مازال فيروس كورونا ينتشر ويصيب الكثيرين ويحصد الأرواح، ومازال الباحثون يقدمون أفضل ما لديهم في محاولة فهم أكبر لآلية إصابتنا بهذا الفيروس وإيجاد العلاج الفعال واللقاح ضده. فيما يلي أهم الدراسات التي تعرفنا إلى أي مدى وصلت جهود العلماء خلال الأسبوع المنصرم.
لقاح مودرنا واختبار منزلي
أعلنت شركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية «مودرنا» عن نتائج مبهرة للقاح «mRNA» ضد فيروس كورونا، تبلغ نسبة فعاليته 94.5%. وعلى الرغم من أن النتائج مؤقتة إلا أنها تبقى مثيرة لأن التجربة شملت نسبة كبيرة من الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة الشديدة بفيروس كورونا وبدوا أنهم تمتعوا بحماية جيدة. وقالت الشركة أنه سيكون لديها 20 مليون جرعة جاهزة للشحن في الولايات المتحدة قبل نهاية العام الجاري، وأكدت أنه يمكن حفظ لقاحها في الثلاجة المنزلية بدرجة 20 مئوية تحت الصفر، لمدة ستة أشهر وفي درجة حرارة الغرفة العادية لمدة 12 ساعة.
وتم أيضاً ترخيص أول اختبار منزلي ذاتي لفيروس كورونا في أميركا، وهو من تطوير شركة «لوسيرا»، يعتمد الاختبار على أخذ مسحة من الأنف، ويمكن استخدامه بداية من عمر 14 عاماً فأكثر ذاتياً وفي المنزل، ويمكن استخدامه في نقاط الرعاية المختلفة مثل عيادات الأطباء والمستشفيات وغرف الطوارئ، يمكن قراءة نتيجة الاختبار من شاشة العرض المضيئة في غضون 30 دقيقة أو أقل لمعرفة ما إذا كانت الشخص سلبياً أو إيجابياً لفيروس كورونا.
هيدروكسي كلوروكوين لا يساعد مرضى كورونا
أظهرت دراسة أن معالجة مرضى كورونا بهيدروكسي كلوروكين لا تحسن حالتهم ولا تمنع الموت ولا تساعدهم بالشفاء من كورونا، وذلك بالمقارنة مع المرضى المعالجين بدواء وهمي، لذلك على الأطباء للتوقف عن استخدامه مع المرضى في المستشفى. وقد كان يعتقد أن للهيدروكس كلوروكين دور في علاج مرضى كورونا منذ بدء الجائحة. وبعد شهر واحد من بدء الدراسة، توفى 10.4% من المرضى الذين عولجوا بهيدروكسي كلوروكين و 10.6% من المرضى الذين عولجوا بدواء وهمي.
مركبات واعدة لمعالجة كورونا
اكتشف الباحثون هذا الأسبوع عدة مركبات واعدة يمكن أن تعالج الإصابة بفيروس كورونا، فقد أثبتت التجارب أن العديد من أدوية التهاب الكبد الوبائي يمكن أن تكبح عمل إنزيم البروتياز الفيروسي، الذي يمكّن فيروس كورونا من التكاثر. ينتشر الفيروس عن طريق التعبير عن سلاسل طويلة من البروتينات المتعددة التي يجب قطعها بواسطة «البروتياز» الرئيسي لتصبح بروتينات وظيفية.
في هذه الدراسة، نظر الفريق في العديد من جزيئات الأدوية المعروفة المحتملة بما في ذلك «ليوببتين» ، وهو مثبط طبيعي للبروتياز، ومثبطات إنزيم بروتياز التهاب الكبد سي المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء، وأسفرت التجارب عن نتائج واعدة لبعض أدوية التهاب الكبد سي في قدرتها على ربط وتثبيط البروتياز الرئيسي لفيروس كورونا خاصةً عقاريّ «بوسيبريفر و نارلابريفير».
واكتشف باحثون في دراسة أخرى مركبات دوائية جديدة يمكن أن تعالج فيروس كورونا. وتعطل عمل مركب «SKI» البروتيني ذو الأهمية البالغة في نسخ وبقاء فيروسات كورونا داخل الخلايا البشرية، وهو بروتين معقد، مكون من مجموعة من البروتينات البشرية التي تنظم مختلف جوانب الأداء الطبيعي للخلية.
اكتشف الباحثون أن هذا المركب يلعب دوراً مهماً في مساعدة الفيروس على تكرار مادته الجينية، داخل الخلايا التي يصيبها. وبالتالي فإن تعطيل مركب « SKI» يمنع الفيروس من نسخ نفسه، مما يؤدي إلى تدميره بشكل أساسي. استخدم الباحثون النمذجة الحاسوبية لتحديد موقع الارتباط في مجمع «SKI» وتحديد المركبات الكيميائية التي يمكن أن ترتبط بهذا الموقع. ومن ثم أظهر التحليل التجريبي اللاحق أن هذه المركبات لها نشاط مضاد للفيروسات ضد فيروسات كورونا وفيروسات الإنفلونزا والفيروسات الخيطية مثل الإيبولا.
