النار هي شرارة تطور الحضارة البشرية وسبب مآسٍ للإنسان والطبيعة في الوقت نفسه، فالنار التي تنير وتدفئ يمكنها أن تحرق غابات وأراضي زراعية ومنازل ومدناً أحياناً إن لم يتم ردعها بالشكل المناسب، وهذا ما طبّقه العالم الإسكندري ستيسيبيوس نحو عام 200 قبل الميلاد، إذ اخترع مضخة يدوية قادرة على إيصال المياه إلى النار، وقام الرومان باستخدام سلاسل الدلو التي تمرر فيها الدلاء يدوياً من النهر إلى الحريق، وما زال التقدم في هذا المجال مستمراً إلى يومنا هذا، إذ تم تصنيف أنواع الحرائق وابتكار طرق إطفاء مناسبة لكل منها.
اقرأ أيضاً: دليلك للإسعافات الأولية للحروق بأنواعها
أنواع الحرائق المختلفة
قبل البدء في الحديث عن أجهزة إطفاء الحرائق أو الطفايات، يجدر بنا التطرق لأنواع الحرائق المختلفة التي استدعت وجود تنوع في أساليب إخمادها، لكن هناك ثلاثة أركان ثابتة لكل نوع حريق وهي كما يلي:
- الوقود: وهو المادة التي تغذّي الحريق، وقد تكون خشباً أو موادَّ سريعة الاشتعال مثل الكحول أو البنزين.
- الأوكسيجين: وهو العنصر الأساسي للاحتراق، بدون وجود أوكسيجين (هواء) سوف تذوي النار وتنطفئ.
- الحرارة: وهي التي تحفّز حدوث النار في الأساس لكي يتم تفاعل الأوكسجين مع الوقود.
يعتبر اجتماع العوامل السابقة شرطاً أساسياً لحدوث الحريق، وفقدان أي منها لن يجعل تفاعل الاحتراق ممكناً، لذلك تستهدف الاستراتيجيات المختلفة لأجهزة إطفاء الحرائق أحد هذه المكونات لكي توقف الحريق بمراحله الأولى، وتقسم أنواع الحرائق عادةً إلى الفئات التالية:
- حرائق الفئة A: تضم المواد الصلبة القابلة للاشتعال مثل الخشب والورق والنسيج.
- حرائق الفئة B: تسببها السوائل القابلة للاشتعال مثل البنزين أو زيت التربنتين أو الطلاء.
- حرائق الفئة C: مصدرها الغازات القابلة للاشتعال مثل غاز البترول المسال والهيدروجين والبوتان أو الميثان.
- حرائق الفئة D: مسؤولة عنها المعادن القابلة للاشتعال مثل المغنيسيوم والألمنيوم أو البوتاسيوم.
- حرائق الفئة E: تنجم عن المعدات الكهربائية وتتغير هذه الفئة بمجرد إزالة العنصر الكهربائي.
- حرائق الفئة F: وهي فئة مخصصة لزيوت الطهي، وعادةً ما تحدثها مقلاة شرائح اللحم.
أنواع أجهزة إطفاء الحرائق المختلفة
كما ذكرنا سابقاً كان الماء هو العنصر الوحيد المستخدم في إطفاء كافة الحرائق، لكن بدأت الأمور تتعقد عندما بدأت الحرائق تتلف المكتبات أو مراكز الأرشيف. فعند محاولة إخماد النيران بالماء، كان يحدث تلف من نوع آخر للورق والمستندات المهمة وبدلاً من إنقاذ المعلومات كانت تضيع، وكذلك الأمر بالنسبة لمصانع الإلكترونيات، ما دعا لظهور أنواع أجهزة إطفاء غير معتمدة على الماء ومنها ما يلي:
مطفأة ثاني أوكسيد الكربون
وتعتمد في مبدأ عملها على خنق النار بقطع الأوكسجين عنها بإطلاق رغوة بيضاء تشبه الثلج فوق النار فتطفئها بسرعة وذلك بتشكيل طبقة تحجبها عن الهواء المحيط ما يسبب إخمادها، ولكي نقرب الفكرة أكثر يمكن القيام بتجربة وضع كأس زجاجي فارغ فوق شمعة مشتعلة، سترون أنها تنطفئ بسرعة نتيجة استهلاك الأوكسجين كوقود وبقاء غاز ثاني أوكسيد الكربون فقط. توجد أجهزة الإطفاء هذه في أغلب الأماكن مثل المدارس والمتاحف والسيارات وأماكن وجود الأجهزة الكهربائية، وتعتبر الأكثر شيوعاً مقارنة بغيرها، يكون لون العبوة أحمر لسهولة تحديد مكانها وبشكل خاص عندما يكون هناك دخان يحجب الرؤية، ويتم تمييزها عن باقي الأنواع بوجود شريط أسود عليها.
