أوميكرون هو المتحور الأخير لفيروس كورونا، "المثير للقلق" كما وصفته منظمة الصحة العالمية.
تم اكتشاف سلالة جديدة لفيروس كورونا، تسمى "متحور أوميكرون" (Omicron)، في جنوب إفريقيا يوم الأربعاء، مما أثار قلقاً متجدداً بشأن الوباء، وانخفاضاً كبيراً في سوق الأسهم، وفرض قيود سفر دولية جديدة لوقف الانتشار في العديد من الدول. وعلى الرغم من الإبلاغ عن وجود المتحور لأول مرة في جنوب إفريقيا، فقد تم رصد الإصابة به أيضاً في بلجيكا وبوتسوانا وألمانيا وهونغ كونغ وإيطاليا والمملكة المتحدة، مما يعني أن المتحور قد انتشر بالفعل.
بينما سيستغرق العلماء بضعة أسابيع لفهم متحور أوميكرون، بما في ذلك مدى سرعة انتشاره وما هو شكل المرض الناتج عن الإصابة به، فقد صنفت منظمة الصحة العالمية أوميكرون بالفعل على أنه "متحور مثير للقلق" يوم الجمعة، مما يعني أنه يمكن أن يكون أكثر قابليةً للانتقال، أو أكثر ضراوة، أو أكثر قدرة على التهرب من الحماية التي تمنحها اللقاحات من السلالات الأصلية لفيروس كورونا.
من المؤكد أن تظهر المزيد من المعلومات حول المتحور الجديد خلال الأيام والأسابيع المقبلة، ولكن إليك ما يقوله الخبراء حتى الآن.
ماذا نعرف عن متحور أوميكرون الجديد؟
تشير الدلائل المبكرة إلى أن متحور أوميكرون معدي للغاية، وربما يكون أكثر ضراوةً من متحور دلتا. مع وجود أكثر من 30 طفرة على البروتين الشائك -جزء الفيروس الذي يرتبط بخلية بشرية مما يؤدي إلى إصابتها- يمكن أن يكون أوميكرون أكثر قابليةً للانتقال وامتلاكاً لآلياتٍ أكثر للتهرب من المناعة الممنوحة بالفعل عن طريق اللقاحات أو الإصابة السابقة.
حتى الآن، ظهرت حالات المتحور الإفريقي الجديد في المقام الأول لدى الشباب، وقد تركهم مرهقين ومصابين بأوجاع وألم في الجسم، وفقاً للدكتورة أنجليك كويتزي، رئيسة الجمعية الطبية في جنوب إفريقيا.
بالنسبة لتصاعد انتشار المتحور، فإن الحالات في جنوب إفريقيا منخفضة نسبياً في الوقت الحالي. ومع ذلك، لا تزال البلاد تشهد ارتفاعاً كبيراً في الإصابات الجديدة. ففي يوم الجمعة، أبلغت جنوب إفريقيا عن 2828 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا، وفقاً لوكالة "أسوشيتيد برس" (Associated Press)، مع ما يصل إلى 90% من هذه الحالات بسبب متحور أوميكرون.
تعد إعادة العدوى مصدر قلق أيضاً مع المتحور الإفريقي الجديد، وفقاً لدورية "نيتشر"، ولكن في هذه المرحلة المبكرة، من الصعب معرفة مدى احتمالية الإصابة بالعدوى مرةً أخرى أو مدى شدة الإصابة بالعدوى الأولى نفسها. كما أنه ما زال من غير الواضح ما إذا كانت فعالية العلاجات مثل الأجسام المضادة أحادية النسيلة، والعلاجات القرصية الجديدة من شركات "فايزر" (Pfizer) و"ميرك" (Merck) ستكون هي نفسها ضد متحور أوميكرون.
