مع دخول الوباء عامه الثالث، تستمر لقاحات كوفيد-19 التي طورتها شركتا مودرنا وفايزر في السيطرة على جهود التطعيم في الولايات المتحدة. لم يُستخدم لقاح جونسون أند جونسون إلا في 3.34% فقط من عمليات التلقيح في البلاد، لكن العديد من الدول الأقل ثراءً مثل المكسيك وفيتنام وزامبيا قد اعتمدت بشكلٍ كلي تقريباً على لقاح جونسون أند جونسون.
في 8 فبراير/ شباط، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المنشأة الوحيدة التي تنتج لقاح كوفيد-19 الخاص بشركة جونسون أند جونسون قد أوقفت الإنتاج وانتقلت إلى تصنيع دواء لفيروس تنفسي آخر في أواخر العام الماضي. من المتوقع أن تستأنف المنشاة، والتي تقع في مدينة ليدن بهولندا، إنتاج اللقاحات الشهر المقبل. لكن وقف الإنتاج المؤقت أثار مخاوف بشأن إمكانية الوصول للأشخاص في المناطق التي تم فيها تطعيم القليل من السكان بلقاح كوفيد-19. في الواقع، هناك ما يقرب من 40% من سكان العالم لم يتلقوا التطعيم بعد، وحتى أن عدد من تلقى الجرعة المعززة من اللقاح في الولايات المتحدة لم يصل إلا إلى 92 مليون شخص.
تقول ديبورا فولر، طبيبة التطعيم في كلية الطب بجامعة واشنطن في سياتل: «لقد كانت المقالة مفاجأة بعض الشيء بالنظر إلى أن العالم لم يتم تطعيمه بشكلٍ كامل بعد، وأنه كان من المفترض أن يكون هذا اللقاح واسع الوصول». لكنها أضافت أن هذه الخطوة ليست بالضرورة مدعاة للقلق، إذ لا يزال إنتاج لقاحات كوفيد-19 التي حصلت على التصريح الطارئ أو موافقة كاملة حول العالم في ازدياد. بالإضافة إلى ذلك، هناك أنواع أخرى من اللقاحات تتمتع بنفس ميزات لقاح جونسون أند جونسون، مع سهولة إنتاجها بكميات كبيرة.
اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تؤثر اللقاحات على تطوّر فيروس كورونا؟
أسباب إيقاف جونسون آند جونسون لإنتاج اللقاحات؟
وتضيف فولر: «لوقف الوباء، لا نحتاج إلى لقاح واحد فقط، بل عدة لقاحات مختلفة تلبي احتياجات مختلفة. ما بدأ يحدث مع لقاح جونسون أند جونسون هو أن دوره يتراجع نظراً لأن مستجداتٍ جديدة قد دخلت على الخط وستلعب دوراً أيضاً».
يُستخدم حالياً أكثر من 20 لقاحاً مختلفاً لكوفيد-19 عبر العالم، وهناك اختبارات سريرية تجري على أكثر من 100 لقاحاً أيضاً. تستخدم هذه اللقاحات مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات لتدريب جهاز المناعة على التعرف على فيروس كورونا الجديد ومتغيراته ومهاجمته.
تحتوي بعض اللقاحات، بما في ذلك اللقاحات التي تنتجها شركة موديرنا وفايزر، على مادة وراثية ترمز لبروتين الشوكة الذي يساعد الفيروس على إصابة الخلايا المضيفة. تستخدم خلايا المستلم هذه التعليمات لعمل نسخ من بروتين الفيروس التاجي، والذي يحفز جهاز المناعة على الاستجابة دون التسبب في المرض بسببها.
بينما تستخدم ما تسمى بلقاحات ناقلات الفيروس، مثل لقاح جونسون أند جونسون ولقاح أسترازينيكا، فيروساً مختلفاً مصمماً لنقل جينات الفيروس التاجي كوسيلة توصيل. تحتوي اللقاحات الأخرى على بروتينات من فيروس كورونا أو نسخ من الممرض تم إضعافها أو "قتلها" حتى لا تسبب المرض للمتلقي. تعد طريقة صنع اللقاحات اعتماداً على البروتين الفيروسي طريقةً شائعة، وهي مستخدمة في صنع لقاحات التهاب الكبد الوبائي وفيروس الورم الحليمي البشري. أما اللقاحات التي تحتوي على نسخٍ من العامل الممرض المُضعف أو الميت، فلا يمكنها إصابة المتلقي بالمرض، مثل لقاح جدري الماء ولقاحات شلل الأطفال المعطلة.
لا شك أن لقاح جونسون أند جونسون قد أنقذ الكثير من الناس وشجع بعض الأشخاص الذين ربما لم يكونوا مستعدين لأخذ لقاح الرنا المرسال للحصول على التطعيم على الأقل». ديبورا فولر، طبيبة التطعيم في كلية الطب بجامعة واشنطن في سياتل
اقرأ أيضاً: هل من الآمن الحصول على أكثر من نوع من لقاحات كورونا؟
شكوك بتسبب لقاح جونسون أند جونسون بآثار جانبية خطيرة
أظهرت اللقاحات القائمة على الرنا المرسال، مثل لقاحي موديرنا وفايزر، أفضل النتائج فيما يتعلق بمنع أعراض كوفيد-19. بالنسبة للقاح جونسون أند جونسون، فهناك شكوك في علاقته بآثار جانبية نادرة ولكنها خطيرة. ومع ذلك، فإن اللقاحات الثلاثة جميعها فعالة جداً في منع الأمراض الخطيرة من أوميكرون والمتغيرات الأخرى كما تشير فولر.
