طوَّرَت شركة «سينوفارم» الصينية لقاحاً فعالاً بنسبة 86% ضد فيروس كورونا، واعتمدت عدة دول اللقاح بشكل رسمي، وبدأت دول أخرى باستيراد شحنات منه. ما هو هذا اللقاح؟ وما قصته؟ وكيف تم تطويره وآلية عمله؟ ومن هي الشركة المُصنِّعة له؟
قصة اللقاح في الإمارات
أعلنت وزارة الصحة الإماراتية عن تسجيل اللقاح الذي طورته شركة «سينوفارم» الصينية ضد فيروس كورونا رسمياً، في 9 من الشهر الجاري، وجاء قرار التسجيل بعد مراجعة النتائج الأولية لتجارب المرحلة 3 التي أجرتها الشركة، وأظهرت النتائج فعالية بنسبة 86% ضد الاصابة بفيروس كورونا، وأكّدت وزارة الصحة الإماراتية أنّ سجلّ الإقلاب المصلي جاء بمعدل 99% من الأجسام المضادة المُعادِلة، و100% كمعدل وقاية من الحالات المتوسطة أو الشديدة من المرض، كما أظهرت البيانات عدم وجود مخاوف متعلقة بسلامة اللقاح على جميع متلقيه.
وبعد ذلك، انطلقت حملة التلقيح ضد فيروس كورونا أمس؛ الاثنين، في أبو ظبي؛ عاصمة الإمارات العربية المتحدة، وأصبح بإمكان سكان العاصمة حجز موعد لأخذ اللقاح مجاناً عبر تطبيق «صحة» التابع لشركة أبوظبي للخدمات الصحية، حيث يتوفر اللقاح في 45 مركزاً صحياً على الأقل، وكانت الإمارات قد أجازت في أيلول/سبتمبر الماضي الاستخدام الطارئ للقاح لدى العاملين في المجال الصحي.
مصر والبحرين والتوزيع المجاني
تلقّت جمهورية مصر العربية مساء الخميس؛ 10 من الشهر الجاري، أولى شحنات لقاح فيروس كورونا الذي أنتجَته شركة «سينوفارم» الصينية. وأكّدت هالة زايد؛ وزيرة الصحة المصرية، أنّ اللقاح سيُوزَّع مجاناً على المواطنين، لكن ستكون الأولوية للعاملين في المستشفيات في الصفوف الأولى لمكافحة تفشّي الوباء وللمصابين بالأمراض المزمنة، ونقلت وسائل إعلام مصرية أنّ الشحنة الثانية ستصل اليوم؛ الثلاثاء، إلى مصر، وستضم الشحنة 50 ألف جرعة، ليصبح لدى مصر 100 ألف جرعة تكفي 50 الف شخصاً؛ بحيث يحصل كل شخص على جرعتين يفصل بينهما 21 يوماً.
علنت الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية في البحرين عن موافقتها على لقاح شركة «سينوفارم» الصينية المضاد لفيروس كورونا، يوم الأحد؛ 13 من الشهر الجاري، مؤكِّدةً بدء تسجيل المواطنين والمقيمين إلكترونياً للحصول عليه مجاناً؛ وذلك لمن يزيد عمره عن 18 عاماً. يُذكَر أنّ البحرين قد شاركت في التجارب السريرية للّقاح، وسبق وأن أجازت الهيئة الاستخدام الطارئ للقاح.
لقاح «سينوفارم» وآلية عمله
تُطوِّر الصين أربعة لقاحات ضد فيروس كورونا؛ من بينها لقاح «سينوفارم»، ويتبع اللقاح الأخير عملية تعطيل، ويستخدم أيضاً مواد مساعدة لتحفيز الاستجابة المناعية؛ وذلك حسب دراسة نُشِرَت في دورية «سيل» العلمية. خضع اللقاح لتجارب سريرية للمرحلة الأولى والثانية بنتائج مُشجّعة، وأنتج استجابة مناعية فعالة في المشاركين، وأبلغ بعضهم عن ردود فعل سلبية؛ بما في ذلك الألم في موقع الحقن، والحُمى، لكنها ردود خفيفة وتم حلها بسرعة. ولّدت أيضاً جرعات معيّنة أجساماً مضادة محددة لفيروس كورونا في جميع المشاركين في المرحلة 1 و 2 في التجربة، حسب دراسة أخرى منشورة في دورية «جاما» العلمية.
