دليلك المبسط حول تطهير الأسطح في ظل انتشار فيروس كورونا

5 دقائق
تعقيم الأسطح، تنظيف

تشهد العناية بالنظافة اهتماماً متزايداً في ظلّ هذه الأوقات العصيبة والمربكة. ففي الولايات المتحدة، ومنذ الإعلان عن أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا في شهر يناير/ كانون الثاني؛ اختفت المطهرات والمناديل الورقية من رفوف المتاجر والصيدليات. أدى ذلك لحدوث نقصٍ كبيرٍ في إمداداتها في جميع أنحاء البلاد، حيث يتزاحم المواطنون لشرائها بهدف تعقيم مختلف الأسطح التي يمكن أن تكون ملوّثة. كما لجأت السلطات المحلية لتعقيم أماكن كثيرة في المدن، مثل أعمدة مترو الأنفاق، وعربات التسوّق، وحتّى مقابض الأبواب.

وبالإضافة إلى غسل اليدين جيداً بالماء والصابون، قد يبدو هوس التنظيف المحموم هذا مُبالغاً به. وحتى نكون واضحين منذ البداية، فإنّ تنظيف الأسطح والأماكن العامّة ليس بديلاً عن غسل اليدين بالماء والصابون. ولكن تعقيم الأماكن العامة يهدف إلى الحدّ من فرصة الإصابة بالعدوى. يمكننا جميعاً أن نكون أكثر وعياً وحذراً فيما يتعلّق بطريقة تعقيم الأشياء التي نحتك بها في بيئتنا المحيطة، أو نلمسها بأيدينا.

هذه الإجراءات مهمةٌ للغاية، خصوصاً أن الباحثين قد عثروا على بعض الأدلة التي تفيد بأنه يمكن للفيروس أن يبقى معدياً لفترةٍ طويلة بعد أن ينتشر على الأسطح من خلال الرذاذ المتطاير من المصاب؛ إذا توفّرت له درجة الحرارة والرطوبة المناسبتين. قام العلماء في بعض التجارب المخبرية -لم تُنشر بعد في دورياتٍ علميةٍ مُحكّمة-، بنثر العامل الممرض (هباء الفيروس) في الهواء، ونشره على أسطحٍ مختلفة أيضاً، وقد وجدوا أنه يمكن اكتشاف الفيروس في الهواء تحت الظروف المخبرية الخاضعة للسيطرة الكاملة بعد 3 ساعات، وحتّى يومٍ كامل على الورق المقوّى، ونحو 3 أيام على الأسطح البلاستيكية والفولاذية أيضاً.

لكّن بيئة العالم الخارجي الواقعي تختلف كثيراً عن البيئة المخبرية، بالتالي ستختلف قدرة الفيروس على الحياة من مكانٍ لآخر. تقول «إلودي جيدين» عالمة الفيروسات والأوبئة في كليّة الصحة العامة بجامعة نيويورك: «تشير هذه التقديرات إلى احتمال بقاء الفيروس معدياً لفترةً طويلة على مختلف الأسطح، بدءاً من أعمدة المترو، وصولاً إلى أدوات الصالات الرياضية الفولاذية». يمكن أن يعلق الفيروس على يديك عند ملامستك لهذه الأسطح،ومن ثمّ ينتقل إلى جسمك عندما تلمس عينيك أو أنفك أو فمك.

لحسن الحظ أنّ هذا الفيروس على وجه الخصوص ضعيف، ويمكن التخلّص منه بسهولة. حيث نشرت وكالة حماية البيئة في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر قائمةً طويلةً من المطهرّات مع توضيح تركيبها، والتي اُستخدمت سابقاً لقتل الفيروسات التاجية مثل فيروس سارس. تحتوي الكثير من هذه المطهرات على الكحول الإيثيلي، أو كحول الأيزوبروبيل، كما تحتوي بعضها على نسبةٍ قليلة من الكلور كعاملٍ مطهّر. تُستخدم جميع هذه المواد الكيميائية الثلاثة بشكل شائع في المختبرات التي تتعامل مع الأحياء الدقيقة. تنطوي آلية عملها على تحطيم البُنى البروتينية الأساسية لدى هذه الأحياء الدقيقة، وبالتالي قتلها. يمكن للكحول أن يشوّه بنية الغشاء الخارجي الدهني الذي يغلّف المادة النووية في العديد من الفيروسات، بما فيها فيروس كورونا، بالتالي يمنعها من الالتصاق بالخلايا البشرية وإحداث العدوى.

مع ذلك، لا تنجح كلّ المطهرات والتركيبات في التخلّص من الفيروس. فمثلاً لا تستخدم المُنتجات التي تحتوي في تركيبها على «الكلورهيكسيدين» فقط،وهو مطهر شائع للميكروبات لكنّ لا يبدو أنه يأتي بمفعول على الفيروسات التاجية مُطلقاً. تجنّب أيضاً المنتجات التي تحتوي على المضادات الحيوية فقط، والتي تعمل على قتل البكتيريا دون الفيروسات.

1. اختر المواد الكيميائية بحذر

يقول «إفراين ريفيرا سيرانو»، عالم الفيروسات بجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل: «لا تحتاج العديد من المطهرات التي يمكن رشّها على الأسطح إلا لثوانٍ قليلة كي تبدأ عملها، ولكن ينبغي الانتظار عدّة دقائق قبل مسح المطهّر، حتى يقوم بعمله في الإحاطة بالميكروبات وقتلها. إنه تفاعل كيميائي في النهاية، عليك أن تتيح له الوقت كي يحدث».

فيروس كورونا, أسطح, تنظيف الأسطح

ويضيف: المناديل المطهرّة يمكن أن تعمل أيضاً بشرط أن تكون مُشبعة جيداً بالمطهّر للقضاء على العوامل الممرضة. كما تقول «كارول ريس»، عالمة الفيروسات في جامعة نيويورك: «نظراً لأنّ المناديل تلتقط كمياتٍ كبيرة من الميكروبات، فلا يمكن إعادة استخدامها، مما يجعلها ملائمة ولكّنها مُكلفة».

تقول «روبين جيرسون» أيضاً، وهي باحثة في مجال الصحة والسلامة المهنية والبيئية: «إذا كانت الأسطح متّسخة جداً، فإن استخدام المطهرات الكيميائية لتعقيمها لن يعمل بشكلٍ جيد. فقد تغطي هذه الأوساخ والأتربة العوالق الدقيقة والعوامل الممرضة، وتحميها من المطهرات التي تحاول قتلها، لذلك ينبغي أولاً إزالة الأوساخ من الأسطح جيداً بالماء والصابون، حيث يمكن للصابون أن يقوم بنفس عمل الكحول الذي يدمّر الأغشية المغلّفة للفيروسات. بعد إزالة هذه الأوساخ، يمكن رشّ هذه الأسطح بالمطهرّات التي تقضي على العوامل الممرضة».

2. لا تحتاج جميع الأسطح إلى التعقيم

بالطبع، ليس لدينا الوقت الكافي لتطهير كل الأسطح التي نتعامل معها؛ كما أن هذه الإستراتيجية ليست عملية في الواقع. يوصي كلّ من ريفيرا وجيرسون بالتركيز على تطهير الأسطح التي نتعامل معها بأيدينا بشكلٍ متكرر دائماً. بالنسبة للمنزل، يمكن تعقيم صنابير المياه، مفاتيح الإضاءة، ومقابض الأبواب. أما بالنسبة لمكان العمل (في حال كنت ما تزال تذهب للمكتب)، يمكن تعقيم لوحة المفاتيح، الهواتف، قارئ بطاقات الإئتمان، وسطح المكتب نفسه. أما الأشياء التي لا تستحق تعقيمها هي الأماكن التي نجلس عليها، مثل كراسي الباصات. [المترجم: كل شيء تتعامل معه بيديك يجب تعقيمه].

من الأشياء التي ننسى دائماً تطهيرها وتعقيمها هي هواتفنا التي لا تفارقنا، حيث من المحتمل أن تحمل الكثير من العوامل الممرضة عليها وتنتقلها إلينا أثناء استعمالها. تقول جيدين: «يُعتبر الهاتف الخلوي من الأشياء التي تلمسها كثيراً، أعتقد أنها تحمل الكثير من العوامل الممرضة، لذلك عليك تنظيفها أيضاً».

التحدي الأكبر يتمثّل بتطهير الأسطح في الأماكن العامة، حيث اعتاد الكثير من الناس زيارتها يومياً مثل؛ مواقف الباصات، متاجر البقالة، صالات الألعاب الرياضية وغيرها. تقول «أكيكو إيواساكي»، عالمة الفيروسات في جامعة ييل: «من المستحيل عملياً تنظيف هذه الأسطح بشكلٍ متكرر بما يكفي للحفاظ على نظافتها بشكلٍ دائم».

يشدد الخبراء الآن على أهمية التباعد الاجتماعي، والذي يعني البقاء في المنزل والابتعاد عن الآخرين والأماكن المزدحمة قدر الإمكان، بهدف وقف انتشار المرض. تقول جيرسون: «عندما تُضطر للخروج لأمرٍ ضروري، يمكنك استخدام القفّازات أو المناديل الورقية لمنع يديك من ملامسة الأسطح الخارجية مباشرة». إذا كان لا بدّ لك من التعامل مع بعض الأسطح بيديك مباشرة، فلا تتردد باستخدام المطهّر بعدها. وكما تؤكّد جيرسون ألا تجعل هذه الطريقة الوسيلة الوحيدة لوقاية نفسك من العدوى. تقول: «في معظم الظروف، لا يمكننا التحكم في ما هو موجود على الأسطح العامة. لذلك حدد ما هي أكثر الأشياء التي يمكن أن تؤثّر بشكلٍ كبير عليك، وتجنّبها».

3. النظافة الشخصية هي الأهم

الحساسية, النظافة, غسل اليدين, الأطفال, أمراض
من الجيد غسل اليدين بانتظام خاصة الأطفال، لتجنب الإصابة بالمرض

لا يمكن لهذا الفيروس الجديد أن يؤثّر عليك ما لم يصل إلى مجرى تنفّسك، ويجد بعض الخلايا الحية لمهاجمتها. بمعنى آخر؛ إذا لمست سطح ملوث بالفيروس بيديك؛ هذا لا يعني أنك ستصاب بالعدوى طالما أن يديك لم تصل لوجهك (فمك أو أنفك أو عينيك). لذا ما يزال بإمكانك وقف العدوى عن طريق غسل يديك بالماء والصابون جيداً، أو على الأقلّ استعمال المطهّر الكحولي وقت الضرورة (عدم توفر مياه).

يمكن اعتبار اليدين، بطرقةٍ ما، سطحاً آخر ينبغي تنظيفه وتعقيمه، وتنطبق الكثير من قواعد التطهير بالمواد الكيميائية على ذلك أيضاً. فإذا قمت بغسل يديك بالماء والصابون جيداً لمدّة عشرين ثانية، هذا كفيل بإزالة مسببات الأمراض وقتلها. عندما لا يتوّفر الماء الصابون، يمكن استخدام مطهرات الأيدي التي تحتوي على ما لا يقلّ عن 60% من الكحول، لكّن اترك المطهّر يجفّ تماماً على جلدك. احذر أيضاً من رشّ المطهرات التي تحتوي على الكلور على بشرتك لأنها تؤذي الجلد بشدّة.

تقول جيرسون: «لديك فرصة أكبر لحماية نفسك من خلال الحفاظ على نظافتك، وغسل يديك باستمرار، والبقاء في المنزل (التبّاعد الاجتماعي). هذه الإجراءات أكثر فعالية مما قد يوفّره تعقيم كرسي الحافلة أو عمود المترو. ذلك أفضل ما يمكنك فعله حقّاً».

المحتوى محمي