كيف تعمل معدّات الرؤية الليلية؟

4 دقائق
كيف تعمل معدّات الرؤية الليلية؟
تقليدياً، تعرض نظارات الرؤية الليلية المشاهد باللونين الأخضر والأسود. ويظهر في هذه الصورة طيار في طيارة سي-17 يرتدي نظارات الرؤية الليلية في فبراير/شباط 2022. الحرَس الوطني الجوي الأميركي/ ميستي بيكوي (Mysti Bicoy)

إذا أردت أن تكتسب القدرة على الرؤية في الظلام، فالخطوة الأولى هي تشغيل الأضواء عادة. ولهذا تحتوي السيارات على الأضواء الأمامية، ويرتدي الأشخاص الذين يمارسون المشي لمسافات طويلة خلال الليل الكشافات، ويحمل صاحبو الكلاب المصابيح في أثناء المشي مع كلابهم خلال الليل. تمكّننا إضافة الأضواء الاصطناعية إلى الأوساط المختلفة من كشف هذه الأوساط وإدراك ما فيها.

لكن هناك نهجاً آخر يساعد على الرؤية في الظلام، وينطوي هذا النهج على استخدام نوع من المعدات العسكرية ألا وهو نظارات الرؤية الليلية. إذا سبق وشاهدت مشهداً مظللاً باللون الأخضر في الأفلام وتساءلت عن كيفية عمل هذه المعدات، فإليك نظرة على هذه العملية التي تتضمن 3 خطوات والتي تحدث داخل هذه الأجهزة.

كيف تعمل معدّات الرؤية الليلية؟
يحاول أحد أفراد الحرَس الوطني الجوي في هاواي استخدام نظارات الرؤية الليلية، ويعرض الطراز الذي يستخدمه الصور باللون الأبيض الفسفوري، وليس الأخضر. الحرَس الوطني الجوي الأميركي/ ميستي بيكوي (Mysti Bicoy)

اقرأ أيضاً: كيف يعمل جهاز كشف المعادن؟

كيف تعمل أجهزة الرؤية الليلية؟

عندما تغرب الشمس، يمكنك أن ترى الأجسام مثل شجرة قريبة نتيجة لأن الضوء ينعكس عنها ويصل إلى عينيك. لا تكون كمية الضوء المنعكس خلال الليل كبيرة كما هي خلال النهار. بتعبير آخر، يقول كبير مديري الهندسة في شركة إل 3 هاريس تكنولوجيز (L3 Harris)، وهي شركة مقاولة دفاعية تقوم بصنع جهاز الرؤية الليلية الذي يحمل اسم إي إن في جي-بي (ENVG-B) للجيش الأميركي، ماثيو رينزي (Matthew Renzi) إن: "عدد الفوتونات يكون قليلاً جداً" بعد حلول الظلام (للتذكير: الفوتونات هي جسيمات الضوء، وهي تتصرف كجسيمات وأمواج).

تخيل فوتوناً واحداً يدخل النظارات. تعتمد الطريقة الأساسية التي تعمل وفقها أجهزة الرؤية الليلية على التلاعب بهذا الفوتون الوارد. يقول رينزي: "تحول هذه الأجهزة الفوتونات إلى إلكترونات باستخدام ما يدعى بالمهبط الضوئي"، ويضيف: "يتألف هذا الجهاز من مادة من نوع خاص تستخدم لتحويل كل فوتون ضوئي إلى إلكترون".

باختصار، تتضمن هذه العملية تحويل الجسيمات من جسيمات ضوئية إلى جسيمات كهربائية.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل أجهزة إطفاء الحرائق المختلفة؟

تتضمن الخطوة التالية تعزيز الإشارة الكهربائية المتمثّلة في الإلكترون، ويتم استخدام بطارية موجودة في الجهاز لهذا الغرض، مثل بطاريات أيه أيه (AA Batteries). يقول رينزي: "تتضاعف شدة الإشارة عدة مرات في هذه الخطوة"، ويضيف قائلاً إنها يمكن أن تتضاعف "عشرات الآلاف" من المرات. يُعرف الجزء من أجهزة الرؤية الليلة والذي يعزز الإشارة الكهربائية باسم "صفيحة القنوات الدقيقة".

جندي، في المنتصف، يستخدم نظارات الرؤية الليلية من طراز إي إن في جي-بي. تبيّن هذه الصورة المعلومات التي توفرها نظارات الرؤية الليلية التقليدية بالإضافة إلى معلومات الاستشعار الحراري. الجيش الأميركي/ بيير أويسيس (Pierre Osias)

يجب تحويل هذه الإشارات مجدداً إلى معلومات بصرية حتى يتمكن من يستخدم الجهاز من رؤية المشهد أمامه. ويتم إجراء ذلك من خلال ما يُدعى بـ "شاشة الفسفور" التي يستطيع المستخدم رؤيتها عند النظر في العدسات القريبة. يقول رينزي: "شاشة الفسفور هي التي تحول طاقة الإلكترونات إلى ضوء مرئي مجدداً".