للقاح جونسون أند جونسون بعض المزايا، فهو على عكس لقاحات الرنا المرسال، لا يحتاج إلى ظروف تخزين شديدة البرودة، كما يُعطى بجرعة واحدة بدلاً من جرعتين متباعدتين بعدة أسابيع. سهلت هذه الخصائص وصول اللقاح وتوزيعه، خصوصاً للأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية.
تقول فولر: «علينا أن نعترف بفضل شركة جونسون أند جونسون في ذلك الوقت، لأنها لبت احتياجات مهمة في وقتٍ مبكر من الوباء. لا شك أن لقاحها قد أنقذ الكثير من الناس وشجع بعض الأشخاص الذين ربما لم يكونوا مستعدين لأخذ لقاح الرنا المرسال للحصول على التطعيم على الأقل».
ويقول جيك سارجنت، المتحدث باسم شركة جونسون أند جونسون، لصحيفة نيويورك تايمز إن الشركة لديها ملايين الجرعات من لقاح كوفيد-19 المخزنة، وستواصل الوفاء بالتزاماتها تجاه المنظمات التي قدمت طلبات نيابة عن الدول ذات الدخل المنخفض. وقد أكدت لورين بلومر، المتحدثة الأخرى باسم الشركة، التزام شركة جونسون أند جونسون بتوفير اللقاح للدول منخفضة ومتوسطة الدخل في رسالة بريد إلكتروني إلى دورية بوبيولار ساينس، والتي كتبت فيها: «كانت العدالة العالمية في صلب استجابة شركة جونسون أند جونسون منذ ظهور جائحة كوفيد-19». وتضيف بلومر: «تواصل الشركة جهودها لإبرام اتفاقية ترخيص مع شركة "آسبن فارماكير" في جنوب إفريقيا حتى تتمكن هذه المجموعة، التي تقوم حالياً بتوزيع اللقاح، من تصنيعه وبيعه».
اقرأ أيضاً: تقنية لقاحات كورونا تساهم في علاج متلازمة القلب المكسور
سد الفجوة التي ستخلفها جونسون أند جونسون
تتوفر بالفعل العديد من لقاحات كوفيد-19 القائمة على البروتين في روسيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة ودول أخرى. كما دخل عدد من التركيبات الأخرى في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، مثل اللقاح الذي طورته شركتا سونافي وجلاسكو سميث، والذي يتمتع بنفس تصميم لقاح الأنفلونزا "فلوبلوك". تقول فولر: «قد تملأ هذه اللقاحات الفراغ الذي يتركه الإيقاف المؤقت لإنتاج لقاح جونسون أند جونسون، ويقلل بالتالي من المخاوف بهذا الشأن».
وتضيف فولر: «لست قلقة بشأن هذا الأمر الآن بنفس القدر منذ ستة أشهر، حين كان ما يزال أمامنا بضعة أشهر كي نتمكن من الاستفادة من اللقاحات القائمة على البروتين من ناحية التوزيع. لقد باتت تقنية مجربة ومتوفرة، وهناك بالفعل منشآت قادرة على تصنيع هذه اللقاحات محلياً في جميع أنحاء العالم».
ومع ذلك، يستغرق تطوير اللقاحات القائمة على البروتين وقتاً طويلاً، إذ يستخدم الباحثون البكتيريا المعدلة أو الخميرة أو خلايا الحشرات لإنتاج البروتينات الفيروسية. تقول فولر: «بعد إنتاجها، يجب تنقيتها، وبعد ذلك يجب أن تخضع لمراقبة الجودة للتأكد من أن بنية البروتين سليمة. في الحقيقة، يمر اللقاح بعملية طويلة للتأكد من أنه منتج جيد قبل أن يصل إلى الناس».
اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن جرعات لقاحات كورونا المُعزِّزة
لا تمر اللقاحات القائمة على الرنا المرسال أو لقاحات ناقلات الفيروس بهذه المراحل، ما يعني بأنه يمكن صنعها بسرعة أكبر. ووفقاً لفولر، نظراً لطول عملية تطوير اللقاحات القائمة على البروتين، من المهم خصوصاً أن يضمن مصنعو اللقاحات أن تركيباتهم تثير استجابة مناعية قوية وفعالة ضد متغير أوميكرون والمتغيرات المستقبلية من فيروس كورونا. ومع ذلك، تقول إن معدل التطعيم ضد فيروس كورونا يمكن أن يرتفع بسرعة كبيرة في جميع أنحاء العالم مع توفر المزيد من اللقاحات القائمة على البروتين.
تقول فولر أخيراً: «سيكون لدينا بعض اللقاحات الرائعة قريباً. قد تكون عجلة الإنتاج بطيئة وتستغرق وقتاً طويلاً للبدء، ولكن بمجرد أن تتحرك العجلة، سنتمكن من إنتاج كمياتٍ كبير من اللقاح».