تم عزل سلالة فيروس كورونا من مريض في مستشفى «جينينتان» في ووهان، الصين. تمت زراعة الفيروس في خط خلايا حية للتكاثر، وتم تعطيل الفيروس بمادة كيميائية تحبس الفيروس وتبقيه في حالة تمنعه من التكاثر، مع المحافظة على بنيته، بعد تحطيم الخلية والترشيح الفائق، تم إجراء تعطيل ثاني في نفس ظروف التعطيل الأول، ثم تم امتصاص اللقاح المرَشح إلى 0.5 ملغ من مادة «الشب»، وتعبئته في مَحاقن مملوءة مسبقاً في محلول ملحي معقَّم بالفوسفات؛ سعة 0.5 مل، بدون مادة حافظة.
في المرحلة الأولى من التجربة، تم تعيين 96 مشاركاً مقسَّمين إلى 3 مجموعات؛ كل منها تلقّت واحدة من الجرعات «2.5 و 5 و 10 ميكروجرام / جرعة»، ومجموعة تلقّت مادة هيدروكسيد الألومنيوم «الشب» فقط، ليصبح العدد 24 شخص في كل مجموعة، وتلقّى المشاركين الحقن العضلي في الأيام 0 و 28 و 56. أما في المرحلة الثانية من التجربة، تم اختيار 224 بالغاً عشوائياً إلى 5 ميكروجرام / جرعة في مجموعتين؛ الأولى تلقّت الحقن في الأيام 0 و 14 بعدد يبلغ 84 شخصاً، مقابل 28 شخصاً تلقّوا مادة الشب فقط، و المجموعة الثانية تلقّت اللقاح في الأيام 0 و 21 بعدد يبلغ 84 شخص، مقابل 28 شخص تلقّوا مادة الشب فقط أيضاً.
من ثم خضع اللقاح لتجارب المرحلة الثالثة، وكانت النتائج مبشِّرة، ولم تُنشَر نتائج دراسة المرحلة الثالثة بعد. تسمح طريقة تصنيع اللقاح هذه للجسم بالتّعرُّف عليه على أنه جسم غريب، وتكوين استجابة مناعية ضده؛ وهي الطريقة ذاتها التي تُصنع فيها لقاحات الإنفلونزا الموسمية والحصبة وشلل الأطفال، ويتكوّن اللقاح من جرعتين بفارق 21 يوما بينهما، ويُحفظ في درجة حرارة الثلاجات العادية؛ -20 درجات مئوية، مما يجعله سهل النقل والحفظ.
الشركة المُصنِّعة
«سينوفارم» هي مجموعة الصين الوطنية للصناعات الدوائية المحدودة «China National Pharmaceutical Group»، وهي مجموعة رعاية صحية كبيرة تخضع مباشرة للجنة الإشراف على الأصول المملوكة للدولة وإدارتها التابعة لمجلس الدولة، لها سلسلة كاملة في الصناعة تغطي البحث والتطوير والتصنيع والخدمات اللوجستية والتوزيع وسلاسل البيع بالتجزئة والرعاية الصحية والخدمات الهندسية والمعارض والمؤتمرات والأعمال الدولية والخدمات المالية، وتمتلك أكثر من 1100 شركة تابعة تُجري الأبحاث وتطور وتوزع اللقاحات والمستحضرات الصيدلانية الأخرى. أنتجت عدداً من الأدوية التي تمت الموافقة عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وسلطات الاتحاد الأوروبي، وهي سادس أكبر مُنتِج للُّقاحات في العالم.
وذكرت بعض التقارير أنّ الصين سيكون لديها 600 مليون جرعة جاهزة للسوق بنهاية هذا العام، وحصلت الشركة الصينية المُصنِّعة على طلبات مُسبقة لأقل من 500 مليون جرعة بحلول منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، معظمها من البلدان التي شاركت في التجارب.