هل تؤثر إصابة حيواناتنا الأليفة بفيروس كورونا علينا؟

4 دقائق
هل علينا الخوف من إصابة الحيوانات الأليفة بفيروس كورونا؟
حقوق الصورة: شترستوك

منذ أن انتشر فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، تحولت أنظار العلماء نحو الحيوانات الأليفة قلقاً من نقل عدوى الفيروس إليها، وربما تحوره فيها والعودة لإصابة البشر من جديد بشكل أكثر خطورة. قادت هذه المخاوف العلماء لمراقبة ودراسة مدى انتشار فيروس كورونا لدى الحيوانات، وبشكل خاص الحيوانات الأليفة منها لتماسها المباشر مع البشر.

الأنواع الشائعة لفيروسات كورونا في البشر وتطورها

عام 1956، استطاع العلماء تمييز الفيروس المسبب لنزلات البرد لدى البشر والحيوانات، وأطلقوا عليه في نهاية العقد الفيروس التاجي "كورونا" (CORONA)، وحددوا منه سبع سلالات. لاحقاً، وفي عام 2002 ظهر شكل جديد متطور من فيروس كورونا في جنوب الصين تميز بشدة أعراضه الممرضة وسرعة تفشيه حول العالم، وقدرته على أن يودي بحياة المصابين به. أطلقوا عليه اسم المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة "سارس" (SARS-CoV). استمر الفيروس المتحور حتى مطلع عام 2004، حيث تم القضاء عليه بالحجر الصحي للمصابين.

عام 2019 انتشر شكل جديد لفيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية، أكثر خطورة وسرعة في العدوى والانتقال، (SARS-CoV-2) والمرض الذي يسببه سُمي كوفيد-19 (COVID-19)، فأعلنت منظمة الصحة العالمية في مارس/ آذار عام 2020 عن جائحة عالمية جديدة. ونتيجة التحقيقات حول أصل ظهور المتحور الجديد، تبين أنه من المحتمل انتقاله من حيوان مصاب إلى الإنسان، حيث أشارت الدلائل التي توصلت إليها دراسة أجريت في جامعة ماكماستر الكندية ونُشرت في دورية "مضيف الخلية والميكروب" (Cell Host & Microbe)، إلى أن هناك احتمالاً قوياً لتكوّن الفيروس في (خفاش حدوة الحصان) (Rhinolophus. spp)، وإمكانية اختلاطه بحيوانات أخرى قبل نقله للبشر.

طرأت على فيروس كورونا المستجد في السنوات التالية عدة متغيرات ومتحورات مختلفة في شدة تأثيرها وسرعة انتشارها، مثل متحور ألفا ودلتا، وآخرها حتى التاريخ أوميكرون.

اقرأ أيضاً: ما الذي نعرفه عن فيروس كورونا الجديد حتى الآن؟

أول انتقال للفيروس التاجي إلى الحيوانات

بعد إعلان الجائحة، قامت السلطات الهولندية بحملات إعدام بالغاز لعشرات الآلاف من حيوانات المنك، في المزارع التي تربي الحيوانات لفرائها، وذلك إثر إصابتها بالفيروس، وخوفاً من أن تصبح بؤرة للفيروس وتحولها إلى "امتداد للوباء البشري". وفقاً للدراسة الهولندية التي نُشرت في دورية "يوروسورفيلينس" (Eurosurveillance)، دخل فيروس  كورونا المستجد إلى المزارع عن طريق أحد العمال المصابين به، ومنه انتقل إلى حيوانات المنك، حيث أظهرت نتائج الفحص الجيني والوبائي لعمال المزارع إصابة اثنين منهم على الأقل.

الحيوانات الأليفة المضيفة لفيروس كورونا

على الرغم من إثبات إصابة الكلاب بفيروس "كورونا الكلاب" (Canine Coronavirus) في ألمانيا منذ عدة عقود، إلا أن هذا النوع من الفيروسات التاجية يختلف عن فيروس كورونا المستجد الذي يصيب البشر اليوم.

عام 2020، وفي سعي من مسؤولي الصحة في هونغ كونغ لمتابعة أية حالة إصابة لدى الحيوانات الأليفة بفيروس كورونا، أجرت إدارة الزراعة ومصائد الأسماك والحفظ في هونغ كونغ، اختبارات على 17 كلباً وثماني قطط منزلية على تماس مباشر مع بشر مصابين بفيروس كورونا المستجد، وتوصلوا لحالتي إصابة لدى الكلاب. يقول مسؤولو هونج كونج: " تشير النتائج إلى أن الكلاب والقطط لا تصاب بسهولة بهذا الفيروس، ولا يوجد دليل على أنها تلعب دوراً في انتشار الفيروس".

