تدور حول الأرض الآلاف من الأقمار الصناعية، لها أحجام مختلفة، وتدور على ارتفاعات مختلفة دون أن تصطدم ببعضها. بعضها مخصص لأغراض علمية، وأخرى للبث التلفزيوني والاتصالات، ويُستخدم البعض لغايات عسكرية. مهما كان الغرض منه، للقمر الصناعي مبدأ عمل أساسي، تعرف إليه معنا.
ما هو القمر الصناعي؟ ومما يتكوّن؟
الأقمار الصناعية هي آلات تدور حول كوكب أو نجم. لها أشكال وأحجام متنوعة، تدور على ارتفاعات مختلفة بحسب الغرض منها. بعضها بحجم قبضة اليد والبعض الآخر بحجم شاحنة كبيرة، لكن جميعها تتكون من أجزاء أساسية:
الهوائي (نظام الإرسال والاستقبال)
يستقبل الهوائي ويرسل المعلومات والإشارات من وإلى الأرض أو من وإلى أقمار صناعية أخرى، وذلك عبر موجة راديو مضبوطة للاستقبال على تردد واحد. يضخم الهوائي هذه الإشارة ويعيد إرسالها إلى الأرض على تردد آخر. يحتوي القمر الصناعي عادةً على مئات أو آلاف من أجهزة الإرسال والاستقبال.
مصدر الطاقة
المصدر الأساسي للطاقة في الأقمار الصناعية هو الطاقة الشمسية، لذلك فإن الألواح الشمسية هي جزء أساسي في القمر الصناعي، وتَضاف إليها غالباً بطاريات لتخزين الطاقة اللازمة للعمل عندما يدور القمر الصناعي في الجزء من الكوكب الذي تغيب فيه الشمس.
نظام الدفع
يشمل الصواريخ التي تدفع القمر الصناعي للوصول إلى الموقع المداري الصحيح وإجراء تصحيحات عرضية لهذا الموقع. قد ينحرف القمر الصناعي الثابت بالنسبة للأرض بدرجة ما كل عام عن موقعه بسبب جاذبية القمر والشمس. يحتوي القمر الصناعي على دفعات يتم إطلاقها من حين لآخر لتعديل موقعه. يتحدد عمر القمر الصناعي بكمية الوقود التي يحتاجها لتشغيل هذه الدفعات. بمجرد نفاد الوقود، تنتهي مهمة القمر وينجرف نحو الفضاء ليصبح حطاماً فضائياً.
اقرأ أيضاً: تحرك على أعلى المستويات لإدارة التخلص من الأقمار الصناعية الخارجة عن الخدمة
النظام الحراري
تعمل الأقمار الصناعية في درجات حرارة قصوى من -150 إلى 150 درجة مئوية وقد تتعرض للإشعاع في الفضاء. لذلك تتم حماية مكونات الأقمار الصناعية بألمنيوم ومواد أخرى مقاومة للإشعاع. يحمي النظام الحراري المكونات الإلكترونية والميكانيكية الحساسة ويحافظ عليها في درجة حرارة التشغيل المثلى لضمان استمرار تشغيله.
يشمل النظام الحراري آليات تدفئة وتبريد تعدّل درجة حرارة القمر الصناعي لحماية مكوناته الحساسة من التغيرات الشديدة في درجة الحرارة.
نظام القياس والتحكم
من مكونات القمر الصناعي أيضاً نظام القياس والتحكم، وهو رابط اتصال ثنائي الاتجاه يسمح لمحطة أرضية بتتبع موقع القمر الصناعي والتحكم في دفعه وأنظمته الحرارية ومراقبة درجة الحرارة والجهود الكهربائية والمعلومات المهمة الأخرى للقمر الصناعي.
تحمل الأقمار الصناعية العلمية خاصة أجزاء إضافية تساعدها في الاستكشاف مثل الكاميرات وأجهزة الاستشعار، لتجمع المعلومات حول الأرض أو في الفضاء.
اقرأ أيضاً: هل تريد إطلاق قمر صناعي خاص بك؟ إليك دليل أفضل الممارسات الذي وضعته كبرى شركات الاتصالات الفضائية
كيف يعمل القمر الصناعي؟
بدايةً، يُطلق القمر الصناعي بواسطة صاروخ. يصل إلى مداره المطلوب وتتم موازنة سرعته بواسطة قوة الجاذبية الأرضية ويبدأ بالدوران حولها. بدون هذا التوازن، سيسير القمر الصناعي في خط مستقيم إلى الفضاء أو يعود إلى الأرض.
وعن آلية عمل القمر الصناعي فهي مشابهة للمرآة التي تعكس صورة الشيء الذي أمامها، كذلك القمر الصناعي يلتقط الإشارة من محطة أرضية مُرسِلة ويعالجها ويضخمها ويعدّلها ومن ثم "يعكسها" نحو الأرض مرة أخرى لتلتقطها محطة أرضية تقع في موقع مختلف. تستغرق هذه العملية بضع ثوانٍ فقط.
تحمل هذه الإشارات أي شيء يمكن أن تحمله إشارات الراديو على الأرض، من المكالمات الهاتفية والإنترنت والبيانات إلى البث الإذاعي والتلفزيوني.