أجهزة إطفاء الحرائق المعتمدة على البودرة
تستخدم للحرائق من فئة B،C وتتكون من بيكربونات الصوديوم أو بيكربونات البوتاسيوم ولون شريط تمييزها أزرق، وتكون بشكل مسحوق ناعم يدفعه ثاني أوكسيد الكربون أو النيتروجين، وتوفر بعض المساحيق تثبيطاً كيميائياً ضعيفاً، لكن لا يتم استخدامها بمفردها بل مع الرغوة لمهاجمة حرائق الفئة B الكبيرة، وتسبب هذه المطافئ مشكلة كبيرة بسبب الحاجة إلى تنظيفها، وإحداثها لتآكل الإلكترونيات الحساسة والمعدات الكهربائية ما يجعلها غير قابلة للإصلاح.
مطفأة الحريق الكيميائية الرطبة
يستخدم هذا النوع من أجهزة الإطفاء لحرائق الفئة F التي تشتمل على زيوت ودهون الطبخ، ويكون لون الشريط الموجود عليها أصفر ليميّزها عن المطافئ الأخرى، ويجب تجنب استخدامها في الحالات التالية:
- الحرائق الكهربائية.
- الحرائق التي تحتوي على معادن قابلة للاشتعال.
- الحرائق التي تحتوي على سوائل أو غازات قابلة للاشتعال.
وتعمل عن طريق إطلاق البوتاسيوم على شكل رذاذ ناعم، ما يخلق طبقة من رغوة الصابون على سطح الزيت المحترق أو الدهون فتحرم النار من الأوكسجين، وتستخدم عادةً في المطاعم والمطابخ التجارية والمقاصف، وتُخزن بجانب مصادر خطر الحريق.
مطفأة الحريق المعتمدة على الرغوة
وتدعى مطافئ الحريق الرغوية (AFFF)، ويرمز لها باللون الأبيض مناسبة لمكافحة حرائق المواد الصلبة مثل الخشب والحرائق السائلة مثل حرائق البنزين، إذ تمتلك الرغوة القدرة على خلق غطاء خانق فوق السائل المحترق أو تتغلغل ضمن المواد المحترقة مثل الأرائك فتوقف الحريق، وتتكون من بيكربونات الصوديوم الممزوجة مع كبريتات الألمنيوم.
كيفية تشغيل وصيانة أجهزة إطفاء الحرائق
يجب القيام بعدة خطوات متتالية عند الحاجة لإطفاء الحرائق باستخدام أجهزة الإطفاء المحمولة، وهي بالشكل التالي:
- سحب دبوس: وفيها تمسك مطفأة الحريق وتوجه الفوهة بعيداً عنك وتحرر الدبوس الذي يمنع من ضغط المكبس.
- التصويب المنخفض: يجب توجيه المطفأة إلى قاعدة النار وليس أعلاها.
- الضغط على المكبس: ويكون ببطء وبشكل متساوٍ على طول المكبس.
- التمرير: حيث يتم تحريك فوهة المطفأة من جانب إلى جانب بشكل بطيء وثابت.
على الرغم من وجود حالات وأماكن لا تضطر لاستخدام أجهزة إطفاء الحرائق، فإن هناك حاجة دائماً لوجودها كاحتياط للحالات الخطرة، فالحذر واجب ومن الضروري القيام بتجديد وصيانة المطافئ وتوزيعها كما يلي:
- وضعها في أماكن سهلة الوصول في حالات الطوارئ.
- التأكد من عدم وجود ما يعيق الوصول إليها.
- معايرتها بمستوى الضغط الموصى به.
- التأكد الدوري من تاريخ صلاحيتها، واستبدالها بأخرى جديدة عند اللزوم.
- إزالة أي غبار أو زيت أو شحم متراكم على السطح الخارجي لمطافئ الحريق.
- يجب هز بعض أنواع المطافئ شهرياً، وتحتاج بعضها لاختبار الضغط كل بضع سنوات.
اقرأ أيضاً: طرق إطفاء الحريق في المنزل بسرعة وأمان
مهما كانت احتياطاتنا وتدابيرنا قوية، نحن دائماً بحاجة للمزيد من الحذر والاستعداد لردع الحرائق المفاجئة التي قد تحصل، لذلك يعتبر تعلم كيفية استخدام مطافئ الحريق المنزلية أو المحمولة المختلفة صمام أمان ووقاية لأوقات الحوادث، وقد تمنع هذه المعرفة حدوث مصائب وخيمة.