ما هو التقدير الأكثر مصداقية لعدد الوفيات بسبب كوفيد-19 عالمياً؟

4 دقائق
ما هو التقدير الأكثر مصداقية لعدد الوفيات بسبب كوفيد-19 عالمياً؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Cryptographer

في الوقت الذي تجاوز فيه عدد الوفيات في الولايات المتحدة مليون حالة بسبب كوفيد-19، كشف تحليل جديد صدر عن منظمة الصحة العالمية كيف أخفقت الحكومات بتقدير عدد الوفيات المرتبطة بالجائحة إلى حد كبير.

أعلنت المنظمة في 5 مايو/أيار أن الوباء أودى بحياة نحو 14.9 مليون شخص عبر العالم في أول عامين له، أي أكثر من ضعف عدد الوفيات المؤكدة التي أبلغت عنها البلدان في جميع أنحاء العالم. يشمل تقدير منظمة الصحة العالمية الأشخاص الذين ماتوا بسبب كوفيد-19 بالإضافة إلى الوفيات الناجمة بشكل غير مباشر عن فيروس كورونا.

بيانات وفيات كوفيد-19 غير منطقية

تبدو البيانات المتعلقة بوفيات كوفيد-19 غير منطقية، سواء في الولايات المتحدة أو على مستوى العالم. ومع ذلك، فإن حساب هذه الوفيات مهم لتقييم التأثير الكامل للجائحة كما يقول الخبراء.

يقول ألبرت كو، طبيب الأمراض المعدية وعالم الأوبئة في كلية ييل للصحة العامة: «من المهم للغاية فهم معدل الوفيات. سيكون الحصول على هذه الأرقام مهماً لصناع القرار لمعرفة عدد الأرواح التي يمكن إنقاذها في المستقبل».

يُظهر تحليل بيانات الوفيات المجموعات الأكثر عرضةً لخطر الإصابة بكوفيد-19 حسب العمر أو الحالة الصحية أو العِرق وغيرها من الخصائص الأخرى، حيث يمكن أن تساعد هذه المعلومات صانعي السياسات ومنظمات الصحة العامة على تحديد أفضل السبل لحماية السكان المعرضين للخطر في المستقبل. يمكن أن توفر معدلات الوفيات في الولايات المتحدة أو البلدان المختلفة أيضاً معلوماتٍ حول ما إذا كانت تدابير الوقاية أو حملات التطعيم يمكن أن تمنع الوفيات.

اقرأ أيضاً: أشهر الأسئلة والأجوبة حول التعامل مع الأطفال الذين لم يتلقوا لقاح كورونا

هناك عدة طرق لقياس عدد الوفيات الناجمة عن الجائحة. الطريقة الأولى هي عدد الوفيات المُبلغ عنها للمنظمات الوطنية مثل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. لكن لهذا النهج بعض العيوب. إذ من الممكن أن يتم التقليل من عدد الوفيات في المناطق التي لا تتوفر فيها اختبارات كوفيد-19 على نطاق واسع أو تكون البنية التحتية الصحية فيها محدودة.

يقول كو: «قد تكون أعلى معدلات الوفيات في المناطق التي لديها أنظمة مسح أو إبلاغ ضعيفة. في الواقع، غالباً ما تصعب معرفة من مات بالفعل جراء الإصابة بكوفيد-19 ومن مات بسبب السرطان أو أمراض القلب أو الصدمة ولكنه أصيب بكوفيد-19 في نفس الوقت».

كما أن بعض الحكومات أكثر انفتاحاً بشأن بيانات الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 أكثر من غيرها. على سبيل المثال، أخبر أليكسي راكشا، عالم السكان الذي استقال من خدمة الإحصاء الحكومية الروسية، صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً أن التقارير الرسمية غالباً ما تغفل ذكر كوفيد-19 كسبب رئيسي للوفاة.

اقرأ أيضاً: دراسة: عدم تلقّي لقاح كورونا يزيد من خطر الوفاة 11 مرة

اختلاف حول معايير الوفيات المنسوبة لكوفيد-19

يقول جاستن ليسلر، عالم الأوبئة في كلية جيلينجز للصحة العامة العالمية بجامعة نورث كارولينا في هذا الصدد: «هناك تحدٍ آخر يتمثل في أن المعايير المعتمدة لتحديد الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 ليست بالضرورة متسقة من مكان إلى آخر». حتى إن هذه المعايير قد تتغير بمرور الوقت؛ فقد احتسبت ولاية ماساتشوستس مثلاً جميع الوفيات التي حدثت بعد الاختبار الإيجابي على أنها مرتبطة بكوفيد-19، لكنها ضيّقت معاييرها منذ ذلك الحين.

يقول ليسلر: «هذا يمثل إشكالية لأنه لا يمكنك إجراء مقارنات بين إحصائيات متشابهة عندما تنظر عبر مختلف الولايات القضائية والمناطق».

على عكس بريطانيا، التي يمكنها الاعتماد على خدمات الصحة الوطنية (NHs)، تواجه الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تفتقر إلى أنظمة رعاية صحية مركزية صعوبات إضافية. يقول كو: «مثلت المعلومات المجزأة تحدياً بالتأكيد في الولايات المتحدة».

في مثل هذه الأنظمة الصحية المتعددة، يمكن أن تقفز أعداد الوفيات قليلاً من أسبوع إلى آخر لأن طريقة الإبلاغ عن البيانات تختلف بين الولايات القضائية. يقول ليسلر: «إذا زاد عدد الوفيات المبلغ عنها بمقدار ضعفين أو ثلاثة في يوم معين، فيمكنك افتراض أن السبب ليس بسبب وفاة الكثير من الناس في ذلك اليوم. من المحتمل أن يكون لذلك علاقةٌ بالإبلاغ».

هناك طريقة أكثر موثوقية لتقييم وفيات كوفيد-19 وهي مقياس يسمى "الوفيات الزائدة". بالاستناد إلى سجلات الأعوام الماضية، يحسب الباحثون عدد الأشخاص الذين يتوقع أن يموتوا في وقت ومكان معينين، وهكذا، فإن الفرق بين العدد الإجمالي للوفيات التي حدثت وهذا التقدير هو الوفيات الزائدة. غالباً ما يستخدم العلماء هذا النهج لفهم التأثير الكامل للأزمات، بما في ذلك الأمراض والكوارث مثل إعصار ماريا.

اقرأ أيضاً: هل تؤثر إصابة حيواناتنا الأليفة بفيروس كورونا علينا؟

الوفيات الزائدة بسبب كوفيد-19

في تقريرها الجديد، اعتمدت منظمة الصحة العالمية على معدل الوفيات الزائدة لتستنتج أن نحو 15 مليون شخص توفوا في جميع أنحاء العالم بسبب الجائحة في عامي 2020 و2021. وقد أشار تقدير آخر للوفيات الزائدة، نُشر في دورية لانسيت في مارس/آذار بواسطة فريق دولي من الباحثين، إلى أن عدد الوفيات أعلى من ذلك، ويصل إلى 18.2 مليون حالة وفاة.

لا يقتصر معدل الوفيات الزائدة على الحالات المميتة من كوفيد-19، حيث يتضمن أيضاً الوفيات التي حدثت بسبب اكتظاظ المستشفيات، أو بسبب خشية الناس من التماس العلاج لأسباب أخرى أو الخضوع للفحوص الروتينية المجدولة. بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى عدد الوفيات من كوفيد-19 التي تم تجنبها. حيث أدت تدابير احتواء الجائحة المبكرة إلى تقليل عدد حوادث المرور وتقليل انتقال الأمراض الأخرى مثل الإنفلونزا.

وجدت منظمة الصحة العالمية أن 84% من الوفيات جاءت من جنوب شرق آسيا وأوروبا والأميركيتين، وكانت الولايات المتحدة من بين البلدان الخمسة الأولى التي سجلت أكبر عدد من الوفيات. بالنسبة للأماكن التي كانت بيانات الوفيات فيها قليلة، اعتمدت الوكالة على تدابير أخرى لتقدير الوفيات الزائدة مثل جهود احتواء كوفيد-19 في البلاد والتركيبة السكانية.

اقرأ أيضاً: كيف أثرت جائحة كورونا على الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة؟

سيستمر الباحثون في تنقيح تقديراتهم لعدد الوفيات الناجمة عن الجائحة. يقول ليسلر إن العلماء ما يزالون يحاولون حتى الآن معرفة عدد الأشخاص الفعلي الذين ماتوا في جائحة إنفلونزا عام 1918. ويضيف: «لدينا الآن بيانات ومعلومات أفضل بكثير، ولن تكون هناك نفس أوجه عدم اليقين الهائلة كما كان الحال في جائحة عام 1918. لكني أعتقد أنه سيكون هناك جدل وتفسيرات ومحاولات لفهمها في السنوات القادمة».

ومع ذلك، يتوقع كل من ليسلر وكو أنه من غير المرجح أن تتغير الرسالة التي تنقلها تقديرات الوفيات الزائدة.

يقول كو: «خلاصة القول هي أن عدد الأشخاص الذين ماتوا بسبب التأثيرات المباشرة أو غير المباشرة لكوفيد-19 أكبر بكثير من العدد المبلغ عنه».

المحتوى محمي