الشروط الواجب توافرها في القمر الصناعي
يجب أن يتحمل القمر الصناعي صدمة التسارع أثناء الإطلاق حتى سرعة مدارية تبلغ 28,100 كيلومتر في الساعة وبيئة الفضاء القاسية، حيث يمكن أن يتعرض للإشعاع ودرجات حرارة قصوى طوال حياته التشغيلية المتوقعة والتي يمكن أن تستمر إلى مدة تصل إلى 20 سنة. يجب أيضاً أن يكون خفيف الوزن وصغيراً ومتيناً، وأن يعمل بدقة عالية جداً تزيد على 99.9% لانعدام احتمال الصيانة أو الإصلاح.
أنواع الأقمار الصناعية
تدور الأقمار الصناعية حول الأرض على ارتفاعات مختلفة وسرعات مختلفة ولها مسارات مختلفة. وبحسب الارتفاع الذي يدور فيه تنقسم الأقمار الصناعية إلى نوعين:
القمر الصناعي الثابت بالنسبة للأرض
يدور هذا النوع فوق خط الاستواء على ارتفاع 35786 كم، من الغرب نحو الشرق، وله نفس معدل دوران الأرض والاتجاه، لذلك يبدو وكأنه ثابت بالنسبة للأرض، إذ يبقى فوق موقع محدد دائماً. يستخدم هذا النوع من الأقمار الصناعية لتطبيقات مثل البث التلفزيوني ونقل البيانات المتعلقة بحالة الطقس.
القمر الصناعي الذي يدور بمدار قطبي
تدور هذه الأقمار في مدار قطبي، من القطب الشمالي نحو الجنوبي، وبذلك تغطي الكرة الأرضية كاملة. تدور هذه الأقمار في مدار أرضي منخفض (بين 160 - 1600 كم فوق الأرض) أو في مدار أرضي متوسط (من 10000 إلى 20000 كم). لا توجد أقمار صناعية بين المدار الأرضي المنخفض والمتوسط بسبب البيئة القاسية بالنسبة للمكونات الإلكترونية في تلك المنطقة. تُستخدم أقمار المدارات القطبية لمعظم الخدمات المتنقلة والصوتية.
قبل إطلاق قمر صناعي جديد، يُدرس موقعه جيداً لتجنب اصطدامه بالأقمار الصناعية الأخرى.
اقرأ أيضاً: نعرف طريق الفضاء جيداً: رحلة الأقمار الصناعية في الوطن العربي
أهمية الأقمار الصناعية وتطبيقاتها
توفر الأقمار الصناعية رؤية شاملة لمساحات كبيرة من الأرض في وقت واحد، وبالتالي جمع بيانات أكثر بسرعة أكبر من الأدوات الموجودة على الأرض. وفيما يلي بعض الأمثلة عن تطبيقاتها:
الطقس والمناخ
توفر أقمار الطقس معلومات حول السحب والمحيطات والأرض والجليد. وتقيس الغازات في الغلاف الجوي، مثل الأوزون وثاني أوكسيد الكربون، وكمية الطاقة التي تمتصها الأرض وتنبعث منها. وترصد بعض الأقمار الصناعية حرائق الغابات والبراكين ودخانها. تساعد كل هذه المعلومات العلماء على التنبؤ بالطقس والمناخ. وتساعد عمال الطوارئ على الاستجابة للكوارث الطبيعية. وتساعد المزارعين على معرفة المحاصيل التي يجب زراعتها.
الدراسات العلمية
أما الأقمار الصناعية العلمية مثل التلسكوبات، فيمكنها التقاط صور للفضاء أكثر دقة من تلك التي تلتقطها التلسكوبات الأرضية، وذلك لأنها تطير فوق الغيوم والغبار والجزيئات الموجودة في الغلاف الجوي والتي يمكن أن تحجب الرؤية من مستوى الأرض، لكل منها وظيفة مختلفة منها: مراقبة الأشعة الخطيرة القادمة من الشمس، واستكشاف الكويكبات والمذنبات ودراسة تاريخ النجوم وأصل الكواكب.
تحلق بعض الأقمار الصناعية بالقرب من الكواكب الأخرى أو تدور حولها باحثة عن أدلة على وجود ماء على المريخ مثلاً أو تلتقط صوراً عن قرب لحلقات زحل أو الشمس أو الثقوب السوداء أو المادة المظلمة أو المجرات البعيدة، ما يساعد العلماء على فهم النظام الشمسي والكون بشكل أفضل.
الاتصالات
الغرض الأساسي من الأقمار الصناعية هو الاتصالات، مثل إرسال الإشارات التلفزيونية والمكالمات الهاتفية حول العالم، خاصةً المواقع على الأرض التي لا يمكن أن تصل إليها الاتصالات السلكية.
اقرأ أيضاً: تحرك على أعلى المستويات لإدارة التخلص من الأقمار الصناعية الخارجة عن الخدمة
النقل
تفيد الأقمار الصناعية أيضاً في قطاع النقل. على سبيل المثال، تشكل مجموعة من أكثر من 20 قمراً صناعياً نظام تحديد المواقع العالمي GPS.
الأغراض العسكرية
تبقى الغاية من استخدام الأقمار الصناعية عسكرياً سريةً، لكن يُعتقد أنها تستخدم لنقل الاتصالات المشفرة والمراقبة النووية ومراقبة تحركات العدو والإنذار المبكر بإطلاق الصواريخ والتنصت على اتصالات الراديو الأرضية والتصوير بالرادار والتصوير الفوتوغرافي لمناطق مثيرة للاهتمام عسكرياً.