وأظهر باحثون في دراسة جديدة أن مزيجاً من عقار «ريمديسيفر» و عقار «hrsACE2» قلل من الحمل الفيروسي وتثبيط تكاثر الفيروس في مزارع الخلايا. يعمل عقار «ريمديسيفر»، وهو دواء معتمد ضد فيروس كورونا، عن طريق تثبيط إنزيم يمنع الفيروس من التكاثر. أما عقار « hrsACE2» وهو دواء في المرحلة الثانية حالياً من تجارب علاج كورونا، يجذب الفيروس التاجي ليرتبط بنسخة الإنزيم المحول «للأنجيوتنسين 2» الذي يستخدمه الفيروس التاجي لدخول الخلايا، بدلاً من الخلايا الفعلية، مما يقلل من الحمل الفيروسي في الخلايا. أي أن الجمع بين هذين العقارين قلل الحمل الفيروسي وقلل الانتشار الفيروسي إلى الخلايا المجاورة. و بجرعات منخفضة نسبياً من كل مادة، مما قلل من سميتها وجعلها أكثر أماناً في الاستخدام.
فيروس كورونا يشوه الأوعية الدموية
في دراسة متعددة الجوانب، أظهر فريق البحث، لأول مرة، أن فيروس كورونا تسبب في التهاب الأوعية الدموية وتشوهها وأن التهاب بطانة الأوعية الدموية استمر ثلاثة أيام بعد الإصابة. علاوة على ذلك، أكدوا أن الفيروس يسبب كبت المناعة الذي يؤدي إلى الوفاة، وهو ما يحصل عادةً عند المرضى الذين يعانون من نقص المناعة، عندما زاد الحمل الفيروسي بشكل حاد خلال عدوى كورونا في أول يومين بعد الإصابة. كما لاحظ فريق البحث أن الفيروس تكاثر بسرعة في المسالك التنفسية العلوية والسفلية في أول يومين بعد الإصابة الفيروسية. بعد ذلك، انخفض الحمل الفيروسي بسرعة، ولم يتم اكتشاف النشاط الفيروسي بعد سبعة أيام من الإصابة.
التدخين يفاقم عدوى كورونا في الشعب الهوائية
يتسبب تدخين السجائر في حدوث عدوى أكثر حدة بفيروس كورونا، في الشعب الهوائية في الرئتين، وبالتالي فإن المدخنين معرضون لخطر العدوى الشديدة والوفاة. إن الجزء العلوي من الشعب الهوائية، ينتج المخاط لاحتجاز الفيروسات والجراثيم والسموم، وهي المكان الأول الذي يصيبه الفيروس، لذلك ركز الباحثون على دراستها، وعند مقارنة خلايا الشعب الهوائية عند المدخنين وغير المدخنين وجدوا أن المدخنين لديهم خلايا مصابة بالفيروس بضعفين أو ثلاثة أضعاف ما لدى غير المدخنين.
فسر الباحثون سبب الإصابة بعدوى كورونا الأكثر حدة عند المدخنين بأن التدخين منع نشاط بروتينات الجهاز المناعي التي تسمى «الإنترفيرون الذي يلعب دوراً مهماً في الاستجابة المناعية المبكرة للجسم عن طريق تحفيز الخلايا المصابة لإنتاج بروتينات لمهاجمة الفيروس، واستدعاء دعم إضافي من جهاز المناعة، وتنبيه الخلايا غير المصابة للاستعداد لمحاربة الفيروس، أي أن دخان السجائر يقلل من استجابة الإنترفيرون في الشعب الهوائية.
تلف الدماغ لدى مرضى كورونا
باستخدام تقنية الرنين المغناطيسي وجد باحثون أن مرضى كورونا الذين يعانون من أعراض عصبية يظهرون بعض الاضطرابات الاستقلابية في الدماغ مثل المرضى الآخرين الذين عانوا من نقص الأكسجة لأسباب أخرى. تختلف شدة الأعراض العصبية عند مرضى كورونا، وتتراوح من فقدان مؤقت للرائحة إلى أعراض أكثر حدة مثل الدوخة والارتباك والنوبات والسكتة الدماغية.
أظهرت أدمغة مرضى كورونا انخفاضاً في «إن-أسيتيل أسبارتات» وارتفاع «الكولين» وارتفاع «ميو-إينوزيتول»، على غرار ما يظهر مع هذه المستقلبات في المرضى الآخرين الذين يعانون من تشوهات المادة البيضاء في الدماغ بعد نقص الأكسجة، وأظهر البعض أشد ضرر للمادة البيضاء من نخر وتجويف وهي علامة أخرى على تلف الدماغ بسبب الحرمان من الأوكسجين.