الأبيض والأسود بدلاً من الأخضر والأسود

هذه المرحلة الأخيرة هي المرحلة التي يتم فيها تشكيل الصور التقليدية ذات اللونين الأخضر والأسود. لكن وفقاً لرينزي؛ تظهر الأجهزة الأحدث المشاهد باللونين الأبيض والأسود بدلاً من الأخضر والأسود. يقول رينزي: "على الرغم من أن أداء الأجهزة التي تنتج صوراً باللونين الأخضر والأبيض متقارب من ناحية المستوى، تتحسس عيون البشر اللونين الأبيض والأسود بشكل أفضل مقارنة بالأخضر والأسود". يظهر الفرق في الأداء بين شاشات الفوسفور البيضاء والخضراء أيضاً في معدات الرؤية الليلية التجارية.

باختصار، لجعل المشاهد المظلمة أكثر وضوحاً؛ تحول هذه الأجهزة الفوتونات إلى إلكترونات، وتعزز الإشارة الكهربائية لهذه الإلكترونات ثم تحول الإشارات إلى معلومات بصرية مجدداً. يقول رينزي إن نظارات الرؤية الليلية تحتوي في بعض الحالات على جهاز يحمل اسم "المضيء"، والذي يُصدر كمية قليلة من الضوء لزيادة سطوع المشهد.

يشير رينزي إلى أن الأجزاء من الطيف الكهرطيسي التي تتحسسها هذه الأنواع من نظارات الرؤية الليلية تنتمي إلى كل من المجال المرئي ومجال الأشعة تحت الحمراء القريبة، وهو الجزء من الطيف الكهرطيسي الموجود بجوار الجزء الأحمر من الطيف المرئي. ويشرح الفيديو المبسّط أدناه من موقع وكالة ناسا هذا المجال الضوئي.

تتحسس نظارات الرؤية الليلية التقليدية بشكل أساسي الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء القريبة. وتُعتبر هذه المجالات الضوئية، بالإضافة إلى الأشعة تحت الحمراء ذات الأطوال الموجية القصيرة، "جزءاً مما نسميه العصابات العاكسة والتي يمكننا رؤية الضوء الذي ينتمي إليها بعد انعكاسه عن الأجسام"، حسب تعبير رينزي.

من ناحية أخرى، تتحسس الأجهزة مثل الكاميرات الحرارية، جزءاً مختلفاً من الطيف الكهرطيسي وهو الأشعة تحت الحمراء ذات الأطوال الموجية الكبيرة والتي تنتج من الأجسام التي تُصدر الضوء. يقول رينزي إن: "نظارات الرؤية الليلية التقليدية لا تتمكن من تحسس" هذا الجزء من الطيف الكهرطيسي. يجمع جهاز إي إن في جي-بي بين نظارات الرؤية الليلية التقليدية التي تتحسس الطيف المرئي والأشعة تحت الحمراء القريبة (كلاهما ضوء انعكاسي)، وأجهزة الاستشعار الحراري التي تتحسس الأشعة تحت الحمراء ذات الأطوال الموجية الكبيرة والتي تصدرها الأجسام التي تنبعث الحرارة منها.

يمكن تصوّر الفرق بين هذين النوعين من المعلومات البصرية في حالة بسيطة. يقول رينزي: "لنفترض أن هناك شخص يقف بعيداً خلف كتلة من الأوراق"، ويضيف: "يمكننا أن نكشف وجود هذا الشخص باستخدام الأجهزة التي تتحسس الأشعة تحت الحمراء ذات الأطوال الموجية الكبيرة، وهو أمر قد يكون صعباً باستخدام الأجهزة التقليدية. مع ذلك، لن نتمكن من استنتاج الكثير من المعلومات عن هذا الهدف في هذه الحالة؛ إذ إننا سنتمكن فقط من كشف وجود مصدر للحرارة".

اقرأ أيضاً: أكثر كفاءةً وصديق للبيئة: كيف يعمل محرك الاحتراق الداخلي؟

يقول رينزي أيضاً إن التكنولوجيا التي أتاحت للبشر الرؤية في الليل تطورت على مدى عقود من الزمن. ويضيف قائلاً إن الأنظمة الأقدم والتي تعتمد على نهج التصوير المنفعل (أو التصوير غير المباشر)، تتطلب وجود "البدر أو مصدرٍ آخرَ للضوء المحيط". لكن اليوم، يمكن أن تستخدم نظارات الرؤية الليلية "ضوء النجوم"، حسب تعبير رينزي.

المحتوى محمي