أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها منذ عدة أشهر، أن الأشخاص الذين تلقوا لقاح كورونا بالكامل -والذين يبلغ عددهم حوالي 124 مليون أميركي- يمكنهم الآن خلع الكمامات بحرية في معظم الأماكن. تنص هذه الإرشادات المحدثة على أن الأشخاص الذين تلقّوا جرعتيّ اللقاح لم يعودوا بحاجة إلى ارتداء الكمامات أو الحفاظ على مسافة اجتماعية أثناء الأنشطة العادية - باستثناء الحالات التي تتطلبها القوانين واللوائح الفيدرالية أو الحكومية أو المحلية.
تستند التوصيات الجديدة إلى عدة أشهر من الأبحاث العلمية التي أشارت إلى أن لقاحات فيروس كورونا ليست فعّالةً جداً في الوقاية من أعراض كوفيد-19 الخطيرة والوفاة وحسب؛ بل تقلّل أيضاً من خطر الإصابة بالفيروس وانتشاره للآخرين، وتعكس هذه التوصيات ازدياد عدد الأشخاص الذين تلقوا التطعيم عبر البلاد (تلقّى نصف البالغين الأميركيين اللقاح بالكامل حتى الآن).
يقول «بادي كريش»؛ أخصائي الأمراض المعدية للأطفال في جامعة «فاندربيلت» ومدير برنامج أبحاث اللقاح فيها: «اللقاح فعّال جداً، فبمجرّد حصولك على اللقاح، يمكنك العودة إلى حياتك الطبيعية حسب مركز السيطرة على الأمراض».
من جانبها أشارت «روشيل والينسكي»؛ مديرة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، إلى أنه وبالرغم من الإعلان الجديد؛ يجب على الأطفال غير المطعمين، والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وأولئك الذين يعيشون في مناطق ترتفع فيها حالات الإصابة بكوفيد-19، الاستمرار في ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي؛ حيث قالت لشبكة سي إن إن: «التوصيات الخاصة بهذه المواقف لم تتغير».
في الواقع؛ كان الأطفال طوال فترة الجائحة أقل عرضةً من البالغين للإصابة بمرض خطير أو الوفاة من كوفيد-19؛ لكن إرشادات مركز السيطرة الجديدة أثارت تساؤل العديد من الآباء بشأن أطفالهم الذين لم يتلقوا التطعيم أو ليسوا مؤهلين بعد لتلقيه.
يقول كريش: «التوصيات الجديدة تجعل الأمر أكثر تعقيداً. كان من الأفضل أن يقول المركز «ارتدِ الكمامة أو لا» فقط بدلاً من إصدار إرشاداتٍ مختلطة، فمتى يجب أن يرتدي من تلقّى التطعيم الكمامة أو لا سيبدو مختلفاً بالنسبة لكل شخص».
ويقول «توني مودي»؛ أستاذ طب الأطفال والأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة ديوك ورئيس مركز اللقاحات المدرسية: «لا شيء سهل في الجائحة». فيما يلي بعض الاعتبارات الرئيسية للآباء أو الأوصياء على الأطفال أثناء تنقلهم في هذه الفترة من الجائحة.
هل يجب على البالغين الذين تلقّوا اللقاح ولديهم أطفالٌ غير محصنين ارتداء الكمامات؟
يقول مودي: «لا بأس ربما بعدم ارتداء الكمامة بالنسبة البالغ الذي تلقّى التطعيم إذا ما كان لديه أطفالٌ لم يتلقوا اللقاح بعد؛ ولكن قد يكون من المفيد القيام بذلك أمامهم بهدف تعليمهم ارتداء الكمامات». نظراً لأن مركز السيطرة على الأمراض ما يزال يوصي الأطفال غير الملقحين بارتداء الكمامة؛ يمكن للوالدين إقناع أطفالهم بسهولة أكبر بارتداء الكمامة إذا كان باقي أفراد الأسرة يرتدونها.
وفقًا لإرشادات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فيجب على الأطفال غير الملقحين ارتداء الكمامات في الداخل عند تواجدهم مع أشخاصٍ خارج فقاعتهم، لأنهم لا يزالون معرضين لخطر الإصابة بالفيروس ونشره للآخرين حتى لو لم تظهر عليهم الأعراض؛ لكن يجب على الآباء الذين تلقوا اللقاح ويريدون نزع الكمامة في التجمعات الداخلية أن يأخذوا في الاعتبار عدة عوامل - مثل عدد الأشخاص الآخرين الموجودين معهم، وما إذا كانوا قد تلقوا التطعيم أم لا، والمعدلات المحلية لعدوى فيروس كورونا.
بكل الأحوال؛ ستختلف المخاطر كثيراً في حال حضور حفلةٍ موسيقية مزدحمة أو حفل عشاءٍ صغيرٍ. يقول مودي: «هناك فرقٌ كبير بين الحالتين، فمجرد وجودك في مثل هذه الأماكن أمرٌ محفوف بالمخاطر. أعتقد أن عليك أن تكون حذراً أكثر في المواقف التي يكون لديك فيها قدرٌ أقل من التحكم».
