في آيامنا هذه ومع انتشار جائحة كورونا، سمعنا الكثير عن محاولات لمعرفة من هو المصاب الأول بهذا الفيروس؟ أو من هو المريض رقم صفر. ولكن يا ترى هل هناك فائدة من معرفة هذا الموضوع غير إرضاء فضولنا؟
بدأ «إميل أومونو» -صبي يبلغ من العمر عامين من جنوب غينيا- يتقيأ بسبب مرض غامض، ثم ما لبث أن توفي بعد أيام قليلة في أوائل ديسمبر/ كانون الأول من عام 2013. بعد ذلك -قرابة نهاية العام- ظهرَت لدى والدته وأخته أعراض مماثلة.
فيروس إيبولا
هذا ما قاله والد الطفلين؛ إتيان أوامونو، لمتخصصي الأمراض عند وصولهم إلى قريته مرتدين البزات الواقية في العام التالي. وبعد جمع عيناتٍ فيروسية من السكان هناك؛ أكّد مختبر أوروبي أن السبب كان فيروس إيبولا الخطير شديد العدوى، الذي ينتقل من الخفافيش إلى الإنسان، ويقتل حوالي نصف ضحاياه لأنه غالباً ما يتسبب في نزيفٍ حاد، لكنّ الاختبارات لم تحدد مصدر تفشي المرض بعد، لذا عاد الأطباء إلى الميدان لإجراء مقابلات مع المتضررين، مستفسرين عن تنقلاتهم ونشاطاتهم الأخيرة.
قاد تسلسل ظهور الحالات الأطباء مجدداً إلى الوالد إيتيان بعد 3 أشهر من التحقيق؛ حيث اعتبر اختصاصيو الأوبئة أنّ ابنه هو مريض إيبولا رقم «صفر» للوباء الذي انتشر عام 2014. حفزت المخاوف التي أثارها هذا الوباء الخطير جهوداً استمرت عامين لتطوير لقاحٍ ضده، ووافقت عليه الولايات المتحدة عام 2019.
لماذا يعد تحديد المريض صفر مهمّا؟
في الواقع، يُعتبر تحديد المريض رقم صفر أو أول حامل للفيرس مهماً للغاية. ففي حالات التفشي الصغيرة، يساعد ذلك مسؤولي الصحة العامة على عزل المرضى ووقف انتشار المرض، أما في حالات التفشي الكبيرة، يتيح ذلك للعلماء تحديد بداية منحنى الوباء وتحديد كيفية انتقال العدوى بين السكان.
يقول رون والدمان؛ أستاذ الصحة العالمية بجامعة جورج واشنطن: «يتطلب معظم العمل المرتبط بجمع البيانات الوبائية، وغيرها من البيانات ذات الصلة، التحقيق عن طريق الاستفسار المباشر والدقيق بين جميع الأشخاص المصابين، إذ لا يمكنك القيام بكل ذلك في المختبر».
بالرغم من عدم وجود بديلٍ عملي لطريقة التحقيق الدقيقة هذه، لكن بات بإمكان أدوات التحليل الجيني أن تختصر هذه الجهود لتحديد جذور المرض، فخلال جائحة فيروس كورونا الحالية، على سبيل المثال، لم يستغرق الأمر من الباحثين إلا ما يزيد قليلاً عن شهرٍ واحد لتتبُّع سلالات متعددة من الحمض النووي الفيروسي وتحديد نقاط دخولها في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
إنّ توثيق مسار فيروس كورونا لن يفيد عملياً بعلاج مرض كوفيد-19، لكنه، وكما يقول والدمان: «يسمح لنا بمعرفة كيفية وصول الفيروس إلى السكان، حيث سيكون لذلك فوائد كبيرة للتحكم في مسار هذا النوع من الأحداث في المستقبل».
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً