طوّر باحثون في جامعة أريزونا الأميركية طريقة اختبار لفيروس كورونا تستخدم مجهر الهاتف الذكي لتحليل عينات اللعاب، وتقدّم نتائج الاختبار في حوالي 10 دقائق فقط. بهدف الجمع بين السرعة ودقة نتائج المسحة الأنفية «PCR». ذلك بتكييف طريقة غير مكلفة ابتكرها الباحثون مسبقاً في الأصل للكشف عن «نوروفيروس»؛ الميكروب الشهير بانتشاره على متن السفن السياحية، باستخدام مجهر الهاتف الذكي. وتم نشر أبحاث الفريق ذات الصلة في دورية «نيتشر» العلمية.
من المعروف أن نتائج تفاعل البوليميراز المتسلسل، أو «PCR» تستغرق من ثلاثة إلى سبعة أيام للصدور، كما من الممكن الحصول على نتائج سلبية خاطئة من المسحات السريعة السريعة لدى مرضى مصابين بالفعل. لذا كان لزاماً وجود منصةً كشف يمكنها الحصول على نتائج سريعة ودقيقة في آنٍ واحد.
كشف أبسط وأقل تكلفة
غالباً ما تكون الطرق التقليدية للكشف عن فيروسٍ ما أو مسببات الأمراض الأخرى باهظة الثمن، وتتضمن مجموعة كبيرة من المعدات المختبرية أو تتطلب خبرة علمية. بينما يتكون اختبار «نوروفيروس» القائم على الهاتف الذكي والذي تم تطويره في جامعة أريزونا الأميركية من هاتف ذكي ومجهر بسيط وقطعة من ورق مطلي بالشمع يوجّه العينة السائلة للتدفق عبر قنوات محددة فهو أصغر وأرخص من الاختبارات الأخرى، إذ لا تتجاوز تكلفته الـ45 دولار.
وُصف أساس هذه التقنية في ورقة بحثية نشرت عام 2019 في دورية «اي سي إس أوميجا»، بشكل بسيط نسبياً. إذ يُدخل المستخدمون الأجسام المضادة مع حبات الفلورسنت إلى عينة ماء يحتمل أن تكون ملوثة. وفي حالة وجود جزيئات كافية من العامل المُمرض في العينة، ترتبط العديد من الأجسام المضادة بكل جسيم من الجسيمات الممرضة. وتظهر الجزيئات الممرضة تحت المجهر على شكل كتل صغيرة من الخرز، والتي يمكن للمستخدم عدّها بعد ذلك. تستغرق العملية كاملةً من 10 إلى 15 دقيقة تقريباً. متضمنةً إضافة خرز إلى العينة، ونقع قطعة من الورق بالعينة، ثم التقاط صورة لها على الهاتف الذكي تحت المجهر وإحصاء الخرزات. الأمر بسيط للغاية لدرجة أن أي شخص غير عالِم يمكنه تعلّم كيفية القيام بذلك من خلال مشاهدة مقطع فيديو قصير.
يُجرى المزيد من التحسينات في الإصدار الحديث من التقنية، مثل إنشاء غلاف مطبوع ثلاثي الأبعاد لملحق المجهر. كما أُضيفت طريقة جديدة تسمى «العتبة التكيفية». ففي السابق، حدد الباحثون قيمة ثابتة لكمية العوامل الممرضة التي تشكل خطراً، والتصرف بموجب العدد، مما حدّ من مستويات الدقة. بينما أصبح الإصدار الجديد الذكاء الاصطناعي لتحديد عتبة الخطر ومراعاة الاختلافات البيئية، مثل نوع الهاتف الذكي وجودة الورق.
الاختبارات الأولية للتقنية
يخطط الباحثون للدخول في شراكة مع مرافق الاختبار في جامعة أريزونا لضبط طريقتهم الجديدة للكشف عن فيروس كورونا. حيث سيكون لدى الطلاب الذين يتم اختبارهم في الحرم الجامعي من خيار تقديم موافقة كتابية على العيّنة الخاصة بهم ليتم فحصها من خلال جهاز الاختبار المستند إلى الهاتف الذكي أيضاً. يتصور الباحثون في النهاية توزيع الجهاز على محاور الحرم الجامعي بحيث يمكن للشخص العادي -مثل المساعد المقيم في المسكن- اختبار عينات اللعاب من مجموعات من الناس.
قال «روبرت سي روبينز»، رئيس جامعة أريزونا: «يمكن أن تسمح لنا هذه التقنية الواعدة بتقديم اختبارات سريعة ودقيقة وبأسعار معقولة لمجتمع الحرم الجامعي بشكل متكرر وسهل. ونأمل أن نجعلها جزءاً منتظماً من استراتيجية الاختبار والتتبع والعلاج، وأن يكون لها تأثير أوسع في التخفيف من انتشار المرض.
يعمل الفريق كذلك على فكرة أخرى نشروها في ورقة بحثية عام 2018 في دورية «كيمستري - أ يوريبيان جورنال»، وهي فكرة أبسط لكنها تترك مجالاً أكبر للخطأ. إذ أنها تنطوي على نفس التقنية، ولكن بدلاً من مجهر الهاتف الذكي وعلبة مصممة خصيصاً، سيحتاج المستخدمون فقط إلى تنزيل تطبيق هاتف ذكي واستخدام شريحة «ميكروفلويديك» مختومة برمز الاستجابة السريعة «QR».
وعلى عكس تقنية المجهر الفلوري، حيث تحصل على الرقاقة في الموضع الصحيح، فإنك تأخذ لقطة للشريحة. وبغض النظر عن الزاوية أو المسافة التي تم التقاط الصورة منها، يمكن لتطبيق الهاتف الذكي استخدام الذكاء الاصطناعي ورمز الاستجابة السريعة لحساب الفروقات وإجراء الحسابات وفقاً لذلك.
لا تتطلب هذه الطريقة أي تدريب. لذلك، إذا تم إتقانها، فمن المحتمل أن تسمح للطلاب بأخذ رقائق ميكروفلويديكية من الجامعة واختبار عيناتهم الخاصة بأنفسهم.