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، رُصدت أول حالة معروفة لمتحور أوميكرون في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، وتم اكتشاف الطفرة لأول مرة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني في جنوب إفريقيا، التي لديها نظام اكتشاف متقدم. وبينما لا يزال متحور دلتا هو السلالة السائدة في جميع أنحاء العالم، ويمثل 99.9% من الإصابات في الولايات المتحدة وحدها، تزامن اكتشاف متحور أوميكرون مع ارتفاع في الحالات في جنوب إفريقيا زيادةً قدرها 1124% خلال الأسبوعين الماضيين، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times).
ومع ذلك، فإن المتحور قد انتشر على نطاقٍ أوسع بكثير من جنوب إفريقيا، وفقاً لكبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الدكتور أنتوني فاوتشي. إذ غردت مراسلة شبكة "إن بي سي" (NBC) كايتلان كولينز يوم السبت نقلاً عن فاوتشي: "عندما يكون لديك فيروس يُظهر هذه الدرجة من القابلية للانتقال، ويكون لديك ارتفاعٌ في عدد الإصابات الناجمة عن السفر، فإنه أمرٌ شبه حتمي أن ينتشر المتحور في كل مكان".
اقرأ أيضاً: المزج بين عدة أنواع من لقاحات كوفيد-19 قد يوفّر مناعة أقوى
ما الذي تفعله الحكومات لاحتواء متحور كورونا الجديد؟
فرض الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الجمعة قيوداً جديدةً على السفر على ثماني دول في جنوب القارة الإفريقية، ستدخل حيز التنفيذ يوم الاثنين. سيتم تقييد السفر من ليسوتو وجنوب إفريقيا وإسواتيني وناميبيا وزيمبابوي وموزمبيق وملاوي وبوتسوانا، على الرغم من أن هذه القيود لن تُطبق على المواطنين الأميركيين أو حاملي البطاقة الخضراء، من بين مجموعات أخرى.
إن حظر السفر لا يؤدي بالضرورة إلى منع انتشار الفيروس على نطاقٍ واسع، ولكن يمكنه توفير الوقت للحكومات لمعرفة المزيد عن المتحور ومضاعفاته وحماية سكانها بشكلٍ أفضل.
دولٌ أخرى، مثل المملكة المتحدة وسنغافورة وفرنسا وألمانيا، فرضت قيوداً كذلك على السفر من دول جنوب إفريقيا في محاولة لاحتواء المتحور الجديد، على الرغم من انتقادات حكومة جنوب إفريقيا لهذه القرارات.
إذ جاء في بيانٍ لوزارة خارجية جنوب إفريقيا يوم السبت "هذه الجولة الأخيرة من حظر السفر تشبه معاقبة جنوب إفريقيا على اكتشافها المتقدم للتسلسل الجيني والقدرة على اكتشاف المتحورات الجديدة بشكلٍ أسرع. يجب الثناء على العلم المتميز بدلاً من معاقبته".
كما دعا بايدن يوم الجمعة الدول الغنية التي لديها القدرة على التبرع باللقاحات للقيام بذلك إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فضلاً عن تنازل الشركات عن حقوق الملكية الفكرية على اللقاحات والعلاجات الحالية حتى تتمكن الدول الفقيرة من إنتاج الأدوية والعلاجات بنفسها.
ومع ذلك، فإن إمكانية الوصول ليست هي المشكلة الوحيدة عندما يتعلق الأمر بحملة التلقيح العالمية. إذ ثبت أن التردد بشأن اللقاحات يمثل مشكلةً عالمية، بما في ذلك في جنوب إفريقيا نفسها، حيث طلبت الحكومة الأسبوع الماضي من شركات الأدوية تأخير تسليم جرعات جديدة من اللقاح استجابةً لانخفاض الطلب، على الرغم من تلقيح 35% من السكان البالغين. كما يكافح العالم حالياً مع تفشي متحور جديد، وأحد أسباب ذلك يعود إلى مقاومة اللقاح هذه وعدم التقبل الكافي له.