تمكّن فريق دولي من الباحثين بقيادة جامعة بون الألمانية من تحديد وتحسين شظايا أجسام مضادة جديدة ضد فيروس كورونا؛ وهي أجسام نانوية أصغر من الأجسام المضادة التقليدية، تخترق الأنسجة بشكل أفضل، ويمكن إنتاجها بكميات أكبر، كما دمجوها بجزيئاتٍ يُحتمل أن تكون فعالة وتهاجم أجزاء مختلفة من الفيروس في وقت واحد، ونُشرت النتائج في دورية «ساينس» أمس؛ الثلاثاء.
تُعتبر الأجسام المضادة أهم أسلحة جهاز المناعة للدفاع ضد العدوى؛ فهي تلتصق بالبنى السطحية للبكتيريا أو الفيروسات وتمنع تكاثرها، لذا فإن إحدى الاستراتيجيات في مكافحة المرض هي إنتاج أجسام مضادة فعالة بكميات كبيرة وحقنها في المرضى، لكن إنتاج الأجسام المضادة أمرٌ صعب، ويستغرق وقتاً طويلاً، لذلك ربما لا تكون مناسبة للاستخدام على نطاق واسع.
صبّ الباحثون تركيزهم في هذه الدراسة على مجموعة أخرى من الجزيئات؛ الأجسام النانوية، وهي أجزاء بسيطة جداً من الأجسام المضادة، بحيث يمكن أن تنتجها البكتيريا أو الخميرة، وهي أقل تكلفةً من إنتاج الأجسام المضادة كاملةً، ومع ذلك، يُنتج الجهاز المناعي عدداً لا نهائياً- تقريباً- من الأجسام المضادة المختلفة، وكلها تتعرف على الهياكل المستهدفة المختلفة؛ قلة قليلة منها فقط قادرة على هزيمة فيروس كورونا، إذ يشبه العثور على هذه الأجسام المضادة البحث عن حبة رمل محددة على طول الساحل.
حقن الباحثون بدايةً حيوانات الألبكة واللاما بالغلاف البروتيني الخاص بفيروس كورونا، إذ يُنتج نظام المناعة لديها- بشكلٍ أساسي- أجساماً مضادة موجهة ضد هذا الفيروس، كما تنتج هذه الحيوانات أيضاً نوعاً أبسط من الأجسام المضادة يمكن أن يكون بمثابة أساس للأجسام النانوية المستهدفة في الدراسة.
بعد أسابيع قليلة، أخذ الباحثون عينة دم من الحيوانات المحقونة، واستخرجوا منها المعلومات الجينية للأجسام المضادة المنتَجة؛ وتحديداً تلك التي تتعرف على بروتين «سبايك» الموجود سطح فيروس كورونا، ووجدوا العشرات من الأجسام النانوية بالمجمل، ثم عملوا بعد ذلك على تحليلها بشكلٍ أكبر.
أثبتت أربعة جزيئات منها فعاليتها بالفعل ضد العوامل المُمرضة في الخلية، إذ تمكّن الباحثون من إظهار كيفية تفاعلها مع بروتين سبايك للفيروس؛ وذلك باستخدام هياكل الأشعة السينية والتحليلات المجهرية الإلكترونية. يُعتبر بروتين سبايك ضرورياً لحدوث العدوى؛ فهو يعمل مثل لاصق الأهداب والخطاطيف المستخدم في الألبسة والأحذية والحقائب، الذي يرتبط به العامل الممرض للخلية المهاجَمة، وبعد ذلك، يغير اللاصق هيكله ويسمح للفيروس بإدماج غلافه مع الخلية، ويبدو أن الأجسام النانوية تحفز هذا التغيير الهيكلي قبل أن يصادف الفيروس خليته المستهدفة، ومن المرجح أن يكون التغيير لا رجوع فيه؛ وبالتالي لا يعود الفيروس قادراً على الارتباط بالخلايا المضيفة وإصابتها أبداً.