اقرأ أيضاً: لحماية الأطفال: هل يجب أن نرتدي الكمامة بعد تلقّي لقاح كورونا؟
ماذا عن كبار السن الذين تلقّوا التطعيم ولديهم أحفادٌ غير ملقحين؟
كان كبار السن طوال فترة الجائحة أكثر عرضةً لخطر الإصابة بأعراض كوفيد-19 الخطيرة أو الوفاة بسببه؛ لكن، والآن بعد أن تلقّى ما يقرب من ثلاث أرباع الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وأكثر اللقاح، فقد انخفض خطر انتقال فيروس كورونا إليهم من أحفادهم بشكلٍ كبير.
يقول كريش: «من الضروري أن يتلقّى الأفراد ضمن الأسرة الممتدة الواحدة والأكثر ضعفاً التطعيم. بعد ذلك، فإن ارتداء الكمامة من عدمه مرتبطٌ بتحديد مقدار المخاطرة». ويقول مودي في هذا الصدد: «بالنسبة للأجداد الملقحين؛ يشكّل التواصل مع الحفيد غير الملقّح والذي لا يرتدي الكمامة مخاطرَ صحيةً بنفس القدر الذي يحمله التعرض لحفيد مصابٍ بنزلة برد خلال موسم البرد المعتاد».
اقرأ أيضاً: عمرك أكبر من 50 عاماً: هل الأنسب تلقي لقاح أسترازينيكا أم فايزر؟
ما هي الاحتياطات التي يجب أن يتخذها البالغون المطعمون أثناء السفر مع الأطفال؟
خفف مركز السيطرة على الأمراض في إرشاداته الجديدة بعض متطلبات السفر. على سبيل المثال؛ لم يعد البالغون المطعمون بحاجة إلى إجراء اختبارٍ قبل السفر وبعده داخل الولايات المتحدة (بينما لا يزال على المسافرين الدوليين إجراء الاختبار قبل السفر وعند العودة).
ولكن بغض النظر عن العمر أو حالة التطعيم؛ ستظلّ تفويضات ارتداء الكمامة عند الحاجة ساريةً على الطائرات والحافلات والقطارات وأشكال النقل العام الأخرى، وكذلك في مراكز النقل مثل المطارات ومحطات الحافلات.
كما يوصي الخبراء بأن يضع الآباء باعتبارهم معدلات الحالات المحلية عند اتخاذ قرار السفر مع أطفالهم والمكان الذي سيسافرون إليه. على سبيل المثال؛ يشكّل السفر إلى أماكن ترتفع فيها معدلات الإصابة بالفيروس وتنخفض فيها معدلات التطعيم مخاطرَ صحيّةً أكبر.
الإرشادات المتعلقة بالمدارس
أوضح مركز السيطرة على الأمراض أنه لا يزال يوصي بارتداء الكمامات والتباعد الجسدي في جميع المدارس حتى نهاية العام الدراسي 2020-2021 بالرغم من إصداره إرشاداتٍ جديدة بخصوص الأميركيين الذين تلقوا التطعيم، كما لا يزال يوصي باختبار الطلاب أو المدرسين الذين تظهر أعراض كوفيد-19 عليهم في المدرسة.
وقالت والينسكي لبرنامج «فوكس نيوز صنداي»: «لن تتغير إرشاداتنا بخصوص المدارس حتى نهاية العام؛ ولكن المركز سينظر في تغيير إرشاداته هذه في العام الدراسي القادم خلال الصيف». من جانبه يقول كريش: «من المحتمل تمديد الإرشادات الحالية لفترة أطول إذا شكّل أيٌّ من متغيرات فيروس كورونا خطورةً أكبر على الأطفال بشكلٍ واضح».
اقرأ أيضاً: إذا كان عمرك 18 عاماً أو أكثر: يمكنك الحصول على لقاح أسترازينيكا
متى سيصبح الأطفال مؤهلين لتلقي اللقاح؟
وافقت إدارة الغذاء والدواء على استخدام لقاح فايزر لتطعيم الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 12 عاماً، ووفقاً لكريش، تُجرى حالياً تجاربٌ لتطعيم اليافعين والمراهقين بلقاحاتٍ أخرى للتأكد من أنها آمنة وفعّالة أيضاً لمختلف الفئات العمرية، ويضيف قائلاً: «الأطفال ليسوا كالبالغين. يجب إجراء المزيد من الدراسات، وسيستغرق ظهور النتائج بعض الوقت، ربما قد ننتظر حتّى شتاء عام 2021 أو أوائل عام 2022 قبل أن نتمكّن من تطعيم أفراد المجتمع على نطاقٍ واسع».
يقول مودي أخيراً: «من الصعب تحديد ذلك. الهدف النهائي هو تطعيم الأطفال حتى عمر شهرين؛ ولكن يجب توخّي الحذر وعدم استعجال أي شيء».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً