فقدان حاستي الشم والتذوق يحدث غالباً مع الالتهابات الفيروسية، لكن الطريقة التي يؤثر بها فيروس كورونا على أنف وفم المريض تبدو مختلفة، وفقًا للدكتور سانديب روبرت داتا، عالم الأعصاب بجامعة هارفارد الذي شارك في تأليف دراسة عن فقدان حاستي الشم والتذوق، ونشرت في دورية «ساينس أدفانسيس» العلمية، والذي صرح قائلاً: «في كثير من الحالات، السبب الذي يجعلك تفقد حاسة الشم عند إصابتك بنزلة برد هو أن تركيبة المخاط لديك تتغير، وأنفك يصبح شديد الانسداد». وأضاف: «عندما تتعافى من نزلة البرد، يختفي هذا الالتهاب وتعود لك حاسة الشم مرة أخرى. لكن في كوفيد-19، لا يبدو أن هذا هو الشيء الرئيسي الذي يحدث».
كورونا وفقدان حاستي الشم والتذوق
كشفت الأبحاث المنشورة في أوائل يوليو/تموز والتي أجرت على 55 مصاباً بفيروس كورونا أنهم يعانون من ضعف في حاسة التذوق أو الشم. من بين هؤلاء، قال معظمهم إن حواسهم إما قد تعافت تماماً أو تحسنت بعد 4 أسابيع، لكن حوالي 11٪ أفادوا أن الأعراض لم تتحسن أو ساءت خلال تلك الفترة.
علق طبيب الأعصاب داتا عن هذه الأبحاث قائلاً: «أبلغ الكثيرون عن تغيرات في حاسة الشم عند عودتها، وهي حالة تسمى باروسميا»، وأضاف داتا أنه على سبيل المثال، قد تكون رائحة العطر المفضلة لديك مختلفة تماماً، وقد يخلق هذا الاختلاف شعوراً مقلقاً للغاية.
الخلايا الداعمة في الأنف
وجد بحث داتا؛ أن أحد الأسباب المحتملة لحدوث ذلك هو أن الفيروس قد يصيب ما أسماه «الخلايا الداعمة» في الأنف. وتعمل هذه الخلايا على مساعدة تلك الخلايا العصبية الحسية على العمل بشكل صحيح، وكشف بحث داتا عن أن هناك مجموعة من المتعافين من فيروس كورونا احتاجوا وقتاً أطول حتى تتجدد تلك الخلايا؛ وتعود حاسة الشم كما كانت مسبقاً بالنسبة إليهم، وأكد داتا أن الأمر قد يستغرق وقتاً طويلاً نسبياً.
أيضا أكد داتا أنه حتى الوقت الحالي، فلا يزال من غير المعروف؛ لماذا تعود حواس بعض المرضى بشكل طبيعي بينما لا تعود حواس الآخرين مثلهم مباشرةً.
هل ستعود بشكل طبيعي؟
بالنسبة لأغلب الأشخاص المصابين، يكون فقدان حاسة الشم والتذوق مؤقتاً، ولكن هناك أشخاص لا يتضح لهم في هذه المرحلة ما إذا كانت حواسهم ستعود إلى طبيعتها.
صرح الدكتور ألفريد إيلوريتا، اختصاصي طب الأنف والأذن والحنجرة في مركز ماونت سيناي لرعاية ما بعد كوفيد-19 في مدينة نيويورك: «أبحاث الفيروسات السابقة التي تسبب فقدان الشم أظهرت أن هناك نسبة صغيرة من المرضى لا تعود لهم حاسة الشم أبداً». وأضاف إيلوريتا أنه يخبر مرضاه أن يتوقعوا احتمال ألا يعود احساسهم بالطعم أو الرائحة أبداً
التغيرات في حاستي الشم والتذوق
تنوعت تجارب المرضى حسب ملاحظة إيلوريتا، فمنهم من لاحظ انخفاضاً في أداء هذه الحواس، ومنهم من أوضح بأنهم لا زالوا يشتمون الروائح ويتذوقون الأطعمة ولكن بشكل مختلف عن ذي قبل، فبعض منهم قال بأن كل الروائح بدأت بالتغير لتشبه رائحة الدخان، والبعض منهم أكد على أن الروائح أصبحت كريهة ومرة بالنسبة لهم.
غالباً ما يبلغ هؤلاء المرضى عن تغيرات كبيرة في التذوق أيضاً، لأن حاستي الشم والتذوق مرتبطتان بشكل وثيق. وأضاف أن هذا المزيج يمكن أن يقلل بشكل كبير من الشهية، وهذا ما أكده ماركوس توموف، البالغ من العمر 28 عاماً من ولاية فلوريدا والمصاب بفايروس كورونا حين قال: «كل الروائح والأطعمة باتت تشبه طعم المعادن بالنسبة ليّ» وأضاف: «هذه التجربة أشعرتني بأنني سلبت إحدى ملذات الحياة فأنا الآن أقوم بالأكل والشرب من أجل البقاء فقط».
إليك ما تفعله في حال خسارة حاستي الشم والتذوق
لاحظ الباحثان داتا و إيلوريتا أن خسارة حاستي الشم والتذوق تؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية للمصابين، وتزيد بطبيعة الأمر من قلقهم وتوترهم، قال داتا إن التدريب على الرائحة - بأخذ مجموعة من الروائح المألوفة وتعريض نفسك مراراً وتكراراً لها- قد يحسن من قدرة المريض على ربط الرائحة بالإدراك.بدأ إيلوريتا تجربة إعطاء المرضى مكملات أوميجا 3 «زيت سمك» عالي النقاء لمعرفة ما إذا كان بإمكانه تحسين حاسة الشم. وقال: «إن زيت السمك له خصائص مضادة للالتهابات ويعزز نمو الخلايا العصبية. إذا كنت مهتمًا بتجربة هذه الاستراتيجية بنفسك، فتحدث إلى طبيبك أولاً».
أوصى داتا أيضاً بطلب المساعدة من مجموعات الدعم للأشخاص الذين فقدوا حاسة الشم أو التذوق ليخفف ذلك من قلق المصاب وتوتره. بينما شدد إيلوريتا على أهمية رؤية الطبيب في حال المعاناة من تغيرات في حاستي الشم أو التذوق، ليس فقط لأن هذه التغيرات تعد من العلامات المبكرة لجائحة كورونا، بل لأنها قد تكون مؤشراً لحالات أخرى مثل مرض باركنسون أو الجيوب الأنفية.