تسلكه. وستلاحظ أنه من خلال التفكير في تقدّمك، ستكون أكثر تحفيزاً لتحقيق أهداف دراستك، وأكثر وعياً بأدائك، وأكثر ثقةً عند إجراء التقييمات.

في النهاية، يجدر التذكير أن المذاكرة الفعالة ليست مسألة صدفة. وفقط من خلال الانخراط المتعمّد مع المحتوى المدروس، وإحضار هذه المعلومات بشكلٍ صحيح إلى الذهن، نستطيع تعلّم الدراسة بفعالية. فإن اتباع نهج علمي للدراسة هو حقاً أمرٌ يحتاج ترتيباً سلوكياً أكثر من أن يكون فكريّ.

المحتوى محمي