أثبت دراسة أجراها باحثو جامعة جلاسكو البريطانية ونُشرت في دورية "السجل البيطري" (Veterinary Record) في أبريل/ نيسان من عام 2021، وجود حالتي إصابة بين القطط  المنزلية. وفي دراسة أخرى أجراها باحثون إسبان ونُشرت في موقع ما قبل الطباعة (medRxiv) في أبريل/ نيسان من عام 2022، تبين أن (10.3%) من الحيوانات الأليفة المشاركة في التجربة من كلاب وقطط كانت مصابة بمتحور أوميكرون. ولكن، لم تعانِ حيوانات التجربة من أعراض سريرية، وكانت حمولتها الفيروسية منخفضة، ما يدل على انخفاض حدة المتحور أوميكرون على الحيوانات الأليفة المصابة مقارنة بالبشر.

في الولايات المتحدة الأميركية، أعلن مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، عن أول حالتي إصابة بفيروس كورونا في قطتين منزليتين، كانتا على تواصل مباشر مع أفراد مصابين بالفيروس. إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن الحيوانات الأليفة تلعب دوراً في نشر فيروس كورونا المستجد.

المضيفات الحيوانية المحتملة لفيروسات كورونا

عقب إعلان تفشي فيروس كورونا وتحوله إلى جائحة عالمية عام 2020، أعلن الأطباء البيطريين في حديقة حيوانات برونكس (Bronx Zoo) إصابة 5 نمور و3 أسود بفيروس كورونا. وعلى مدى السنوات التالية حاول الباحثون تتبع انتشار الفيروس بين الحيوانات. ثبت أن بعض الحيوانات البرية مؤهلة للإصابة بالفيروس، على سبيل المثال:

  • القردة الخضراء الإفريقية التي تمت إصابتها بعدوى مخففة من الفيروس في دراسة أجراها باحثون من جامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة الأميركية، ونُشرت في دورية "بلوس باثوجينس" (PLOS Pathogens).
  • نوع من القوارض يدعى بالفأر الشرقي (Peromyscus maniculatus)، حيث استطاع علماء جامعة ولاية كولورادو في دراسة نُشرت أيضاً في دورية "بلوس باثوجينس" (PLOS Pathogens) إصابة هذه الفئران بعدوى كوفيد-19.
  • بعض الأنواع الحيوانية الشائعة حول المنازل مثل الجيروذ الرمادي (أحد أنواع القوارض) والظربان المخطط. 

في المقابل، لم تثبت إصابة بعض الحيوانات مثل فأر المنزل والأرانب القطنية الذيل وبعض السناجب والثعالب والراكون بالعدوى.

الحيوانات البرية المصابة بفيروس كورونا

حتى تاريخ اليوم، لم تثبت إصابة أي من حيوانات البرية بفيروس كورونا باستثناء حيوانات المنك والغزلان ذات الذيل الأبيض. أثبتت دراسة أميركية نُشرت في موقع ما قبل الطباعة (medRxiv) تفشي متحور أوميكرون بين حيوانات الغزال أبيض الذيل في أميركا الشمالية. من خلال البحث الجيني للغزال أبيض الذيل تبين أن هذه السلالة تحتوي على 37 طفرة مرتبطة بمضيفات حيوانية غير بشرية. كما أثبتت دراسة نُشرت في موقع ما قبل الطباعة (medRxiv) إمكانية إصابة حيوانات المنك الأميركي بعدوى متحور أوميكرون، وقدرته على نقل العدوى إلى حيوانات المنك الأخرى.

قد لا يوجد دليل علمي واضح يثبت قدرة الحيوانات، الأليفة منها والبرية، على نقل العدوى للإنسان، أو ما يوضح كيفية انتقال كوفيد-19 من البشر إلى الحيوانات وتحوله وتطوره، إلا أن الشيء المؤكد هو أنه حتى يبقى الفيروس عليه أن يتغير بشكل مستمر. لذا، يجب البقاء على استعداد دائم لمتغيرات وتحورات جديدة لفيروس كورونا.

المحتوى محمي